مشروع الرئيس هادي هو الحل لأقزام المشاريع
الجمعة, 12 مايو, 2017 - 09:17 صباحاً

في ظل التقدم العلمي والمعرفي وتطور مفاهيم نظرة الناس للحياة وتوسع مدارك البشر التي تمكنهم من السعي لتدبير شؤون حياتهم بتفانيهم وجهودهم الحثيثة، إلا أن الإشكالية المستعصية التي أبت التلاشي والتفكك رغم كل المتغيرات على الساحة الإقليمية والدولية هي أن هناك الكثير من أبناء بعض المناطق في شمال اليمن وجنوبه لم يعتمدوا على قدراتهم الذاتية في البحث عن سبل العيش الآمن والحياة الكريمة دون الاستقواء أو الاتكاء على القبيلة أو الحزب أو الدولة المتقبيلة.
 
مثل هؤلاء للأسف لم يغادروا نزوات الماضي وعاداته المستهجنة بل ظلوا أصواتا وأدواتا للقتل والقمع تأتي مع من أتى وتروح مع من راح وأصبحوا ضحايا لأنفسهم الحالمة خارج العقل والفكر والقوة في كل زمان ومكان، وهؤلاء لا يرومون الدولة القوية لأنها تقيد نزواتهم وشرورهم ولايبحثون عنها كغيرهم من أبناء الوطن الذين اعتمدوا على أنفسهم واستثمروا عقولهم وقدراتهم العلمية والعملية وجعلوا من ذواتهم مصادر للخير والإنتاج والثروة والاستقرار فأحبوا النظام في إطار دولة قوية حامية لهم حاضنة لجميع أطيافها، وفقاً لقوانين عادلة ودستور محكم تتراضى علية كل القوى الاجتماعية والسياسية الحية والفاعلة.
 
وعلى هذا الأساس فإن مؤشرات تفكير وتصرفات بعض النافذين وأصحاب المصالح والنفوذ في اليمن اليوم لا تنبئ بعهدٍ مستقرٍ وقريب في اللحظة الراهنة، وكأن الله يريد لهذه الأمة أمراً لا يعلمها إلا هو،  هذه التصرفات الخرقاء واصطناع البطولات الجوفاء لن تنتهي إلا إذا صُهِر المجتمع في بعضه وتصفى ذاتيا من الخبث كله، حتى يلين للدولة ويقبل بها ويعتمد كلاً منا على نفسه ويؤمن بأن الوظيفة العامة هي خدمة للمجتمع وليست مصدراً لنهب المال العام واقتيات شلة أو عصابة على حساب باقي الشعب الجريح والمتألم في أرجاء الوطن .
 
صمتْ رئيس الجمهورية وبن دغر وحكومته على إعلان عدن اليوم وعدم اكتراثهم به دليل واضح على أن ما ورد يأتي في إطار المماحكات السياسية المبنية على مصالح أولئك النفر الآنية ونظرتهم القاصرة لما يمر به البلد من مخاطر تدعو إلى التوحد وتضافر الجهود لاستعادة بناء الدولة وتطبيق مخرجات الحوار الوطني الشامل ونظام الأقاليم الملبي لرغبة الراغبين في الإدارة المستقلة لأقاليمهم عن مركزية القرار والتحكم بمصائر العباد من المركز في صنعاء العاصمة.
 
وهنا أحب أن أنوه إلى أن تجربة النظام الاتحادي في اليمن لم تكن وليدة اليوم أو أنها حديثة العهد في اليمن به بل سبق تاريخياً أن وزعت اليمن إلى مخاليف إدارية في شمال اليمن وسلطنات مستقلة في جنوب اليمن حتى أن نظام الأئمة كان يعين نواباً للإمام على كل محافظة ويمنحه كامل الصلاحيات الإدارية والقضائية ما عدا الأمور السيادية لحكمهم، وبرغم ظهور كثير من الدول المركزية التي سيطرت على معظم اليمن إلا أنها فشلت وتفككت إلى أقاليم ودويلات مع غياب دولة مركزية قوية موحدة لها وفقاً للنظم الفيدرالية في العصر الحديث.
 
وعليه فقد صار نظام الدولة الاتحادية التي أشار إليها الرئيس هادي مراراً وتكراراً في اليمن ضرورة حتمية تفرضه قوة العقل المادية والمعنوية وفقاً للتنوع الثقافي والجغرافي والمفاهيمي للحياة بشكل عام، بدليل الرفض التام من قبل كل جنوب اليمن بدءاً بأبين مروراً بشبوة وانتهاءً بالمهرة وحضرموت لما سميَّ بالمجلس السياسي في عدن، عدا المثلث الجبلي في محافظة لحج القريب من عدن المتمردة على هيمنتهم، وإيمان أقليمي آزال وسبأ العميق باستحالة عودة الدولة المركزية لثبوت فشلها في تحقيق طموحات الشعب اليمني العظيم .
 
وما أريد قوله هنا حول ما يفكر به الرئيس هادي وما يدور في خلده من إصرار لبناء الدولة الاتحادية هو الحل ولو لم يحسب له إلا إصراره على قيام الدولة الاتحادية ودون له في سجل تاريخ توليه رئاسة اليمن لكفاه فخراً  ومنجزاً تاريخياً ستتحدث عنه الأجيال القادمة وتعتبره نقطة تحول تاريخية مهمة في حاضر ومستقبل اليمن الحديث.
 
 
 
 
 

التعليقات