نقاش مع السفير البريطاني
الاربعاء, 14 يونيو, 2017 - 09:13 مساءً

كان السفير البريطاني باليمن فتح باب النقاش والأسئلة المفتوحة من يومين ولفتني اسئلة الكثير من الجنوبيين، وكرروا سؤال لماذا بريطانيا تعطي لاسكتلندا حق الانفصال وتقرير المصير بينما لا تؤيده لجنوب اليمن. طبعا السؤال يفترض فيه احراج السفير وكذلك يتوهم انه المقارنة ممكنة بين اسكتلندا والجنوب وطبعا بالتوازي ستكون صنعاء هي لندن مثلا. طبعاً الفارق كبير بين حالتين ابرزها ثلاث مسائل.

قبل الخوض في هذه المسائل، مسألة انفصال اليمن ليست مسألة هل الانفصاليين لديهم الحق في المطالبة بالانفصال أم لا؟ هذا تساؤل قديم في حرب 1994م ولم يعد احد يطرحه إلا قلة محنطة لكن في الغالب لا الشماليين ولا عتاة القومية العربية يسألوه ناهيك عن الغرب، لهذا فالسؤال هو ليس هل من حق الجنوب الانفصال؟ لكن السؤال هل يستطيع الجنوب الانفصال وبناء دولة مستقرة نسبياً؟ والإجابة دائما لا.

أولها الجنوب لايمتلك الحد الأدنى من البنية المؤسسية للدولة وخلال العامين الماضيين لم يحقق أي تقدم ولو بسيط في هذا المجال، خاصة إن الحرب دمرت كثيراً في بنيته التحتية من جهة لكن من جهة ثانية غياب الفاعلية لجميع الاطراف الموجودة بالجنوب واضح وخاصة في المجال الأمني الذي لايزال منقسم بين قوى مختلفة.

ثانيها الجنوب لا يمتلك قوى سياسية واعية أونخبة معقولة ولو نسبياً أو قيادات يمكن الاعتماد عليها، وإذا لا يكفي الطريقة البائسة في تشكيل المجلس السياسي كدليل على هذا الفراغ السياسي، فيكفي صور رئيس المجلس عيدروس الزبيدي وهو يلبس عقال اماراتي بشال فيه صور بن زايد بشتكل مبتذل وفج. أما هاني بن بريك فهو لم يكن اصلا من الحراك الذي كان يسخر منه قبل ذالك وهو مثل غيره من القيادات الجنوبية مواقف متغيرة وولاءات متقلبة، وكذلك خلفيته السلفية وتورط الحزام الأمني الذي يشرف عليه بقضايا سجن وتعذيب وربما قتل ناشطين بحجة الحادهم يطرح تساؤلات كثيرة حول طبيعة الدعم الإماراتي الموجه لجماعات سلفية متطرفه في وقت تدعي انها شريك في الحرب ضد الإرهاب وكذلك يطرح تساؤلات محرجة للحراك وطبيعته. فهو يطالب باستعادة الدولة الجنوبية ويرفع علم جمهورية اليمن الديمقراطية ثم يتحدث عن كيان استعماري اسمه اتحاد الجنوب العربي، واخيرا القوى الحقيقية الفاعلة على الأرض جماعات دينية متطرفة.

ثالثها بغياب المؤسسات وتخبط النخبة نأتي هنا للمنظومة الإقليمية الساخنة والغارقة بالصراع. في أوروبا عندما تنفصل دولة فهي توجد ضمن منظومة اقليمية تحميها نسبيا وترتبط فيها اقتصاديا وسياسياً، أما اليمن فهو بين قرن أفريقي بعيد وجدانياً ومتصارع سياسياً وخليج لا يقبل اليمن ولا يتدخل فيه إلا لضمان تبعية لم تتحقق ولن تتحقق، ولا يمكن التعويل على دعم إماراتي وهي لم تنفق شيء لحل مشكلة الكهرباء بينما تنفق ملايين على معسكرات التدريب العسكري. اليمن بالنسبة للخليج بلد منبوذ لاسباب سياسية عديدة ابرزها اختلاف طبيعة النظام السياسي والنمط الاقتصادي وغيره، أو ساحة لينقل فيها الخليج صراعاته كما هو حاصل الآن حتى انتقل الصراع لقلب الخليج.

هذه المنطقة المضطربة لا تجعل من الجنوب اسكتلندا محتملة بل جنوب سودان محتمل باعتباره النموذج الأقرب للتطبيق لكل الاسباب السابقة الذكر، والأهم الاقليم. فحسب الإقليم جنوب اليمن يمكن يكون أريتريا المنفصلة عن اثيوبيا واصبحت سجن فقير لديكتاتور مجنون أو جنوب السودان الغارق في حربه، هذا الأقرب لواقع اليمن وليس اسكتلندا.

*من حائط الكاتبه على فيس بك 

التعليقات