باب المندب في قبضة جديدة
السبت, 08 يوليو, 2017 - 12:03 مساءً

خبر قيام دولة الإمارات ببناء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون الواقعة في قلب باب المندب ليس جديدا بالنسبة للمراقبين والمتابعين لأنشطة دولة "الامارات" في السواحل اليمنية، الجديد والمثير للغرابة في الأمر هو أنها قامت بذلك دون علم الحكومة اليمنية.
 
منذُ أن وطأة اقدام القوات الاماراتية الاراضي اليمنية في الجنوب، عقب تحرير عدن من الانقلابيين عام 2015م، دأبت لعزل المناطق الساحلية عن اليمن، واقتصرت العمليات العسكرية للتحالف على المحافظات التي تقع على الشريط الساحلي، فبعد تحرير عدن ولحج كان يتوقع أن يكون الهدف التالي هو "تعز" ولكن توقفت في منطقة كرش في حدود ما قبل" الوحدة".
 
في الوقت الذي كانت تعز تتعرض للقصف والدمار من قبل المليشيات، كانت عمليات التحالف وتحديداً الامارات تتجه إلى حضرموت، وأعلن عن معركة ضد القاعدة وخلال 24 ساعة أعلن تطهيرها ومقتل 800 من عناصر القاعدة، وفر اخرون خلال المسرحية، فمن غير المنطقي ان يقتل هذا العدد من عناصر عقائدية خلال ساعات، إلا في حال كانوا مربوطي الايدي والارجل، لنجد بعد ذلك أنها أحكمت سيطرتها على جزيرة "سقطرى" في المحيط.
 
بدأت حينها الرؤية تتضح رويداً رويدا، وتتكشف اهداف دولة الإمارات التي جاءت في إطار التحالف العربي الذي جاء بطلب الرئيس الشرعي من أجل أهداف معروفة، فكان واضحاً أن لدولة "الامارات" اهداف غير تلك، فقد اقدمت على دعم تشكيلات عسكرية غير نظامية موازية للدولة في الجنوب تمهيداً لإعلان الانفصال حتى تضمن استمرارية سيطرتها على الشريط الساحلي.
 
ولكي تكمل السيطرة على المناطق الساحلية ولا سيما مديرية "المخا" التابعة لتعز والمطلة على مضيق باب المندب الممر التجاري الهام، أطلقت عملية عسكرية واسعة وبكل انواع الاسلحة، يقودها ضابط يمني لا يملك صفة رسمية، ومقاتلين جنوبيين سلفيين وحراكيين وتم تحريرها وتوقفت المعارك عند معسكر خالد فجأة.
 
بعد اعلان تحرير المخا من المليشيات تقدم ضابط الامارات إلى الرئيس هادي بمقترح ضم المخا إلى الجنوب وعزلها عن تعز، وهو ما رفضه الرئيس، ولازالت الامارات تسعى لتحقيق ذلك، فقد بدأ الحديث مجدداً عن المخا ولكن هذه المرة "اعلانها محافظة " وكل هذا من أجل تضمن الامارات السيطرة على باب المندب الهدف الاستراتيجي، وسبق ذلك عقد مؤتمر دولي في ابوظبي دون مشاركة يمنية لسحب السيادة على باب المندب من اليمن بحجة حماية حركة التجارة الدولية من الهجمات الإرهابية.
 
سعت السعودية لاستخدام قاعدة عسكرية في جيبوتي بداية انطلاق عاصفة الحزم، لكن لم يستمر ذلك بسبب ممارسات "المحتل الجديد"، ففي أواخر نيسان/أبريل 2015، أدّت مشادةٌ كلامية بين رئيس "سلاح الجو الجيبوتي" ودبلوماسيين إماراتيين إلى إفساد العلاقات بين البلدين، بعد أن حطّت طائرة إماراتية كانت تُشارك في الضربات الجوية لتحالف "عاصفة الحزم" في اليمن، في "مطار جيبوتي الدولي" من دون ترخيص. وقد تطوّرت تلك المشادة بالفعل إلى تضارب بالأيدي تلقّى خلالها نائب القنصل الإماراتي علي الشحي لكمةً أدّت إلى نشوب نزاع دبلوماسي بين البلدين، بحسب تقرير لمعهد واشنطن " نشر بتاريخ 2 سبتمبر 2016 م بعنوان "الإمارات العربية المتحدة تضع أنظارها على "غرب السويس".
 
كما اقامت قاعدة عسكرية في ارتيريا، وأخرى في اقليم ارض الصومال.
 
صارت السواحل اليمنية وجزرها و "باب المندب "   في ايدي الامارات رسميا، هذه الدولة صغيرة العمر والجغرافيا والتاريخ، ونتيجة امتلاكها الأموال الضخمة والنفوذ الدولي، والحروب التي تأكل دول المنطقة، والحكومات المستبدة التي افقرت دول المنطقة ذات التاريخ والحضارة العريقة كل هذه مسببات جعلت منها تتعامل بأساليب الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.
 
وجدت من استعادة الشرعية في اليمن غطاء للتمدد والتوسع، وتنفيذ أجندة خاصة بأطماعها، بعيد عن أهداف التحالف العربي الذي جاءت في إطاره، وبعد أن كان الهدف استعادة الشرعية، اصبحت الشرعية هدفا من أهداف الإمارات دولة الاحتلال، فيما موقف السعودية قائدة التحالف حتى اللحظة غامضاً، في حين باتت الشرعية التي منحتها مشروعية التواجد على أرضها على المحك.
 
فبدلا أن كانت الشرعية تواجه انقلاب واحد صارت الان أمام انقلابين، ما يجري في عدن هو انقلاب مكتمل الاركان ليس على الشرعية فحسب، بل وعلى التحالف العربي "السعودية "بدعم الإمارات الرأس الثاني للتحالف، والمحتل الجديد.
 

التعليقات