التحالف و ترتيب الأولويات
الخميس, 27 يوليو, 2017 - 11:40 مساءً

ما نشرته محطة سي ان ان الأمريكية على لسان متحدث في البنتاجون عن قيام  المليشيات الانقلابية بإطلاق صاروخ باليستي طويل المدى نحو منشأة ينبع النفطية بالمملكة السعودية مؤشر خطير يتطلب من قيادة المملكة أجرى تقييم ومراجعة شاملة، لإدارتها العمليات العسكرية في اليمن وترتيب الأهداف وفقا الأولويات.
 
وبما أن تحييد القوة الصاروخية التي تمتلكها المليشيات الانقلابية وتأمين المملكة من مخاطرها على رأس أهداف عمليات التحالف العربي، فإن استمرارية انطلاق الصواريخ، وبفاعلية أكبر بعد أكثر من سنتين من عاصفة الحزم يدل على أن هناك خلل في إدارة العمليات العسكرية، وانحراف مسارها، فالحديث عن إنطلاق صاروخ بمسافة 900كيلو متر وكان هدفه ميناء نفطي ، يضع القيادة الجديدة في السعودية أمام تحدي خطير، فلم يعد الأمر مقذوفات تتساقط هنا وهناك في الحد الجنوبي.
 
وبغض النظر عن الطرق والجهة التي حصلت من خلالها المليشيات الانقلابية على صواريخ، إلا أن الواقع يقول إن ما يجري في الجانبين العسكرية والسياسي في اليمن لا علاقة له بأهداف التحالف العربي لا من قريب أو من بعيد، فكل الخطوات تذهب عكس ما جاءت لأجله عاصفة الحزم، فالرئيس هادي لم يستطع العودة إلى عدن لمزاولة عمله بسبب سلطة الأمر الواقع في الجنوب، والمعارك الإعلامية بين مكونات الشرعية على أشدها في محاولة إضعافها، والمليشيات لازالت تطلق الصواريخ على المملكة وتشن هجمات على الحد الجنوبي بين الحين والآخر، فيما قيد التحالف في معارك أخرى، وجغرافيا لم تكن يوما تحت سيطرة المليشيات كحضرموت والمهرة وسقطرة.
 
الحديث عن حلول سياسية، ومبادرات سلام  في ظل احتفاظ المليشيات بالقوة، وعدم نزع سلاحها ، وإخضاعها للشرعية والقرارات الدولية معنى ذلك تشكل "حزب الله" آخر في خاصرة المملكة وعمق الجزيرة العربية، وإبقاء الخطر الذي يحيط بالمملكة قائما، وسيكون له تأثيرات على السعودية التي تواجه تهديدات إقليمية متعددة.
 
ألم يكن الأولى بالمملكة توجيه العمليات العسكرية نحو حدها الجنوبي وتحرير محافظتي حجة وصعدة وتأمين أراضيها من الهجمات التي تشنها المليشيات، بدلا من افتعال معارك وهمية في محافظات الجنوب، واغراقها بالمعارك البينية، وتغذيتها بالصراعات المناطقية؟
 
ما تقوم به دولة الإمارات من خلال تحكمها في الملف اليمني، لا يتماشى مع أهداف التحالف، ولا يصب في مصلحة الشرعية اليمنية والمملكة على حد سواء، وإنما اتخذت من التحالف غطاء لتنفيذ مشاريعها التوسعية في السواحل والجزر اليمنية، والإبقاء على المحافظات الشمالية تحت قبضة المليشيات، والدفع نحو حل سياسي أعرج، وهش يبقي على المشكلة، ولا ينهيها، لأن الإمارات لن تتضرر، ولن تصلها الصواريخ، بل سيمنحها ذلك وقت أطول للسيطرة على السواحل في الجنوب.
 
بقاء الوضع كما هو الآن، لن يكون في صالح الداخل اليمني، والمملكة، وآن الأوان للسعودية أن تستعيد زمام المبادرة، وتصحح مسار العمليات، وتعيد رسم خططها، وتوجهيها نحو تنفيذ أهداف التحالف بما يلبي مطالب الحكومة الشرعية، وتأمين أراضيها من خطر المليشيات الممولة من ايران، ولا تركن لمن تتحكم به نزوة المصالح الذاتية، والأنانية، ويتطلب هذا عاجل، اليوم قبل غدا، بالمؤشرات خطيرة، والتهديدات قد تتضاعف، فنحن كيمنيين لا نريد إلا كل الخير للمملكة فمصالحنا مشتركة، وسفينتنا واحدة، فإن غرقت ستغرق المنطقة برمتها.

التعليقات