اليمن وعاصفة الحزم وحصار قطر ومجلس التعاون
الجمعة, 18 أغسطس, 2017 - 11:06 صباحاً

أربع قضايا شائكة في الخليج العربي وكلها تقود إلى الهاوية ما لم يعد العقل لكثير من قادة الخليج والاعتراف بأنهم وقعوا في المحظور بقصد أو من دون قصد، وأن أمن الخليج العربي اليوم واستقرار دوله والحفاظ على سيادة دوله مرهون بعودة العقل والاعتراف بالأخطاء القاتلة التي ارتكبها أعضاء الحلف الثلاثي تجاه دولة قطر.

(2)

قلت سابقا، وأكرر إنني من المتحمسين لعاصفة الحزم بقيادة السعودية بهدف رد الحق إلى نصابه، وإخراج اليمن من قبضة الثنائي الرهيب صالح والحوثي، وعودة الشرعية اليمنية لممارسة سلطانها على أرض اليمن العزيز بقيادة عبد ربه منصور هادي، صحيح بأنه ليس هناك إجماع يمني على قيادة الرئيس عبد ربه منصور، ولكني أسأل هل من إجماع على قيادة الجنرال عبدالفتاح السيسي ليحكم مصر حتى ينال دعم وتأييد بعض دول مجلس التعاون الخليجي؟ وأغامر وأقول هل من إجماع وطني على ممارسات وتوجهات بعض حكام الخليج سواء داخل دولهم أو خارجها؟ وعلى ذلك، فإن بعض الدول الخليجية التي حباها الله بثروات عظيمة أغدقت على مصر السيسي من أجل أن يطيح بالرئيس المنتخب د. محمد مرسي، فك الله أسره، وبعد انقلابه على النظام المنتخب دُفعت أموال نقدية عظيمة، ودعم سياسي غير محدود، لا سابق له في تاريخ العلاقات الخليجية المصرية. كل ذلك ليس حبا في مصر وشعبها العظيم وإنما لكبح تقدمها وازدهارها وتحويلها من دولة قوية فاعلة في الشرق الأوسط إلى دولة متسوّلة. كل الأموال الخليجية التي أغدقت على نظام السيسي في مصر لم تجدِ نفعا، حال المواطن المصري يُشكى إلى الله عز وجل، سجون تبنى وتُشغل بسجناء الرأي وليس بالفاسدين والمرتشين والمتاجرين بمكانة مصر وشعبها المناضل. وآخرها ما حدث لقطارات مصر في الأسبوع الماضي، علما بأن قطر إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وفي حادث مماثل لقطارات مصر، تبرعت دولة قطر بإعادة تجديد قضبان السكك الحديدية في مصر، فهل تم إصلاح تلك المؤسسة أم أن الأموال ذهبت إلى جيوب الفاسدين.

(3)

أعود إلى عاصفة الحزم وما فعلت في اليمن. كان هدف تلك العاصفة في انطلاقتها استرداد اليمن من مختطفيه الحوثي وصاح وتسليمه إلى قادة الشرعية المعتمدين عربيا ودوليا. لكن والحزن يعتصر الفؤاد، أقول: لم تتمكن تلك العاصفة من تحقيق هدفها الرئيس وهو استعادة البلاد من خاطفيها بعد مرور سنتين من الحرب. وأصبح اليمن ينهشه السل والجرب والكوليرا والجوع والقتل والتفكك ولا معين لهذا الشعب العربي الأصيل إلا الله.

سربت السفارة الإماراتية في واشنطن خبرا مؤداه "أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أعرب لمسؤولين أمريكيين عن رغبته في إنهاء الحرب التي تقودها السعودية في اليمن". ويؤكد السفير السابق مارتن اندك في إحدى المراسلات مع السفير الإماراتي في واشنطن" أن ولي العهد السعودي أبلغه بأنه يرغب في إخراج السعودية من حرب اليمن". والكاتب من أنصار إنهاء تلك الحرب التي طالت، ولكن شرط إنجاز مهمتها التي جاءت من أجلها. وما دون ذلك يعتبر إهانة وهزيمة للعسكرية السعودية التي فشلت في تحقيق مهمتها في استعادة الشرعية اليمنية لأصحابها وذلك لا أتمناه للعسكرية السعودية.

(4)

سؤال إلى قادة دول التحالف، لماذا لا تسمحون بعودة القيادة اليمنية الشرعية إلى عدن العاصمة الثانية لليمن، وأن توفروا لها الحماية وتدعموا مشاريعها الإنمائية وإعادة إعمار ما هدمته الحرب. أو على الأقل توفير الماء والدواء والكهرباء والأمن للمدن المحررة. لقد أتت قوات التحالف العربي لتحرير اليمن من خاطفيه لا من أجل الهيمنة والسيطرة على أرضة وموارده وموانيه البحرية وإهانة قياداته. أعرف أن هذه القوات أتت إلى اليمن بهدف التحرير من البغاة والمحافظة على وحدة الدولة اليمنية وسيادتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. لكن الواقع الذي نراه أن هناك إصرارا على إذلال القيادة الشرعية اليمنية من بعض قيادات التحالف وفرض شخصيات على القيادة اليمنية لتعيينهم في مناصب عليا وهذا أمر لا تقره الأعراف العربية ولا الدولية. أعتقد أن هذا النوع من التدخل يشبه السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية بعد الاحتلال عام 1967 عندما فرضت تعيين ما أسمته "روابط المدن". اليوم نرى هناك تعيينات رغم إرادة السلطة اليمنية في مراكز عليا وحرمان الدولة من أموالها. هذا الأسلوب هو أسلوب إسرائيلي لا أستبعد أن يكون محمد دحلان الفلسطيني المنبوذ من كل القيادات والِشعب الفلسطيني الذي اقترح هذا المشرع على بعض قادة عاصفة الحزم. وعلى ذلك عاصفة الحزم كما بدت لنا هي قوات إنقاذ لا قوات احتلال ولا يجوز أن تتصرف بأنها قوة احتلال.

(5)

الذين قطعوا العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر وأعلنوا الحرب الاقتصادية الشاملة عليها، يعيشون اليوم في حيرة من أمرهم، لم يتقبل المجتمع الدولي بكل ما يقولون عن قطر أنها موئل الإرهاب وممولته، وأعلنوا رفضهم لكل الادعاءات التي أتوا بها. راحوا الدول الثلاث الآن يمارسون الضغوط على بعض الشركات العالمية التي لها علاقات اقتصادية بقطر بأن عليها أن تختار بين أسواق الثلاثة أو السوق القطري، الشركات الكبرى ترفض ذلك التوجه لأنه يتعارض مع قانون منظمة التجارة العالمية وميثاق منظمة الأمم المتحدة.

فوجئت بعض الشركات الكبرى العالمية بتطمينات الولايات المتحدة الأمريكية بأن شركاتها العاملة في قطر لن تتضرر من الضغوط بمقاطعة قطر، وهذا يثير الريبة لدى الشركات العالمية من تلك الإجراءات التمييزية. وهذا يزيد المجتمع الدولي اقتناعا بأن دول الحصار لا حجة عندها ويزيدهم نفورا من تلك الدول.

أما مجلس التعاون الخليجي فقد تسببت الأحداث الراهنة في هز الثقة بالمجلس وسوف يطول به الزمن لاستعادة الثقة.

آخر القول: الملك سلمان أمر بفتح المنفذ البري الوحيد مع قطر لمرور الحجاج، نقول إنها خطوة في الاتجاه الصحيح، نتمنى أن تعقبها خطوات برفع الحصار كاملا وعودة العلاقات بين الشعبين إلى طبيعتها قبل الخامس من يونيو 2017. وحل الخلاف بين السعودية وقطر بالطرق الدبلوماسية.

*الشرق القطرية 

التعليقات