خطر الصراع العبودية في اليمن
الأحد, 17 سبتمبر, 2017 - 09:55 صباحاً

تمر اليمن بأخطر لحظاتها التاريخية وبتشظ مجتمعي رهيب استهدف التركيبة الوطنية الاقتصادية والتاريخية، وبتوهان حزبي وفكري واسع، دمار كلي للبنية التحتية والاقتصادية، غزو مذهبي اثنا عشري، تشويه للهوية والدين بشكلٍ ممنهج، عمالات من الداخل للخارج لا حدود لها، مطامع من الخارج للسيطرة والنفوذ على الوطن لا مثيل لها، بات اليمني الفقير يبحث عن وطن للعيش، وبات الغني يبحث عن جواز لأي بلد كي يستقر فيها، وعن مرفأ ترسو فيه سفنه، وتهدأ فيه أعصابه وروحه، ويشعر بأنه إنسان مستحق الحياة كغيره من الكائنات، كل ذلك ليس تشاؤماً عارياً ليس له سندٌ ودليل، المراقب لما يجري في اليمن يدرك كل ذلك إلا المتعصبون معصوبو الأعين والقلوب بقطع من قماشٍ أسود لا يرون شيئاً من خلاله. 

يقول وليام شكسبير:"ياله من زمن عصيب هذا الذي يقود فيه بلهاء جماعة من العميان أنفسهم إلى العبودية معصوبي الأعين والعقول"، إنها العبودية الطوعية التي يمر بها بعض اليمنيين جهلاً منهم بمجريات الأحداث في جبال شمال اليمن، أو ردة فعل للممارسات السياسية الظالمة التي وقعت بحق إخوانهم في الجنوب، عبودية حديثة تقبلها قطاع كبير من الزاحفين على جبال اليمن وسهوله فقط لشراء فرص الحياة التي تزيد في عبوديتهم، أكثر لقوى الشريرة تهدف فقط لتحقيق أهدافها غير عابئة بمآلات الأحداث التي ستؤول باليمنيين إلى أي حد ومدى.

 مآسي وصور قاسية من الاستعباد صنعت في أعماق  الأميين الذين لا يطمحون في نهاية المطاف إلا إلى الانغماس أكثر في رقص مروع في دهاليز الاستعباد، تغيير ديموغرافي ممنهج، وتغيير عمراني تشهده صنعاء للاستيلاء على البيئة الطبيعية والبشرية، وتغيير هويتها اليمنية تاريخاً وديناً وثقافة  يسوق المجتمع إلى طغيان طبقة على بقية الطبقات، وثقافة على الثقافات الأخرى، ومذهب على معتقدات الناس وتوجهاتهم السياسية والفكرية، وحرمانهم من العيش في مجتمع تسوده روح العدل ومبادئ المساواة، ذلك النهج التاريخي للمذهبية السياسية التي ربطت الإنسان من عنقه يقاد بها إلى كل المعارك ويحترق، يصيبه القتل لا يدري لماذا يحرق حاضره ومستقبله بيده، عبودية تغلفت بأغلفةٍ كُثُر؛ غلاف نظام الكفالة في بعض الدول الذي يترك الإنسان رهينة بيد آخر يعبث به حريةً وعملا، وغلاف العمالة الذي صادر حقوق العمال لحساب أصحاب رؤوس الأموال في عصر الثورة الصناعية وقبل ظهور أنظمة الضمان وحقوق العمال؛ يستخدم الإنسان كترس في آلة تسحقه دون حقوق حتى الممات.

وعليه لابد من احتواء سفينة هذا الوطن من قبل قومه أقيال وطنيين ومشايخ وقادة وكتاب ومفكرين، وتحريره من ربقة العبودية والاستعباد، ولا يتركونه عبثاً وتسلية للأعداء، مهما بلغت فيهم الخصومة وتوسعت في أعماقهم جراحات الشقاق.

 ولا ينبغي أن يتعاطى كل طرف بنفس منهجية الطرف البائع للمبادئ الوطنية والقيم الديمقراطية والجمهورية، وبنفس الأسلوب الذي تعاطى به أعداء الأمة مع قضايا الوطن وخصومهم السياسيين، وليس من الرجولة والفروسية أن يتشفى الانسان بأخيه ويتركه في حالة الضعف في حبائل الأفاعي والسباع، لأنه بلد اعتاد أن يحكمه الأذواء والأقيال الذين أرغموا المؤرخين على وصفه باليمن السعيد، والملوك الذين سادوا الدنيا ولم ينشأوا نشأة العبيد، وصنعوا له المعجزات، ويجب ألا يكون صالح وحلفاؤه نموذجاً من خلاله يتم تقويم اليمن؛ لأن نشأته كانت بسيطة وإدراكه لأبعاد السياسة ومرامي الحكم كانت محدودة، إذا لم يكن منعدماً كلية، ولأن حكم اليمن بطريقة صياد السباع الذي يحقق أهدافه؛ إما بالطلقة القاتلة، أو بتعليق ضحيته في الشباك، أو تركها تهيم في غياهب الغاب وأدغال الجبال لن يجدي مهما استكان الشعب وخضع لفروض القوة؛ لأنه يثوب ويستفيق  كلما أتيحت له الفرصة للثورة والانعتاق، وما الحروب الدائمة الدائرة على ساحاته إلا دليل دامغ وصريح.

 ولأن الفرد اليمني أضحى محاطاً اليوم بما هو أكثر وقعاً وأشد خطورة من ذي قبل؛ وجب عليه مواجهة (بشمرجة) حكمٍ  تهدف إلى كسر إرادته وتدمير تاريخه وذاته وهويته؛ لأنه يريد قطع آخر شريان من شرايين حكم اليمني  لليمن، وكل أعلام ورموز ترمز إلى الجمهورية والحرية، ويجب على كل حر وكاتب أن يترك أقلام الشتائم وأدوات النكاية والتحريض جانباً، والتركيز على القضية المحورية والمصيرية لليمن، وانتهاج طرق الشجعان في قضايا ومآسي الوطن، وترك نهج العبيد الذين أحاطوا أنفسهم بقضايا جوعهم، وقيدوا أنفسهم بالجهل والاندفاع مع من دفع، ويجب أن تنحصر خصومة كل أطراف الصراع اليمنية في إطار تحرير اليمن والهتاف باسمه العظيم؛ لأنه يزعج وكلاء الشياطين، وحنشان العمى، ويقض مضاجعهم، ولو أردوا النجاة فعليهم أولاً بفك الحصار عن تعز، وستتحول الحرب لصالح الوطن كلية كما تحولت في حصار السبعين لصالح الجمهورية بعد أن فقد الجمهوريون الأمل.

التعليقات