د. مروان الغفوري

د. مروان الغفوري

طبيب يمني مقين في ألمانيا

كل الكتابات
لعن الله النسيان
الإثنين, 25 سبتمبر, 2017 - 10:14 مساءً

في الأسابيع الماضية طرح موضوع الحزام الأمني في تعز على السلطات المحلية وعلى الجيش، وجرى رفضه بلا كثير من النقاش. تعز ليست بحاجة إلى حزام أمني وهابي، على طريقة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

في الساعات الماضية جلس محافظ تعز وفريقه على الأرض أمام بوابات البنك المركزي المغلقة في عدن. كانوا يحملون شيكات موقع عليها من قبل وزير المالية، مدعومة بأوامر صرف صادرة عن رئيس الدولة ورئيس الحكومة.

جهة ما طلبت من القعيطي، محافظ البنك، رفض كل تلك الوثائق، بكل مصادرها.

وضع القعيطي محافظة تعز في رأسه، بشكل ما، وخنقها. حتى الراتب الذي كان يُفترض أن يسلم هذا اليوم هو حفنة مال بسيطة من "بقايا راتب" شهر ديسمبر من السنة الماضية.

ثمة شرط واحد لخروج محافظة تعز من الظلام: أن تُحال كل أمورها إلى قائد الجماعة الوهابية المدخلية الشيخ أبو العباس. يدين أبو العباس بالولاء لخادم الحرمين الشريفين ويعتبر الدولة القومية شكلاً استعمارياً بغيضاً. يطلق المثقفون الليبيون على الوهابية المدخلية في بلادهم صفة "الجالية السعودية".

بالأمس قدمت صحيفة الشرق الأوسط تقريراً واسعاً عن "الحازمية"، وهي نسخة الإرهاب بعد داعش. تجاوزت الحازمية تنظيم داعش وذهبت إلى الاعتقاد بكفر الإنسان العادي، أو العوام بالتعبير الأصولي، ثم القول بتكفير الذين لا يعتقدون بكفر الإنسان العادي. وبالطبع فإن الحكم بكفر الشخص ليست مسألة فنية، بل لها تبعات.

يرتبك التقرير في منتصفه ثم يخرج إلى طريق فرعي ويعود قائلاً: إن السلفية المدخلية هي المرجع الأساسي للحازمية. ثم سرعان ما يتجاهل التقرير هذا الاستنتاج.

السلفية المدخلية هي النسخة التي اختارتها كل من السعودية والإمارات منذ مطلع تسعينات القرن الماضي. وهي نسخة تمنح الحاكم ولاء غير مشروط، كما إن السلفية المدخلية تدين بالولاء لخادم الحرمين الشريفين بصرف النظر عن الأرض التي تتواجد عليها، فهو يمثل على الدوام جماعة المسلمين.

تريد السعودية من اليمن جماعات تخوض معاركها، وتنأى عن أولئك الذين سيقولون لها في منتصف الطريق: الآن، ماذا عن جمهوريتنا.

مقابل راتب نصف شهر من السنة الماضية يريد التحالف إخضاع أكبر محافظة في اليمن لحكم جماعة راديكالية قال تقرير للأمم المتحدة قبل أسابيع إنها تعبد الطريق لتنظيم القاعدة في اليمن.

بعد وفاة مقبل بن هادي الوادعي، ٢٠٠٣، مثل ربيع بن هادي المدخلي المرجع الأساسي لجماعة الحديث في اليمن. وبعد هزيمة السلفيين في دماج، أمام الحوثيين، عاد أبو العباس إلى تعز. ومع انفجار الحرب في اليمن شكل أبو العباس جماعة جهادية مدخلية. المدخلية السلفية هي الخيار السعودي حالياً، وهي التي تنتج في نهاية المطاف الحازمية!

في ٢٠١١ كتبت مقالة بعنوان "أدولف الحوثي"، وقلت إن طموح الرجل تحدده دباباته. في تلك الأيام قيل عني: سلفي، إصلاحي، طائفي، ومأجور. ومع الأيام جلس الجميع على الخازوق.

وها هو خازوق جديد قيد التشكّل.

ذاك شيء. أما الشيء الآخر فهو:

راتب شهر من السنة الماضية، لمدينة طحنها الجوع والكوليرا، مقابل أن تسلم مفاتيحها لجماعة وهابية لا تعترف بجمهورية ولا بخبرة الإنسان.

تقوم معادلة التحرير الخليجية على أساس إحلال الوهابية المدخلية مطرح الزيدية الحوثية.
وماذا عنا، نحن اليمنيين؟

كل عام وأنتم بخير. لا يشوب جلال وقداسة سبتمبر سوى المزيفين الذين يحتلفون به الليلة وهم الذين منحوا الحوثية ظهورهم وكلماتهم ومشاعرهم يوماً ما.

لعن الله النسيان.

* من صفحة الكاتب على فيسبوك

التعليقات