اللعب بقوانين التاريخ في اليمن
الأحد, 19 نوفمبر, 2017 - 08:07 مساءً

إن كل ما تحاول أبو ظبي أن تنجزه في جنوب اليمن؛ هو دعم فصيل فاشل، وتلبيسه دوراً تاريخياً  (الفصيل) أصغر منه بكثير جداً، ناهيك عن أن المبالغة في إظهار أن هذا الفريق الجنوبي إنما يقود حركة استقلال عن دولة يحكمها الجنوبيون؛ ليس إلا وقاحة سياسية تنتهز الظرف التاريخي الخاص الذي يعيشه اليمنيون في هذه المرحلة الشديدة الصعوبة من تاريخهم.
 
يغرق اليمن في حرب متعددة الأبعاد، وتزداد معاناة شعبه إلى حد حذرت معه الأمم المتحدة من أن هذا البلد يقف على أعتاب أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
 
ومع ذلك، تجد أبو ظبي الوقت والمساحة لتلعب بقوانين التاريخ في هذا البلد، فتنصب نفسها مستعمراً جديداً يستغل فائض الإمكانيات المالية، والعتاد العسكري، للاستحواذ على اليمن الذي لم تستطع امبراطوريات عظيمة هضمه وتطويعه.
 
يتصور هذا البلد الذي يصعب أن تجد في عاصمته ومدنه الكبرى مواطناً بسهولة؛ أن بوسعه اليوم، وبعد أن أمضى عشرين عاماً في تقديم الخدمات اللوجستية لحروب أمريكا في المنطقة، أن يستقل بمشروعه الخاص في اليمن.
 
لا يزال بوسع أبو ظبي أن تستغل هذه الحالة غير المسبوقة من التفكك داخل البنية السياسية والاجتماعية والجهوية في اليمن؛ لإنجاز ما لا يمكن إنجازه في غير هذه الظروف، ولكن عليها أن تحذر من أن اليمنيين يمكن أن يتجاوزا قريباً التحديات التي تعترض مهمة بناء الكتلة الوطنية التاريخية التي ننتظرها بفارغ الصبر.
 
في الجبهات العسكرية، يتحكم التحالف بكل شيء، وأسوأ النتائج التي تتحقق في هذه الجبهات هي الهدم المعنوي للمقاتلين، في ظل هذه المراوحة والتوقف المفاجئ عن الإمداد والتموين؛ في اللحظة التي يصل فيها الجيش والمقاومة إلى مشارف الحسم والانتصار.
 
يأتي ذلك فيما تمضي أبو ظبي في مهمته الخطرة بالجنوب، فيوم أمس السبت، دفعت برئيس ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي" والجوقة المصاحبة له؛ إلى محافظة أبين، معقل الرئيس عبد ربه منصور هادي؛ الذي ذهب إلى الولايات المتحدة - ربما - في مهمة طبية عاجلة، رغم عدم الإعلان رسمياً عن زيارة كهذه.
 
الهدف من ذهاب أعضاء المجلس الانتقالي، هو تدشين فرع للمجلس في أبين التي أعلنت سلطتها المحلية أنها غير معنية بهذا الأمر، وعملت ما بوسعها لتجنب مواجهة مسلحة كل الأسباب مهيأة لوقوعها.
 
لم ينجح رجال أبو ظبي في استعراض قوتهم في أبين، فقد ظهر حجم الحضور المتواضع لهم في هذه المحافظة، على الرغم من أن ثلاث طائرات أباتشي إماراتية خصصت لحراسة هذه الفعالية، إلى جانب الحزام الأمني التابع لها.
 
تبدو أبو ظبي كما لو أنها تشق طريقاً مختلفاً داخل هذا التحالف غير المتجانس في اليمن، على الرغم مما يحاول ابن زايد إظهاره من تقارب ووحدة موقف مع الرياض.
 
وضعت أبو ظبي رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر هدفاً للهجوم من قبل أطراف عديدة، في مؤشر على أن الحرب في اليمن تنصرف أكثر فأكثر نحو الإطاحة بالحكومة التي جاء التحالف لمساندتها.
 
حصاد الفشل الذي يجنيه أبناء اليمن عموماً، وفي عدن المدينة التي أعلنت عاصمة سياسية مؤقتة للبلاد، على وجه الخصوص، هو ناتج سياسة أبو ظبي المقصودة لإذلال اليمنيين وتركيعهم، نظير انخراطهم في ثورة التغيير التي اندلعت في اليمن شتاء 2011.
 
عملت الرياض كمنفى إجباري لكل المسؤولين الذين لم ترغب الإمارات بوجودهم في اليمن، وكان آخرهم عبد العزيز المفلحي، الذي اضطر أخيراً إلى الاستقالة من منصبه، مخلفا وراء قرار كهذا جدلاً واسعاً تركز حول الأسباب التي ساقها في خطاب الاستقالة، والتي أعادها إلى سلوك الحكومة وفسادها، وزاد بأن أكد بأن الحكومة أعاقت جهود التحالف في عدن، على الرغم من أن الرجل كان قد انتقل للإقامة في القاهرة.
 
لقد خضع المفلحي لضغوط هائلة، أجبرته على تغيير مواقفه التي أثارت الإعجاب، وتضمنت فيما تضمنت انتقادات صريحة للتحالف، حملته إلى الوقوع فيما وقع فيه رئيس الوزراء اللبناني، مع فارق في الأدوار والخلفيات والنتائج.

* عن عربي21

التعليقات