كيد الأشقاء
الإثنين, 27 نوفمبر, 2017 - 01:49 صباحاً

تابعتُ كغيري من المشاهدين الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة الجزيرة بعنوان "اليمن .. كيد الأشقاء"، والذي تطرق للدور الاماراتي في اليمن، وتحديدا في مدينتي مأرب وعدن، اللتان تشكلان أهم المدن التي تتواجد فيها القوات الاماراتية ضمن قوات التحالف العربي.
 
ما كشفه الفيلم ليس بالهين، إذ أنه لم يقدم كلاما عابراً، أو اعتمد على تصريحات لمحللين ومراقبين للشأن اليمني، بل ارتكز في محتواه الوثائقي على شهادات حية وموثقة لشهود عيان عايشوا وعاصروا الدور الاماراتي، وكانوا إما ضحايا للسياسة الاماراتية، ونهجها التعسفي الخطير داخل اليمن، كشهادة مصور العربية عبدالله صلاح، وبقية النساء والرجال الذين ظهروا في الفيلم، أو كانوا أحد الذين طالتهم يد الانتهاك الاماراتية داخل الامارات نفسها كالصحفي اليمني السابق في صحيفة البيان عيدروس عبدالله، بمعنى أن هناك شاهد من الداخل اليمني، وآخر من داخل الامارات نفسها.
 
يقدم الفيلم صورة كاملة عن طبيعة الدور الاماراتي، وتعامله مع اليمنيين، ونظرائه من القوات السعودية التابعة للتحالف العربي، كما أنه يسلط الضوء على حقيقة التصرفات الاماراتية، وتعاملها الذي يكاد يكون مكملا لدور مليشيا الحوثي في اليمن، بالنسبة للأهداف والمخرجات والنتائج.
 
فعلى سبيل المثال ما يتعلق بجامع كوفل، الذي راح ضحيته العديد من القتلى في صفوف الجيش اليمني هناك، في جريمة قتل استهدفت الجنود وهم يؤدون صلاة الجمعة، وأحدثت رعبا كبيرا، وتمخض عنها جدلا مثيرا حول أداء القادة العسكريين اليمنيين الذين جرى اتهامهم عند وقوع الهجوم بالتهاون في حياة اليمنيين، وهي القضية التي كان لها صدى واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، ويأتي الفيلم ليكشف  الحقيقة، ويقدم درسا للجميع، فيما يتعلق بالتعامل مع الاحداث والمواقف، خاصة العسكرية منها.
 
لقد كشف الفيلم العديد من الحقائق عن الدور الاماراتي في مدينتين فقط، وهما مأرب وعدن، ما يثير العديد من التساؤلات حول حجم العبث والانتهاكات والمغالطات في بقية المحافظات كشبوة وحضرموت وسقطرى والساحل الغربي لمدينة تعز.
 
غير أن أهم ما قدمه الفيلم في دقائقه الـ44 هو المهام التي تمارسها الامارات في حق المملكة العربية السعودية، والتعامل الذي تسير فيه بعيدا عن الدور السعودي، إن لم يكن مورطا له في العديد من القضايا كحوادث الطيران الخاطئة والمتكررة، واستهداف افراد الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وقيادات الجيش، وهي حوادث معروفة، وتسببت بسقوط العشرات من المدنيين اليمنيين وقوات الجيش طوال السنوات الثلاث الماضية.
 
كما تسلط تفاصيل الفيلم والشهادات المقدمة فيه الضوء على الاسباب التي أدت إلى إطالة أمد الصراع في اليمن، والمبررات الخفية التي يتم حبكها لخلق مشهد جديد بعيدا عن رغبة اليمنيين، ويسعى لتحقيق أطماع استعمارية، تزيد من حالة الانسداد التي تعيشها اليمن، وتطيل أمد الصراع، وتمنع تحقيق انفراج في الملف اليمني.
 
يكشف الفيلم ايضا سقوط القناع عن الدور الاماراتي الذي ظل يقدم نفسه منذ تدخله في اليمن، كطرف حريص على اليمن واليمنيين، مصحوبا بهالة اعلامية كبيرة سوقت للإمارات كدولة منقذة وإنسانية وحريصة، ويأتي الفيلم ليكشف الوجه القبيح والمزيف، ويزيل الستار عن تلك الوجوه التي ظلت تخادعنا كيمنيين، فظهرت على حقيقتها، وما خفي كأن أعظم.
 
من حقنا اليوم كيمنيين أن نتساءل عن هذا الوضع الذي وصلنا إليه، وعن العبث الذي مورس في بلدنا، وعن المسئول الذي تسبب بعمليات لا تحصى من القتل والتشريد والتنكيل والمؤامرة والجوع، فالدور الاماراتي اليوم وفقا للفيلم كشف العديد من أوجه العبث التي ارتكبتها الامارات في اليمن، واستهدفت مدينتين حتى الان، الأولى عدن كمدينة محررة وشهدت موجة واسعة من الاغتيالات بحق عشرات الشخصيات، اضافة للعدد الكبير من الضحايا الذي يقفون اليوم خلف القضبان في سجون كثيرة داخل عدن، اما الثاني فهي مدينة مأرب التي تعد مركزا ومنطلقا لعمليات التحالف العربي العسكرية، ولكنها لم تسلم أيضا من المؤامرة، والعبث والخراب.
 
 وكل ذلك يلقي الضوء على يد النفوذ التي تسعى الامارات لمدها نحو بقية المحافظات كالحديدة وتعز، ما يستوجب الحذر الكبير، حتى لا نشهد فصولا أخرى من الجحيم الذي تصنعه الامارات وأياديها وأدواتها.
 
فاليوم، لو أتيحت الفرصة لكثير من الضحايا الذين عبثت بهم الامارات لسمعنا عشرات القصص التي تقدم مشاهدا وحشية ومؤلمة، وتكشف تفاصيل من ممارسات شقيق جاء الى اليمن لينقذ أهلها من تسلط الحوثية وحلفائها، وإذا به يمارس ما هو أقذر وأخبث منها.
 
تبقى هنا نقطة مهمة، وتتعلق بشركاء الامارات في اليمن من اليمنيين، وهؤلاء رضوا لأنفسهم بأن يكونوا الاداة التي تضرب الامارات بها الجسد اليمني، وهؤلاء سيلحقهم العار ذاته الذي سيلحق بالإمارات اليوم وغدا وفي المستقبل.
 

التعليقات