وجوه يمنية .. الشاعر علي العنسي
الجمعة, 15 ديسمبر, 2017 - 08:41 مساءً

يعد الشاعر القاضي علي بن محمد العنسي أحد مبدعي الشعر الحميني، وقصائد الغناء الصنعاني، ومن ابرز قصائده وامغرد بوادي الدور، وممشوق القوام، وقصيدة ما وقفتك بين القضيب والبان، وقصيدة وأسيد انا لك من الخدام، والتي غنى أبرزها العديد من الفنانين اليمنين طوال العقود الماضية.
 
ولد العنسي في صنعاء، لكنه نشأ في مدينة العدين، التابعة لمحافظة إب، وهناك ظهرت موهبته الشعرية فقال ونظم العديد من القصائد في مختلف الأغراض.
 
ورغم العاطفة والحنين في شعر العنسي لكن اشعاره لم تخلو من تمجيد صنعاء وأهلها، وفي المقابل السخرية والتهكم بأهالي المناطق التي عمل فيها كالعدين وذمار وشرعب وزبيد.
 
وله ديوان شعري بعنوان "وادي الدور" من تحقيق يحي بن منصور بن نصر، وتولى القضاء في العدين والحيمة ووصاب أيام الامام المهدي ثم أيام المتوكل، وتم عنوان ديوانه الوحيد بهذا الاسم نسبة لقصيدته الأشهر والاوسع انتشارا، وهي أغنية وامغرد بوادي الدور، وطبع الديوان في القاهرة سنة 1381هـ.
 
وللأسف كان العنسي رجلا موهوبا في الحكم والشعر، وبسبب الدس الذي تعرض له من مسؤلي الائمة (عامل الامام) جرى نقله من وصاب الى الحيمة، لكن الوشايات تلاحقت عليه ومات هناك فجأة، وقيل مات مسموما سنة 1139هـ.
 
في شعره يبدو التعصب واضحا للسلالة، والسادة الذين كانوا يحكمون في عهده، ويصفه محمد زبارة في كتابه "نشر العرف" بأنه كان يتميز بمحاسن الخلال والمحبة المفرطة لأهل البيت، ولذلك ألف الشاعر العديد من القصائد التي تمتدح حكام زمانه من الائمة، وتنوعت بين المديح والعتاب، وهو أمر يبدو مألوفا اذا ما تم الربط بين بيئة الشاعر وقصائده عبر تأريخ الشعر.
 
تتميز قصائده بالسهولة والتنوع، وقربها من اللهجة العامية، وقد أجاد العنسي الشعر بلهجة المناطق التي كان يتولى القضاء فيها، واحتوى ديوانه على قصائد باللهجة التهامية، والعدينية، وغيرها، وتتنوع بين مشاعر الحنين والاغتراب، والرومانسية.
 
في سنة 1136هـ انتشرت قصيدة في مساجد صنعاء أيام الامام المتوكل تدعو لخروج المولى محمد بن عبدالله الحسين بن عبدالقادر، والمولى محمد بن إسحاق بن المهدي، والمولى محمد بن حسين بن عبدالقادر من صنعاء، وكان مطلعها: سماعاً عباد الله أهل البصائر، وهي قصدية طويلة تشجب الحكم الامامي، وتدعو لمقارعة الظلم، وتوهم الامام المتوكل أن القاضي على العنسي هو صاحب القصيدة فأمر بحبسه، وعزله من القضاء، وتعيد هذه الى الاذهان تعامل الائمة مع كل من يعارضهم بالكلمة او السيف أو البندقية، وكيف أن رجلا كالعنسي خدم الائمة ومدحهم ثم انتهى به الوضع على ذلك الحال.
 
يصفه الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح بأنه شاعر تحول عنده الشعر الى غناء، والغناء الى شعر، والعامية في شعره تبدو وكأنها جزء من الفصحى، أو كأن الفصحى جزء منها.
 
بالنسبة لزمن العنسي فقد جاء بين الشاعرين المعروفين شرف الدين والانسي، لكن شعره كان أقل منهم من حيث الإنتاج، وللك ليس له سوى ديوان وحيد، جمعت فيه كل قصائده وابياته المتناثرة.
 
قال عن أصحاب العدين:
ماذا يروقك في العدين وأهله
ما يعرفوا الا الحمر والليم
ايش لو يحيدوا الكرم في أصله
عاده بطله يا أخا التكريم
ما بين زيتون ما الذهب مثله
ان طاب وجو في مزجه التسنيم
هيهات صنعاء جنة الدنيا
وأوطانها لا بلدة الاسقام
 
وعن ذمار قال:
 
أما ذمار لا سقاها الله ولا بلها
ما أردى هواها وما أكثف من طباع أهلها
فديت أزأل التي من أجلها
في قلب سلطان أهل الروم هاء وميم
 
وعن شرعب قال:
فحين نزلنا بلاد شرعب
غليظة الطبع يا لطيف
غلب على طبعي المهذب
واحسرتي طبعها الكثيف
فلو رأيته وقد تشرعب
بعجرفه عسكري سخيف
لقلت كيف استحال بعدي
طبعك كذه جنس من وديد
 
اما عن التهاميين فقال:
شابوك وانا وأمر فاق بكرة
أرض أمبجبل ما نبا أمساحل
واسيدبي حيد ذي الخطرة
خطرتها شي وانا جاهل
 
اما عن صنعاء فكان يمتدحها دائما، ومن قصائده:
يا حلولا ربى صنعاء اليمن
أي حين يجمع الله شملنا
لاعجمي من بعدكم مازاد سكن
ليتكم تنظروني كيف أنا
كم أقاسي عليكم من محن
كم أعاني عليكم من عنا
سادتي أن يدوم هذا الحزن
شا يبدل بقاي بالفناء
 
ومن قوله أيضا:
 
صاح مالي وأوطان العدين
مطلبي بغيتي صنعاء اليمن
هل معي للنوى يا ناس دين
ساقني من محلي والوطن
فرق السهد بين المقلتين
وبلاني بأنواع الشجن
ما العدين يا نديمي ما عدن
ربع صنعاء اليمن كل المنا
 
ونسرد هنا مقتطفات من شعره:
اما أنا شأحتمل صدك
واصبر ولو قد نفد صبري
لكن خوفي أنا عبدك
عليك من موقف الحشر
إن قربوك للقصاص وحدك
من ينفعك منه يا بدري
والله شايسأل أجفانك
ما بالها جوزت قتلي
 
ومما قال:
 
وافوج بالله عليك بالله
سلم على سفحنا الغربي
وقل فراقي لكم زلة
غلبي على فقدكم غلبي
 
وقال أيضا:
أح ليتني يا هيف وكم أقل ليت
وليت ما تنفع حزين
كتمت حبك في الفؤاد وأخفيت
ما أحد على العشقة أمين
 
 

التعليقات