الفريق علي محسن.. واختيار المقاتل
الخميس, 04 يناير, 2018 - 09:46 صباحاً

ساهمت وسائل التواصل الإجتماعي في إيصال صوت المواطن العربي الى صانع القرار ونقلت مشاعره وهمومه وتطلعاته وردود افعاله تجاه ما يجري في وطنه. وهي وسيلة جديدة وجيدة للغاية حيث وفرت للناس متنفس للتعبير عن الرأي بعد كبت طويل. أثمر ذلك في يقظة الشعب العربي واستعادته لزمام المبادرة واسترداده لثقتة بنفسه وقدرته على التغيير. نجح المواطن العربي في كثير من المرات في تصحيح الكثير من الاخطاء عبر هذه النافذه التي آرقت الطغاة من الحكام، بل وصل الأمر لإسقاط عروش لم يكن يدور في خلد أكثر الناس تفاؤلاً ان تسقط!

 وفي اليمن كان لها دوراً مشهوداً في ثورة 2011 وما تبعها من احداث مروراً بنكسة 21 سبتمر ثم بداية عاصفة الحزم والى يومنا الحالي. حيث تعمل وسائل التواصل الاجتماعي بصورة مُلفته على متابعة الاحداث والتأثير فيها وتُخاض فيها معارك لا تقل شراسة عن المعارك العسكرية على الارض ان لم تكن اقوى وأهم.

فالمعارك هنا معارك فكر وتشكيل رأي عام وحشد ومراقبة ومتابعة ورصد! ولكي نربح هذه المعركة يلزمنا حسن إدارة وتخطيط وتوجيه ولا يجب ان نترك الأمر ليسير بشكل عشوائي قد يضر من يظن انه يحسن صنعا ويخدم العدو من يخال نفسه وطنيا!

اقول هذا كتوطئة للدخول في موضوع الحملة الإعلامية الأخيرة ضد التعيينات الحديثة في الجيش الوطني والتي آتت أُكلها فالرسالة وصلت والتصحيح قادم لا محاله. هذه الحملة أظهرت مدى الوعي المجتمعي والصدى الواسع الذي كان له بالغ الأثر في تنبيه القيادة السياسة حول القرارات التي تتخذ في الزمن الخطاء مجاملة لهذا ومحاباةً لذاك وكسباً لزيدٍ وتقريباً لعمر، وأضحت القيادة مدركة ان عين الشعب مفتوحة تراقب وتتابع وتقيم وتقول كلمتها التي يجب ان تقال وتُسمع!

غير ان اللافت للنظر ان الحملة اتخذت منحنى غير سليم من خلال تهجمها على شخص الفريق على محسن تحديداً وبطريقة مُبتذله، وفي هذا الصدد اود ان أقول كلمات في حق هذا الرجل!

عُرف عن الفريق علي محسن حصافة العقل وحسن الاختيار لقياداته العسكرية. وعُرف عن معسكره (قيادة الفرقة الأولى مدرع) أنه كان آخر معاقل الجمهورية وجيشها آخر صف صمد قبل سقوط صنعاء بيد الأفاعي والمجرمين.

كما عُرفت بأنها المدرسة الوطنية الخالصة التي أنجبت كبار القادة الشهداء والأحياء في المعارك الوطنية المتعاقبة، بداية بحروب الثمانينات ضد ما كان يعرف بالجبهة الوطنية المدعومة من الحزب الاشتراكي في جنوب اليمن سابقاً، ومروراً بأحداث ما قبل حرب صيف 94 وأحداث حرب حزب المؤتمر مع الحزب الاشتراكي في نفس العام، ومروراً بحروب صعدة وانتهاءً بالمعارك الدائرة في كل ربوع الوطن.

وعُرف اولئك القادة بالفروسية والوطنية، فهم عمالقة العسكرية ورواد الولاء الوطني، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وعلى رأسهم الشهيد حميد القشيبي، وعبد الرب الشدادي، وآخرون كثر ومنهم من هم على هرم الجيش اليوم كاللواء صالح طيمس، واللواء فضل حسن والعميد ثابت جواس والعميد محسن الداعري وعادل القميري وصادق سرحان واللواء توفيق القيز وأمين الوائلي وآخرون لا يتسع المقام لذكرهم.

 قادة منتشرين على كل جبهات الوطن الزاحفة باتجاه تحرير العاصمة وأراضي اليمن من قمة الجبل حتى أعماق البحر ربَّاهم الفريق محسن وصقل مهاراتهم وصنع منهم المثنى بن حارثه، وقتيبة بن مسلم، وعبد الرحمن الغافقي.
 الفريق علي محسن يعمل دائماً بالمبدأ القائل "عيون الشجاع أقوى من سيف المحارب الجبان" لأنه يعلم أن رجاله هم عدته وأداته في النصر والصبر وخوض المعارك بدايةً باختيار الفرد وانتهاءً بتعيين القائد.

 يعشق الأبطال ويقربهم ويربيهم ولا يمارس ضدهم الإجراءات التي تنتقص من شخصياتهم وتسحق معنوياتهم وتجعلهم عرضة للخيانة والبيع والانفلات، كما فعلت بعض الوحدات العسكرية ضباطاً قيادة وافراد إبان انتفاضة صنعاء الأخيرة، وطوال الحرب ضد ميليشيا الحوثي وأعوانها وساهمت في سقوط صنعاء الحدث التاريخي المريع، في لحظة زمنية أفزع الناس وعاشوا شهوراً من الإحباط جراء الصدمة والذهول من فعل جيش بناه الوطن عقوداً واستنزف الخزينة وموارد الشعب ثم انحنى أمام أول مواجهة مع ميليشيات لا تحسن حتى لبس "البيادة" وامتشاق السلاح.

التعيينات الأخيرة في صفوف السلك العسكري والمدني في عدة قطاعات لأشخاص لا يملكون اية خبرة أو مهارة إدارية نظريه أو تطبيقية بدوافع القرابة والمعرفة والمكانة الاجتماعية، لم تكن موفقة بكل المقاييس بل كارثية لأنها لا تنم عن دافع وطني وتوضح بجلاء ان الهم الوطني لم يكن حاضراً في ذهن صناع هذه القرارات. والخوف كل الخوف ان يكون تقرير مصير الوطن حاضراً مستقبلاً في يد امثال هؤلاء!

ثقافة الارتجال والمحاباة وكسب الولاء في تولي الوظيفة العامة يجب أن تنتهي إذا أريد لهذا الوطن الاستقرار والعيش الكريم لأبنائه وتقديم، الأكفأ و الأكثر تأهيلاً والأقدر مهارة وخبرة للوظيفة والأكثر ولاءً للوطن و شعوراً بهم المواطن وحاجياته الضرورية. يحكم كل قراراته و تصرفاته دينه و ضميرة و حسه الوطني. على هذه المعايير ووفقاً لها يجب الالتحاق في الوظيفة العامة في كافة القطاعات المدنية والعسكرية للدولة برمتها.

ومع أسفنا الشديد لبعض القرارات الغير موفقه التي اتخذتها قيادة الشرعية والتي لا نرى اي ضير في نقدها بطريقة بنّاءة، بل ونحث على تكريس ثقافة النقد البناء والتعاطي معه بإيجابية مطلقة  (فلا خير فينا ان لم نُقل ولا خير فيهم ان لم يسمعوا)،  إلا أنه لا يجب أن تستغل هذه الأخطاء من قبل البعض لشن حملات شعواء ظالمة لا تخدم الا الحاقدين من أذناب إيران وبقايا قمامات الامامة والسلالة القادمة من وراء الحدود اليمنية، ومزاميرهم التي لم تفقه حتى بعد رميها خارج حدود اللعبة وهتك أستارهم وتمزيق كل ما عليهم من لباس. 

كما لا يجوز النيل من شخص الفريق علي محسن ورمزيته فهو آخر عمالقة الثورة والجمهورية ولا يجب تجاوز تاريخه الوطني المشهود. لا اقول هذا محاباة أو مجاملة ولكنها الحقيقة الساطعة التي تشهد بها جبال نهم وسهول مأرب، بل وكافة بقعاع الوطن، والتي إن اغفلها البعض أو عمل على تشويه ذلك الدور إلا أن التاريخ هو الحكم إن صح كُتَّابُه وسلمت من التزوير سجلاته ودفاتره. وليعلم العالم إنا.....

قد نهضنا للمعالي ومضى عنا الجمود*** ورسمناها خطى للعز والنصر تـقود

فتقدم يا أخا الأوطان قد سار الجنود*** ومضوا للمجد إن المجد بالعزم يعود

التعليقات