أمريكا "ترامب" ونزعة الصعلكة
الإثنين, 30 يناير, 2017 - 07:27 مساءً

أمريكا بلد القادمين والمهاجرين من كل أصقاع وبقاع الأرض، تعاهدوا على قوانين تحفظ تعدد أعراقهم ودياناتهم ومستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، حتى صارت ملاذاً آمناً للجميع، وليس لأحدٍ فيهم حق التميز والاصطفاء، باتت اليوم ضحية لنزعات وجنون الرئيس الأمريكي الجديد الذي تسكنه نزعات شيطانية جنونية والتي لن تقود العالم المتأثر بالسياسة الأمريكية إلا إلى مزيد من الفوضى والإضطراب.
 
ذلك لأن الرجل متخمٌ بالمال والمتعة والرفاهية، ولم يعوزه سوى الشهرة وتعميق بروز صداها، وليس لديه حلم الاستمرارية في السلطة حتى ما لا نهاية، لأنه يعلم أنها مرحلية حتماً ستنتهي، فيريد من خلالها فقط ترك البصمات التي ستدون في مذكرات حياته وفي سجلات تاريخ أمريكا المتخم بصنوف العنجهية والظلم والقتل خارج شرائع القانون الدولي.
 
أمريكا التي يدعي قادتها أنهم مسئولون أمام العالم على القيم والحقوق الإنسانية للإنسانية جمعاء، يرتكبون في حقها مالم يرد في كل قوانين الأرض، أو كتب السماء، بل و يلوون أعناق القوانين الدولية والمحلية وفقاً لمصالحهم، ومقتضى أمنهم، فيمارسون القتل خارج نطاق القانون، وبطريقة وحشية وبدائية لا تخضع لأي معيار من معايير العدالة في عصر صارت العدالة مطلب الشعوب ومفخرة لأربابها في شعوب أخرى.
 
ولولا الخجل السياسي البرجماتي، لأفصحوا عن ما قاله بعض الفلاسفة الذين صنفوا الجنس البشري إلى ثلاثة أصناف: منهم من خُلقَ من ذهب، وآخرين من فضة، والطبقة الدنيا من حديد، لسان حالهم اليوم الجنس الأمريكي الأوروبي المسيحي من ذهب، وكل من دونهم يستحقون البقاء على قيد الحياة فقط، أما من عاداهم وخالف أمرهم فتَحتُ الأرض أولى به ويستحق القتل بطائرات الدرونز، أو العمودية، أو بعيدة المدى مع حساب فواتيرها اللوجستيه على الشعوب الضحية.
 
معضلة الإرهاب الذي تكتوي بناره البلدان المنفلتة أمنياً، أشد من معاناة مالكي الدرونز والأساطيل العابرة للبحار، هذه المعضلة هي نتاجاً للحروب الأهلية بين أطرف صراع محلية تعمل بعضها لحساب أطراف دولية حتى أصبحت بيئة خصبة لتلك الجماعات ومرتعاً للتضخم والانتشار، ولن تأتي إلا بمزيدٍ من الظلم والدم والأشلاء وبكاء النائحات وتشرد اليتامى الصغار وفقر الكبار بل إن ذلك سيكون بمثابة الزيت الذي إذا أضيف إلى النار زاد اشتعالها.
 
وعلى ذلك فإن الجرائم التي ترتكبها القوات الأمريكية بحق المدنيين في اليمن ستعيد صناعة الإرهاب من جديد وستعيدنا إلى نتائج مربع الدعم الأمريكي للحرب ضد الروس في أفغانستان لأنها ستزيد من تهيئة الظروف للجماعات المتشددة من كل اتجاه عن طريق توفيرها لأسباب الإستقطاب والتعاطف وتعزيز صدق ما يتردد في حق قوى الظلم والإستكبار الشرقية والغربية ولن تقود ممارساتهم إلا إلى المزيد من الخوف والدم والإرهاب.
 
قوى دولية لن تدوم، ومؤشرات سقوطها شاخصة للعيان وسيجعل الله نهايتها بين عناصر بعضها فالجرائم التي ارتكبتها روسيا في حق الشعب السوري عارٌ في جبين البشرية والعالم المتحضر، وما ارتكبته أمريكا من قبل في حق الشعب العراقي الذي لم يرَ العافية بعدها، وما ترتكبه اليوم في اليمن من قتل خارج نطاق القانون بذريعة حماية الأمن الأمريكي فعلٌ يؤرق الضمير الإنساني على كل المستويات ويثير الكره والعداء  لكل أصحاب القرار وأذيالهم من الأنظمة المداهنة لتلك السياسات بدافع الخوف على ديمومتها أو خوفاً من نتائج غضب الهيمنة والجنون السياسي لساسة أمريكا الملطخ تاريخهم بدماء الأبرياء من الأطفال والنساء على امتداد مساحة الجرح النازف والألم المستمر.
 

التعليقات