فيصل علي

فيصل علي

إعلامي وأكاديمي يمني.

كل الكتابات
"نيو إسرائيل"
الخميس, 01 يونيو, 2017 - 09:45 مساءً

الإمارات لم تعتد على الشرعية وحدها في اليمن فقد تسببت في انهيار التحالف الذي تقوده السعودية، ليس في قاموس الإمارات رؤية أي نجاح لأسرة الملك عبد العزيز آل سعود، فلديها عداء لكل ما هو سعودي، وما استثمار الخلافات الطفيفة في أجنحة الحكم الملكي إلا دليل على طموح الإمارات للتفرد في تقديم خدمات خاصة للأمريكان في المنطقة، فهي تريد تقسيم السعودية إلى ثلاث أو أربع دويلات، هذا ما عناه العتيبة سفير الإمارات في واشنطن بقوله أمام قيادات عسكرية أمريكية رفيعة إن الإمارات تعني وجود شرق أوسط جديد، يقسم الدول الهامة في المنطقة وعلى رأسها السعودية.
 
الإمارات تنطلق من قاعدة الشعور بالنقص كدولة خلفية بلا تاريخ وبلا حضارة وبلا دولة مستقلة ذات سيادة وبلا شعب، فهي من حضن بريطانيا إلى حضن الأمريكان ويتخللها الراحة في حضن آيات الله في طهران، هذا الشعور هو من يقود الإمارات إلى إعاقة مسيرة الشعوب في دول الربيع العربي، والآن تعمل ما تستطيع عمله بين السعودية وقطر.
 
تحولت الإمارات بفضل ساستها الحكماء إلى "نيو إسرائيل"، بعد أن انصرفت الشعوب لحل مشاكلها الداخلية أولا وتركت التعلق بالعداء الوهمي لإسرائيل، العداء الشعبي لا يساوي شيئا في مقابل العلاقات السرية والعلنية التي أقامتها حكومات الفشل العربي مع إسرائيل دون مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني.
 
قدمت الإمارات الخدمات الأمنية لإسرائيل مباشرة منذ تدبيرها لحادث اغتيال المبحوح القيادي في حماس في أحد فنادق دبي في 19 يناير 2010 مع الموساد في أول عملية استخباراتية معلنة، وكانت هذه الحادثة بمثابة إعلان الدعم الأمني لإسرائيل من قبل أجهزة أمن الإمارات.
 
أرادت منافسة قطر في الذهاب إلى إسرائيل، فعبثت بكل القواعد الدولية المتبعة، فقطر التي تبيع الغاز لإسرائيل لا تدعم قتل الفلسطينيين، هذه هي الفكرة ببساطة، بل وتستقبل قطر الفلسطينيين على أراضيها، بينما الإمارات تستقبل دحلان قاتل ياسر عرفات في أراضيها، وصار يعمل ضمن تشكيلاتها الأمنية، العلاقات العربية الإسرائيلية ليست محل نقاشنا هنا، ولكن المثير للجدل هو تحول الإمارات إلى إسرائيل الجديدة باسم العروبة والعرب.
 
ما فعلته الإمارات بالشعب المصري لم تنوي إسرائيل مجرد نية لفعله، وما فعلته الإمارات في ليبيا غير خاف على أحد، وتزويدها لجيش الأسد في سوريا بالأسلحة معلوم للجميع، دعمت الإمارات بعض الجماعات التي تلبس ثوب السلفية في سوريا لأجل تشويه الجيش الحر والمقاومة كما فعلت في اليمن من دعمها لجيش "النكبة الحضرمية" والحزام الأمني في عدن لصاحبه الداعشي هاني بن بريك، ودعمها للمشبوه أبي العباس في تعز، السجون الإماراتية في حضرموت وعدن ارتكبت مالم يرتكبه الحوثي ذات نفسه في حق المعتقلين، وبنفس الحجج "عملاء للسعودية".
 
الغريب هو صمت المملكة عن الإمارات بل ودعم الإعلام الرسمي للإمارات ضد قطر، قناة العربية التي تمولها السعودية تنشر خبرا سخيفا كسخافة من يديرونها أن أسرة آل الشيخ تنفي صلة أسرة أمير قطر بها، تسطيح القضايا والدخول في أنساب الناس من مخلفات عصور الانحطاط، ما فائدة أن تكون ابن الإله وعملك عمل الشيطان؟ إنما يحكم للناس بقدر أعمالهم لا بقدر جيناتهم، مررنا في اليمن بمثل هذه المسألة، وانتساب الرجعية للبيت وآله لم تمنعهم من ممارسة كل صنوف العهر والتخلف، ولم تمنع شعبنا من الإطاحة بهم ومحاربة عنصريتهم، هنيئا لأسرة الشيخ بنسبها إذا وهنيئا للحكام بأعمالهم التي لن ينساها التاريخ.
 
هل تبخر الأمن القومي العربي فجأة وانتهى التحالف بالفشل؟ كل الدلائل تشير إلى استفادة إيران من كل هذا الذي يحدث في اليمن والخليج، وجود الإمارات منذ البداية في التحالف كان خطيئة، فنيو إسرائيل عدوها واضح وليست قابلة لتغيير سياستها، هي ليست فاهمة الموضوع خطأ ومع الأيام ستغير رأيها عند اكتشاف الحقائق على الأرض، أتت وهي تعادي حزب الإصلاح وسترحل وهي تعادي كل الشعب اليمني المسلم، باستثناء بعض المغفلين من مارب إلى عدن ممن استطاعت أن تضحك عليهم بثياب الإمارات التي يستحي المرء من ارتدائها، وممن انطلت عليهم حيلة اختلاط الدم الإماراتي بالدم اليمني، وفي الحقيقة لم يختلط سوى الدرهم الإماراتي ببعض الجيوب اليمنية، تقديم المرتزقة للحرب في اليمن لا يعني أن الجيش العربي الإماراتي الباسل موجود في اليمن، فدولة بلا شعب في الإمارات جيشها من المرتزقة في أحسن الحالات، وربما تكون مريم المنصوري هي العربية الوحيدة في كل هذا الجيش الإمارتي اللجب، وربما تكون من أصول هندية أو إيرانية كغالبية شعب الإمارات الشقيق.
 
برافو إسرائيل فقد خرجت من اللعبة، وبرافو نيو إسرائيل فقد ادخلك عيال زايد عدوا جديدا للعرب، وبعقال البعير أيضا، ورقصة الهجن، وبحمد الله صارت إسرائيل عربية مستعربة بنسختها الجديدة في الإمارات.
 
برافو جلالة الملك سلمان قد أوشك عيال زايد أن يهزموا المملكة في عهدك، في نهاية لعبة الشطرنج النتيجة الحتمية هي كش ملك يا جلالتك، فهل لعبت الشطرنج يوما ما وفهمت اللعبة؟
 
كل هذه الحجج يردون عليها باتهامات شخصية أنت إصلاح أنت إخوان، لا شيء مهم فكل من لا يقبل بتنجيس وطنه بدنس عيال زايد فهو إخوان حتى لو كان جده "الشبزي" عليه السلام، خرافة الإمارات ستجد قلوبا مفتوحة عند المؤدلجين فقط الذين ساندوها في الإطاحة بمصر والإطاحة باليمن عند اقتحام المرتزقة والغوغاء للعاصمة صنعاء، وعند إعلان فصيل الغوغاء المدعوم من الإمارات في عدن عن دولتهم غير اليمنية.
 
لا نية للإمارات أن تكون دولة ذات سيادة، ويعز على حكامها رؤية حكام المملكة العربية السعودية يتجهون نحو استقلال بلادهم وسيادتهم على أرضهم، فأقحمتهم في اللعبة.
 
لا أحد إلى الآن يزايد على الدور الريادي للمملكة العربية السعودية وخدمتها للقرآن والسنة والسعي للسلام، وقيادتها للأمة الاسلامية ستأتي كاستحقاق عن إنجازاتها في مختلف المجالات بدأً من خدمة الحجيج وانتهاء بلمها للمسلمين حول التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، كما جاء في فكر الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رضوان الله عليه، وبناء على هذه الفكرة نشأت المملكة العربية السعودية، فهل تتنازل اليوم المملكة وفي عهد جلالة الملك سلمان عن فكرة التوحيد العظيمة التي تبدأ من توحيد البشر لربهم وانتهاء بتوحيد فكرهم وأهدافهم كأمة بين الأمم؟
 
إذا كان هناك من خلاف للمملكة مع الإخوان المسلمين في مصر فهناك طرق لحل الخلاف، فالإخوان فكرة قابلة للنقاش وللتطوير والتعديل، ولا بد من مصالحة بين الإخوان والمملكة قبل ذهاب ذات الشوكة وقدوم مجوس إيران إلى المقدسات، النزاع هو سبب الفشل والإصرار على النزاع هو من سيجعل الله يتخلى عن الجميع فسننه الكونية أكيدة ولا تحابي أحد؛ “وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ".
 
الإخوان لا يمثلون سلطة دينية، بل يمثلون رأيا حرا وفكرا متحررا من التقليد، والدولة السعودية تجمع ما بين السلطة الدينية بحكم دعوة الشيخ التي هي سياج عقيدتها ووجود المقدسات على أراضيها، وبين السلطة السياسية كدولة لها ثقلها على مستوى العالم، باستطاعتها ليس كسب الإخوان، بل كسب المسلمين جميعا.
 
يعنينا التصالح بين المملكة والإخوان في مصر، كتهيئة للجبهة الداخلية للأمة العربية لمواجهة المد الفارسي، ولإصلاح البيت العربي الآيل للسقوط، خلاف المملكة مع الإخوان امتد تأثيره على محيط المملكة، وهو ما تستثمره الأجهزة الأمنية الإماراتية، وإعلامها لتخويف المملكة من كل ما هو إسلامي.
 
في اليمن مشكلتنا الانقلاب وما نتج عنه من تشرد وضياع ومعاناة وحرب لشعبنا، إخراج اليمن من هذه الحالة يتطلب فك الشرعية للارتباط بالإمارات نهائيا، فما تقوم به الإمارات أسوأ مما يقوم به الهمجي الحوثي، والأمر لم يعد قابلا للاحتمالات.
 
تستطيع المملكة الحفاظ على اليمن كدولة شقيقة للأبد، وتستطيع كسب 40مليون يمني في الداخل والخارج، بدلا من الانسياق خلف من يكنون للمملكة ولأسرة الملك عبد العزيز وأسرة آل الشيخ العداء، والتاريخ يسجل فهل يخرج سلمان المنطقة من أتون شرق أوسط إماراتي جديد أم سيسمح بتقسيم اليمن والمملكة على السواء؟
 
اللهم الهم عبدك وخادم الحرمين الشرفين سلمان لما فيه خير اليمن والسعودية والأمة الإسلامية والإنسانية كلها.

* من حائط الكاتب على فيس بك

*المقال يعبر عن رأي الكاتب

التعليقات