اليمن وشراء القتل والتدمير
الجمعة, 16 يونيو, 2017 - 05:26 مساءً

ما لم يؤخذ في الاعتبار بجدية، التوقع المبكر لرئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر، ومن جانب وزير الخارجية عبدالملك المخلافي في شأن الجولة الأخيرة للمبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ، التي كانت مسقط محطتها الرئيسية بأنها لن تفضي إلى نتيجة ل«دعم تجاوب الانقلابيين لوسائل السلام» وللتسوية السلمية.

لقد بات واقعاً تجسد في مواقف هذه الجماعة التعاطي مع المبادرة التي طرحت لحلحلة الجمود في المسار السياسي، وإطفاء حرائق الحرب الجهنمية، وتأكد بإعلان رئيس ما تسمى حكومة الإنقاذ التابعة للانقلابيين عبدالعزيز بن حبتور رفض تسليم ميناء الحديدة لجهة حيادية.

والأمور أفضت إلى هكذا نتيجة حتى الآن على الأقل، لكنها على أثر مفارقة عجيبة. من جهة أولى توقع الحكومة اليمنية من رفض الانقلابيين لم يقلل من فعالية دورها الذي اتسم بالمسؤولية، وهي أعلنت بحسب المندوبية الدائمة لها لدى الأمم المتحدة: «استعدادها الكامل لمناقشة تفاصيل المقترحات المتصلة بترتيبات انسحاب الميليشيات من محافظة الحديدة في ضوء مشاورات السلام التي رعتها الأمم المتحدة في الكويت العام الماضي، والتي وافقت عليها الحكومة اليمنية».

وأكدت الحكومة اليمنية «انفتاحها على كل المقترحات والأفكار التي تقدم بها المبعوث الخاص إلى الحكومة اليمنية من خلال لقائه بالرئيس عبدربه منصور هادي في 11 مايو/أيار الماضي، وسعياً نحو تجنيب الشعب اليمني مزيداً من إراقة الدماء واستعادة الدولة، وتحقيق الأمن والاستقرار، وفقاً للمرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالشأن اليمني، وعلى رأسها القرار 2216».

من جهة ثانية، تعامل الانقلابيون مع القضايا التي قدمها المبعوث الأممي في لقاءات مسقط كعادتهم، بمراوغة وتلاعب، وبدا ذلك سافراً من خلال موجات التسريبات المتناقضة. وفي هذا لم تفصل بين تسريب الموافقة وبين الرفض سوى دقائق، ولأيام معدودة، واللعبة هكذا دارت على ما طرح من مطلع المقترحات وحتى نقطتها الأخيرة.

السؤال: ما الذي قاد إلى هذه الحالة العبثية؟ الأسباب عدة ومنها:

} أولاً: الانقلابيون يلعبون على شراء الوقت لا لأنهم قادرون على تغيير الأوضاع لمصلحتهم، ولكن لأنهم باتوا في حالة مصيرية للاستمرار في مشروع القتل الذي بات مفتوحاً على مصير البلاد، وحياة العباد المأساوية في حالة من خليط الاعتقاد والانتقام والارتباط بالمجرة الإيرانية التي تدور في غير منطقة عربية.

ومن هذه القاعدة توفرت للانقلابيين فرص رفض التسوية الشاملة التي تضع نهاية للانقلاب، بمترتباته الارتدادية عن مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية، وهم يرفضون أيضاً الحلول الجزئية والمرحلية التي من شأنها التخفيف على المواطنين معاناتهم الأليمة.

} ثانياً: أغلب ما بات يواجه الأمم المتحدة دفع التسوية إلى الأمام يعود إلى الأمم المتحدة ذاتها، لأنها لم تتعامل مع الأزمة اليمنية من مدخل مواجهة الأولوية، وهي إنهاء الانقلاب، ومن ثم العودة إلى مسار العملية السياسية.

نعم، يبدو المبعوث الأممي الآن جاداً لكنه يحتاج إلى مراجعة المسار الذي قاد إلى هذا الوضع الذي انتقل خلاله الانقلابيون من وطأة الانقلاب على الشرعية الدستورية والعملية السياسية في مرحلتها الانتقالية، إلى صلفهم الأرعن في طرح الشروط، ورفض المعالجات، كما لو أنهم بجريمتهم باتوا كفة ذات وزن تحدد مصير البلاد وحياة العباد، عوضاً عن التراجع عن اللعبة التدميرية.

} ثالثاً: السبب الثالث يكمن فيما آلت إليه الأزمة اليمنية من تداعيات، وما ترتب عنها من كوارث الدمار والتشريد وانتشار الأمراض الفتاكة، وافتقاد الناس إلى أدنى حاجاتهم في كثير من المناطق.

نعم هناك ضجة، لكن ليس هناك من طحين، وهذا يعني أن الأطراف الدولية الفاعلة لا تتعامل مع الأزمة اليمنية بتداعياتها الكارثية على حياة العباد ومصير البلاد، بل وفق حسابات المصالح الخاصة.

هنا يمكن القول إن هكذا حسابات ساهمت في تداعيات الأزمة، وهذا لن يوفر فرصاً للأطراف الدولية المتنافسة، بل بات يمثل تحدياً جدياً لاستعادة زمام الأمن والاستقرار في هذه المنطقة ذات الأهمية على أمن وسلام ومصالح عالمنا العربي والإنساني.

ما المطلوب؟ المطلوب باختصار إنهاء الانقلاب، وقطع طريق شراء الدمار لليمن، والقتل لشعبه.

*الخليج 

التعليقات