التطرف الحداثي
الإثنين, 03 يوليو, 2017 - 06:42 مساءً

التطرف لا يحارب بتطرف معاكس، اتجهت الحكومات العربية لمحاربة الإرهاب من خلال المعتقلات والتعذيب، وتقييد الحريات، ولكن هذه الأساليب كبرت التنظيمات الإرهابية بدلا من تحجيمها.
 
محاربة التطرف لا يكون إلا من خلال تشكيل الوعي المجتمعي، من خلال التعليم والمنابر المتاحة هذا اذا سلمنا ان الإرهاب ناتج عن تشرب الشخص بمعلومات دينية مغلوطة، أما إذا كان سياسي فهذا شيء آخر.
 
شاهدت امس بعض المنشورات على عبدالله احمد العديني مارس أصحابها "الإرهاب" من خلال التحريض على قتل هذا الكهل الذي توقف عقله قبل سنوات عن إنتاج أفكار جديدة، ووصل الأمر بالبعض إلى درجة سب الرجل في عرضه، لم يتركوا فردا من عائلته إلا وقذف بأبشع انواع السباب.
 
 أحدهم كتب منشور يحوي مفردات "سكسية" للنيل من زوجة الرجل التي هي بمقام أمي وامهاتكم، ولا ذنب لها بالقصة المثارة، شعرت بالحرج وأنا أقرأ المنشور الذي كتبه الشاب "المودرن" ذو السكسوكة العريضة.
 
فيما ناشط آخر معروف بتعمده الخوض في حكايات جدلية بغية كسب المزيد من اللايكات والشهرة المفترضة، غرد من الرياض عاصمة، قائلا :أنا نصراني حتى يخرج العديني من الاسلام .
 
هذا الكائن المهووس بالاستعراض على الفيس بوك ذهب بعيدا ودون مسؤولية أخلاقية، ووصف اليمنيين بأنهم مجرد حيوانات شبقة، متجردين من العباءة الآدمية بقوله أنهم يمارسون الجنس مع الحمير والأطفال من الاولاد، هكذا وبكل صفاقة وحماقة والغوص في وحل اللاخلاقية.
 
هل يواجه التطرف بتطرف معاكس وانحدار أخلاقي؟ أم أن نواجه الأفكار المتطرفة بأفكار متنورة وعقلانية، ونحافظ على اخلاقيتنا.
 
لست مع العديني البتة وسبق لي أن هاجمته في فترات سابقة، ولكن هذه المرة لاحظت أن هناك حملة منظمة ضد الرجل، استغلت منشوره المستفز للنيل منه وتعنيفه وشيطنته، وبنفس اساليب الحملة التي تستهدف قطر ووصفها برعاية الإرهاب، والشيطان الأكبر.
 
 من المفارقة العجيبة ان الناشطين المؤيدين للسعودية والإمارات في الأزمة الخليجية والناشطين الداعمين لقطر، تجدهم دائما لا يتفقون في معظم الملفات الوطنية، إلا أمس اتفقوا برأي وأحد ضد العديني، ما جعلني اتمني ان تكون هذه الوحدة الطارئة بداية لوحدة في جميع القضايا الداخلية، وأن تشكل كتلة واحدة للدفع نحو المشروع الوطني الجامع، ودعوت الله أن يحقق لي امنيتي.
 
علق أحدهم من دبي ومن استوديو (سكاي نيوز) قائلا:العديني إرهابي ومفتي داعش بتعز، غرد وأحد آخر ولكن من الدوحة ومن استوديو(الجزيرة) متهكما :العديني مريض نفسيا، ويجب نقله للمصحة، فيما كل وأحد منهما له رأي معاكس بخصوص قائمة الإرهاب التي وضعتها السعودية ودول حلف مقاطعة قطر.
 
حقا "العديني" جمع الضدان في بوتقة واحدة...
 
توالت التغريدات من الناشطين والناشطات من إسطنبول، الرياض، القاهرة، الدوحة، أبو ظبي ،برلين، باريس، بيروت، ومن كل بقاع العالم يساريين، وقوميين ومستقلين  واسلاميين وهلافيت في الشرعية والانقلاب وكلهم يصرخون "العديني إرهابي".
 
يقال:إذا صرخ أربعين شخص في وجه شخص واشاروا له بأيديهم بأنه مجنون، فإن العقل الباطن للرجل يجعله يصدق أنه مجنون، ويصير مجنونا رسميا، ولا أدري إن كانت هذه المعلومة مثبتة علميا أو لا.
 
إذن مواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة بنفس الأسلوب وأن كان تطرف حداثي، فإنه ينتج مزيدا من التطرف، والمعلومات المظللة لا تواجه إلا بالمعلومات المنطقية، ونزوات النفس لا تواجه إلا بالعقلانية، والإساءة للمعتقدات تولد المزيد من المتطرفين، والخوض في الأعراض والتعرض لها يفقد صاحبه حجته وان كانت منطقية وواقعية.
 
 والأهم من ذلك ان لا نتوه في القصص الصغيرة والقضايا الهامشية ونفتعل معارك جانبية تلهينا عن قضيتنا المصيرية والتي إذا ما نجحت فإن هذه المشاكل الصغيرة ستذوب في مقررات المرحلة المستقبلية للبلاد.
 

التعليقات