ديكتاتورية الأغلبية وشبح الاستبداد
الخميس, 20 يوليو, 2017 - 07:33 مساءً

حتى وقت قريب كان البريطانيون يتحدثون بانزعاج شديد عن تفرد حزب المحافظين بالحياة السياسية بعد أن ارتفع رصيده الشعبي بثبات واستقرت مكانته في استطلاعات الرأي في القمة بفارق كبير جداً عن احزاب المعارضة ، وخاصة حزب العمال الذي يتناوب معه الحكم في دورات انتخابية برلمانية . 

كانت المخاوف تأتي من حقيقة أن أحزاب المعارضة دخلت مرحلة تراجع كبير .. وأن الديمقراطية التعددية مهددة بالسقوط في فخ الحزب الواحد لسنوات طويلة قادمة ، مما يعني أن شبح ديكتاتورية الأغلبية البرلمانية ستجعل تداول السلطة عملية مستحيلة من الممكن أن تتشوه معها الديمقراطية التعددية التي ظلت عنوان الاستقرار السياسي في هذا البلد العريق . 

سمعت هذا شخصياً من أحد قادة حزب المحافظين وهو يتحدث عن المخاوف من أن ضعف المعارضة سيؤثر سلباً على الحياة السياسية الديمقراطية ، وأن هذا الوضع قد يكون مريحاً لحزب المحافظين لكنه ينتج متاعب كثيرة على صعيد البلاد .. فمن وجهة نظره أن الأحزاب تتجدد دائماً بخروجها الى المعارضة . 

كان هذا حتى وقت قريب لا يتجاوز الثلاثة الأشهر فقط..

غير أن المجتمعات الحية لها كلمتها في الوقت المناسب .. فالسياسة تتحرك مع الحاجة المجتمعية ، وتحمل عناوين أكثر تجذراً في حياة الناس : الاقتصاد ، الصحة . التعليم ، السكن ، الأمن ، أحلام الشباب ،الرخاء الاجتماعي ، حقوق الانسان .. وهي لا تستقر على حال، وهي شديدة الحساسية عندما تطرح كبرامج للأحزاب في الحملات الانتخابية فإنها تقلب الطاولة وتعيد بناء المعادلات بصورة تعكس حيوية الديمقراطية في تقرير خيارات الناس. 

جرت الانتخابات البرلمانية واستعادت الحياة السياسية توازنها ، وتنفس البريطانيون الصعداء من أن ديمقراطيتهم لا تزال بخير .. لم يهتموا كثيرا بمشكلة ما يمكن أن يتمخض عن حكومة ( أقلية) من مصاعب في القرار السياسي قد تنعكس سلباً على البلد قدر اهتمامهم بالديمقراطية كقوة حقيقية بإمكانها معالجة الخلل باعتمادها على إرادة الناس واختياراتهم .

التعليقات