لماذا لا يتقدم "التحالف العربيّ" في اليمن؟
الإثنين, 31 يوليو, 2017 - 04:13 مساءً

شهد اليمن خلال الأيام القليلة الماضية تطورات عديدة على الصعد العسكرية وعلى جبهات مختلفة.
أحد التطورات الملفتة كان إعلان جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح سيطرتهم على عدة مواقع عسكرية سعودية في منطقة جيزان (معسكر الجابري ومواقع الفريضة وملحمة والغاوية)، فيما أفادت وسائل إعلام سعودية أن الشريط الحدودي لمنطقتي جازان ونجران شهد السبت معارك عنيفة، وأن اليمنيين شنوا هجوما كبيرا من ثلاثة محاور في منطقة الخوبة وسقام، وقال أحد المواقع السعودية الخاصة إن ضابطا سعوديا وأربعة جنود قد قتلوا.

التطور الثاني كان إعلان الحوثيين وقوات صالح استهداف بارجة عسكرية إماراتية قبالة السواحل الغربية لليمن بقارب مفخخ بالمتفجرات، وحسب الحوثيين فإن البارجة كانت تحمل مروحيات وأنها استخدمت «سلاحا نوعيا» أدى لإعطاب البارجة . قوات «التحالف العربي» أكدت الهجوم ولكنها قالت إنه استهدف ميناء المخا نفسه وأنه اصطدم بالرصيف البحري قرب مجموعة سفن مما أوقع انفجارا وأن اشتباكات لاحقة في شرق المخا أدت لمقتل سبعة جنود يمنيين و16 متمردا.

التطور الثالث كان استهداف الحوثيين، مجددا، مكة المكرمة، بصاروخ باليستي، وقامت قوات «التحالف» باعتراضه، معتبرة إياه «محاولة يائسة لإفساد موسم الحج».

التطور الرابع كان مقتل 20 جنديا يمنيا في هجوم شنه المتمردون على قاعدة عسكرية في محافظة تعز.

صحيح أن الحروب هي مدّ وجزر، وأن تصعيد الحوثيين وقوات صالح العسكري سيقابل بعمليات دفاعية وهجومية من قبل «التحالف العربي» لكن الصحيح أيضاً أن التدخل العسكري العربي الكبير الذي بدأ في آذار/مارس 2015 لم يؤد إلى تغيير جوهري في الصراع، وأن أوضاع اليمن الأمنية والسياسية وبناه التحتية والصحية تدهورت بشكل فظيع بعده، وأن لا إشارات حقيقية تبدو في الأفق لحسم مقبل للنزاع أو لتحسن، من أي نوع كان، على الأرض أو السماء أو حتى في المخيلة.

الناشطة الحقوقية اليمنية رضية المتوكل، أحد مؤسسي جمعية «مواطنة» المستقلة التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن لخصت الوضع في بلادها بقائمة للمعاناة اليمنية تتضمن مرض الكوليرا، والمجاعة، وقصف المناطق السكنية والأسواق والجسور والمدارس والمعامل، وتؤكد أن فريقي النزاع «استخدما أساليب التعذيب كطريقة منهجية لبسط السيطرة على المناطق التي تخضع لهما»، وأشارت إلى ارتكاب الجهتين جرائم تجنيد الأطفال والاعتقال التعسفي والاخفاء القسري.

يفسّر توصيف المتوكل لأوضاع اليمن وانتهاكات حقوق البشر فيه بعض الأسباب التي ساهمت، وتساهم، في عدم حسم أي من الطرفين للحرب الجارية، فإذا كان كلا الطرفين لا يحترم الشعب اليمني الذي يقاتل باسمه، وكان كلاهما يشارك في استهداف المدنيين واعتقالهم واخفائهم وتعذيبهم وتجنيد الأطفال فما هو الأمل الذي يقدمه أي من الطرفين للشعب اليمني كي يقاتل معه أو يتحمس لانتصاره؟

هل يستطيع اليمنيون الذين ثاروا عام 2011 لإنهاء حكم علي صالح المستبد، مثلا، أن يتجاهلوا أن السعودية هي التي أنقذت حياته وأعادت «تشكيله» بعد محاولة لاغتياله، وأن الإمارات ما تزال تحتضن ابنه وتخطط لعودته، وأن الإمارات، وهي أحد أهم دول «تحالف دعم الشرعية» تهين هذه الشرعية وتمنع رئيسها من الهبوط في عدن، وتدعم الجهات المنافسة للرئيس عبد ربه منصور هادي في جنوب اليمن، وأن هناك سجونا ومعتقلات لها تقوم على اعتقال وتعذيب اليمنيين، كما يفعل الحوثيون وقوات صالح وأحيانا بطرق أكثر فظاعة وشدة.

لقد تلاشت، للأسف، الآمال التي داعبت اليمنيين عند بدء التدخل العسكري العربي وتحوّلت الأحلام إلى كوابيس، فقد انقلب بعض المدافعين عن الشرعية إلى مقوضين لها وأصبحوا، ببساطة، واحدة من الجماعات التي تدافع عن مصالح دولة معينة وعن الجماعات والأشخاص الموالين لها وليس عن اليمن، وبذلك لم يعد هناك أبطال في اليمن، كما قالت متوكل، «بل مجرمون وضحايا»، وهذا، قد يفسّر، إلى حد كبير، لماذا يستنقع الوضع اليمني ويغرق «التحالف العربي»، مثل باقي الأطراف، في رمال اليمن المتحركة.
 

التعليقات