الرئيس الأمريكي ترامب والخليج وفلسطين
الجمعة, 22 ديسمبر, 2017 - 03:39 مساءً

صوّت المندوب الدائم للولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار المتعلق باعتبار القدس عاصمة إسرائيل باستخدام "الفيتو" حق النقض، الأمر الذي أدى بالمجتمع الدولي إلى التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة تحت بند "الاتحاد من أجل السلام" بموجب دعوة من قبل المجموعة العربية ممثلا عنها اليمن، ومجموعة الدول الإسلامية ممثلا عنها تركيا. وسوف تعقد الجمعية العامة الطارئة الخميس 21 ديسمبر الحالي. ويصل مقالي إلى الصحيفة قبل اجتماع الجمعية العامة الطارئ محددا الخلل الذي سيصيب المجموعة العربية عامة ومجموعة دول الخليج خاصة، الأمر الذي سيؤثر في مسار التصويت من قبل الدول الأخرى.

(2)

سبق اجتماع الجمعية العامة المشار إليه تهديدات أمريكية ابتداء على لسان المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستتخذ قرارات عقابية تجاه الدول التي ستصوت في الجمعية العامة على أي قرار يصدر عنها ترفض اعتبار القدس عاصمة إسرائيل، تقول "سآخذ أسماء الدول المصوتة ضدنا" تبعها تصريح من الرئيس الأمريكي نفسه قائلا: "إنهم يأخذون منا الملايين من الدولارات وحتى مليارات ثم يصوتون ضدنا، نحن نراقب تلك الأصوات، فليصوتوا ضدنا وسنوفر الكثير"، وقال: "لا حماية مجانية وعليكم فتح خزائنكم لنا وتسديد فواتير كاملة، وهذا لا يعفيكم من قانون "جستا" الشهير".

إنها دبلوماسية البلطجة والاستبداد والابتزاز، دبلوماسية التهديد والوعيد لمن سيصوت ضد الإرادة الأمريكية، وبهذا التهديد الصريح من قبل أعلى سلطة سياسية في الولايات المتحدة الأمريكية تسجل سابقة خطيرة في تاريخ الأمم المتحدة، صحيح حصلت سوابق كالتهديد بتقليل حصة أمريكا في ميزانية الأمم المتحدة، وتهديدات أخرى بطرد الأمم المتحدة من مقرها الحالي في أمريكا ولكنها لم تقدم على القول بتسجيل أسماء والتهديد بقطع المعونات لبعض الدول الفقيرة.

 الأمر المهم في حديث الرئيس الأمريكي ترامب توجيه حديثه غير المباشر للدول الخليجية المتفرقة المتنازعة بأنكم إن صوتم أو بذلتم جهودا لحشد دولي لصالح القرار الذي سيصدر عن الجمعية العامة فإنكم لا تلومون إلا أنفسكم، وستعاقبون عقابا شديدا، لا بصفتكم تتلقون معونات من أمريكا وإنما تحت ما يسمى بالحماية، فهل تستطيع الدول الخليجية بعد هذا التهديد الصريح أن تسير في غير طريق الإدارة الأمريكية؟

(3)

الجواب الأول جاء على لسان وزير خارجية مملكة البحرين نصه: "إن قضية فلسطين قضية جانبية وليس من المفيد إثارة الخلاف مع أمريكا بشأنها"، وزير خارجية البحرين التي تركض بلاده نحو إسرائيل تطبيعا وتعاونا غير مسبوق، والبحرين ليست من دول المواجهة، ولا تحتاج إلى كل ذلك الاندفاع نحو إسرائيل، مملكة البحرين في حماية الدول الخليجية، خاصة السعودية فهل يعني اندفاعها نحو إسرائيل عبر وفود رسمية وأخرى غير رسمية ودعوة المواطنين البحرينيين إلى زيارة إسرائيل، وتصريحات ضد مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني مؤشرات بحرينية رسمية بعدم الثقة في محيطها السعودي الإماراتي الكويتي وقدرتهم على حمايتها مثلا من إيران، مستثنيا دولة قطر من الدول الحامية للبحرين لأنها محاصرة من البحرين والسعودية والإمارات.

يعتقد الكاتب أن البحرين وما تفعل في السياسة الدولية والإقليمية في الوقت الراهن هي عبارة عن "مجس ألغام سياسية" مدفوعة ليس بحكم الاختيار وإنما تنفيذا لتوجيهات من خارج جغرافية أرخبيل البحرين لمعرفة ردود الفعل على ما تصنع الشقيقة البحرين.

(4)

صبيحة يوم الخميس، اليوم الموعود في الجمعية العامة للأمم المتحدة، سألت أكثر من سفير من الدول الإسلامية: ماذا سيكون موقفكم اليوم في عملية التصويت؟ البعض أجاب سننظر لوحة التصويت ماذا سيكون تصويت العربية السعودية لأنها أيضًا مشمولة بالتهديد وسنتبع تصويتها، أجاب آخر لا يهمنا تهديد أمريكا بقطع المساعدات عنا وسوف نصوت لصالح القرار. سفير لدولة إسلامية آخر قال إن القدس غالية عندنا ولن نرضى بأن تكون عاصمة إسرائيل، وهذا موقفنا منذ انضمامنا إلى الأمم المتحدة ولن نغيره.

والحق، أنه يوم عصيب على الدبلوماسية العربية أولا ودبلوماسية الدول الإسلامية ثانيا، وكتلة عدم الانحياز إن بقي لها باقية. إنه يوم كشف الحجاب عن وجوه الدول العربية. أمريكا رمت بكل ثقلها نحو إفشال جهود الجمعية العامة لإصدار أي قرار عنها لصالح فلسطين، وذلك عن طريق الاتصال بالعواصم وليس المندوبين فقط، ولا أظن أن زعيما عربيا واحدا قام باتصالات مع عواصم إسلامية يحضها على التصويت لصالح القرار المنتظر عرضه على الجمعية العامة.

آخر القول: تفكك العرب وحروبهم فيما بينهم، أدى إلى إضعافهم وضياع هيبتهم وتشتيت قواهم وتمكين العدو من رقابهم.

التعليقات