إعلام شاطح
الجمعة, 05 يناير, 2018 - 02:10 صباحاً

اثناء اعدادي لمادة عن أبرز الاحداث التي وقعت في #اليمن خلال العام 2017م ستنشر لاحقا في الموقع بوست عدتُ الى أكثر من 500 صفحة في الانترنت للبحث عن تلك الاخبار وتسلسلها الزمني.
 
ما لفت انتباهي هي تلك العينة من الاخبار التي كانت تنشر نقلا عن صحف خليجية أو كتبت في صحف يمنية بتأثير الحماس الباحث عن انتصار بعد حالة اليأس والقنوط منذ سنوات من قبل كتبة تلك الأخبار.
 
من تلك العناوين الاخبار التي كانت تتحدث عن مدد زمنية معينة وهي شطحات لقادة عسكريين يمنيين او في التحالف العربي كتحرير صنعاء خلال شهرين، أو السيطرة على الحديدة خلال اربعة أشهر، أو دخول ألوية جديدة للمعركة، أو وصول أسلحة حديثة ستحسم المعركة خلال أيام... إلخ.
 
وللأسف المحررين الذين ييتجاوبون مع تلك الاخبار إما يفعلون ذلك ثقة مفرطة بالمصادر التي ينقلون منها، أو تملئة فراغ خبري والبحث عن قراءة، فهي بالأخير عناوين وسرديات غير واقعية، والقصة هذه تتكرر من اندلاع عاصفة الحزم حتى اليوم.
 
الملفت أن اعلام التحالف العربي والشرعية اليمنية والاعلام المقرب لهما تنعدم لديه الواقعية عند تناول مثل هذه القضايا، وهو ما أثر على مصداقية هذا الاعلام وتأثيره، وجعله غير مجدي بالنسبة للمهتمين في الاعلام الدولي، وقلما تجد وسيلة دولية مهنية تستند الى روايات معتمدة على هذه الوسائل.
 
بعكس اعلام الحوثي والذي في أغلبه تضليل لكنه استطاع ان يتحول الى مصدر خبري للصحافة الدولية، فعلى سبيل المثال خبر المركبة التي استولى عليها لقي صدى واسع في الصحافة الدولية، والتي تناولته من زوايا مختلفة استنادا لمقطع فيديو بثه الحوثيون في وسائل اعلامهم.
 
هذه الواقعية المعدومة لاتزال تلقي بظلالها على الاداء الاعلامي لتحالف العربي بمختلف تنوعاته من التلفزيون الى الصحف الى المواقع الالكترونية، وحتى اداء الناشطين والاعلاميين الذين يدورون في فلك التحالف بوسائل التواصل الاجتماعي كتويتر والفيسبوك، (محمد العرب مثالا).
 
هذا التدني الذي ولد عدم الثقة في تلك الوسائل الاعلامية التابعة للتحالف بالذات لم يأتي من مشكلة مادية تجعله يبحث عن خبر جاهز ليبثه على متابعيه ومشاهديه وقراءه، بل لسوء إدارة المعركة الاعلامية والنظر إليها باعتبارها مجرد مهمة رسمية تواكب الموقف الرسمي للدول التي تتبعها تلك الوسائل، ولذلك يسعى هذا الخطاب الى متابعة وملاحقة الاحداث الرسمية دون الوقوف على حدث معين بتفاصيله الدقيقة وتقديمه للقارئ.
 
كما أن البعد السياسي لعب دورا في اضعاف هذا الاعلام، وعدم الثقة فيه، ولعل أبرز مثال على هذا مواكبة اعلام التحالف العربي لما جرى في صنعاء خلال الثاني والثالث من ديسمبر الماضي، فقد استقى معلوماته من ناشطين بعيدين عن الحدث، ولديهم حرص على توجيه رسالة معينة أكثر من تقديم خدمة خبرية جادة ورصينة.
 
ومن المؤسف أيضا أن تلك الوسائل وقعت عدة مرات في حالات من الكذب الواضح، لكن ذلك لم يقود الى تحسين اداءها، والاستفادة من التجربة، وعدم تكرار ذلك، بل نشهد تباعا العديد من السقطات.
 
مع العلم هنا فالحروب تؤكد أن الانتصار العسكري الميداني يرافقه اعلام ناجح، وأن الإخفاق العسكري يلتصق به أيضا اعلام فاشل، والاعلام الناجح هنا هو الاعلام الذي يدرك طبيعة المعركة والمهمة التي يقوم بها، وهي مزيج من الواقعية والدعاية الذكية والمقبولة، فلا تصبح دعاية فجة، ولا واقعية ميتة.
 
أذكر اني عملت في رصد الاخبار التي تنشرها الصحف الخليجية في دول الخليج الست منذ ابريل 2015م لمدة عشرة أشهر متتالية، ولازلت أحتفظ بذلك الأرشيف من الاخبار، وأجزم اليوم أن نمط الاعلام الخليجي لازال هو نفسه في اداءه وتناوله لما يجري، وكأنه في اليوم الأول للحرب، ولم يتغير في شيء، سواء تعزيزه لفقدان الثقة بنفسه بعد أزمة دول الخليج مع قطر، وما أعقب ذلك من دفق اعلامي وصل حد اعتبار تلك الوسائل صحف صفراء في المواد التي تبثها.
 
الحديث هنا يطول عن أبعاد هذا الأمر والاسباب التي قادت الى جعله اعلاما جامدا غير جدير بالثقة، لكن هناك خبرين جديدين نشرا في صحيفتين سعوديتين في الخمسة الايام الاولى من اول أشهر العام الميلادي الجديد.
 
الأول خبر في الشرق الاوسط عن اضراب شامل لموظفي الدولة والمحال التجارية في صنعاء كجزء من التصعيد ضد الحوثي، والثاني خبر في صحيفة الحياة اللندنية يقول أن "الجيش اليمني يستعد لاقتحام صعدة"، وحين تعود للخبر الأول تلحظ عدم إمكانية وقوع ذلك في الوقت الراهن، فلم التسرع في نشر أخبار من هذا النوع، أما حين تعود للخبر الثاني، فسترى أن نفس العنوان قد تكرر عدة مرات خلال السنتين الاخيريتين فقط.
 

التعليقات