الوديعة السعودية
الخميس, 18 يناير, 2018 - 10:56 مساءً

صديقي الذي شعر بالصدمةِ مع انهيار الريال، صرخ بالأمس: الحمد لله، لقد منحنا الملك 2 مليار كوديعة وانتهت المٌشكلة.!
 
يا عزيزي الشعوب لا تنهضُ على أكتافِ المساعدات الخارجية، و البلدان لا تقفٌ على سيقان الودائع والصدقات، الشفقة لا تبني إقتصاد البلد، وما من هبةٍ أو سٌلفة حررت وطناً من جحيم المذلّة، لا يمكنٌ الاتكاء على دعامات خارجية لتنتصب البلاد من عثرتها، كلّ تلك المساعدات عكاكيز لحظية و كلّ المنح والودائع مجرد مسكنات مؤقتة ما تلبث أن تزول؛ لتعاود المأساة انبعاثها ويستأنف الجحيم دورته ثم يذهبُ بنا نحو هاوية جديدة..!
 
لن تتعافى البلاد من أمراضها ما لم تفتش عن علاجها في الداخل، وما لم تستخرج دواءها من طينتها ستظلّ عالة ومريضة حتى زمن بعيد.
 
2مليار جديدة وضعتها السعودية كوديعة، ستذهبٌ مثلما ذهبت أموال قبلها، صحيح ستُجمد هرولة الريال_مؤقتاً_نحو القيعان؛ لكنّها لن تحلّ المشكلة، بالطبع يمكن الاستفادة منها بقدر ذكاء المدّبر، وجعلها بذرة للحفاظ على العملة والعمل على تنمية موارد البلاد الذاتية، أما أن تستمر سياسية العبث بالمال العام وهدر ما تبقى من إيرادات الشعب، فسوف نتخدر عام أو نصف عام ونفيق على انهيار جديد ثم نستجدي شفقة الخارج ونندب حظنا العاثر في الحياة مرة أخرى..!
 
خلق الله الكوكب ووزع الثروات بعدالة بين أراضيه، ثمة بلدان عرفت نقطة السرّ ونجحت في استثمار قواها الدفينة، نبشت في الأعماق حتى عثرت على كنوزها الطبيعة والبشرية وتمكنت من القيام بذاتها دونما تعاطف من أحد، وهناك بلدان_ ونحن منها_ ضلت طريقها نحو ذاتها وأبقت أياديها ممدودة للأخرين فلا هي تماسكت وتخلصت من أمراضها ولا هي فتشت داخلها وأعفت نفسها من ذلّ الحاجة واشتراطات السؤال..!
 
لعلّكم تتذكرون مؤتمرات أصدقاء اليمن، وتعهدات المانحين، تتذكرون الأرقام المهولة للتعهدات، من 3 مليار إلى 4 مليار، إلى 6 مليار، في مؤتمر نيورك ولدن و الرياض، منذ 2006 وحتى2015 عشر، وبصرف النظر عن الدول التي أوفت بتعهداتها أو تلك التي لم تفِ، فلا المبالغ التي حصلنا عليها حصنت بلادنا من الانهيار، ولا التي حُرمنا منها كانت سبباً في السقوط..!
 
سرّ الخلاص في العودة نحو الداخل، ومكمن للحل في إدارة رشيدة، تبدأ من هذا القليل وتبني عليه؛ لتنجو البلاد من محنتها ونتحرر من مهانة التسكع على أبواب الأخرين.
 
فقط، كفوا أياديكم عنّا ودعونا نتدبر حالنا بأنفسنا ولن نستجديكم منحة ولا صدقة أو وديعة بعد اليوم..!

*نقلا من حائط الكاتب على الفيسبوك

التعليقات