غضب أنقرة دفع واشنطن للتراجع عن "تشكيل قوة كردية" بالحدود..
- وكالات الجمعة, 19 يناير, 2018 - 09:23 مساءً
غضب أنقرة دفع واشنطن للتراجع عن

تراجعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطةٍ تهدف إلى تشكيل قوةٍ أمنية شمال شرقي سوريا وسط تصاعد التهديدات التركية بشن هجومٍ عابر للحدود ضد القوة الكردية المعنية.

لكنَّ وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو قال الخميس 18 يناير/كانون الثاني 2018، إنَّ اللغة الجديدة المُستخدمة لوصف ما جرى الإعلان عنه في بادئ الأمر باعتباره قوةً أمنية حدودية لم تُهدِّئ مخاوف تركيا بشأن علاقة الولايات المتحدة بأكراد سوريا، وفق ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية.
 
وأضاف تشاويش أوغلو لشبكة سي إن إن تورك الإخبارية أنَّ تركيا تمضي قدماً بخطةٍ لشن عملية عسكرية في سوريا، وأنَّها أرسلت رئيس هيئة أركان الجيش التركي، خلوصي آكار، إلى موسكو للحصول على موافقة روسيا. وتسيطر روسيا على المجال الجوي فوق المنطقة التي تستعد تركيا لمهاجمتها وبمقدورها إسقاط الطائرات التركية.
 
 النظام السوري يهدد
 
يقول نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، في بيانٍ نشره الإعلام الرسمي: "استعادت قوات الدفاع الجوية السورية كامل قوتها وهي مستعدة لتدمير أي أهداف جوية تركية فوق سماء الجمهورية العربية السورية".
 
ويهدد اندلاع حربٍ كهذه بتوريط الولايات المتحدة، التي تُعد حليفاً مقرباً من أكراد سوريا وتركيا وتجد نفسها في كثيرٍ من الأحيان عالقةً بين الطرفين.
 
وقال نيكولاس هيراس، من مركز الأمن الأميركي الجديد ومقره واشنطن، إنَّ الارتباك بشأن القوة الحدودية المزعومة ينبع على ما يبدو من نقص التنسيق في واشنطن بين فروع الإدارة الأميركية المختلفة المشاركة في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
 
وأضاف: "أظهرت أزمة عفرين إلى أي مدى يواجه صانعو السياسة الأميركية صعوبة في التعامل مع الشأن السوري . إنَّ سياستهم تتسم بالرعونة"
وفي هذه الحالة، أثار المسؤولون العسكريون الأميركيون غضب تركيا نهاية الأسبوع الماضي عندما أعلنوا أنَّهم يُدرّبون "قوةً أمنية حدودية" لحراسة محيط منطقة عفرين، التي تُمثِّل جيباً كردياً مُطوَّقاً يمتد على الحدود التركية صوب الشرق.
 
 القوة تعزز رؤية أوجلان
 
ومن شأن هذه القوة أن تُعزز الوضعية الناشئة للكيان الذي يقوده الأكراد، والذي أُقيم على أساس رؤية عبد الله أوجلان، القائد الكردي المسجون في تركيا بتهمة الإرهاب.
 
يرأس أوجلان حزب العمال الكردستاني، الذي يخوض تمرداً وحرب عصابات ضد تركيا. ويُعَد الحزب حليفاً وثيقاً لقوات حماية الشعب الكردية في سوريا، التي تُعَد المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، وهي القوة التي تشكَّلت عام 2015 لمحاربة تنظيم داعش وتسيطر الآن على شمالي شرق سوريا.
 
وتحتفظ الولايات المتحدة بحوالي ألفي جندي في المنطقة التي درَّبوا فيها مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية وقدَّموا لهم الاستشارات.
وأثارت التقارير المنشورة عن القوة الجديدة المزعومة غضباً في تركيا، التي لطالما اتهم قادتها الولايات المتحدة بتمكين الإرهاب بدعمها الأكراد في سوريا. وعبَّرت إيران أيضاً عن استيائها، وقالت الحكومة السورية أمس إنَّها ستبذل قصارى جهدها لإنهاء ما أسمته بـ"الوجود غير الشرعي" للولايات المتحدة في سوريا، وفقاً لما أوردته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) التي تديرها الحكومة.
 
في غضون ذلك، أرسلت تركيا دبابات وقوات إلى الحدود السورية، حيث تستعد على ما يبدو لشنّ هجومٍ على منطقةٍ أخرى يسيطر عليها الأكراد خارج المنطقة التي تُوجد بها القوات الأميركية.
 
 أميركا تعيد صياغة توصيفها للقوة الجديدة
 
وفي مواجهة احتمالية اندلاع حربٍ وشيكة قد تتورط فيها الولايات المتحدة وتُجبِر واشنطن على الاختيار بين حليفين مهمين، سارع مسؤولون أميركيون بإعادة صياغة توصيفهم للقوة الجديدة المُزمعة.
 
فقال وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، بعدما التقى نظيره التركي تشاويش أوغلو الأربعاء الماضي، 17 يناير/كانون الثاني 2017، في مدينة فانكوفر الكندية، إنَّ القوة "لم تُوصَف بشكلٍ صحيح".
 
وأضاف تيلرسون: "من المؤسف أنَّ الوضع بكامله قد صُوّرَ ووُصِفَ بشكلٍ خاطئ، والبعض يقول معلوماتٍ خاطئة. لن نُشكِّل قوةً أمنية حدودية على الإطلاق".

بدلاً من هذا، قال تيلرسون إنَّ الجيش الأميركي سيوفِّر تدريباً لبعض العناصر المحلية لمساعدتها على تأمين المناطق التي حُرِّرت من تنظيم داعش بمساعدة الولايات المتحدة في السنوات الثلاث الماضية.
 
وقال الجيش الأميركي في بيانٍ أُرسِل للصحفيين إنَّ القوة الجديدة "سينصب تركيزها على الداخل".

وأضاف البيان: "هذا ليس جيشاً جديداً أو قوة حرس حدود تقليدية. ينصب تركيز هذه القوات الأمنية على الشأن الداخلي لمنع مقاتلي داعش من الفرار إلى خارج سوريا. ستُعزِّز هذه القوات الأمن المحلي في المناطق المُحرّرة وستحمي السكان المحليين".

وتابع البيان: "تعي الولايات المتحدة تماماً المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا، الدولة العضو في التحالف الدولي لمحاربة داعش وفي حلف الناتو".

لكن تشاويش قال في حواره مع شبكة سي إن إن تورك إنَّ "تصريحات الولايات المتحدة لا ترضينا بشكلٍ كامل.. لا يزال انعدام ثقتنا في الولايات المتحدة مستمراً".
 
 
انعدام الثقة بين تركيا وأميركا
 
في خطابٍ يشير إلى تحولٍ في السياسة الأميركية، قال تيلرسون إنَّ قرار مد فترة وجود القوات الأميركية في سوريا إلى ما بعد تحقيق هدفها المعلن والمتمثل في هزيمة تنظيم داعش يُعَد ضرورياً لضمان أمن الولايات المتحدة وإسرائيل، وفقاً لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية. لكن بحسب الصحيفة نفسها، فسَّر دبلوماسيون غربيون تصريحاته الأخيرة الأربعاء الماضي بأنَّها تهدف لصياغة موقفٍ أكثر حزماًً تجاه إيران، التي نشرت قواتٍ في سوريا لدعم الرئيس بشار الأسد. وقال تيلرسون إنَّ الإطاحة بالأسد عبر عمليةٍ سياسية والتصدي للتوسع الإيراني في سوريا يُعَد عنصراً حيوياً لتحقيق الاستقرار في البلاد.
 
ووفقاً لفاينانشيال تايمز، علَّق دبلوماسي غربي على تصريحات وزير الخارجية الأميركي قائلاً: "الأمر يشبه الحرب الباردة. إذ ستُموِّل الولايات المتحدة أحد الأطراف المشاركة في الحرب كي لا تخسر فحسب، حتى وإن كان انتصارها مستحيلاً.. لا يبدو أنَّ الولايات المتحدة ستتخلى عن موقفها. لكنَّ داعمي النظام السوري لن يستسلموا أيضاً".
 
لم تكن كل ردود الأفعال تجاه خطاب تيلرسون سلبية. فبحسب صحيفة فاينانشيال تايمز، علَّق بعض قادة المعارضة السورية، الذين ضعف دورهم بعدما باتت الحكومة السورية صاحبة اليد الطولى في الحرب، آمالاً على بيان وزير الخارجية الأميركي على أساس أنَّه يشير إلى التزامٍ حقيقي بكبح النفوذ الإيراني والإطاحة بالأسد. فقال سمير نشار، وهو عضو في المعارضة السورية: "إنَّ حديثه (تيلرسون) عن التهديد الذي يفرضه وجود إيران والأسد على الشعب الأميركي مهم للغاية. الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة الآن التي تلفت الانتباه لجرائم الأسد".


التعليقات