تمثال سطيف بالجزائر وجدلية الفن والسياسة والأخلاق
- مونت كارلو الأحد, 01 أبريل, 2018 - 12:08 مساءً
تمثال سطيف بالجزائر وجدلية الفن والسياسة والأخلاق

يعود تمثال مدينة سطيف الجزائرية من جديد إلى واجهة الأحداث وذلك بعد حوالي ثلاثة أشهر من تخريبه من طرف أحد المتطرفين. وهو يعود هذه المرة من أروقة البرلمان بعد أن طالبت إحدى النائبات الإسلاميات وزير الثقافة عزالدين ميهوبي بنقل تمثال المرأة العارية إلى المتحف لأنه لا يحترم قيم المجتمع الجزائري. رد الوزير كان فوريا بالقول بأن النائبة هي التي يجب أن ترحّل إلى المتحف وليس التمثال وهو مما زاد من حدة النقاش.
 
وبغض النظر عن السياق الجزائري للجدل الحالي إلا أن حيثيات الموضوع تحيل على إشكالية عامة تطرح بحدة في المجتمعات العربية والإسلامية ومرتبطة بشكل كبير بمسألة التماثيل وموقعها في الفضاء العمومي. نقول ذلك ونحن نتذكر المصير التراجيدي الذي انتهى إليه جزء مهم من التراث الإنساني بعد تفجير تمثال باميان في أفغانستان بدعوى أن الإسلام يحرم تجسيد البشر. وكما في باميان اعتبر تمثال بوذا جارحا لإيمان المسلم حسب رأي طالبان فإن تمثال المرأة العارية عدّ جارحا لأخلاقه. لذلك جاءت الدعوة لحجبه بعيدا عن الأنظار احتراما لأخلاق الناس واحتشامهم. غير أن اصحاب هذا الرأي نسوا بأن أول من تصدى لعملية تخريب التمثال هم المواطنون الذين يتكلمون باسمهم. لذلك تعتبر الدعوة لحجب التمثال تكملة لعمل تخريبه لا أكثر.
 
فهذا الربط بين التمثال والأخلاق والدين مفتعل خاصة وأن المعلم قائم منذ نهاية القرن التاسع عشر. فهو معلم ينتمي أكثر إلى التاريخ المحلي خصوصا وإلى التاريخ الجزائري عموما لأنه يحيل على حقبة زمنية مهمة في تاريخ البلد.
 
إضافة إلى قيمته التاريخية فإن التمثال يبقى قبل كل شيء عملا فنيا يخضع لمنطق الفن أكثر منه لمنطق الدين والأخلاق. إذ لا يمكن تلخيص تمثال المرأة العارية لمدينة سطيف فقط في ذلك الجسد العاري. فهذه تبقى نظرة غرائزية للصورة ولجسد المرأة عموما. أي ذلك الجمال الغاوي الذي يلخص المرأة في البنية الذهنية التقليدية للمجتمعات العربية.
 
فما المانع بأن ينظر الشخص لتمثال امرأة عارية وأن يرى ما وراء الجسد والعراء؟ إن العمل الفني ينظر إليه بعين التجريد الفني وليس بعين التجسيد الجنسي. لا اعتقد بأن ذلك بصعب في المجتمعات العربية بالرغم من المنسوب المرتفع للمحافظة. إذ لم يمثل يوما مشكلا على ما يبدو لسكان المدينة الجزائرية. بل نكاد نجزم بأن المواطن قد تعود على مشاهدته ككل في الفضاء العمومي دون التركيز على التفاصيل. كل المشكل في الحقيقة يعود إلى الاستثمار السياسي باسم الدين.


التعليقات