تطورات الأزمة في اليمن .. احتشاد داخلي وقلق دولي وتوتر يتصاعد (تغطية موسعة)
- عامر الدميني الاربعاء, 08 نوفمبر, 2017 - 12:54 صباحاً
تطورات الأزمة في اليمن .. احتشاد داخلي وقلق دولي وتوتر يتصاعد (تغطية موسعة)

[ وزير الخارجية البريطاني مع نظيره الايراني ]

تتواصل تداعيات الأزمة اليمنية التي أفرزتها عملية إطلاق جماعة الحوثي في اليمن لصاروخ باليستي على مطار الملك خالد في العاصمة السعودية الرياض مطلع هذا الاسبوع، فيما بدأت ملامح تأثير الأزمة دوليا بالظهور، بالتزامن مع ردود فعل متواترة داخل اليمن.
 
واصلت المملكة العربية السعودية حشدها الاعلامي في اتهامها لطهران بالوقوف خلف دعم جماعة  الحوثي بالصواريخ، وأكدت أن الصاروخ الذي سقط في الرياض هو صاروخ إيراني الصنع.
 
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إن ضلوع النظام الإيراني في تزويد الميليشيات الحوثية التابعة له بالصواريخ يعد عدواناً عسكرياً ومباشراً من قبل النظام الإيراني، وقد يرقى إلى اعتباره عملاً من أعمال الحرب ضد المملكة.
 
اما وزير الخارجية السعودي عادل الجبير فقد ذكر في مقابلة له مع قناة سي إن إن الامريكية إن بلاده سترد في الوقت المناسب على الصواريخ التي أطلقتها الجماعة الحوثية بدعم من إيران.
 
الرد الحوثي
 
بعد مرور يوم واحد على الرد السعودي، سارعت جماعة الحوثي في صنعاء للرد على الحملة الاعلامية والتلويح العسكري للسعودية، وأصدر المجلس السياسي المشكل من تحالف الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بيانا اعتبر فيه إغلاق كافة المنافذ اليمنية يعد أقصى درجات النزال بالحرب، وتأكيدا بأن الحرب سعودية يمنية صرفه مدعومة من أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ضد شعب اليمن المظلوم.
 
وحذر المجلس من استمرار ما وصفه بالصمت العالمي المهين، وأعلن تحذيره لدول التحالف من مغبة تعنتها ورفضها للسلام الذي ندعو إليه ونؤكد عليه في كل مرة ونحذرها من استمرارها في العدوان والحصار وارتكاب المجازر.
 
وأشار المجلس الى ان تحالف الانقلاب يمتلك القوة الكافية للرد على أي عدوان يستهدف اليمن من التحالف العربي، وذكر أنه سيستهدف مطارات وموانئ الرياض وأبوظبي ردا على التصعيد السعودي.
 
اما خارجية تحالف صنعاء فقد اعتبرت أن إعلان التحالف العربي وآلته العسكرية إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية للجمهورية اليمنية يظهر بجلاء فشل وتخبط القيادة السياسية والعسكرية السعودية بعد حوالي ألف يوم من عدوانها الإجرامي على اليمن وشعبه.
 
وأكد المصدر لوكالة (سبأ) التابعة للحوثيين أن قوات التحالف العربي هي المسيطرة على كافة المنافذ بالمناطق المحتلة من اليمن وعلى حدود السعودية.
 
وقال إن الجمهورية اليمنية برغم دعوتها للتسوية السياسية وانتهاج مسار الحل السلمي العادل المشرف فإنها ليست كيان تابع للرياض أو أبوظبي تتلقى أوامره أو تهديداته، وسخر من تصريحات وزير الخارجية السعودية حول إيران ودعمها للحوثيين.
 
تبادل الاستهداف
 
وفي الوقت الذي واصل فيه طيران التحالف العربي غاراته في اليمن، واصلت جماعة الحوثي استهداف مواقع داخل المملكة العربية السعودية، وأعلن المتحدث الرسمي لمديرية الدفاع المدني بمنطقة نجران، النقيب عبدالخالق علي القحطاني، إصابة أربعة أشخاص في احياء سكنية بالرياض جراء سقوط مقذوف أطلقته جماعة الحوثي، ونشر موقع العربية نت صورا ومقاطع فيديو لمخلفات ذلك المقذوف.
 
أما طائرات التحالف فقد واصلت استهداف مواقع تابع للحوثيين داخل اليمن، وذكرت تقارير صحفية أن التحالف استهدف يوم الثلاثاء معسكرا تدريبيا للحوثيين في قرية حضن التابعة لمديرية ألفح اليمن بمحافظة حجة  بـ12 غارة جوية أدت لمقتل 50 متمرداً حوثياً، فيما شن التحالف غارات مكثفة على قاعدة الديلمي وثكنات للميليشيات شمال صنعاء.
 
وكانت الغارة التي استهدفت مدينة حجة قد تسببت في إثارة موجة من الجدل، بعد انتشار أنباء عن استهداف رئيس المجلس السياسي للحوثيين صالح الصماد في الغارة، وهو ما نفاه مصدر مقرب من الحوثيين في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية، فيما ظهر الصماد لاحقا في فعالية عسكرية للحوثيين بمحافظة الحديدة.
 
تفاعل دولي
 
على المستوى الدولي فقد كان النصيب الأكبر من التفاعل يصب في خانة تأييد المملكة العربية السعودية، فقد نقلت رويترز عن واشنطن ترحيبها بالتصريحات السعودية التي تظهر "دور إيران الشرير" في اليمن، وقال البنتاجون إن  أمريكا والسعودية تعملان لمحاربة نفوذ إيران المزعزع للاستقرار بالشرق الأوسط ومحاربة المتطرفين.
 
أما وزير الخارجية البريطاني، فقد أعرب عن إدانته لإطلاق الحوثيين الصاروخ على الرياض، وفق ما أوردته وكالة الأنباء السعودية، وأكد وقوف بريطانيا مع المملكة في مواجهة التهديدات الأمنية.
 
روسيا كان لها موقف ربما اتسم بالحياد وعدم الإنحياز كما فعلت لندن وواشنطن، وأعلنت وزارة الخارجية الروسية الثلاثاء، أن موسكو قلقة إزاء تطورات الأوضاع في اليمن بعد عملية اطلاق الصاروخ نحو الرياض.
 
وأشارت الخارجية الروسية في بيان لها إلى أن اطلاق الصاروخ واغلاق المنافذ اليمنية تثير قلقا عميقا لدى موسكو. وهذا ينطوي على خطر تصعيد الأعمال القتالية وزيادة أعداد الضحايا بين المدنيين ومزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن".
وأضافت الخارجية "نحن على قناعة بأن مثل هذا السيناريو لا يصب في مصلحة تسوية النزاع في اليمن بأسرع ما يمكن، ويبعد آفاق استعادة الاستقرار في البلاد والوفاق الوطني".
 
بالنسبة لإيران فقد نفى وزير الخارجية الإيراني: اتهامات السعودية لبلاده بشأن اليمن، واعتبر ذلك سلوك خطير يخالف القانون الدولي.
 
وأكد ظريف خلال اتصال هاتفي مع نظيره البريطاني بوريس جونسون، رفض طهران مزاعم المسؤولين السعوديين المغلوطة والخطيرة، والمتعارضة مع القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة.
 
وأشار ظريف الى الاجراءات الاستفزازية السعودية في المنطقة، رافضا المزاعم المغلوطة والخطيرة للمسؤولين السعوديين، التي تتعارض مع القانوني الدولي وميثاق الامم المتحدة.
 
مؤخرا بعثت إيران رسالة مجلس الامن بشأن ما تصفه باستفزازات السعودية، ورفضت ايران في رسالتها الاتهامات السعودية التي تتهمها بتزويد الحوثيين بالصواريخ، واعتبرت طهران تلك الاتهامات تهديدا باستخدام القوة.
 
التفاعل الانساني ساحة أخرى
 
في الجانب الانساني أدى إعلان المملكة العربية السعودية إلى إغلاق الاجواء اليمنية في البر والبحر والجو الى تفاعل انساني واسع النطاق، حذر في مجمله من تداعيات هذا الاعلان.
 
فقد قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن تأثير قرار اغلاق المنافذ بدأ بالفعل يؤثر على حياة الناس داخل اليمن.
 
وقال يانس لاركيه المتحدث باسم المكتب إن قطع خط الإمدادات سيعمق انعدام الأمن الغذائي ويزيد الأزمة الإنسانية. ودعا المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى مواصلة فتح المعابر الجوية والبرية والبحرية اليمنية للسماح بدخول صادرات الغذاء والوقود والأدوية إلى اليمن، أما اللجنة الدولية للصليب الأحمر فقد دعت إلى إبقاء الحدود مع اليمن مفتوحة لدخول المساعدات.
 
منظمة هيومان رايتس وتش اعتبرت في إحاطة لها الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون بإتجاه الرياض جريمة حرب، لكنها الهجوم غير القانوني الذي قام به الحوثيون لا يبرر أن تزيد السعودية من الكارثة الإنسانية اليمنية بزيادة القيود على المساعدات وإمكانية الدخول إلى اليمن.
 
وقالت هيومن رايتس ووتش إن ادعاءات التحالف السابقة بأنه سيلتزم بالقانون الدولي لدى فرض حصار تبين أنها غير صحيحة.
 
وحذرت لجنة الشئون العربية بمجلس النواب المصري من أن خطر الحرب في اليمن يهدد اليمنيين ويزيد من الكوارث الانسانية،  وأكدت اللجنة مواقفها الثابتة بشأن دعم مؤسسات ورموز الدولة الشرعية فى اليمن، وأهمية الاضطلاع بمسئولياتها من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي اليمنية، ومصالح الشعب اليمنى الشقيق.
 
وناشدت اللجنة الأطراف السياسية اليمنية المختلفة بالعمل على تحقيق التوافق وعدم اللجوء الى استخدام القوة، وأن تتمسك بقيم الوحدة وتنحية الخلافات والحفاظ على أمن وسلامة اليمن الشقيق.
 
الصدام المباشر
 
تشير تطورات الاحداث الى أن التصعيد الاعلامي المتبادل بين الحوثيين والسعودية من جهة وإيران من جهة اخرى، قد يقود الى احتمالات تفجر الوضع العسكري في المنقطة، فيما يعتبرها البعض حربا اعلامية متبادلة ستقود الى تفاهمات قادمة.
 
وقال المستشرق الروسي المستشرق بوريس دولغوف وهو باحث في مركز الدراسات العربية والإسلامية التابع لمعهد الاستشراق لدى الأكاديمية الروسية للعلوم حول ما إذا كانت أرض اليمن ستصبح ساحة لمواجهة عسكرية مباشرة بين طهران والرياض، إن "قرار إغلاق الموانئ اليمنية الحالي هو "مجرد استمرار للمواجهة بين السعودية وإيران"؛ مضيفا أن الرياض، التي تدخلت في الصراع اليمني الداخلي إلى جانب القوات الحكومية، هي التي أثارت رد فعل الحوثيين، وأن "إطلاق الصاروخ الأخير لم يكن الأول خلال الصراع.
 
ويضيف الخبير أننا "نتعامل مع تفاقم خطير للوضع، ربما يؤدي الى تصعيده، ولا يُستبعد أن ينجم عنه تفاقم في الوضع الداخلي في المملكة السعودية ذاتها، ولا سيما أن جزءا كبيرا من سكان المملكة الشيعة، يقيمون في المنطقة الشرقية من البلاد وعلى الحدود مع اليمن، ويتعرضون لاضطهاد السلطات السعودية"، - وفقا لرأي الخبير.
 
أما بشأن المواجهة العسكرية المباشرة بين السعودية وإيران، فإن المستشرق الأكاديمي بوريس دولغوف لا يستبعد أن تزيد الرياض من ضغطها العسكري في اليمن، وليس أكثر من ذلك".
 
في صحيفة واشنطن بوست قال الكاتب الامريكي ماكس بيريك إن خطوة المملكة العربية السعودية الاخيرة في اليمن مجرد توبيخ علني لإيران بعد محاولة صواريخ يوم الأحد.
 
ونقل عن بعض المسؤولين في المجال الإنساني وصفهم بأن اغلاق المنافذ اليمنية من قبل السعودية يعد أحدث مثال على فرض الرياض عقابا جماعيا على اليمنيين أثناء محاولة كسر الحوثيين.
 


التعليقات