حزب الإصلاح والسعودية .. تاريخ من علاقات تحكمها المصلحة وتحركها السياسة
- عامر الدميني السبت, 11 نوفمبر, 2017 - 09:30 مساءً
حزب الإصلاح والسعودية .. تاريخ من علاقات تحكمها المصلحة وتحركها السياسة

[ لقاء قيادات الاصلاح بولي العهد السعودي هو الأول من نوعه منذ ثلاث سنوات ]

اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان بقيادات من حزب التجمع اليمني للإصلاح في العاصمة السعودية الرياض أمس الجمعة ولد العديد من الاسئلة حول علاقة الحزب بالمملكة، ومستقبل التعاون بينهما، ودلالات هذا اللقاء الذي يعد الأول رغم انتقال قيادات الحزب الى الرياض قبل ثلاث سنوات.
 
يعد حزب التجمع اليمني للإصلاح أحد أبرز الاحزاب السياسية في اليمن، وثانيها من حيث الانتشار والتواجد المحلي، وأولها من ناحية البناء التنظيمي والتأثير السياسي، وينتمي للتيار السني المعتدل، ولديه رصيد سياسي ووطني بدأ منذ إشهار الحزب في الـ13 من سبتمبر/أيلول 1990م، بعد أربعة أشهر من اعلان التعددية السياسية في البلاد، عقب تحقيق الوحدة اليمنية في الـ22 من مايو/أيار 1990م.
 
علاقة قديمة
 
علاقة الحزب بالسعودية تبدو قديمة، وتعود الى ما قبل اعلان التعددية السياسية، وذلك عبر الشخصيات التي عُرفت بقربها من السعودية، وعلاقتها الجيدة بها، كالشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، المعروف تاريخيا بعلاقته الوثيقة بملوك السعودية وامرائها.
 
ومع إقرار العمل بالتعددية السياسية تبوأ الشيخ عبدالله الاحمر (1933-2007)  منصب رئيس الهيئة العليا للحزب لفترات مختلفة حتى وفاته، ومنحت علاقته الجيدة بالسعودية الحزب زخما كبيرا واسنادا سياسيا واسعا، استفاد منه الحزب على مختلف الأصعدة، وفي جل محطات ومنعطفات التجربة السياسية التي عاشتها اليمن في عهد الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
 
وخلال العقود الثلاثة الماضية ظلت مواقف الحزب السياسية تدور بالقرب من التوجهات العامة للسعودية تجاه اليمن، ولم يسبق للحزب أن تبنى موقفا يغضب الجار السعودي، بل حافظ على علاقة متميزة مع قيادات المملكة المتتالية، ولم تتأثر تلك العلاقة برحيل الملوك السعوديين او صعودهم.
 
ورغم حالة التوتر التي كانت تشوب العلاقات اليمنية السعودية على مستوى القيادات السياسية في كلا البلدين في أكثر من محطة، إلا أن قيادات حزب الاصلاح سعت إلى ايجاد توازن عقلاني، وتجنبت المواقف السلبية تجاه المملكة، سواء عبر البيانات السياسية للحزب، أو حتى وسائل الاعلام التابعة له، أو المقربة منه.
 
ومثلت الثورة الشعبية التي انطلقت في 11 فبراير/شباط من العام 2011م ضد نظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح المحطة الأهم في مواقف الحزب داخل اليمن، وجاءت بعد وفاة الشيخ الأحمر، الذي كان يحتفظ بعلاقات مرنة مع جميع القوى السياسية في الداخل، وكانت له مواقف مغايرة لموقف حزب الاصلاح الذي رأس هيئته العليا، ففي الانتخابات الرئاسية التي جرت في العام 2006م، أيد الشيخ الأحمر انتخاب علي عبدالله صالح، فيما اتخذ الاصلاح قرارا بدعم مرشح أحزاب اللقاء المشترك حينها الراحل فيصل بن شملان، وقال الأحمر حينذاك كلمته المشهورة: "جني تعرفه ولا إنسي ما تعرفه".
 
دفعت الثورة الشعبية حزب الاصلاح الى الافتراق الكلي مع علي عبدالله صالح الذي تحالف معه في وقت سابق، وأعلنه مرشحا للرئاسة في العام 1999م، وتحالف معه في السابق خلال فترة الثمانينات، ثم لاحقا في ظل دولة الوحدة، وتوج ذلك بالائتلاف الحكومي الذي تشكل من الحزبين عقب نهاية ما يعرف بحرب الانفصال في العام 1994م.
 
وعندما أُعلن عن المبادرة الخليجية كخارطة طريق للوضع في اليمن أثناء الثورة الشعبية، كان حزب الاصلاح أحد الموقعين على تلك المبادرة التي حظيت برعاية من الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، ووقع الحزب عليها مع أحزاب أخرى، ضمن طرفين سياسيين يمثل الاول الرئيس المخلوع وحلفاؤه من الاحزاب الاخرى، والثاني أحزاب اللقاء المشترك وشركائها.
 
فترة الربيع العربي
 
ومع انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي كرئيس توافقي بموجب المبادرة الخليجية في 21 فبراير/شباط 2012م، انخرط حزب الاصلاح مع بقية الاحزاب في الائتلاف الحكومي الجديد، الذي تمخض عنه تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة (2011-2014)، وشارك الحزب في مؤتمر الحوار الوطني، وكان أحد الموقعين على وثيقة مخرجاته.
 
كانت فترة ما بعد العام 2011م أكثر الفترات حساسية في المنطقة، بعد الزلزال الكبير الذي أحدثه الربيع العربي في كلا من مصر وتونس وسوريا وليبيا واليمن، ومثل صعود جماعة الاخوان المسلمين في مصر الى السلطة، قلقا كبيرا في المنطقة، خاصة لدى دول الخليج التي شعرت بالخوف من الصعود السريع لجماعات الاسلام السياسي في تلك البلدان، خصوصا التنظيمات المحسوبة على جماعة الاخوان المسلمين.
 
ورغم أن القلق لم يكن مبررا حينها لدول الخليج للتخوف من هذا الصعود للأحزاب السياسية ذات التوجه الاسلامي، إلا أنها واصلت تربصها بالأنظمة الجديدة التي أفرزتها الارادة الشعبية، وخاصة الجمهورية المصرية، وكان إسقاط حكم الاخوان في مصر، ودعم المشروع الانقلابي للنظام الجديد، أبرز تجليات حالة الحساسية المفرطة من تيار الاخوان المسلمين.
 
لم تكن اليمن تمثل استثناء من تلك التطورات والتوجهات، فمثلما تأثرت الساحة اليمنية بنجاح الربيع العربي في مصر والاطاحة بنظام حسني مبارك، فقد تأثرت ايضا بالإطاحة بنظام الحكم الذي مثله الاخوان المسلمين هناك، وكان لذلك صدى واسعا في اليمن وغيرها من بلدان الربيع العربي.
 
أغرى نجاح الانقلاب في مصر داعموه الخليجيين خاصة السعودية والامارات لتطبيق التجربة في بقية دول الربيع العربي، ومنها اليمن، ومنذ 30 يونيو/حزيران من العام 2013م، (تأريخ الثورة المضادة في مصر) بدأت في اليمن ملامح حياة سياسية جديدة اتسمت بالفوضى والأزمات، التي وقف خلفها جهات وشخصيات تنتمي لحزب الرئيس المخلوع عبدالله صالح وأطراف سياسية أخرى، وشهدت اليمن حراكا اعلاميا غير مسبوق من التحريض والتخوين طال حزب التجمع اليمني للإصلاح أكثر من غيره، وكانت التهمة الجاهزة والمفصلة هي أخونة الدولة، وهو مصطلح اتهم به حزب الإصلاح بالاستيلاء على مؤسسات الدولة وتعيين اعضاءه فيها، وكانت تلك مبالغة واضحة، وشماعة لتوجيه الضربات للحزب.
 
أفضت تلك  التطورات الى استيلاء جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، في أسوأ انقلاب شهدته وتشهده البلاد، ورغم تماسك حزب الاصلاح حينها، إلا أنه بدا للمرة الأولى بلا دعم سعودي مساند، واتضح لاحقا أن الحزب كان هو المقصود من الانقلاب الذي نفذه الحوثيون بالتحالف مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، ويحكي أحد قيادات الحزب أن تواصلهم كان مفتوحا مع السفير السعودي في صنعاء، وحين كانت مليشيا الحوثي على أبواب صنعاء سعت قيادة الحزب للتواصل مع السفير لكنه تجاهل الرد على اتصالاتهم، بل إن الصحافة اليمنية حينها كشفت عن لقاء للسفير السعودي مع قيادي في جماعة الحوثي داخل مبنى السفارة بصنعاء ناقش عملية توجيه ضربة حاسمة وسريعة لحزب الإصلاح، وتسلم ممثل الجماعة الحوثية، أموال طائلة لتنفيذ تلك المهمة.
 
عقب ذلك فضل الحزب عدم الدخول بمواجهة مسلحة مع المليشيا القادمة التي لم تخفي اعلانها باستهداف حزب الاصلاح، وظهر زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي في أكثر من خطاب مهاجما للإصلاح، واصفا اعضاءه بالدواعش.
 
عاصفة الحزم مرحلة جديدة
 
حين أعلنت المملكة العربية السعودية عن انطلاق عاصفة الحزم العسكرية ضد التحالف الانقلابي في اليمن ليلة السادس والعشرين من مارس/آذار 2015م، كان حزب الاصلاح أول الاحزاب التي أعلنت تأييدها للعملية العسكرية في بيان واضح، ودفع الحزب ثمن ذلك الكثير إذ شنت المليشيا الحوثية حملات واسعة من الاختطافات لقيادات الاصلاح، ونهبت منازل لقيادات أخرى، واحتلت مقرات الحزب في أكثر من مدينة.
 
ومثلت عاصفة الحزم بداية جديدة لحزب الاصلاح في علاقته مع المملكة العربية السعودية، والتي فرت إليها قيادات الحزب، ووسائله الاعلامية، وكثير من أنصاره، بما في ذلك الشيخ عبدالمجيد الزنداني الذي صنفته واشنطن ضمن قائمة الإرهاب في اليمن منذ وقت مبكر.
 
في الرياض شارك الحزب في الحكومة الجديدة، وبات اثنين من قياداته (محمد اليدومي وعبدالوهاب الانسي) ضمن الهيئة الاستشارية للرئيس عبدربه منصور هادي، وهي هيئة أنيط بها مناقشة مختلف المستجدات المتصلة بالوضع في اليمن.
                 
كما أنخرط اعضاء الحزب في المقاومة الشعبية التي تشكلت في أكثر من مدينة يمنية لقتال مليشيا الحوثي، وحققوا نجاحا صمد في وجه آل القتل الحوثية كما في مدينة تعز (وسط اليمن)، وخسر الاصلاح جراء ذلك العديد من قياداته وكوادره واعضاءه.
 
عودة التخوين
 
وخلال الحرب الجارية للتحالف العربي في اليمن عادت الى الواجهة مرة أخرى حالة التربص والتشكيك والتخوين لحزب الإصلاح، ودوره الميداني، خاصة دولة الامارات العربية المتحدة، التي لديها عداء مفتوح مع الاحزاب المحسوبة على الاخوان المسلمين، ولم تستثني من ذلك حزب الاصلاح، رغم إعلان الحزب على لسان رئيس هيئته العليا عدم وجود أي علاقة لحزبه بجماعة الاخوان المسلمين، واصفا الحزب بأنه تنظيم يمني يحمل أجندة وطنية لا خارجية.
 
تعاملت الامارات بعداء مع حزب الاصلاح خاصة في المناطق الجنوبية التي تحررت من المليشيا الانقلابية، وسيطرت عليها القوات الامارتية، وسعى الاماراتيون الى محارية وإزاحة كل شخصية تنتمي لحزب الاصلاح، أو تشك في ولائها له، ولذلك وقفت خلف قرار إقالة نايف البكري الذي عينه الرئيس هادي محافظا لعدن قبل أن يؤدي اليمين الدستورية.
 
وتطور الأمر الى اتخاذ مواقف معلنة من الحزب، واتهامه بعدم قتال الانقلابيين، بل والتحالف معهم، وشنت وسائل الاعلام التابعة لدولة الامارات والمدعومة منها هجوما اعلاميا ضد حزب الاصلاح، ووضعته في مكانة واحدة مع جماعة الحوثي، وتنظيمي داعش والقاعدة.
 
ومثلت محافظة تعز النموذج الأكبر في سياق الحرب التي شنتها دولة الإمارات على حزب الاصلاح، وردد مسؤولين اماراتيين أكثر من مرة بأن حزب الاصلاح هو من يقف وراء تأخر تحرير تعز، بينما أثبتت الاحداث لاحقا أن الإمارات هي من وقفت أمام عرقلة تحرير تعز مخافة أن يشكل ذلك مكسبا ونصرا لحزب الاصلاح الذي يتمتع بحضور واسع في تلك المدينة.
 
أزمة قطر منعطف جديد
 
ومع حدوث الأزمة الخليجية التي تسببت بها كلا من السعودية والإمارات والبحرين ومصر في حصارها لقطر، كان حزب الاصلاح على موعد جديد مع تهم أخرى تطارده، وحبائل متحركة رميت في طريقه من حيث لا يحتسب.
 
كانت التهمة الجاهزة هذه المرة هي الولاء لقطر، وتلقي الدعم منها، والاشتراك معها في مخططات تضر بأمن الخليج، وتولت دولة الإمارات ووسائل اعلامها الترويج الأكبر لتلك التهم، والتي وصلت حد اتهام الاصلاح بالتنسيق مع القاعدة وداعش والحوثيين بدعم قطري لنشر الفوضى في اليمن.
 
وواصل الاعلام الخليجي تحريضه طوال الأشهر الماضية ضد حزب الاصلاح، باعتباره أحد  اذرع قطر في اليمن، بل إن صحف اماراتية كالبيان نشرت قائمة بأسماء صحفيين موالين لحزب الاصلاح باعتبارهم محرضين ضد التحالف العربي ويعملون من داخل المملكة العربية السعودية، في تحريض واضح، ونكسة أخلاقية تفتقد للمهنية والصحة واللياقة.
 
وكنتيجة لحالة التحريض التي لم تتوقف في الاعلام الاماراتي طالت الحزب في عدن التي تسيطر عليها الامارات العديد من الأضرار والانتهاكات، كإحراق مقراته، وسجن قياداته، والتحريض على أعضاءه.
 
لقاء ولي العهد السعودي
 
أمام هذا الواقع جاء لقاء ولي العهد السعودي بقيادة الاصلاح ليمثل صفحة جديدة في مسيرة الحزب وعلاقته بالمملكة، فرغم أن السعودية تشارك الامارات حالة العداء لجماعات الاسلام السياسي، إلا أن السعودية كانت أكثر تحفظا ومرونة في تعاملها مع حزب الاصلاح على المستوى الرسمي، ولم تسجل حالات تحريض كبيرة بحق الحزب في وسائل الاعلام السعودية، كتلك التي تتضمنها صحف الامارات بمختلف انواعها، باستثناء تغريدات لبعض الشخصيات السعودية التي تنتقص من دور الاصلاح، وأبرز مثال هنا ما ينشره العميد المتقاعد ابراهيم آل مرعي في حسابه على تويتر.
 
توقيت العودة الحميمة للعلاقة بين الاصلاح والسعودية كما عكسه اللقاء مع ولي العهد السعودي لم يكن وليد الصدفة، فقد ظل الحزب – كما يقول مقربون منه – يطلب لقاء الامير السعودي لكنه لم يفلح في ذلك، وفي كل مرة يتم إحالة قيادة الحزب الى شخصيات سعودية أخرى.
 
وكان الصاروخ الباليستي الذي أطلقه الحوثيون على مطار الملك خالد في العاصمة السعودية الرياض في الرابع من نوفمبر/تشرين الأول الجاري هو المحرك الذي بعث التحالفات السياسية الجديدة للمملكة، ودفعها لإجراء مراجعة لقائمة حلفائها، بحثا عن نجاح ونصر تحافظ بهما على ماء الوجه بعد استهدافها بصواريخ الحوثي.
 
ولذلك يأتي احياء العلاقة مع حزب الاصلاح كمحاولة لخلق قاعدة يمنية تتولى مواجهة الحوثيين في الداخل، وتشكيل حزمة قوية تسهم في تعزيز الحضور السعودي للملكة داخل اليمن، ولا يستبعد أن يكون ذلك مقدمة لمعركة عسكرية قادمة تستهدف الحوثيين، وترغب السعودية في الاستفادة من حزب الاصلاح الذي يمتلك قواما بشريا كبيرا، وتضرر بشكل كبير من صلف الحوثيين وعنجهية القوة التي تعاملوا بها مع الحزب.
 
كما أن العامل المشترك هنا أن كلاً من الاصلاح والسعودية ينتميان للمذهب السني، فيما جماعة الحوثي، وإيران التي تتهمها الرياض بدعم الحوثي، ينتميان للمذهب الشيعي، ولذلك سيشكل تحالف الاصلاح والسعودي كتلة سنية صلبة، لكنه ايضا سيزيد من الاحتقان الطائفي في المنطقة، وسيضاعف الاحقاد على الحزب داخل اليمن من قبل الحوثيين وغيرهم.
 
يمثل هذا التقارب اليوم فرصة لحزب الاصلاح للتخلص من الاعباء التي أثقلت كاهله، خصوصا فيما يتعلق بحالة الشك التي ينظر بها الكثيرون في الخليج لحزب الاصلاح، وخلفيته الاخوانية، وسيؤدي هذا الى تدفق الدماء من جديد في عروق الحزب استعدادا للعب جولة جديدة على الصعيد الداخلي والخارجي، كما ستعيد له الثقة في علاقته مع الآخرين.
 
وإذا ما أدركنا أن حزب الاصلاح هو الحزب اليمني الوحيد الذي لم يتأثر من الاحداث التي عاشتها اليمن طوال السبع سنوات الماضية، كحزب المؤتمر الشعبي العام الذي انشطر الى نصفين، أحدهما في صنعاء، والآخر في الرياض، فإن مكاسب الحزب من هذا التقارب الجديد تبدو مهمة بالنسبة له.
 
حضور رئيس الاستخبارات العامة السعودية خالد الحميدان، يؤشر ايضا الى طبيعة العلاقة القادمة، فجهاز الاستخبارات السعودي هو المضطلع بالملف اليمني، ولديه علاقة واسعة مع مختلف الشخصيات اليمنية المؤثرة والمسؤولة، وتتبعه ما يُعرف باللجنة الخاصة، وهي لجنة عسكرية وأمنية تتبع الاستخبارات، وأنشئت خصيصا لإدارة العلاقة مع الجانب اليمني، وهي المسؤولة عن المنح والامتيازات التي تقدمها السعودية للموالين لها من اليمنيين سواء رجال القبائل، أو المسؤولين، أو السياسيين، كما تقوم بمتابعة مختلف التطورات المتصلة باليمن، ويرأسها رئيس الاستخبارات، وتتشكل من عدة لجان، ولديها ميزانية مالية ضخمة، ويعد سفير السعودية في اليمن عضوا دائما فيها.
 
وهنا تثار العديد من التساؤلات، ما مدى نجاح هذا التحالف الجديد؟ وهل سيحصل الحزب على ضمانات مستقبلية يحفظ بها نفسه من تقلبات المزاج السياسي السعودي على المدى البعيد، أم أن الحاجة الملحة للتحالف اليوم ستنتهي عند زوال السبب، مثلما حدث عند تحالف الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح مع الاصلاح، في فترة التسعينات من القرن الماضي، وبعد انتهاء التحالف وصف صالح الاصلاحيين بأنهم لم يكونوا سوى كروت في يديه، استخدمها ثم رماها.
 
هذا التقارب الجديد، يبدو مليئا بالحذر من قبل الطرفين، وكلا منهما يحتاج للآخر في الظرف الراهن، فالسعودية تسعى لتشكيل أكبر تحالف يدور في فلكها لمواجهة إيران في المنطقة، والاصلاح يتطلع للحفاظ على مكاسبه، والصمود أمام الرياح العاتية التي جرفت الكثير من نظرائه في الوطن العربي، وإذا ما علمنا أن وكالة الانباء السعودية التي بثت خبر لقاء الجانبين قامت بحذف الخبر لاحقا من موقعها الالكتروني، فإن الشك لايزال يتخلل علاقة الجانبين.
 
لكن السؤال الأبرز في كل هذا سيكون عن موقف دولة الامارات العربية المتحدة الحليف الأبرز والأهم اليوم للسعودية، من هذا التقارب الاصلاحي السعودي، وهي التي طالما وجهت سهامها نحو الحزب، وسعت لشيطنته، وتسويقه كحزب إرهابي، وأنشأت العديد من المواقع الاعلامية التي ليس لها من مهمة سوى مهاجمة الحزب، والتشكيك في مواقفه، وتخوينه، وتحميله عبء الملف اليمني، وتأخر الحسم العسكري.
 
هل ستسكت الامارات عن هذه الخطوة؟ وهل أقدمت السعودية عليها منفردة أم بالتنسيق المسبق مع أبوظبي؟ وكيف سينعكس هذا الوضع الجديد على علاقة الحزب بدولة الامارات؟.
 
كل هذه الاسئلة تبدو ملحة في الوقت الراهن، لكن الإجابة عليها من الصعب التكهن بها، غير أن الأيام القليلة القادمة كفيلة بإظهار الكثير من الحقائق، وتقديم مزيد من الدروس عن هذه العلاقة الجديدة القديمة.
 


التعليقات