قال إن سلوك التحالف خلق حزب الله يمني في خاصرة المملكة
د. عبدالباقي شمسان في حوار مع "الموقع بوست": للإمارات خطط منفصلة في اليمن تخدم المشروع الإيراني
- حاوره / فخر العزب السبت, 18 نوفمبر, 2017 - 08:02 مساءً
د. عبدالباقي شمسان في حوار مع

[ الدكتور عبدالباقي شمسان ]

قال الدكتور عبد الباقي شمسان أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، إن السياسات والإجراءات المتبعة للتحالف العربي حالياً، تناقض الأهداف المعلنة للتدخل في اليمن في البيان الصادر عن دول التحالف في 26 مارس 2015.

وأشار شمسان في حوار مع "الموقع بوست"، أن تلك السياسات للتحالف، أضعفت السلطة الشرعية حد الاختفاء وصادرت حقها السيادي في صناعة القرار، ومنعتها من العودة إلى الجغرافية الوطنية المستعادة ومنها العاصمة المؤقتة لممارسة مهامها كخطوة شرطية لإحلالها بدلا عن السلطة الواقعية الانقلابية في صنعاء.

وأوضح الدكتور عبدالباقي شمسان أن سلوك التحالف خلال المراحل السابقة ومنذ بدء التدخل العسكري حتى الآن عزز السلطة الانقلابية وجذرها وبصفة خاصة الحوثيين الذراع الإيراني في منطقة الخليج.

وإلى نص الحوار ..


* أكثر من عامين ونصف منذ انطلاق عاصفة الحزم التي قادها التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن، ما الذي تم تحقيقه حتى الآن من الأهداف المعلنة للتحالف؟

** نستطيع القول إنه لا علاقة بين الأهداف المعلنة للتدخل في اليمن في البيان الصادر عن دول التحالف في 26 مارس 2015 ، والسياسات المتبعة في الجغرافية الوطنية اليمنية؛ فتلك الأهداف التي صرح بها التحالف والمتمثلة باستعادة السلطة الشرعية، وتخليص دول الجوار من التهديد الإيراني، علاوة على الحفاظ على اليمن موحدا، فالملاحظ اليوم أن السياسات والإجراءات المتبعة تناقض كل ذلك ، حيث تم إضعاف السلطة الشرعية حد الاختفاء ومصادرة حقها السيادي في صناعة القرار ، ومنعها من العودة إلى الجغرافية الوطنية المستعادة ومنها العاصمة المؤقتة لممارسة مهامها كخطوة شرطية لإحلالها بدلا عن السلطة الواقعية الانقلابية في صنعاء .
 
* كيف انعكس كل ذلك برأيك على الطرف الآخر أي الطرف الانقلابي؟

** سلوك التحالف خلال المراحل السابقة منذ بدء التدخل العسكري حتى الآن عزز السلطة الانقلابية وجذرها وبصفة خاصة الحوثيين الذراع الإيراني في منطقة الخليج، بعبارة أوضح فإن السياسات المتبعة خلقت واقعا وطنيا جديدا عبارة عن ثنائيات، ثنائية وطنية شمال وجنوب وثنائية مذهبية سنة شيعة وليس زيدية، ببساطة لقد أصبح حزب الله اليمني وحشده الشعبي في خاصرة المملكة العربية السعودية.
 
* ما العوامل التي جعلت الطرف الانقلابي يعزز مكانته؟ وما انعكاسات ذلك وفقا لقراءتك السياسية؟

** من وجهة نظري استفاد الطرف الانقلابي وعزز مكانته كطرف أصيل بفعل عدد من العوامل مثل التواصل غير المعلن مع الحوثيين والمخلوع صالح، فهناك لقاءات حوثية سعودية ولقاءات صالح الإمارات، وهذا يجعل من الخطاب الإعلامي لدول التحالف منفصلا عن الممارس غير المعلن، أما المعلن فتلك العمليات العسكرية المتقطعة التي يقوم بها الجيش الوطني وطول بقاءه على تخوم صنعاء ما أفقد الجيش الوطني مكانته الوطنية وقدرته لدى الجماهير اليمنية على حسم المعركة أو بأن يكون بديلا عن الجيش العائلي الذي أسسه صالح أو المليشيات السلالية الحوثية إضافة إلى إفراغه من القيم الأخلاقية بفعل ما يتداول من فساد في قيادته العليا.
 
* هل هناك أهداف خفية للتحالف العربي من خلال التدخل في اليمن، ما أبرز هذه الأهداف وما هي ملامحها التي برزت برأيك؟

** من الواضح أن هناك أجندة إماراتية منفصلة، بالتنسيق مع بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث عملت على تأسيس جماعات عسكرية وأمنية خارج قرار ونفوذ السلطة الشرعية موالية لها مثل الحزام الأمني، والنخبة الحضرمية، والشبوانية ؛ والقاعدة العسكرية في جزيرة سقطرى؛ وقامت بدعم تشكيل مجلس انتقالي بديل عن السلطة الشرعية في المنطقة الجنوبية، وتبعه تأسيس جمعية وطنية بمثابة سلطة تشريعية لمنح القرارات المزمع اتخاذها في المستقبل ضد الشرعية وخاصة ما يتعلق بفك الارتباط، علاوة عن الأطماع الاستثمارية حيث تركز النفوذ والتواجد الإماراتي في الموانئ والمطارات وحول حقول النفط والغاز  والجزر الاستراتيجية ، إنها أجندة خاصة لإحدى دول التحالف الرئيسية.
 
* هل نفهم أن السياسة الإماراتية في اليمن منفصلة عن سياسة التحالف العربي؟

** السياسة الإماراتية  في اليمن كما قلت منفصلة ، حيث لم تتوقف على ما أشرت إليه سابقا فحسب بل عمدت إلى تنقية المناطق الجنوبية من كل الأحزاب والقوى الحاملة لمخرجات الحوار وبصفة خاصة ما يتعلق بالدولة اليمنية متعددة الأقاليم؛ وهذا ما يفسر غياب الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وبقية تيارات الحراك الجنوبي ، حيث وضعت في الواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي، وفي نفس السياق سعت لتعميم التيار السلفي المدخلي بقيادة بن بريك ذلك التيار الذي يحمل عداء  يستوجب التصفية لجماعات الإسلام السياسي، وكذا التيار السلفي المعتدل، وهذا ما يفسر عمليات الاغتيالات لأئمة المساجد وقيادات الإصلاح، فذلك التيار المدخلي لا يعتبر الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي ولي الأمر بل المجلس الانتقالي باعتباره صاحب الحق والمظلمة؛ وتتأكد وجهة نظرنا من خلال أيضا فصل الساحل الغربي لمدينة تعز والسيطرة على ميناء المخا تمهيدا لدعشنة المدينة لتكون مسرح صراع دامٍ يشغل الداخل ويدعو الخارج للتدخل وذلك ما يوفر التوقيت لإعلان فك المناطق الجنوبية.

وفي نفس السياق عملت سياسة الإمارات بصفة خاصة على فقدان الحكومة القدرة على إدارة الحياة اليومية للمواطنين انطلاقا من العاصمة المؤقتة حيث أوعزت إلى أتباعها بعدم توريد المداخيل المالية للبنك المركزي بحيث تعجز السلطة عن دفع الرواتب أو تحسين الخدمات من مياه وكهرباء وصحة وغيرها، وحاصرت رجال السلطة من الحركة في الجغرافية الوطنية إلا بإذن ودون صلاحية القرار؛ فلم يستطع المحافظ  في عدن من ممارسة مهامه من مبنى المجلس المحلي، ولم يتمكن محافظ تعز من زيارة محطة الكهرباء أو ميناء المخا؛ كما تعرض رئيس الوزراء ونائبه إلى محاولات اغتيال عندما ارتفعت وتيرة نشاطهما، وفي المقابل ظلت هي أي الإمارات تتحرك وتقدم المساعدات من خلال ذراعها الناعم الهلال الأحمر الإماراتي؛ وكذا دفع الرواتب وذلك تمهيدا لخلق رفض ونقمة شعبية تمهد للمطالبة بإسقاط الحكومة تماما كما حدث في انقلاب 21 سبتمبر 2014 في صنعاء وهذا ما يتأكد من دعوات الاحتشاد التي انطلقت في 3 نوفمبر من هذا الشهر وسوف يتصاعد الاحتشاد حتى تحقيق الهدف.
 
** كيف تقرأ التقارب الإيراني القطري؟ وهل سينعكس هذا التقارب على حلفاء الدولتين في اليمن؟

** بخصوص قطر وإيران لا أعتقد أن ذلك التقارب سيلعب دورا في الساحة اليمنية، فقط خسرنا قطر ودعمها المالي والإعلامي أما الخسائر فقد أنجزتها الإمارات العربية المتحدة التي خدمت الهدف الإيراني بإمتياز.
 
* ما تأثير الجانب الإنساني على المسار السياسي للأزمة اليمنية في ظل الوضع الإنساني الكارثي الذي وصل إليه المواطن اليمني اليوم؟

** بخصوص الوضع الإنساني فقد تم توظيف هذا المعطى من قبل الانقلابيين والمجتمع الدولي، حيث عمد الانقلابيون إلى تدهور الأوضاع الإنسانية قصديا بهدف خلق ضغط دولي يوقف الانقضاض عليهم ويحافظ على وجودهم بكل قوتهم.
 
* وما الهدف إذن من توظيف المجتمع الدولي للأزمة الإنسانية في اليمن؟

** المجتمع الدولي يوظف الأزمة الإنسانية للضغط على كل الأطراف لأن الدول الكبرى تريد ترتيب المنطقة على تعدد غير قابل للاندماج بفعل الصراع والثأر والجراح بما يوفر لها طلبا محليا للبقاء في المنطقة والسيطرة عليها.
 
* وكيف تعاملت دول التحالف مع الأزمة الإنسانية خاصة أنها المعنية الأولى بالحرب في اليمن؟

** دول التحالف رغم كل إمكانياتها لم تتخذ من المعطى الإنساني مدخلا رئيسياً من مدخلات الصراع رغم كل إمكانياتها المالية، لذا فأنا أرى أن المعطى الحياتي والإنساني هو الذي سوف يضغط نحو تحقيق تسوية قبل تحقيق الأهداف.
 
* ماذا لو استمر التحالف باتباع نفس السياسات التي يتبعها منذ بدء الحرب في اليمن؟

** أنا أرى أن استمرار السياسات المتبعة من قبل التحالف سوف تقود إلى خلق واقع ثنائي الوطنية شمال وجنوب؛ سلطة في الجنوب ممثلة بالمجلس الانتقالي وفي الشمال ممثلة بالانقلابين؛ أما السلطة الشرعية فقد تم تقويضها حتى أصبحت جملة من الشخصيات فاقدة لصناعة القرار والوجود ستكون مهمتها نقل السلطة إلى كيان سياسي انتقالي عندما تتخذ الدول الراعية قرار الذهاب إلى تسوية.
 
 * كيف يمكن الانتقال بالواقع اليمني إلى مرحلة جديدة لصالح الشعب .. هل هناك استراتيجية محددة برأيك بديلة للاستراتيجية المتبعة اليوم من قبل التحالف والحكومة الشرعية؟

** أعتقد أن أول خطوات تعديل تلك الاستراتيجية؛ يتمثل بضرورة تغيير الواقع في تعز؛ وعودة جزء كبير من الحكومة إليها بما يعزز وجودها في الجغرافية؛ كما أن كل الإجراءات من دعم الخزينة؛ أو تقديم رواتب أو الإعلان عن دعم الشرعية أو تسليم الرواتب لن يغير المسار.

والذي يغير ويوقف تلك السياسات والخطط يتمثل بعودة الشرعية ودعمها لممارسة مهامها في إدارة الحياة اليومية وصناعة القرار المستقل وأهمها قرار الحرب أو السلم.
 
* ما قراءاتك لتحركات الأحزاب السياسية الجارية في الرياض والهادفة للإعلان عن تحالف الأحزاب السياسية المساندة للشرعية؟

** تأسيس تكتلات سياسية في غاية الأهمية لإعمال الحياة الحزبية؛ حيث اختفت عندما تم تعيين قادتها مستشارين لدى رئيس الجمهورية الأمر الذي حصر المجال في ثنائية سلطة ضعيفة وانقلاب يلعب بمدخلات متعددة منها الذراع الناعم، وحملات العلاقات العامة واستثمار شبكة العلاقات الدولية لحزب الله، وإيران، وهو الأمر الذي أفقد السلطة والأحزاب مجالات للمناورة والمقايضة على المستوى الوطني والدولي؛ علاوة على إبراز قوتين في المشهد المجلس الانتقالي الجنوبي والانقلابين في صنعاء.

وأعتقد أن إيجاد تكتلات حزبية تدير الزمن الانتقالي في غاية الضرورة الموضوعية، حيث سيوفر ذلك مجالات أوسع لإدارة الصراع مع الانقلابيين، ويخفف الضغط على السلطة الضعيفة بذاتها، كما أن ذلك يحافظ على البقاء في المسار التعددي الديمقراطي.

وأعتقد أنه يتوجب على الأحزاب أن تستعيد أنفاسها وتعود لتلعب دورها في المرحلة من خلال إيجاد نقاط توافق مشتركة فالفضاء اليمني يحتاج لمثل تلك القوى في هذا التوقيت لاستعادة زمام الأمور من حيث التطلع الوطني وخفض هيمنة دول التحالف والمجتمع الدولي على كيفية حل المسألة اليمنية، بعبارة أوضح إنها ضرورة وطنية ملحة.
 
* وكيف تقرأ أيضا للقاء الأمير محمد بن سلمان مع قيادة الاصلاح؟
 
** بخصوص لقاء ولى العهد السعودي بقيادة التجمع اليمني للإصلاح أعتقد أنه في غاية الأهمية ويتوجب كذلك اللقاء مع بقية المكونات الحزبية، إلا أن اللقاء جاء اعترافا بقوة حضور التجمع اليمني للإصلاح في الحقل السياسي والميداني وبعد أن كان هدفا للإمارات العربية المتحدة؛ وهو ما يخفف الضغوط المركبة له ؛ وأعتقد أن اللقاء تشاوري  خاصة وأن هناك توجهات وضغوط للعودة إلى مسار التسويات وفقا لإعادة كيري وزير الخارجية الأمريكية السابقة، وعليه يتوجب استثمار ذلك وعلينا العمل على إيجاد نقاط عمل مشتركة بين جميع المكونات الحزبية اليمنية بما يحقق الصالح العام اليمني.

فالإصلاح وغيره من الأحزاب مكونات رئيسية لا يمكن اجتثاثها من الحقل السياسي وعلينا الخضوع لقواعد العمل السياسي وتركيز الانتباه والعمل نحو القضاء على الانقلاب، والحفاظ على سيادة اليمن ومصالحه، فلا مجال لإقصاء أي طرف مهما كانت درجة الخلاف معه في هذا التوقيت الذي نحن فيه بحاجة لكل الجهود وبحاجة للالتحام والتماسك أحزاب وجماهير ومؤسسات مجتمع مدني وفعاليات مجتمعية.
 
* كلمة أخيرة؟

** شكرا لكم في "الموقع بوست" على إتاحة الفرصة ونتمنى أن يعم الخير والسلام كل اليمن.


التعليقات