عبدالوهاب الشرفي في حوار مع "الموقع بوست": تغييرات الحوثيين ليست سلالية وتتحكم باليمن سلطات واقع
- حوار - عامر الدميني الثلاثاء, 06 فبراير, 2018 - 06:59 مساءً
عبدالوهاب الشرفي في حوار مع

[ عبدالوهاب الشرفي ]

في هذا اللقاء تحدث المحلل السياسي اليمني عبدالوهاب الشرفي رئيس مركز الرصد الديمقراطي عن الوضع في اليمن والمنطقة، ردا على أسئلة وجهها له "الموقع بوست" عبر خدمة الواتساب.

يتطرق الحوار إلى الدور الإماراتي السعودي في اليمن، وممارسات جماعة الحوثي، وأداء الحكومة الشرعية، والعلاقة مع الإقليم، وقضايا أخرى.


إلى الحوار:

*تتشظى الأطراف اليمنية بشكل أوسع اليوم، لماذا هذا التشظي الذي يعمق الانقسام ويبتعد عن الحل؟

**هذا التشظي الذي تشهده مختلف الأطراف اليمنية هو ناتج عن أن كلها غير مجتمعة في الهدف منذ البداية، ظروف الحضور لهذه المكونات جعلتها تجتمع مع اختلاف أهدافها واختلاف تصوراتها، وما يجمعها جميعا هو أنها لا تنزع باتجاه الوصول لدولة وبالتالي لابد من هذا التشظي و الصراع البيني.

*كيف يمكن قراءة المشهد في عدن على ضوء الأحداث التي عاشتها مؤخرا؟

**ما يحدث في عدن لا يمكن عزله عن حالة من السجال السعودي الإماراتي وإن كان بأيادٍ يمنية، والإمارات تنظر لطرف هادي باعتباره طرفا إخوانيا في جوهره، خصوصا بعد الإطاحة ببحاح من رئاسة الحكومة و تعيين محسن نائبا للرئيس، وبالتالي فأي تمكين من وجهة نظرها لطرف ما يسمى الشرعية يعني التمكين للإخوان، وهو أمر غير مقبول إماراتيا في ظل صراعها الإقليمي مع الإخوان.

*برأيك لماذا تشجع الإمارات النزعة الرافضة للشرعية والداعمة للانفصال في جنوب اليمن؟

**مسألة الانفصال ليست بالمسألة التي يمكن الوصول إليها بهذا الطريق ابتداء، لأن الانفصال من ناحية القانون الدولي يعني تقويض الجمهورية اليمنية، وهو أمر لا تستطيع أن تفعله لا الإمارات ولا غيرها، لكن ما يتم محاولته الآن هو الدفع بالحراك الانتقالي خطوة إلى الأمام قد توصله ليكون حاضرا في صيغة العملية التفاوضية الجارية كممثل للجنوب، وهو أمر له مخاطره العالية على الجنوب أولا.

*هل يذهب الجنوب نحو الإنفصال بعد تصعيد المجلس الانتقالي؟

**ما يتوارد من أخبار يقول أن الأمور تسير بهذا الاتجاه، وأن عملية تأهيل طارق ضمن قوة عسكرية جار، لكن الأمر لن يغير كثيرا في المعادلة العسكرية الحاصلة، و كل ما سيحدث هو إضافة عدد من المقاتلين للطرف الخصم لأنصارالله (الحوثيين).

*أبانت أحداث عدن عن علاقة ربما مضطربة بين الإمارات والسعودية من حيث الأجندات كيف تقرأ ما جرى؟

**طوال الفترة الماضية غضت السعودية الطرف عن الإمارات تحت تاثير عاملين، الأول كان محاولة تطييب خاطر الإمارات بعد الإطاحة برجلها بحاح من رئاسة الوزراء قبل مفاوضات الكويت، والآخر حاجة بن سلمان للتجسير مع بن زائد لفتح الخط مع الرئيس الأمريكي ترامب الذي كان موتورا تجاه السعودية، لكن السعودية تشعر الآن بأن استمرار الوضع كما هو عليه يعني خروج الملف اليمني بالكامل من السيطرة السعودية، فالإمارات باتت تسيطر على الشواطئ والموانئ و المضيق و الجزر و الأماكن الأعلى في الثروة، بينما السعودية لم يعد لها إلا الجبهات التي لا طائل منها غير الاستنزاف، وهو أمر غير مقبول سعوديا، وخصوصا أن القوة التي بدأت تتقدم باتجاه ميناء الحديدة هي قوة تدار من قبل الإمارات، وقد تذهب الإمارات بكل ماهو استراتيجي في الملف اليمني.

*لماذا لا تستجيب حركة الحوثيين لدعوات السلام مع الطرف الآخر وتتوصل جميع الأطراف لاتفاق ينهي الصراع القائم؟

**ليست القصة استجابة الحوثيين أو استجابة طرف هادي، القصة عدم وجود إرادة لدى التحالف السعودي لإتاحة الفرصة للأطراف اليمنية للتلاقي على حل، لدول التحالف وخلفها الولايات المتحدة أجندات أبعد من مسألة الحل بين اليمنيين هي من يتحكم في سير الملف اليمني.

*ما الذي خسرته وربحته جماعة الحوثي في مقتل صالح؟

**جماعة الحوثي لم تربح شيئا بمقتل صالح، وإنما خسرت، فصالح كان لاعب مؤثر على الساحة الداخلية، وكان يسهم في تعزيز جهود الجبهة الداخلية، وأيضا كان له أثره الإيجابي في مواقف عدد من الدول تجاه الملف اليمني، هذه هي الحقيقة رغم الصورة الغير حقيقية التي تحاول جماعة أنصار الله (الحوثيين) أن ترسمها لهذا الحدث وتبعاته.

*هيمنت جماعة الحوثي على حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء؟ والكثير يرى أن قيادات المؤتمر تعيش الآن تحت الضغط والإكراه؟

** لم يكن المؤتمر الشعبي قبل مقتل صالح يمتلك كامل فاعليته أساسا، وبعد مقتله زادت حالة تعطل تأثير المؤتمر، وعلى كل حال ليس هناك ممارسات مباشرة لهيمنة حوثية على المؤتمر، وإنما فهم قياداته لملابسات الوضع الذي يتواجدون فيه يفرض عليهم الحد من أدوارهم.

*انقسم حزب المؤتمر إلى عدة تيارات بعد مقتل صالح .. ما مستقبل هذا الحزب؟

**حزب المؤتمر بعد مقتل صالح لن يعود هو ذاته كما كان في عهده، لكن حالة الانقسام لن تضيف جديدا أكثر من الخطاب الإعلامي، بينما من ناحية الحضور في الملفين السياسي و التفاوضي سيضل وضعهما كما كان في آخر عهد صالح، مؤتمر داخل اليمن برئاسة أبو راس، ومؤتمر خارج اليمن برئاسة هادي، و الطرف الثالث الغير منخرط هنا أو هناك سيضل مجرد شخصيات لا تأثير مباشر لها على الملفين.

*اليوم يعيش الناس تحت سلطة الحوثيين في فزع، فلا رواتب ولا استقرار للعملة ومع ذلك هناك جرعة سعرية لأسعار المشتقات؟

**هذا الحال من عدم الاهتمام أو لنقل من استباحة المجتمع بعدم صرف الرواتب و فقد الخدمات و انهيار العملة هو حال واحد يعانيه اليمنيون سواء الذين تحت سلطة أنصار الله (الحوثيين) أو الذين تحت سلطة هادي، المشاكل هنا وهناك ذاتها.

*واصلت جماعة الحوثي إجراء تغيير هيكلي في مختلف مؤسسات الدولة وأسندت الوظائف العليا لشخصيات تنتمي لما يسمى بالأسر الهاشمية، لماذا هذه الإجراءات السلالية؟

**ما تقوم به جماعة أنصار الله (الحوثيين) من تغييرات لا يمكن وصفها بالتغييرات السلالية، لأنه لا ينطلق من منظور النسب بشكل مطلق، وإنما هي تغييرات عصابية و شللية تنطلق من الولاء للجماعة أولا قبل النسب، وهو أمر خاطئ على كل حال، فالواجب هو أن يقتصر الأمر على المعايير القانونية للتعيين أو للتوظيف.

*ألا تتخوف جماعة الحوثي من انتقام دموي بحقها جراء النهج الدموي والعنف الذي تعاملت به مع اليمنيين؟

**ما يتم هو حالة قتال سياسي ولا زال في هذا الإطار، لكن استمراره اكثر قد ينزلق لحالة من التناحر المجتمعي يدفع الجميع ضريبتها وليس الحوثيين فقط.

*هل تربح جماعة الحوثي اليوم أم تخسر؟ خاصة بعد العدد المرتفع من قتلاها والخسائر التي لحقت بها؟

**جميع الأطراف اليمنية تخسر وجميعها قتلاها كبير العدد والتحالف السعودي يتعمد استنزاف الجميع.

*ومن يتحمل المسؤولية اليوم في الوضع الذي وصل إليه البلد؟

**كل الأطراف يتحملون المسؤولية ابتداء بالإصلاح الذي لو سار في الـ2011 سيرا سويا لما تطورت الأحداث لما وصلت إليه بعد الـ2011، ثم الحوثيين الذين لو ساروا سويا بعد الـ 2014 لعالجوا خطأ تسيير الإصلاح للحدث، وأوقفوا السير المعوج لها، ووصولا لهادي الذي اتبع سياسة ضرب الأطراف اليمنية ببعضها، ولم يركز على بناء الدولة ثم منح الغطاء لعدوان التحالف السعودي في 2015 ، ومن قبلهم أيضا يتحمل المؤتمر الذي أغرق في الفساد والتسلط الذي ترتب عليه انهيار مفهوم الدولة في أذهان المكونات وتحولها للمفاهيم العصابية.

*كيف تنظر لوضع الحكومة الشرعية والرئيس هادي بالنسبة لعلاقتهم مع الداخل أو مع التحالف العربي؟

**ليس هناك حكومة شرعية لليمن حاليا ، كلها سلطات واقع، وحكومة هادي التي تسمى بالشرعية فشلت في أي توجد مثلا لسلطة رشيدة، وسبق وقلت إن السلطتين في صنعاء وفي عدن كلاهما يسيران الشأن العام بذات الأسلوب، لا اهتمام بالمواطن ولا الخدمات ويستبيحون سوق المشتقات النفطية، وينهبون الوظيفة العامة، وبالتالي فالعلاقة مع الداخل غير جيدة بالنسبة لسلطة هادي، كما هو حال سلطة الحوثيين، أما مع التحالف السعودي فالعلاقة علاقة استخدام تغطي بها دول التحالف أجندتها التي تريد أن تمررها في اليمن، وعلى وجه الخصوص الإمارات وحالها مع سلطة هادي واضحة، فهي لم تمكنها من التواجد في المحافظات الجنوبية حتى الساعة.

*لماذا لا ترفع إيران يدها وهي تدعم جماعة الحوثي وتفاقم الصراع في المنطقة؟

**إيران لها أجندتها في المنطقة، وهناك حالة صراع حادة مع السعودية و الولايات المتحدة، وهذا له انعكاساته على مختلف الملفات، لكن مستوى حضور إبران في الملف اليمني ليس بالمستوى الذي كان يتطلب التعامل معه بحرب عريضة كالتي تشن على اليمن، كان بإمكان السعودية أن تتصرف بطريق يسحب البساط على إيران في اليمن، لكن أسلوب الحرب ساهم في تهيئة الملف اليمني للإيرانيين أكثر من ذي قبل بكثير.

*في أي سياق يمكن فهم الممارسات التي تنتهجها الإمارات في الاستحواذ على الموانئ والجزر اليمنية؟

** الإمارات أصبحت المخرج الأول للأجندات الأمريكية الصهيونية في محيطها، والسيطرة على السواحل والجزر في غالبه هو وفق مفهوم أمن الهيمنة للولايات المتحدة في المنطقة الذي تخرجه عن طريق الإمارات.

*هناك حرب على الإرهاب تتزعمها الإمارات بالتنسيق مع أمريكا في اليمن ضد القاعدة وداعش كيف تنظر للأمر؟

ليس هناك حرب ضد الإرهاب من الولايات المتحدة بصورة جادة إلا ضد فصيل واحد هو فصيل أنصارالشريعة، بينما ما يتم تجاه الفصائل الأخرى من القاعدة وداعش هو استخدام سياسي و تغطية قانونية للأجندات الأمريكية في المنطقة، والإمارات لها مفهومها للإرهاب يتمحور حول الصراع مع الإخوان وليس الجماعات الإرهابية الفعلية.


التعليقات