متغيرات ونتائج .. ما الذي حققته ثلاث سنوات من حرب التحالف في اليمن
- علي الأسمر الاربعاء, 07 مارس, 2018 - 07:07 مساءً
متغيرات ونتائج .. ما الذي حققته ثلاث سنوات من حرب التحالف في اليمن

[ بعد ثلاثة أعوام من الحرب باليمن ما زالت عودة الشرعية بعيدة المنال ]

هي السنة الثالثة تمضي منذ إعلان تحالف دعم الشرعية في اليمن حربه لإعادة الشرعية في اليمن، ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، عقب انقلاب مليشيا الحوثي والمخلوع صالح على الحكم في اليمن في 21 سبتمبر 2015 م.
 
 جرت فيها مياه كثيرة، وتداخلت فيها التطورات عسكريا وسياسيا حد التناقض، لكن الحرب مستمرة ضد المليشيا الحوثية التي باتت تقاتل منفردة بعد غدرها بحليفها الانقلابي الرئيس الراحل علي صالح والقيام بتصفيته.
 
 وفي جانب الشرعية شهدت تصدعات كثيرة غذتها عوامل شتى، كان من غير المتوقع فيها أن شركاءً في التحالف العربي لدعم الشرعية، من يغذونها ويقفون خلفها، كما دلت أحداث الانقلاب العسكري على الحكومة الشرعية الذي قادته قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بانفصال اليمن بدعم إماراتي واضح بحسب ما قالت الحكومة اليمنية ذاتها.
 
 التحالف العربي لدعم الشرعية ذاته، لم يسلم من التصدعات، فقد خرجت دولة قطر من التحالف، عقب تصعيد من قبل بعض دول التحالف ذاته، وقامت بسحب قواتها المشاركة، في التحالف بشكل كامل.
 
 ومع أن آلة الإعلام الضخمة حينها أوعزت كل الإخفاقات العسكرية للتحالف، إلى عمالة دولة قطر للحوثيين، فإنه بعد مرور كل هذه المدة لم يتغير شيء على أرض الواقع، فحتى ضربات الطيران الخاطئة التي كانت تستهدف قوات الجيش الوطني طيلة فترة الحرب، والتي قيل إن عمالة قطر كانت سببا فيها، لم تزل مستمرة بل زادت بنسبة أكبر من ذي قبل، وهو ما يثير كثيرا من التساؤلات، بعد مرور كل هذه الفترة الزمنية الكبيرة.
 
فما الذي تحقق من أهداف التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن؟ وهل بمقدور التحالف الحسم العسكري في اليمن؟ وهل ما زال التحالف العربي متمسكا بأهدافه التي أعلن عنها حينها؟ أم أن التحالف ضل طريق أهدافه وبات يطلق النار على قدميه بحسب تعبير أحد المواطنين.
 
أهداف التحالف
 
في اليوم الأول لانطلاق عاصفة الحزم لإعادة الشرعية في اليمن، أعلن التحالف العربي عن أهدافه من العملية العسكرية، وقال حينها إنها تتمثل في إعادة الشرعية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، وإنهاء الانقلاب، وتدمير الصواريخ البالستية للانقلابيين، وعدم السماح لأي دور سياسي للرئيس السابق علي عبدالله صالح في المستقبل.
 
وفي أول يوم لانطلاق عاصفة الحزم أطلق وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان، تحذير لنجل صالح (أحمد علي عبدالله صالح) حذره فيها من التقدم نحو عدن، بحسب ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط حينها.
 
 ما الذي تحقق؟
 
 وبعد ثلاث سنوات من عمر الحرب المستعرة رافقتها تداخلات ومسارات معقدة، وغريبة، مع تحقيق إنجازات مهمة خصوصا في بدء الحرب على الانقلابيين، تقول الحكومة الشرعية إنها باتت تسيطر على ما نسبته 80% من مساحة الجمهورية.
 
 وبإلقاء نظرة سريعة على أهداف التحالف المعلنة يجد المتابع البون الشاسع اليوم بينها وبين الوقائع على الأرض، فحين نجح التحالف والشرعية في بناء جيش وطني يقوم بواجب تحرير المحافظات من قبضة مليشيا الحوثي، وإعادة تفعيل ولو بشكل جزئي لمؤسسات الدولة، فإن أهداف التحالف الكبرى لم تزل تراوح مكانها، بعد مرور ثلاث سنوات، ويذهب بعض المراقبين إلى أبعد من ذلك إذ يرون أن التحالف بعد ثلاث سنوات يكاد يكون قد انقلب على بعض أهدافه المعلنة، فيما فشل فشلا ذريعا في تحقيق بعض منها.
 
ويدلل المراقبون على صحة القول بالمقارنة بين هدف التحالف في إعادة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي إلى العاصمة صنعاء، فالواقع بحسب المراقبين أن الرئيس هادي لم يعد قادرا على العودة إلى العاصمة المحررة المؤقتة عدن وبتوجيهات من التحالف ذاته.
 
فيما يرى مهتمون بالشأن اليمني أن التحالف فشل في تدمير الصواريخ البالستية لدى المليشيا، فقد استطاعت المليشيا تطويرها، بعد مرور ثلاث سنوات من الحرب، بصورة فائقة.
 
وهناك أمر ثالث يتعلق بالهدف المعلن يومها بعدم السماح للرئيس اليمني السابق علي صالح بأي دور سياسي، فقد انقلب التحالف على هدفه بشكل جذري، وأصبح التحالف اليوم بعد ثلاث سنوات من انطلاق عمليات التحالف العربي العسكرية في اليمن، هو ذاته من يهيئ دورا سياسيا لجناح الراحل صالح بل يقوم ببناء قوات مسلحة عسكرية لجناح الرئيس السابق صالح بعيدا عن أعين الشرعية ذاتها، وبدون موافقتها، أو اعتراف بها، كما يحصل اليوم من قبل إمارة أبوظبي التي تجهز ألوية عسكرية لنجل شقيق صالح طارق في العاصمة المؤقتة عدن، استعدادا لتهيئته للقيام بدور عسكري جديد بعيدا عن السلطة الشرعية التي لم يعلن اعترافه بها أو الانضمام إليها حتى اللحظة.
 
وفيما كانت وتيرة التحرير تسير بتقدم حثيث خلال السنة الأولى من الحرب، فإن العام الماضي، شهد تراجعا في تحقيق الإنجازات النوعية، فقد اقتصرت عمليات التحرير على استكمال تحرير محافظة شبوة، وتحرير بعض مديريات الحديدة، فيما بقيت بقية الجبهات تراوح مكانها، أو تحقيق تقدم طفيف في بعض الجبهات.
 
 ماذا عن الحوثيين؟
 
وشهدت السنة الماضية تراجعا لمليشيات الحوثي إذ خسرت المليشيا كثيرا من مناطق سيطرتها وعجزت عن تحقيق أي تقدم في معظم الجبهات،غير أن المليشيا الحوثية شهدت تطورا ملحوظا في جانب مهم.
 
 إذ شهدت القوة الصاروخية للمليشيا الحوثية تطورا كبيرا، وباتت تشكل تهديدا حقيقيا لدول الجوار، عقب تطويرها، وتلقيها دعما إيرانيا _ كما تقول الحكومة الشرعية والتحالف العربي _ وتمثل هذا التطور بتطوير عددا من الصواريخ البالستية، والتي أطلقت عددا منها باتجاه المملكة العربية السعودية وإلى الداخل، وبرغم أن دفاعات التحالف العربي استطاعت في كل مرة من اعتراض هذه الصواريخ إلا أن هذا التطور أصبح يشكل قلقا لدى دول التحالف العربي إذ تعدها تهديدا مباشرا لأمنها القومي.
 
الإمارات ونقل الحرب إلى الداخل
 
 برغم مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة بفعالية في إطار التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، منذ بدء الحرب، إلا أن السنة الأخيرة على وجه التحديد، شهدت تغيرا في مسار حرب الإمارات العربية، في إطار تحالف دعم الشرعية، إذ تعمدت الإمارات خلخلة الجبهة الوطنية الداخلية من خلال عدد من التصرفات وصلت في منتهاها إلى حد تقويض الشرعية ذاتها التي انطلق التحالف العربي لدعمها أساسا.
 
 وبحسب مراقبين فإن الإمارات العربية المتحدة تكاد تكون قد نقلت الحرب إلى الداخل فباتت كل خطواتها في المناطق المحررة وخصوصا الجنوبية ضد الشرعية تماما.
 
وقد كانت المحاولة الانقلابية العسكرية الفاشلة التي قادها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبو ظبي أبرز تجلياتها، فقد كادت حلقات الانقلاب العسكري أن تكتمل بسيطرة قوات الانتقالي على قصر معاشيق حيث تمارس الحكومة الشرعية برئاسة أحمد عبيد بن دغر أعمالها منه، وقد كانت تصريحات الحكومة واضحة إذ وجهت الاتهامات بشكل صريح ومباشر لدولة الإمارات بدعم الانقلاب الانفصالي على الحكومة.
 
 وبحسب المراقبين فقد أدت عدة عوامل لم تكن في حسبان دولة الإمارات والانقلابيين حينها إلى فشل الانقلاب، كان أهمها الضغط القوي من قبل القيادات السلفية العسكرية من قيادة جبهة الساحل الغربي بالانسحاب إذا لم يتوقف التصعيد العسكري فورا، وهو ما أدى لضغوط أوقفت الانقلاب من استكمال آخر حلقاته.
 
ماذا يقول التحالف؟
 
من جانبهم يرى قادة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن أن التحالف اقترب من تحقيق أهدافه في اليمن، وكان أبرز تلك التصريحات قبيل أيام لولي العهد السعودي محمد بن سلمان التي قال فيها إن الحرب في اليمن قاربت على النهاية، بعد تحقيق أهدافها المتمثلة في استعادة الشرعية في مواجهة المتمردين الحوثيين.
 
ونقلت صحيفة الدستور المصرية عن بن سلمان في لقاء جمعه بإعلاميين مصريين قوله "إنَّ التحالف، الذي تقوده السعودية، يقترب من الانتهاء من العمل في اليمن، وتابع: "لم يعد ضدنا هناك إلا فلول الحوثيين".
 
حرب مفتوحة ونوايا سيئة
 
الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي من جانبه يرى أن الحرب ضد الانقلابيين، لا يبدو أنها حققت أهدافها العسكرية والسياسية، بعد مرور ثلاث سنوات، مبينا أن اليمن لا يزال مسرحا لحرب مفتوحة لا يستطيع التحالف الادعاء بأنه هو الذي سيحدد نهايتها بالكيفية التي يريد.
 
وأوضح أن هناك نتائج واضحة ومفترضة لهذه الحرب، لا يمكن أن تتحقق إلا بالقوة العسكرية، إما بهدف الضغط المؤدي إلى حل سياسي، أو بالحسم العسكري المباشر.
 
ويشير التميمي في سياق حديثه لـ"الموقع بوست" بأن الحوثيين يقاتلون بإمكانيات الدولة ومواردها، ولا يراهنون سوى على تداعي التحالف وعلى أخطائه القاتلة، فيما التحالف يتكئ على فارق التسليح النوعي في التصرف بأريحية في ساحة خطرة، حيث يقوم بتعيين اهدافا عديدة لمعركته، ومعظم هذه الأهداف تتجه نحو تصفية شركائه، وهو عمل يفتقر إلى الأخلاق، و يضاعف من مخاطر تعقيد المشهد العسكري والسياسي في اليمن على حد قوله.
 
 هذا التعقيد بحسب التميمي بدأت نذره في الرفض الروسي لمشروع قرار يدين إيران لانتهاك الحظر المفروض على واردات الأسلحة إلى اليمن، وفرض قرار روسي لأول مرة بشأن اليمن، ويبين التميمي أن لهذا تداعيات خطيرة على مستقبل التدخل العسكري للسعودية والإمارات في اليمن.
 
وبشأن ميزان القوى العسكرية قال التميمي إنه ما من شك بأنه يميل لصالح قوى الشرعية والتحالف، ويستدرك بالقول "لكن حلف الشرعية يتداعى أكثر من أي وقت مضى، إذ بات التحالف يوجه أسلحته إلى صدر الشرعية ويقوضها، ويستهدف الجيش الوطني، ويشق مسارا عسكريا منفصلا عن الشرعية بغرض الحسم في المراكز الرئيسة التي يسيطر عليها الحوثيون".
 
ويعرج التميمي على قضية مهمة من وجهة نظره، فأفراد الجيش الوطني يلقون معاملة سيئة في طريق انتقالهم عبر المناطق الجنوبية الخاضعة لهيمنة الإمارات في مؤشر على أن التحالف السعودي الإماراتي له أهداف مختلفة تماما، ويضمر نوايا سيئة حيال مستقبل اليمن، ووحدته ونظامه الديمقراطي.
 
مهمة فشلت وتحالف ضل طريقه
 
رئيس تحرير يومية صحيفة عدن الغد فتحي بن لزرق قال إنه بعد ثلاث سنوات من تدخل التحالف لإنقاذ الحكومة الشرعية اليمنية بات من الواجب الاعتراف بأن هذه المهمة فشلت او تكاد أن تكون كذلك.
 
وأضاف بن لزرق بالقول بعد ثلاث سنوات يقف المرء أمام واقع مشوه، لتدخل تضاربت أجندته وظل القائمون عليه طريقهم.
 
وعدد بن لزرق عددا من النجاحات التي حققها التحالف العربي بعد ثلاث سنوات في معرض السخرية، وقال بعد 3 سنوات نجح التحالف في إيجاد جيوش مناطقية تحمي مصالحه جنوبا، وتؤمن مسار الملاحة الدولية وتحارب الإرهاب، بعيدا عن مراكز المدن، ونجح في إيجاد جيوش تزحف على بطونها في نهم وغيرها.
 
 ويتابع نجح التحالف في تجنيد قيادات تعمل لصالحه وجيوش يدفع رواتبهم، تؤمن مصالحه الدولية، لكنه فشل في تفعيل قسم شرطة واحد بعدن يحمي المواطن العادي ويؤمن مصالحه.
 
وعن الأوضاع في المناطق المحررة من البلاد قال الصحفي بن لزرق إن "التحالف" فشل في إعادة إعمار منزل واحد، إصلاح طريق واحدة، تشييد مدرسة واحدة، أو مستشفى واحد، بل إنه لم يعمر ما دمرته طائراته.
 
وأشار بن لزرق إلى أن كل ما قام به التحالف هو توزيع السلال الغذائية، ويرافقها عشرات المصورين لكنه فشل في إعادة الاستقرار للاقتصاد ووقف تدهور العملة وإنقاذ الناس من الجوع الذي يضربهم.
 
وتابع بن لزرق في منشور له على "فيسبوك": بعد ثلاث سنوات من إطلاق التحالف لعملية تهدف لإعادة الرئيس هادي إلى صنعاء، بات غير قادر على العودة إلى عدن، وهذا هو الواقع ولا شيء غير هذا على حد قوله.


التعليقات