السيناريو الأسوأ.. هل ستكتمل العودة التدريجية لنظام صالح في اليمن؟
- عبد السلام قائد الاربعاء, 21 مارس, 2018 - 08:16 مساءً
السيناريو الأسوأ.. هل ستكتمل العودة التدريجية لنظام صالح في اليمن؟

[ علي عبد الله صالح وأفراد عائلته ]

من بين زحمة الأحداث المتلاحقة المتعلقة بالأزمة اليمنية، ظل نظام علي صالح وعائلته الحاضر الأبرز منذ التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في الرياض وحتى يومنا هذا، حيث يبدو الأمر وكأن هناك مؤامرة ذكية هدفها في البداية امتصاص غضب شباب ثورة 11 فبراير 2011 ومطالبهم بإسقاط نظام صالح، ثم العمل على عودة هذا النظام بشكل تدريجي حتى لا يتسبب بصدام مع بعض القوى السياسية وشباب الثورة.
 
ومع حالات السباق الأخيرة من قبل التحالف العربي والسلطة الشرعية لاستقطاب بعض أقارب الرئيس الراحل علي صالح، وتعيينهم في مناصب عسكرية حساسة، يكون السيناريو قد أكمل أكثر مراحله، حتى وإن تم تصوير الأمر بأنه صراع بين دولة الإمارات والسلطة الشرعية لاستغلال ميراث علي صالح العسكري الذي لم يعد له وجود، فمثل هذا التصوير يدخل في خانة ما يسمى "التحليلات الموجهة"، التي تهدف إلى تغطية الشيء بنقيضه، للضحك على الجمهور ولو مؤقتا، ويتناقلها بعض من يصفون أنفسهم بالمحللين السياسيين بحسن نية.
 
- من يحكم اليمن؟
 
منذ توقيع الرئيس الراحل علي صالح على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في العاصمة السعودية الرياض، والتي بموجبها تنحى عن السلطة ليسلمها لنائبه عبد ربه منصور هادي، فإن الذي يحكم اليمن بالفعل منذ ذلك الوقت وحتى اليوم هو حزب المؤتمر.
 
والجديد في الأمر هو أن هناك شراكة محدودة لبعض الأحزاب السياسية التي كانت معارضة، وهي شراكة لم تكن مؤثرة، نتيجة العديد من العوامل، أهمها أن الملف اليمني لم يعد بيد أبنائه ولكن بيد الخارج.
 
كما أن المشاركة المحدودة لبعض الأحزاب في السلطة تقلصت تدريجيا، خاصة بعد الانقلاب على السلطة الشرعية من قبل الحوثيين وحليفهم السابق علي صالح.
 
صحيح أن هناك خلافات حدثت بين جناحي علي صالح والرئيس عبد ربه منصور في حزب المؤتمر، وهذه الخلافات تسببت في تحالف علي صالح وجناحه في الحزب مع الحوثيين ضد بقية الأطراف بما فيها جناح الرئيس عبد ربه في الحزب، لكن هذه الخلافات لم تغير كثيرا في واقع السلطة وطريقة تقاسمها.
 
وحتى المقاعد الوزارية التي كانت مخصصة لبقية الأحزاب في حكومة الوفاق الوطني، بحوالي النصف، فإن هيكلها الإداري كان من حزب المؤتمر، وهو ما أعاق أداء هذه الوزارات وجعلها مشلولة لأسباب متعمدة من قبل هيكلها الإداري المؤتمري.
 
وكان حزب المؤتمر هو الممسك الفعلي بالسلطة في حكومة الوفاق الوطني، وتعمد تعطيل عمل الحكومة ليحمل مسؤولية ذلك أحزاب اللقاء المشترك وحلفاءها، بغرض تشويه سمعة هذه الأحزاب وإحراقها أمام الرأي العام.
 
ومع تزايد المؤامرات والدسائس من قبل أطراف في الداخل وبعض دول الإقليم، بهدف القضاء على الثورة واستئصال بعض الأطراف السياسية والتخلص من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي لم تعجب أطراف الثورة المضادة وداعميها الأجانب، تعقد الوضع العام في البلاد حتى وصلت الأمور إلى الانقلاب على السلطة الشرعية، وتدخل التحالف العربي بطلب منها.
 
ثم إنه بعد اندلاع الحرب الأهلية، ومغادرة الرئيس عبد ربه اليمن إلى السعودية، تعززت سلطة حزب المؤتمر أكثر، فرئيس الجمهورية مؤتمري، ومنصب رئيس الحكومة المخصص لأحزاب اللقاء المشترك، بحسب المبادرة الخليجية، تم إسناده للقيادي المؤتمري أحمد بن دغر، الذي كان من كبار المساندين لعلي صالح خلال ثورة 11 فبراير 2011، ولم يعترض على قمعه للثورة وقتل الثوار السلميين، وحضر جميع مهرجاناته في ميدان السبعين تقريبا، والتي كان يهاجم فيها الثورة ويتهم شباب الثورة بتهم لاأخلاقية.
 
ومنذ تسلمه رئاسة الحكومة، عمل أحمد بن دغر على تعزيز سلطة حزب المؤتمر، واستحوذ على وزارات كانت مخصصة لأحزاب اللقاء المشترك ومنحها لمؤتمريين، وكذلك الأمر بالنسبة لتعيين السفراء والبعثات الدبلوماسية وقادة الألوية والمناطق العسكرية التي تكون غالبا من نصيب المؤتمريين.
 
وفي مقابل ذلك، يتم منح وظائف رسمية متواضعة لبعض المنتسبين لأحزاب أخرى من حين لآخر بغرض امتصاص غضب أحزابهم، وفي نفس الوقت ترافقها حملات إعلامية منظمة تستنكر توظيفهم، تنطلق هذه الحملات من المطابخ الإعلامية الرديئة للسلطة الشرعية ذاتها، والاستنكار عادة ما يكون بذريعة أنه لم يتم توظيفهم إلا لأنهم من منتسبي الحزب الفلاني.
 
واللافت في الأمر أن السلطة الشرعية، التي يُحكِم سيطرته عليها جناح الرئيس عبد ربه منصور في حزب المؤتمر، قد نقلت معها كل ميراث الفساد المالي والإداري والفشل الذي كان سائدا في عهد علي صالح، بل وتبدو في أحيان كثيرة أكثر فسادا وعجزا وفشلا منه، لدرجة جعلت بعض المواطنين يترحمون على فساد وفشل حزب المؤتمر في عهد علي صالح، عند مقارنته بفساد حكومة حزب المؤتمر اليوم رغم الأوضاع الاستثنائية التي تشهدها البلاد.
 
- لماذا عائلة صالح؟
 
ما زالت بعض دول التحالف العربي عالقة في وهم نفوذ علي صالح وعائلته، رغم أن نفوذ العائلة تلاشى ولم يعد لها أي وزن يذكر سواء سياسي أو عسكري، والأكثر مرارة أن ميراث هذا النفوذ آل إلى الحوثيين، ومن الصعب استعادته أو إحلال نفوذ جديد مكانه بنفس القوة التي كان عليها النفوذ السابق لعلي صالح وعائلته.
 
تسعى دول التحالف العربي، أو بعضها، إلى عودة عائلة علي صالح إلى السلطة، كونها ترى بأن عائلة صالح هي الأضمن للحفاظ على مصالح بعض الدول الخليجية في اليمن، استنادا إلى الخبرة والتجربة السابقة عندما كانت هذه العائلة تحكم اليمن، وتتمثل مصالحها في الإهمال المتعمد لمينائي عدن والحديدة، وعدم استخراج النفط في المناطق الحدودية، والحفاظ على اليمن كدولة "طافية" بحيث لا تزدهر ولا تنهار تماما، وغير ذلك.
 
لكن الغريب في الأمر، هو أن تُشارِك السلطة الشرعية دول التحالف العربي في استقطاب بعض أفراد عائلة علي صالح وتعينهم في مناصب عسكرية حساسة، وربما يتواصل سباق الاستقطاب بين الطرفين لذرائع شتى، هدفها الضحك على الشعب فقط، بينما السلطة الشرعية لا تدرك أن ذلك سيمثل بوابة لصناعة نفوذ جديد لأفراد عائلة علي صالح حتى يأتي وقت ويتمكنوا فيه من الانقلاب مجددا على السلطة الشرعية، وسيكون الانقلاب الثاني بمباركة وتأييد وحماية دول التحالف العربي ضد السلطة الشرعية وحلفائها.
 
- السيناريو الأسوأ
 
وبصرف النظر عن مبررات مختلف الأطراف لسباق الاستقطاب لعائلة صالح، لكن الأمر الذي ربما لا يدركه الجميع هو أنهم يتسابقون لصناعة "حفتر جديد" في اليمن، سيشكل خطرا كبيرا على حالة الصراع في البلاد وخارطة التحالفات القائمة حاليا، ستدخل معها البلاد في متاهة جديدة من الحرب الأهلية، وربما تتدخل دول أجنبية عدة لها أجندتها ومصالحها في اليمن والمنطقة.
 
وبعد أن يتعقد الصراع، وتدخل مختلف الأطراف في متاهة جديدة من الصعب الخروج منها، سيدرك حينها الجميع أن تراكم الأخطاء التي كانت نتيجة عنف وعشوائية الثورات المضادة لثورات الربيع العربي هي السبب في الحال الذي وصلت إليه اليمن ومناطق الصراع في العالم العربي بشكل عام، وحينها لن ينفع الندم ولن تجدي الحلول التي ستتجاوزها الأحداث.
 


التعليقات