بيان سياسي للأحزاب وتنصل اشتراكي .. صحوة أم أزمة؟
- خاص الاربعاء, 04 أبريل, 2018 - 10:51 مساءً
بيان سياسي للأحزاب وتنصل اشتراكي .. صحوة أم أزمة؟

[ أحزاب يمنية قالت إن استمرار الإاغتيالات ينذر بانزلاق البلاد إلى الفوضى ]

أصدرت الأحزاب السياسية اليمنية المؤيدة للشرعية يوم أمس بيانا دعت فيه لاتخاذ موقف حازم تجاه الاغتيالات التي تطال العديد من الشخصيات في المناطق المحررة خاصة أئمة المساجد.
 
كان لافتا تطرق البيان لهذه القضية، والذي جاء بعد سلسلة من الاغتيالات التي راح ضحيتها في مدينة عدن لوحدها (23) شخصية، منهم (17) لقوا حتفهم، وكانت جريمة اغتيال عمر دوكم في مدينة تعز محركا آخرا دفع للتنبه لهذه الجرائم، التي بدا أنها انتقلت بنفس الأسلوب والطريقة من عدن إلى تعز.
 
ورغم أن البيان ظل في سياقه الحزبي بعيدا عن الأطر الحكومية والتبني الرسمي، فقد كان له دورا في تحريك هذا الملف، ورفع الصوت تجاه ما يجري، رغم أنه لم ينشر في وكالة سبأ الرسمية، ما يشير إلى أن الجدل ما زال يطوق تلك الأحزاب، ويهمين على مواقفها.
 
قال البيان الموقع من (12) حزبا وتيارا إن الأحزاب والقوى السياسية ترى في تلك الأحداث الإجرامية عملا ممنهجا يهدف إلى إرهاب المجتمع اليمني وحرف بوصلة المعركة من التمسك بخيار التحرير واستعادة الدولة إلى الدفع به للذهاب باتجاه خيارات أخرى غير محمودة، تتنافى مع المرجعيات المتفق عليها.
 
واعتبر البيان أن استمرار مسلسل الاغتيالات الآثمة ينذر بانزلاق اليمن إلى حالة من الفوضى الشاملة، تتعذر معها محاولات الإنقاذ، وتحدث بالاسم عن المحافظات اليمنية التي تعاني من تلك الاغتيالات، وهي عدن، حضرموت، وأخيرا تعز.
 
الأحزاب في بيانها طرحت عدة مطالبات ومنها مطالبة الحكومة في الإسراع بإجراء إصلاحات جذرية في المؤسستين العسكرية والأمنية على أسس وطنية بقيادات مهنية احترافية وإلغاء جميع الأجهزة الموازية خارج المؤسسات الرسمية، وحل جميع الميليشيات المسلحة والتشكيلات العسكرية ودمجها في المؤسسات الرسمية التابعة للدولة.
 
كما دعا الحكومة وقيادة التحالف العربي إلى ضرورة إجراء معالجات شاملة وفورية لكافة الملفات بما يحفظ لليمن كيانه وسلامة ترابه الوطني، وإزالة العوائق وتوفير كل العوامل والمتطلبات التي تجعل من عدن عاصمة مؤقتة للجمهورية اليمنية بحق، والتمكين للشرعية من إدارة المحافظات المحررة بصورة سليمة، ولتصبح عدن نقطة انطلاق للشرعية والتحالف لتحرير ما تبقى من الأراضي اليمنية، كما دعا إلى دعم وتمكين الأجهزة الحكومية الأمنية للقيام بدورها في ضبط الأمن وحماية المواطنين.
 
كان البيان أشبه بوثيقة سياسية أعربت لأول مرة من خلالها الأحزاب عن موقفها، ورؤيتها لما يجري، والحلول التي تقترحها، وهي رؤية تشير إلى أهمية التبعية المتبادلة بين تلك الأحزاب وقيادة التحالف العربي، فالأحزاب نفسها، هي التي تتشكل منها الحكومة الشرعية والرئاسة، وبقية المؤسسات الرسمية التي تعمل في الخارج.
 
وبدا الأمر كما لو أن هذه الأحزاب قد انتبهت لخطورة ما يجري، واستشعرت مرامي وأبعاد مثل هذه الحوادث، وتسعى لتدارك ما يمكن إدراكه، قبل توسع الدائرة، وخروج الأمر عن نطاقه.
 
غير أن الأمر لم يمضِ من دون تكدير، فقد نشر موقع الاشتراكي نت تصريحا لمصدر في الحزب الاشتراكي اليمني نفى فيه علاقته ببيان الأحزاب المؤيدة للشرعية يوم أمس وقال بأنه لا يعنيه من قريب ولا من بعيد.
 
تصريح المصدر المسؤول في الحزب قال إن الحزب كان قد خرج يوم أمس بعد اجتماع تنظيمي خاص بتشكيل لجنة لإعداد بيان باسم الأحزاب يتضمن موقف الأحزاب مما تشهده المناطق المحررة وما يتعرض له رموزها الاجتماعية والانتهاكات والأخطار المحدقة بالحقوق والحريات العامة.
 
وقال بأنه تم إرسال المسودة لبقية الأحزاب لابداء ملاحظاتها، ثم تفاجأ لاحقا بنشر البيان قبل أن تنجز اللجنة بيانها، وفق ما قاله المصدر.
 
في التصريح أفاد القيادي الاشتراكي بأن ممثل الحزب طرح ملاحظات على البيان الذي كان من المفترض أن يصدر وهي:
 
1-أن يكون العنوان حول الاغتيالات في اليمن واستبعاد ذكر المحافظات الوارد فيه.
 
2-أن يدين البيان خطاب الكراهية والتطرف الديني الذي يقود إلى الاٍرهاب ومنها الاغتيالات.
 
 3-الدعوة لإخلاء المساجد من الدعاة التكفيريين والمحرضين على الخصوم السياسيين.
 
4-الإشادة بدور الأجهزة الأمنية اليمنية في مكافحة الاٍرهاب والدعوة لتقديم الدعم الرسمي والشعبي لها.
 
 5-الإشادة بدور قوات التحالف العربي في مكافحة الإرهاب ودحر القاعدة وعصابات الانقلاب.
 
6-أن يشار إلى أن من أعمال الإرهاب الاختطاف والإخفاء القسري ومطالبة السلطات الشرعية العمل على إنهاء هذه الظاهرة الإجرامية.
 
 من خلال استعراض تلك النقاط يمكن استنباط العديد الدلالات التي تقود لمفهوم الحزب، ففي النقطة الأولى مثلا أراد الحزب إدانة الاغتيالات في المحافظات المحررة ولكن بدون ذكر أسماء تلك المحافظات، ولا يُعلم ما هي مبرر الحزب في مطلب كهذا، إذ لا فائدة من نشر بيان سياسي يخجل من الإشارة إلى أماكن الخلل.
 
في النقطة رقم ثلاثة بدا واضحا استخدام مصطلح "التكفيريين" وهو نفس المصطلح الذي رددته جماعة الحوثي وهي تتمدد في المحافظات، عندما رفعت شعار من أسمتهم بـالتكفيريين، ويشير حديث الاشتراكي إلى تطابق نفس الشعارات، ويثير أيضا علامات استفهام عن المساجد التي يعتليها التكفيريون في المناطق المحررة، وكيفية مواجهتها.
 
ومن ضمن النقاط التي طالب بها الحزب الاشتراكي، هي الإشادة بدور الأجهزة الأمنية في محاربة الإرهاب، وهذه الأجهزة لا تزال أيضا محور جدل في مهمتها، فجميع حوادث الاغتيالات وقعت في ظل وجود تلك الأجهزة، والتي فشلت في ضبط أيٍّ من الجناة في ثلاث محافظات يمنية محررة.
 
تشير تصريحات المسؤول في الحزب أن للحزب وجهة نظر أخرى مغايرة لموقف بقية الأحزاب المؤيدة للشرعية تجاه كثير من الأحداث في البلد، وجميع الملاحظات التي طرحها الحزب وكان يريد تضمينها في البيان تتمحور حول الإرهاب وعملية مكافحته ووسائله وفق رؤية الحزب.
 
تنصل الحزب الاشتراكي من البيان الذي أجمعت عليه جميع الأحزاب والتكوينات المؤيدة للشرعية، كشف أيضا عن نظرة الحزب لأبرز القضايا، ومن تلك التشكيلات المسلحة التي تقاتل بالوكالة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ففي حين طالبت الأحزاب السياسية بحلها ودمجها في مؤسسات الجيش الرسمية، أعلن الحزب اعتراضه على ذلك، وكذلك بقية المطالب التي طرحتها الأحزاب في بيانها، بدا الحزب معترضا عليها، ما وضعه في موقف متماهي مع ما يجري في البلد.
 
يشير الموقف الاشتراكي إلى أن التجاذبات وحالة الانحياز في موقفه لا تزال مهيمنة على أدائه السياسي، وحالة التغريد بعيدا عن الإجماع الوطني لا زالت تتحكم بمواقف الحزب، كما تعكس أن الدور الحزبي المؤثر لا تزال تتنازعه العديد من المؤثرات، ويفتقد أيضا لترتيب الأولويات، ما يعني أن فرص بعث الدور السياسي للأحزاب تصطدم بالعديد من الحسابات.


التعليقات