العقيلي حضر اجتماعا للحكومة في الرياض
زيارات ولقاءات فوق العادة لرئيس الأركان.. ضغوط أمريكية أم رغبة سعودية؟
- عامر الدميني الإثنين, 10 سبتمبر, 2018 - 09:17 صباحاً
زيارات ولقاءات فوق العادة لرئيس الأركان..  ضغوط أمريكية أم رغبة سعودية؟

[ العقيلي مع مسؤولين أمريكيين في عدن ]

عاد رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الوطني اللواء الركن طاهر العقيلي إلى العاصمة السعودية الرياض بعد أيام قضاها في زيارات ميدانية، شملت سيئون وحضرموت والمهرة وعدن، وهي المحافظات المحررة والواقعة تحت النفوذ السعودي الإماراتي في اليمن.

زار العقيلي وهو أعلى مسؤول عسكري في الجيش اليمني المنطقة العسكرية الأولى في سيئون، والمنطقة العسكرية الثانية في المكلا، وهي أولى زياراته لتلك المناطق التي ظلت بعيدة عن الحرب والصراع، وتخضع من ناحية النفوذ لكل من دولة الإمارات والسعودية، وسبقتها دعوات عديدة لإخضاع تلك المناطق للنفوذ الإماراتي عبر ما يسمى بقوات النخبة الحضرمية، التي تحظى بدعم الإمارات.

وكان لافتا توقيت الزيارة ودلالاتها، إذ إنها جاءت بتسهيلات سعودية واضحة، وشملت المناطق التي تسيطر عليها السعودية، كسيئون، أو تلك التي تتعارك فيها الرياض وأبوظبي كحضرموت، كما أنها تعد أكثر المناطق التي تعاني اضطرابا أمنيا، بسبب نشاط تنظيم القاعدة.

تلك الزيارات امتدت لتشمل أكثر المحافظات جدلا وهي محافظة المهرة، التي تنشط فيها السعودية بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة، وزار رئيس الأركان منفذ صرفيت الحدودي بمديرية حوف، والذي يربط بين اليمن وسلطنة عمان، وظل خلال الفترة الماضية محل جدل وتصعيد بين أبناء المهرة الرافضين للتواجد السعودي والمملكة العربية السعودية التي تحاول بسط سيطرتها العسكرية بالقوة هناك.


العقيلي في المهرة

وخلال الزيارة التقى العقيلي بقائد المنطقة العسكرية الرابعة في عدن، وقائد محور تعز، وناقش مع الطرفين العديد من القضايا المتصلة بالوضع العسكري والأمني في عدن وتعز تحديدا.

مجمل اللقاءات التي أجراها العقيلي خلال تلك الزيارات وفقا للإعلام الرسمي تركزت حول الوضع الأمني والرغبة في توحيدها للتصدي للإرهاب، والعمل على تحقيق الانتصار ضد المشروع الانقلابي، لكن الزيارة من حيث مؤشراتها وتوقيتها توحي بأنها تهدف لتطبيع الأوضاع على الأرض لصالح السعودية أولا.

فالسعودية هي الدولة التي يمارس منها العقيلي مهامه، وهو المسؤول الحكومي عن التنسيق بين الجيش اليمني، والجانب السعودي، كما أنها الممول الأكبر لميزانية الجيش اليمني، وجاءت الزيارة لتشمل أبرز المناطق الواقعة تحت سيطرتها.

غير أن لقاءات العقيلي لم تتوقف هناك، إذ وصل إلى قصر معاشيق في عدن، والتقى قائد القيادة المركزية الأمريكية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل، ونائبه السفير الأمريكي، ويعد هذا أول لقاء من نوعه بين مسؤول حكومي يمني وآخر رفيع المستوى من الجانب الأمريكي، بعد أن ظلت مثل هذه اللقاءات محصورة بين الدولتين طوال الفترة الماضية على تنسيق بين رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس الحكومة مع السفير الأمريكي لدى اليمن.


العقيلي في حضرموت

اللقاء بحد ذاته في مدينة عدن يحمل في مؤشراته العديد من الدلالات، فالمدينة التي ظلت القوى الانفصالية فيها رافضة لأي تواجد للمسؤولين الحكوميين التابعين للشرعية، وتلك القيادات المنحدرة في الشمال ظلت صامتة، ما يشير إلى أن قدرة الإمارات المسيطرة على عدن وحليفتها السعودية على تطبيع الأوضاع وعودة الحكومة ممكنة بالنسبة لهما، لكن الفوضى والاضطراب تبدو الخيار السهل في مثل هكذا أوضاع لتمرير أجندة كلا الدولتين في اليمن.

وفقا لوكالة الأنباء الحكومية "سبأ" فقد تركزت مباحثات العقيلي مع فوتيل على تطوير قوات خفر السواحل اليمنية والقوات البحرية والقوات الخاصة لمواجهة تهديدات الحوثيين ومكافحة التهريب.

لكن القيادة المركزية الأمريكية كشفت أن لقاء الجنرال الأمريكي ونائب السفير آنا أسكروهيما إلى مدينة عدن، مع رئيس هيئة أركان الجيش اليمني اللواء الركن العقيلي تركز حول مناقشة العلاقات التاريخية بين الجيش الأمريكي والجيش اليمني، وأهمية استعادة الاستقرار، والأمن والشرعية لكل أنحاء اليمن.


قائد القيادة المركزية الأمريكية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل مع الجانب السعودي

وقال موقع القيادة المركزية الوسطى على الإنترنت إن الجانبين ناقشا أيضا التعاون في مكافحة الإرهاب، وأهمية حماية خط الساحل اليمني لمواجهة خطر تهريب الأسلحة غير المشروعة من إيران إلى اليمن.

وجاء هذا اللقاء بعد أيام من إعلان الجيش الأمريكي القبض على زورق يحمل أسلحة يعتقد أن إيران حاولت تهريبها لليمن، وقالت القيادة المركزية في تغريدة لها إن طاقم طاقم المدمرة  "يو أس أس جايسون دونام" التابع للبحري الأمريكية تمكن بشكل نهائي من إحصاء بنادق الكلاشنكوف المصادرة في خليج عدن بتاريخ 28 آب/أغسطس، وقالت إن العدد النهائي هو 2521 بندقية.

تحركات الجانب الأمريكي لم تكن مقتصرة على اليمن فقط، فبعد تلك الزيارة التي عقدت في عدن مع رئيس الأركان، وصل الفريق أول جوزيف إل فوتيل قائد القيادة الوسطى الأمريكية إلى سلطنة عمان، والتقى ببدر بن سعود بن حارب البوسعيدي الوزير المسؤول عن شؤون الدفاع بمكتبه بمعسكر بيت الفلج.

وشملت زيارة الجانب الأمريكي  لقاءات عسكرية مع مسؤولين في الإمارات من خلال لقائه بولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، وقائد القوات المشتركة في السعودية الفريق الركن فهد بن تركي.


قائد القيادة المركزية الأمريكية الوسطى فوتيل مع الجانب الإماراتي

تصريحات الجانب الأمريكي حول تركز لقاءات العقيلي مع الأمريكيين تشير إلى أن قضية الإرهاب هي المهيمنة على تلك التحركات في المنطقة، وكان ممثلها عن اليمن رئيس هيئة الأركان ما يجعلها زيارة عسكرية بحتة لم تتضح معالمها ونتائجها بعد.

عقب تلك اللقاءات عاد رئيس الأركان إلى المملكة العربية السعودية وحضر اجتماع الحكومة في الرياض برئاسة أحمد عبيد بن دغر الذي عاد هو الآخر من العاصمة المصرية القاهرة.

وخلال الاجتماع أطلع رئيس الأركان الحكومة على نتائج لقاءاته مع قائد القيادة المركزية الأمريكية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل، وكذلك اجتماعاته مع القيادات العسكرية اليمنية في سيئون وحضرموت والمهرة وعدن، وفقا لوكالة "سبأ" الحكومية.

وتعد هذه المرة الأولى بالنسبة لحضور رئيس الأركان اجتماع الحكومة، وظهر وكأنه يقوم بمهام وزير الدفاع، الذي ظل شاغرا منذ الانقلاب في اليمن، بعد اختطاف الحوثيين لوزير الدفاع محمود الصبيحي منذ العام 2014م.

لا تنفصل تحركات العقيلي عن مجمل الأجندة التي تقوم بها السعودية والإمارات في اليمن، لكن إشراك الحكومة الشرعية في مثل هكذا لقاءات مع الجانب الأمريكي لأول مرة، بعد أن ظلت كلا الدولتين تقدمان أنفسهما كبديل عن القيادات اليمنية يشير إلى تطورات قادمة، إما على صعيد حالة التنافس المستترة بين الإمارات والسعودية في اليمن، أو ضمن محاولات إضفاء المشروعية على أجندتهم داخل اليمن.

ومن الراجح هنا أن الإمارات والسعودية اللتان ظلتا تعطلان أي قدرة للجيش اليمني، ليس من مصلحتهما وجود تنسيق يمني أمريكي مباشر، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، حيث تقدم أبوظبي على وجه الخصوص نفسها بديلا ووكيلا لواشنطن في اليمن، خاصة في هذا الملف الحساس.

فهل كان لقاء العقيلي بالجانب الأمريكي، بطلب من واشنطن وضغط منها، أم ماذا؟


التعليقات