ثورة جياع.. من المسؤول عن تدهور الاقتصاد والوضع المعيشي في اليمن؟
- عبد السلام قائد السبت, 06 أكتوبر, 2018 - 07:10 مساءً
ثورة جياع.. من المسؤول عن تدهور الاقتصاد والوضع المعيشي في اليمن؟

[ ثورة الجياع باليمن تتواصل ضد الحوثيين والتحالف والشرعية ]

تشهد مختلف المحافظات اليمنية غليانا شعبيا جراء التدهور المتسارع للعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، وارتفاع أسعار مختلف المواد الغذائية بشكل مخيف، وبدأت بعض المحافظات تشهد مظاهرات شعبية محدودة ضد مختلف أطراف الصراع، وسط دعوات لثورة جياع ضد الجميع.
 
وتركزت المظاهرات بشكل رئيسي في محافظات تعز وعدن ومدينتي المكلا وسيئون بمحافظة حضرموت، رافعة شعارات مناهضة للتحالف العربي وجماعة الحوثيين والسلطة الشرعية، بينما تشهد محافظة المهرة مظاهرات شعبية مناهضة للتواجد العسكري السعودي في المحافظة، وسعي السعودية إلى مد أنبوب نفطي عبرها من شأنه الإضرار بمصالح المواطنين.
 
- من المسؤول؟
 
ويأتي هذا الحراك الشعبي المناهض لجميع الأطراف بعد أن تراكم السخط ضد الجميع، خاصة أن كل طرف يتنصل من مسؤوليته عن تدهور الاقتصاد والأوضاع المعيشية ويحمل الطرف الآخر مسؤولية ذلك.
 
فالسلطة الشرعية تتهم جماعة الحوثيين بالتسبب بالأزمة الاقتصادية جراء نهبها للاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية من البنك المركزي اليمني قبل نقله من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، وأيضا سحب العملات الأجنبية من السوق بغرض الإضرار بالعملة المحلية، بينما جماعة الحوثيين تحمل السلطة الشرعية والتحالف العربي مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية بسبب الحصار وإغلاق الموانئ والمطارات.
 
وفي الحقيقة، فإن جميع الأطراف تتحمل مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد وانهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وانتشار المجاعة على نطاق واسع.
 
فالسلطة الشرعية لم تبادر إلى نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن إلا بعد أن نهب الحوثيون كافة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، وبعد نقله لم تقم بتأهيله وتعيين كوادر كفؤة لإدارته، كما أنها لم تثبت حضورها في المحافظات والمناطق المحررة وتسيطر على الموارد السيادية للبلاد كالنفط والغاز وتصدرها للخارج لضمان استمرار تدفق النقد الأجنبي إلى البلاد.
 
أما جماعة الحوثيين، فهي مجرد عصابات نهب وسرقة، ولا يمكن للمواطنين في المحافظات التي تسيطر عليها أن ينتظروا منها أي فعل يسهم في تحسين وضعهم المعيشي أو أن تصرف على الأقل رواتب الموظفين، وتستغل مختلف الموارد في المحافظات التي تسيطر عليها، وكذلك الإتاوات التي تفرضها على التجار والقطاع الخاص والمزارعين، لتمويل مجهودها الحربي، ويذهب الفائض إلى جيوب قيادات الجماعة وما يسمى بـ"المشرفين".
 
وبخصوص دور التحالف العربي في الأزمة، فليس هناك مبالغة إذا حملناه المسؤولية الأكبر، وذلك لعدة أسباب، منها: أنه ليس جادا في القضاء على الانقلاب وإعادة السلطة الشرعية واستئناف المسار السياسي وفقا للمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
 
كما أن التحالف لديه أجندة خاصة تتمحور حول إضعاف اليمن والسيطرة على موانئه وعلى ثرواته السيادية، وتحويله إلى ورقة للمقايضة في إطار الصراع السعودي الإيراني على النفوذ، ووضع حد لمحاولات التحول الديمقراطي من خلال إضعاف الأحزاب وإنشاء كيانات غير ديمقراطية تقف حاجزا بين سلطة ضعيفة وأحزاب هشة.
 
والأهم من ذلك، أن التحالف خدّر السلطة الشرعية وحلفاءها بالرواتب الباهظة بالعملات الأجنبية، وتغاضى عن فسادها، وربما أنه يشجعها عليه، ووفر لمختلف أعضاء السلطة وسائل الإقامة المريحة، وأبعدها عن أرض المعركة وعن هموم المواطنين، وحال بينها وبين الشعب وطموحه للتغيير، وعمل على إضعاف السلطة داخل البلاد، من خلال إنشاء كيانات وجماعات مسلحة غير شرعية ومناهضة للسلطة الشرعية، وقضى على كل تواجد فعلي للسلطة الشرعية في المحافظات الجنوبية، ويسعى إلى تعميم ذلك في المحافظات المحررة في الشمال، كما أنه حال دون تمكن السلطة الشرعية من استغلال الثروات السيادية للبلاد وتصديرها إلى الخارج، كالنفط وغيره.
 
وتولى التحالف -عبر ضباط صغار من صفوفه- إدارة المعركة داخل اليمن ضد الانقلاب، ليتمكن من التحكم بمسار المعركة وكبحها، كل ذلك بهدف إبقاء الأوضاع في البلاد تسير وفقا لهواه وأجندته، والخشية من جعل السلطة الشرعية تقيم داخل البلاد وتقود المعركة حتى لا يتم القضاء على الانقلاب سريعا والشروع في بناء اليمن الاتحادي الجديد، أي أن التحالف يخشى أن تمضي شؤون البلاد بعيدا عنه وعلى غير هواه.
 
- ما جدوى ثورة جياع؟
 
لا شك أن الأوضاع المختلفة التي تمر بها البلاد كافية لاندلاع ثورة جياع، بل فهذه الثورة كان ينبغي أن تندلع في وقت سابق، كون أسبابها توفرت منذ مدة، لكن السؤال هنا: هل تجدي ثورة جياع سلمية في زمن الحرب؟
 
الإجابة بالتأكيد: لا، فلا جدوى من ثورة سلمية في زمن الحرب، والأحرى أن تكون هذه الثورة مسلحة، وأن يكون لها قيادات تصعد من صفوف الجماهير الجائعة وليس من النخب المعروفة التي اعتادت على ركوب الموجات والتلون وسرقة تضحيات الآخرين ومعاناتهم من أجل مصالح ذاتية.
 
لكن ليس منطقيا التقليل من أهمية أن تندلع ثورة جياع سلمية حتى وإن كانت في زمن الحرب، حيث لا صوت يعلو على صوت الرصاص، فمثل هذه الثورة -إذا اكتسبت زخما شعبيا وازدادت وتيرتها- فإنها ستشكل أهم وسيلة ضغط على مختلف أطراف الصراع للالتفات إلى معاناة المواطنين، خاصة بعد أن تزداد مخاوفهم من أن تتمكن هذه الثورة من خلق واقع جديد في حال ازداد زخمها وتحولت إلى ثورة مسلحة.
 
صحيح أن هناك كوابح عديدة للثورة، وتعقيدات تتعلق بالبيئة المناسبة لعمل هذه الثورة، ففي المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون لا مجال لاندلاع ثورة جياع سلمية بسبب القمع الأمني والعنف الذي تمارسه الجماعة ضد مناهضيها، وفي المحافظات المحررة فالثورة ستكون وكأنها ضد الفراغ، فالسلطة الشرعية تقيم خارج البلاد، ولا وجود لمؤسسات دولة ليسيطر عليها الثوار، وتواجد التحالف العربي محدود ومحصن هنا وغير مرئي هناك، لكن اندلاع ثورة جياع في هذه الظروف أفضل من أن لا تندلع.
 
وعطفا على ما سبق، يمكن القول بأن ثورة الجياع ستكون مجدية في حال كانت ثورة مسلحة، على أن تتخذ نقطة انطلاق من المحافظات المحررة التي لا يوجد فيها نفوذ عسكري للتحالف العربي، وأن يعلن الجيش الوطني انضمامه إليها ويشكل مجلس عسكري يعلن عزل السلطة الشرعية المقيمة في المهجر، ويعلن الاستغناء عن خدمات التحالف العربي في اليمن، ويدعو جميع أبناء الشعب إلى ثورة جياع مسلحة عارمة وخوض حرب مصيرية ضد جماعة الحوثيين والجماعات المسلحة الموالية لدولة الإمارات في جنوب اليمن، ويبدأ بالزحف الفعلي نحو العاصمة صنعاء والعاصمة المؤقتة عدن، ومن ثم التحرك للسيطرة على كل أنحاء البلاد.


التعليقات