رداً على ظريف :إنشاء تصور الشيطان الأكبر مجدداً لن يغفر لإيران (ترجمة خاصة)
- هافنغتون بوست - ترجمة/عادل هاشم ‏ الأحد, 25 سبتمبر, 2016 - 12:14 صباحاً
رداً على ظريف :إنشاء تصور الشيطان الأكبر مجدداً لن يغفر لإيران (ترجمة خاصة)

[ جواد ظريف ]

كلما وصل الغرب والعالم إلى إيران في محاولة لإعادتها إلى المجتمع الدولي، كلما وجدت نفسها تحت ضغوط أكبر داخل إيران ‏للحفاظ على ثورتها التي بُنيت على أساس قتال الأعداء الشيطانية بغض النظر عن كون هؤلاء الأعداء حقيقة أو مجرد توهم من ‏أجل الحفاظ على شرعيتها الدينية. وقد انعكست آثار هذه الضغوط من خلال زيادة السلوك العدائي الإيراني منذ توقيع الاتفاق ‏النووي. وقد وصلت هذه التصرفات العدائية إلى درجة أن السفن الحربية الأمريكية اضطرت إلى إطلاق طلقات تحذيرية باتجاه ‏سفن حربية للحرس الثوري الإيراني.

ليس هذا فحسب، فأخذ البحارة الأمريكيين رهائن الذي سبب جرحاً للحكومة الأمريكية، ‏بالإضافة إلى استمرار التصريحات التحريضية والمتناقضة من قِبل خامنئي وحاشيته ضد الغرب والولايات المتحدة الأمريكية. ‏كل هذا من شأنه الحفاظ على الكراهية والتعصب الذي يغذي شرعية النظام الديني الإيراني والثورة التي يتم تصديرها إقليمياً على ‏مستوى لم يسبق له مثيل. ‏

وفي الماضي خدمت الولايات المتحدة الأمريكية طهران والمعروفة في إيران باسم الشيطان الأكبر وراعية الإرهاب العالمي وفقاً ‏لنظام خامنئي. وقدمت العدو شاملاً لشعبها كسبب للفشل والعلل الإيرانية،بينما في الوقت نفسه تقوم بدعم السرد الديني الذي غذى ‏التجنيد الإقليمي للمليشيات على أساس أفكار طائفية ودينية من شأنها هزيمة هذا الشيطان الأكبر سواءً كان ذلك في لبنان كحزب ‏الله أو المليشيات الشيعية في العراق وسوريا واليمن وتربية الكراهية الطائفية في مملكة البحرين وخارجها. ‏

ولكن من أجل الحفاظ على ماء وجهها في المجتمع الدولي وكجزء من التقارب الحالي، فعلى ما يبدوا أن الولايات المتحدة لن تجدي ‏في لعب دور الشيطان الأكبر الذي من شأنه أن يكون أمراً متناقض بالنسبة لإعادة التقارب الدولي الذي يجري حالياً. لكن لا يمكن ‏للسلطة الدينية في إيران الاستغناء عن دور الشيطان الأكبر تماماً لأنها العمود الفقري لإستراتيجية الحكم الديني الإيراني، لذلك ‏كان البحث عن لاعب جديد يملئ هذا الدور أمراً مهماً. و استنادا إلى افتتاحية وزير الخارجية الإيراني في صحيفة نيويورك تايمز ‏فإنه على ما يبدو قد إستقروا على بديل لأمريكا للعب دور الشيطان الأكبر بالمملكة العربية السعودية وما كان قد أطلق عليها اسم ‏الوهابية هي الراعي الدولي الجديد للإرهاب العالمي. ‏

الحق يقال فهذه محاولة ذكية من إيران لإغتنام فرصة ركوب موجة دولية. وأن ما يسمى الوهابية الذي ادعى ظريف بأنها وجدت ‏منذ حوالي 300 سنة والإرهاب الإسلامي المستوحى إنما هو ظاهرة حديثة. أين ما كان يسمى بالنفوذ الوهابي لاختلاق الجهاد ‏العالمي أثناء الصراع العربي الإسرائيلي والذي يعتبر من أعز الأسباب لكل مواطن مسلم وعربي؟ بالطبع لا وجود له لأن ‏الاتصال والتبسيط الزائد أكذوبة، وأن الإرهاب العالمي مستوحى من العديد من العوامل وأقلها أي مذهب ديني، فعادةً ما تكون ‏السياسية هي المتهم الرئيسي. ‏

ليس هناك شك بأن هناك مخاوف من دور المملكة العربية السعودية المباشر وغير المباشر ونشر فهم متشدد للإسلام وأثاره في ‏تفسير كثر من الناس للإسلام اليوم. ولكن على الرغم من أي تمويل سعودي أو الحروب التي شنتها الولايات المتحدة ودول الغرب ‏في المنطقة وانهيار الحكومات العربية قد ساهمت جميعها في انهيار الاستقرار الإقليمي والتنامي العالمي الذي جاء بعد الإرهاب ‏الإسلامي المختلق. كل هذا لا يجب أن يبرئ لإيران من دورها الجوهري في نشر الكراهية والفوضى في المنطقة.

لا يجب ‏السماح لإيران تمثيل الضحية مرة أخرى لأنها ستعين شيطان أكبر آخر فهي الجاني النقدي والمحرض في أماكن الاضطرابات في ‏الشرق الأوسط ، بل هي المحرض الطائفي في تمزق العالم الإسلامي والعربي والسبب الرئيسي في تغذية التطرف الديني. قد ‏ولدت الفجوة الحالية بين السنة والشيعة مع بداية الثورة الإيرانية عام 1979 من قِبل آية الله الخميني الذي قال وبشكل واضح أن ‏إيران مسئوله في تصدير ثورة الشيعة التي أصبحت منذ ذلك الوقت كالمقيم في دستورهم وسياستهم الخارجية. ‏

منذ إنشاء السلطة الدينية الشيعية وهي تصنع وتدعم بلا هوادة المليشيات الشيعية المسلحة وتزرع الفتنة في المجتمعات الإسلامية ‏على أسس طائفية. إن نجاحهم هذا يتراوح من قوة حزب الله في لبنان الذي يعتبر من أقدم صناعات إيران والقبضة الطائفية في ‏البلاد التي تعيق تقدمها، إلى إنشاء المليشيات العراقية التي أُلقي عليها اللوم في قتل الكثير من الناس وإعاقة الوحدة الوطنية خلال ‏العقد الماضي، وإنشاء ودعم المليشيات الشيعية في سوريا لدعم ومساندة النظام العلوي في دمشق التي تغذي عدداً من الجماعات ‏السنية المتطرفة مثل داعش وجبهة النصرة، وبهذا تحولت الثورة السورية إلى صراع طائفي مزق البلاد. إن إيران تدعم التمرد ‏الحوثي في اليمن الذي أضعف الحكومة الوطنية الشرعية وعملت على زيادة الانقسامات الطائفية إلى أن أصبحت اليمن دولة ‏فاشلة تهدد العالم بأسره. وليس من المستغرب أن تلاحظ عودة تنظيم القاعدة في اليمن حيث أن التمدد الشيعي يوفر الدعم اللازم ‏للسرد الطائفي السني لتوظيفه لمصلحته الطائفية.

ليس هذا فقط فإيران نشطة جداً في دعم الاحتجاجات والمسلحين الشيعة في ‏البحرين مما سبب مزيد من الفتنة في البلاد. والقائمة تطول ،وفقاً لوثائق سربها موقع ويكيليكس في يوليو عام 2010 فقد عملت ‏إيران على تعزيز الصراع الطائفي بدعم الجماعات السنية المتطرفة مثل تنظيم القاعدة وحركة طالبان. ‏

لذلك عندما يتحدث ظريف حول أسباب الإرهاب والتطرف الإسلامي العالمي ويلقي اللوم على الجميع باستثناء إيران، سواءً كانت ‏إيران أو المملكة العربية السعودية أو ما يسميها الوهابية باعتبارها الشيطان الأكبر الجديد، فإن العالم لا يستطيع إخفاء الحقائق ‏والسجل الواضح في أن إيران مهتمة بتمهيد الطريق لهذا الظاهرة العالمية المدمرة. نوايا خلق "الشيطان الأكبر" الجديد لن يعفي ‏إيران وذلك لكون السبب الرئيسي وراء الأصولية الطائفية الإسلامية المتزايدة باستمرار. العقيدة الإسلامية بريئة من الإرهاب ‏العالمي المُختلق الذي يسمح للأنظمة الدينية السياسية على تأجيج الصراع الديني الطائفي للحفاظ على شرعيتها. حل هذا التحدي ‏العالمي يتطلب التفكير إلى الأمام والعمل الحقيقي وليس مجرد إلقاء اللوم على الآخرين ولعب دور الضحية. ‏

بدلاً من التركيز على خلق " الشيطان الأكبر" جديد لتبرير القصور وخلق المزيد من الضباب والمرايا على الشعب الإيراني و ‏المجتمع الدولي للتغطية على أجندة طائفية مدمرة ، ينبغي على إيران إطلاق " برنامج الإصلاح الكبير" على خطى رؤية المملكة ‏العربية السعودية لعام 2030 الذي من شأنه السماح لمواطنيها بالمشاركة الفعالة في العالم على أساس القيم والمعايير العالمية بما ‏في ذلك احترام سيادة الديانات الأخرى والناس والأمم. ‏
 


التعليقات