في اليوم العالمي للصحافة.. المليشيا تواصل حربها المفتوحة ضد الصحفيين اليمنيين (تقرير)
- وئام عبدالملك الاربعاء, 03 مايو, 2017 - 10:42 مساءً
في اليوم العالمي للصحافة.. المليشيا تواصل حربها المفتوحة ضد الصحفيين اليمنيين (تقرير)

[ وقفة احتجاجية تندد باختطاف مليشيات الحوثي للصحفيين ]

تنوعت أشكال الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون في اليمن، جراء ممارسات مليشيا الحوثي وصالح الذين سيطروا على الدولة في سبتمبر/أيلول 2014، وبدء الحرب المفتوحة ضدهم.
 
مارس الانقلابيون سلسلة من الانتهاكات ضد الصحفيين، تنوعت بين القتل والاختطاف والتهديد، فضلا عن اتخاذ البعض منهم كدروع بشرية، إضافة إلى معاناة البعض اقتصاديا بعد أن تم إغلاق عديد من مقرات وسائل الإعلام، وإيقاف مستحقات آخرين، وكذا الاعتداءات الجسدية التي يتعرضون لها، وحجب المواقع الإلكترونية الإخبارية.
 
وتحتفل دول العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يستغله الصحفيون للمطالبة بحقوقهم، وتوجيه أنظار العالم إلى معاناتهم وحجم القمع الذي يتعرضون له.
 
ويوما بعد آخر تزداد وتيرة تلك الانتهاكات، فاضطر عديد من الصحفيين إلى السفر خارج البلاد، أو الهرب إلى محافظات خاضعة لسيطرة القوات الشرعية، ومن بقي منهم في المناطق الأخرى التي ما تزال في قبضة المليشيا بعيش في رعب، مُتخذا كافة الاحتياطات الأمنية حتى لا يقع في مصيدة المليشيا.
 
انتهاكات متواصلة
 
ويفيد الصحافي والمحلل السياسي رشاد الشرعبي أنه قبل انقلاب سبتمبر/أيلول 2014 كان الحديث عن حرية الصحافة وهامشها ممكنا، لكن بعد سقوط الدولة لم يعد في اليمن صحافة وخاصة في المناطق المسيطرة عليها المليشيا الانقلابية، بمافيها العاصمة صنعاء، التي كان يتركز فيها أكثر من 70% من مؤسسات الإعلام.
 
وتطرق في حديثه لـ"الموقع بوست" إلى نهب الانقلابيين للمؤسسات الإعلامية الحزبية والأهلية والسيطرة عليها، مما أدى إلى فقدان غالبية الصحافيين لأعمالهم ومصادر دخلهم، فضلا عن ملاحقة الكثيرين منهم واختطافهم وإخفاء العديد منهم، الذين يتعرض بعضهم لأبشع صنوف التعذيب، وإصدرام أحكام إعدام وهو ما تعرض له الصحفي يحيى الجبيحي.
 
وبات الصحفيون اليوم -كما يؤكد الشرعبي- عرضة للموت في الزنازين الانقلابية، أو جراء التجويع المتعمد لهم، وحرمانهم من مرتباتهم، وعجزهم عن إعالة أسرهم وتوفير السكن لهم.
 
ونوه الشرعبي إلى حاجة الصحفيين لإنقاذ عاجل، وممارسة الضغط على المليشيا للإفراج عن المختطفين منهم، وإعادة مرتبات من حرموا منها.
 
واقع مؤلم
 
ويذكر الصحافي حسن الفقي أن الصحفيين الذين استطاعوا الفرار من المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، يعيشون أوضاعا نفسية واقتصادية صعبة جراء تعطل أعمالهم، وابتعادهم عن أسرهم وذويهم.
 
ويروي الفقيه بوجع لـ"الموقع بوست" معاناته كصحفي اضطر للابتعاد عن أسرته من بضعة أشهر، إضافة إلى المصير الذي بات ينتظره فيما لو فكر بالعودة إلى عائلته (في إشارة إلى الاختطاف أو القتل الذي يتعرض له زملاؤه).
 
ويرى الفقيه أن الحل يمكن في إسقاط الانقلاب، حتى يتمكن الصحفيون من العودة إلى بلادهم ومدنهم، وممارسة أعمالهم كالسابق، إضافة إلى قيام السلطات الشرعية بالقيام بواجباتها تجاه الصحفيين الشريحة الأكثر عذابا، والتي عانت الأمرين من بطش الحوثيين.
 
وطالب في اليوم العالمي للصحافة اتحاد الصحافيين الدوليين وكل المنظمات الحقوقية والمهتمة، بالعمل والتحرك العاجل، من أجل انقاذ الزملاء الصحفيين الذين تدهورت صحة الكثير منهم، بعد تعرضهم للتعذيب نحو عامين، وباتت حياتهم معرضة للخطر أكثر من أي وقت مضى.
 
في سجون المليشيا
 
يقضي في سجون المليشيا الانقلابية 21 صحفيا، يعانون ظروفا صحية غاية في البشاعة، بعد أن اختطفت بعضهم من أماكن عملهم دون تهمة، وكان من السهل عليها أن تلصق بعديد منهم تهمة التخابر مع دولة أجنبية، أو دعم التحالف العربي.
 
وفي سياق المعاملة اللا إنسانية التي يتعرض لها الصحفيون اليمنيون في سجون الحوثيين وحلفائهم، تشكو "أم الحارث عمران" ابنة عم الصحافي المختطف، عبدالخالق عمران، من الإهمال الكبير للمختطفين من قبل مليشيا الحوثي وصالح.
 
وحمَّلت أم الحارث -في تصريح خاص لـ"الموقع بوست"- جماعة الحوثي وحلفائها مسئولية ما حصل للصحفيين من آثار نفسية وجسدية جراء الاختطاف والتعذيب الممارس بشكل وحشي في السجون.
 
وتشرح أم الحارث الواقع المأساوي الذي يعيشه الصحفيون المختطفون في اليمن قائلة إن حالتهم الصحية متدهورة، و"هناك من بدأ يفقد حياته جراء استمرار الاختطاف، والبعض الآخر بدأ يفقد بصره وسمعه".
 
وعبرت أم الحارث عن استيائها الكبير من التعامل القمعي مع الصحفيين المختطفين والإهمال المتعمد لقضيتهم، وتشير إلى أنه منذ قرابة عامين على اختطاف عمران وزملائه، لم يلمسوا أي تجاوب أو تعاون من الجهات المسئولة (في إشارة إلى مليشيا الحوثي وصالح).
 
واختتمت أم الحارث بشكوى حقوقية تلخص الواقع الذي يعيشه الصحفيون المختطفين قائلة "لم نحصل على القانون المنشود لإنقاذ حياة هؤلاء الصحفيين".
 
اللقمة السائغة
 
ومع استمرار غياب الدولة بات الصحفي في اليمن عرضة للوقوع ضحية الانتهاكات التي تمارسها مختلف الأطراف في البلاد، وهو ما يُنذر بارتفاع نسبة تلك الاعتداءات.
 
وكشفت منظمة رايتس رادار (إنسانية غير حكومية) في تقرير صادر عنها اليوم الأربعاء، عن مقتل 19 إعلاميا خلال العامين الماضيين.
 
وبحسب التقرير الذي حمل عنوان "اليمن.. تكميم الأفواه"، فقد احتلت مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية المرتبة الأولى خلال 2016 في ارتكاب الانتهاكات ضد الإعلاميين، وتجاوزت 95٪ من الاعتقالات، فيما ارتكبت نحو 70٪ من عمليات قتل صحفيين"، من منتصف 2014 حتى مارس الماضي.
 
وكانت نقابة الصحفيين اليمنيين رصدت  47 حالة انتهاك، طالت صحفيين ومؤسسات إعلامية في اليمن خلال الربع الأول من العام الجاري 2017، من بنيها 8 حالات خطف، و4 حالات احتجاز، وحالتي اعتقال، وحالة ملاحقة، و5 حالات تهديد بالأذى والتصفية، و5 أخرى شروع في القتل.
 
منظمة "صحفيات بلا قيود" (غير حكومية) هي الأخرى رصدت 208 حالة انتهاك  تعرض لها الصحفيون خلال العام 2016، بينهم 9 حالات قتل.
 
وقالت في تقريرها السنوي عن واقع الحريات الصحفية إن 2016 كان العام الأسوأ بكل المقاييس في حق الصحافة اليمنية منذ عقود.
 
وشددت على ضرورة ضمان التزام وتقيد كافة أطراف الصراع بالقانون الدولي الإنساني واحترام حرية الرأي والتعبير، مؤكدة على ضرورة تغيير الخطاب العدائي تجاه الصحفيين.
 
ملاحقة مرتكبي الانتهاكات
 
ويقول عضو مجلس نقابة الصحفيين نبيل الأسيدي إن مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية ما تزال تستخدم آلة القمع وتواصل حصدها للحريات الصحفية ولكل مكتسبات العمل الصحفي.
 
وتطرق في حديثه لـ"الموقع بوست" إلى عودة الصحافة في عهد الانقلابيين إلى عهود شمولية عاشتها اليمن في فترات سابقة، متوقعا أن تواصل المليشيا القمع ضد كل من لديه رأي مخالف لها.
 
وأشار الأسيدي إلى أن نقابة الصحفيين اليمنيين ستواصل نضالها في ملاحقة مرتكبي تلك  الانتهاكات، مؤكدا أنهم لن يفلتوا من العقاب، وأن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم أبدا، ويد العدالة ستطال كل من قام بانتهاك الحقوق والحريات عاجلا أو آجلا.
 
الحكومة الشرعية من جهتها دعت اليوم الأربعاء الأمم المتحدة إلى التدخل الفوري من أجل إطلاق الصحفيين المختطفين لدى مليشيا الحوثي وصالح، والذين يعانون من ظروف صحية متدهورة، نتيجة التعذيب الذي يتعرضون له.
 
وذكرت في بيان صادر عن وزارة حقوق الإنسان أن "الضرر الذي لحق بالصحافة والصحفيين إثر سيطرة مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية على مؤسسات الدولة في الحادي عشر من سبتمبر 2014 كبير وبالغ التأثير".
 


التعليقات