انتشار القتال والكوليرا يشيع البؤس والدمار في اليمن
- رويترز الثلاثاء, 16 مايو, 2017 - 07:01 مساءً
انتشار القتال والكوليرا يشيع البؤس والدمار في اليمن

[ ممرضة تفحص طفلا مصابا بالكوليرا داخل مستشفى في الحديدة - رويترز ]

يتلوى أطفال مستلقون في ردهات مستشفيات اليمن المزدحمة من آلام الكوليرا، في حين يجوب قرويون نازحون السهول القائظة والجبال القاحلة هربا من القتال.
 
وأثار تصاعد تفشي المرض ونزوح عشرات الألوف بسبب القتال في الفترة الأخيرة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، ودفع المجتمع اليمني المنكوب بالحرب للاقتراب أكثر وأكثر من الانهيار.
 
قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومقرها جنيف إن تفشي الكوليرا في اليمن أودى بحياة 180 شخصا خلال أقل من ثلاثة أسابيع.
 
وأبدت سميرة علي، وهي أم قلقة على أطفالها، صدمتها مما شاهدته في مستشفى السبعين في صنعاء العاصمة في شمال البلاد الخاضع لسيطرة حركة الحوثي المسلحة منذ عام 2015.
 
وقالت سميرة وهي مدرسة "فجأة وجدت ابني الصغير يعاني من إسهال شديد، ذهبت إلى المستشفى وجدته ممتلئ لا نجد مكانا".
 
وأضافت "وبعد عناء تمكن الأطباء من إعطائه الأدوية وأنقذوا حياته".
 
وتفيد تقديرات الأمم المتحدة عن اليمن الآن بأن طفلا دون الخامسة يموت كل عشر دقائق جراء أسباب يمكن علاجها، وأن مليوني شخص فروا من القتال قرب ديارهم، وأن نصف المستشفيات فقط لديهم طاقم طبي وإمدادات للعمل بشكل طبيعي.
 
ويشهد اليمن، وهو بالفعل من أفقر دول الشرق الأوسط، حربا أهلية منذ عام 2015 بين الحوثيين وحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا.
 
وتدخل تحالف تقوده السعودية وتدعمه الولايات المتحدة لمساندة هادي ونفذ آلاف الضربات الجوية التي استهدفت الحوثيين، لكن مسؤولين من الأمم المتحدة قالوا العام الماضي إن هذه الضربات قتلت أكثر من ألفي مدني كذلك.
 
ويعتقد التحالف أن الحوثيين، الذين يسيطرون على أغلب التجمعات السكانية الرئيسية في اليمن، يحاربون بالوكالة عن إيران، وينفي الحوثيون ذلك ويقولون إنهم يدافعون عن اليمن ضد جيرانه والهيمنة الأمريكية.
 
ودخلت الحرب في طريق مسدود بدرجة كبيرة لنحو 18 شهرا منذ أن استعاد التحالف مساحات كبيرة من أراضي الجنوب والشرق، وأودت الحرب بحياة أكثر من عشرة آلاف شخص لكن آخر محادثات جادة للسلام انهارت قبل نحو عام.
 
ومع قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأول جولة خارجية له والتي ستشمل زيارة للرياض هذا الأسبوع، قد يتضح أن الأولوية ستكون تعزيز التحالف الأمريكي السعودي ضد إيران رغم الكارثة الإنسانية الواقعة في الجوار.
 
* القطاع الصحي في خطر
 
يبدو أن مؤسسات الدولة تفقد، أكثر من أي وقت مضى منذ بدء الحرب، قدرتها على الصمود في مواجهة الوباء وارتفاع أعداد الوفيات.
 
وأدت معركة للسيطرة على البنك المركزي إلى وقف دفع الرواتب في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء وحولها لستة أشهر مما دمر حياة العاملين في المستشفيات والقطاع الصحي.
 
وتعطلت مضخات تعقيم إمدادات المياه بسبب نقص الوقود، في حين لا تدفع شركات الصيانة التي تقوم بتنقية المياه الجوفية أجورا للعاملين ولا تحصل على إمدادات.
 
وليس حال الأطباء الذين يواجهون تفشي وباء الكوليرا بالأفضل.
 
وقال راجات مادهوك المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في اليمن "النظام الصحي في خطر، الأجور لا تأتي، يبذل عمال الإغاثة والأطباء أقصى جهدهم لكن بعضهم يترك عمله هذا بحثا عن عمل يتقاضى عنه أجرا، وكان لانهيار قيمة العملة وكل ذلك أثر متزايد يضر بشدة بالقطاع".
 
ويمتد البؤس بطول الساحل الغربي لليمن على البحر الأحمر من قتال في الشمال على امتداد الحدود مع السعودية إلى هجوم جديد يدعمه التحالف يشق طريقه إلى ميناء الحديدة الرئيسي من الجنوب.
 
وأجبرت الحملة العسكرية نحو 50 ألف شخص على الفرار من المنطقة بحثا عن الأمان هذا العام، كثيرون منهم كانوا قد فروا بالفعل من ديارهم المتأثرة بالقتال وفقا لبيانات الأمم المتحدة.
 
وروت صالحة أحمد علي (19 عاما) -الممسكة بابنها الصغير- رحلتها المرهقة على امتداد الساحل من الشمال الغربي قائلة "نحن من حرض وبسبب الحرب نزحنا إلى باجل لكي نستقر هناك ثم مكثنا لفترة، ومع اشتداد القصف على باجل نزحنا إلى مدينة الحديدة".
 
وأضافت "ولا يوجد أي شيء لكي نأكل به أطفالنا من حليب و مواد غذائية حتى لم نحصل على فرشان (أسرة) لكي ننام عليها ولا دبب ماء لكي نغسل بها أطفالنا وحتى الخيام لم يعطونا لكي نستر به حالنا، بالأمس وقع مطر لا ندري أين نختبئ وابتلت ملابسنا اللي نملكها ولكن حالتنا صعبه جداً.. هذي الحرب شردتنا من مكان إلى آخر".
 
وتساءلت شابية مانتو المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين في حديث هاتفي مع رويترز من صنعاء "لماذا لم يسفر هذا القدر الكبير من المعاناة عن جهود أكبر لإحلال السلام؟".
 
وقالت "الوضع كان كارثيا بالفعل، إلى أي مدى يتعين أن يسوء الوضع، 19 مليون شخص يواجهون معاناة حقيقية، اليمن الآن تحول إلى مخزن للبؤس، ما الذي يتعين أن يحدث أكثر من ذلك للفت انتباه العالم".
 
* الاستئساد على إيران
 
يخشى دبلوماسيون وعمال إغاثة من أن تحول الحديدة إلى منطقة حرب قد يدفع نحو نصف مليون شخص للفرار مما يزيد الضغوط على منظمات الإغاثة المنهكة بالفعل لتصل إلى نقطة الانهيار.
 
لكن حل الأزمة الإنسانية في اليمن ربما لا يحظى بأهمية تذكر أمام إحراز تقدم على إيران المنافس الإقليمي.
 
وقال جيم ماتيس وزير الدفاع الأمريكي الشهر الماضي إن محادثات مدعومة من الأمم المتحدة مطلوبة لحل الصراع، لكن إدارة ترامب تدرس زيادة التعاون المخابراتي مع تحالف تقوده السعودية ولم تستبعد مساعدة أمريكية في هجوم على الحديدة.
 
وقال دبلوماسي غربي لرويترز "الأمريكيون الآن أكثر استئسادا بكثير على إيران، من المحتمل أن يدعموا تصعيد الصراع في اليمن من أجل توجيه رسالة لإيران".
 
 
 


التعليقات