المليشيا تقود أطفال اليمن إلى الجحيم (تقرير)
- ياسر الجرادي الأحد, 01 أكتوبر, 2017 - 09:48 مساءً
المليشيا تقود أطفال اليمن إلى الجحيم (تقرير)

[ تواجه اليمن أعلى معدلات نسب سوء التغذية بين الأطفال في العالم ]

مرام ابنة العشرة أعوام تقاوم كل يوم حركة الحياة بساق واحدة إثر سقوط صاروخ كاتيوشا على منزلهم أطلقتها مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية دون شفقة للمدنيين الذين لا علاقة لهم بالحرب مطلقا.

تقف مرام في بقية حياتها بساق واحدة، كما أنها أيضا وحيدة الأسرة بعد وفاة جميع أفراد أسرتها إثر سقوط صواريخ كاتيوشا من قبل المليشيا على منزلهم، كانت هي الناجية الوحيدة من الموت، لكنها لم تنجُ من الإعاقة وملء حياتها بالبؤس والجحيم.

تعيش مرام في الوقت الحاضر لدى أسرة تقرب لأمها المتوفية هي الأخرى بقصف المليشيا، حيث تعتمد في حركة الحياة اليومية على ذاتها، إلا من مساندة قليلة لأقارب أمها الذين يتولون تربيتها ورعايتها باعتبارهم آخر ما تملكه الطفلة.

يقول أحد أقاربها لـ"الموقع بوست": "بعد حادثة استهداف منزل الطفلة أصبنا بالصدمة البالغة، حيث وجدنا جميع أفراد الأسرة تحت الركام، جميعهم موتى، عدا مرام وجدناها في الممر الأوسط للمنزل وساقها محشورة تحت ركام الحائط الذي كان مكان ارتطام الصاروخ الثالث، سحبنا الطفلة وكان ساقها اليمين معلقا وعلى وشك الانفصال عن جسدها اللين".

ويضيف: "قمنا بنقل الطفلة إلى مستشفى قريب وتم إبلاغنا من قبل الأطباء بضرورة بتر ساقها سلامة على بقية جسدها وقبل انتشار ما يسمى الغرغرينا، وبعد الانتهاء من معالجتها قمنا بنقلها إلى منزلنا كأحد أفراد أسرتنا".

وتقصف ميلشيا الحوثي وصالح الانقلابية بشكل جنوني الأحياء السكنية المكتظة بالمدنيين في مدينة تعز وسط اليمن، سقط على إثرها مئات الضحايا معظمهم من النساء والأطفال.

وخلال اليومين الماضيين كثفت المليشيا من قصفها بصواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون على تجمعات سكنية في أحياء متفرقة من المدينة، تسببت بجرائم حرب وانتهاكات إنسانية جسيمة يقف العالم بأسره صامتا تجاهها ودونما تحريك ساكن.

الموت بالوباء 

ويستمر الأطفال في دفع الثمن الأغلى في الحرب الدائرة، فقد أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في اليمن بأنّ نحو نصف الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا وعددها أكثر من 124 ألف حالة، هي من الأطفال. 

وأشارت إلى أنّ كثيرين من الذين "أصيبوا بالمرض أو ماتوا بسبب الكوليرا كانوا يعانون أصلاً من سوء تغذية". 

وتواجه اليمن أحد أعلى معدلات نسب سوء التغذية بين الأطفال في العالم، بينما الخدمات الأساسية على حافة الانهيار بصورة كاملة.

 ويعاني 2.2 مليون طفل دون الخامسة من سوء التغذية، من بينهم 462 ألفاً من سوء التغذية الحاد الوخيم. 

وقالت ممثلة اليونيسيف في اليمن إن 1.7 مليون طفل يمني تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية المتوسط، ويعاني 462 ألف طفل آخر من سوء التغذية الحاد. وذكرت أن 7.4 ملايين طفل يحتاجون إلى رعاية صحية في ظل نظام صحي أصبح "على حافة الانهيار" وفي ظل تعذر حصول 14.4 مليون يمني على مياه شرب سليمة.

من جانبها قالت هيومان رايتس ووتش إن الحوثيين وقوات صالح تنتهك الحظر الدولي المفروض على استخدام الألغام الأرضية وهو ما أدى الى مقتل واصابة مئات المدنيين وهو ما يرقى إلى مستوى "جرائم حرب".

وأضافت المنظمة في تقرير لها "إن الحوثيين وقوات موالية لصالح زرعت الألغام في ست محافظات يمنية على الاقل منذ مارس/آذار 2015، مما أدى إلى سقوط مدنيين وعرقلت عودة النازحين الفارين من الصراع إلى منازلهم".

وتذكر المنظمة "أن مسلحي الحوثي وصالح زرعوا واستخدموا ألغاما أرضية في 6 محافظات على الأقل منذ مطلع العام 2015 وانقلابهم على السلطة وإسقاط العاصمة صنعاء ومن ثم التقدم نحو المحافظات الأخرى مما تسبب في قتل وتشويه مئات المدنيين، معظمهم من الأطفال، بالإضافة إلى تعطيل الحياة المدنية في المناطق المتضررة".

وكانت قد دعت المنظمة مليشيا الحوثي وصالح إلى الالتزام باتفاقية حظر الألغام، مشددة على أن ثمة حاجة إلى مساعدة دولية لإزالة الألغام في اليمن الذي مزقه الحرب.

وتم توثيق إصابات في صفوف الأطفال نتيجة للألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب، حيث قتل 15 طفلا وأصيب 67 بجراح في أبين وعدن وأمانة العاصمة وعمران وبيضاء والضالع وذمار ولحج ومأرب وصعدة وشبوة وتعز.

وتحققت الأمم المتحدة من زيادة بمقدار 6 أضعاف في عدد الأطفال، الذين قتلوا أو شوهوا مقارنة بعام 2014، بلغ مجموعه 1953 إصابة في صفوف الأطفال (785 طفلا قتيلا و 1168 جريحا) وكان أكثر من 70 في المئة من الفتيان.

وحرمت الحرب أكثر من ثلثي اليمنيين من الحصول على العناية الطبية اللازمة، وأصبح الحصول على الغذاء أكثر صعوبة، وتؤكد اليونيسيف أن الأطفال أكثر من يدفع ثمن الحرب في اليمن، إذ إن سوء التغذية والأمراض يتسببان بوفاة طفل واحد على الأقل كل عشر دقائق.

كما حرم النزاع آلاف الأطفال من التعليم بعدما خرجت قرابة ألفي مدرسة عن الخدمة بسبب الدمار الذي لحقها أو الضرر الذي أصابها جراء تحويل مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية لها إلى ثكنات عسكرية ومخازن للأسلحة مما جعلها هدفا لمقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، أو لأنها تحولت إلى ملاجئ للنازحين.

ووفقا للانتهاكات، تحققت الأمم المتحدة من 51 حادثة تتعلق باستخدام المدارس لأغراض عسكرية، وقع معظمها في تعز على يد قوات الحوثيين، كما قام الحوثيون باستخدام المدارس في عدن والضالع ولحج، وتم التحقق من 4 حوادث تتعلق باستخدام المستشفيات لأغراض عسكرية.

اقتياد الأطفال إلى الجحيم 

وكانت قد كشفت ندوة في الربع الأول من العام 2017  بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف بسويسرا أن عدد الأطفال اليمنيين الذين جندتهم مليشيا الحوثي وصالح بلغ أكثر من عشرة آلاف، وذكرت أن معظم الأطفال المجندين أُخذوا من المدارس، ومعظمهم دون علم عائلاتهم.

واتهمت منظمة العفو الدولية (أمنستي) مليشيا الحوثي بتجنيد أطفال لا تتجاوز أعمار بعضهم 15 عاما، وأنه جرى استخدامهم في "الخطوط الأمامية" في الصراع، مؤكدة أنها استقت هذه المعلومات من عائلات أطفال وقصر جنّدهم الحوثيون في صنعاء.

وقالت المنظمة في تقرير سابق لها "إنه من المروع أن قوات الحوثي تأخذ الأطفال بعيدا عن والديهم ومنازلهم، وتجردهم من طفولتهم لوضعهم على خط النار، مما قد يعرضهم للقتل".

ووصف التقرير تجنيد الحوثيين الأطفال بأنه "انتهاك مخز ومشين" للقانون الدولي، وطالب الحوثيين بوقف فوري لجميع أشكال تجنيد الأطفال دون سن 18 عاما.

وعن حوادث الاختطاف، ذكرت الأمم المتحدة أن هذه الحوادث تُعزى كلها إلى الحوثيين، باستثناء حادثة واحدة تعزى إلى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.


التعليقات