اليمن.. التعيينات الحكومية تتجاوز المحسوبية إلى "العائلية"
- الخليج أونلاين الاربعاء, 07 فبراير, 2018 - 05:59 مساءً
اليمن.. التعيينات الحكومية تتجاوز المحسوبية إلى

[ رئيس الحكومة اليمنية مع وزير الخارجية ]

تواجه الحكومة اليمنية، برئاسة أحمد بن دغر، جملة من الانتقادات، تأتي في مقدمتها تعيينات بعض الموظفين التي لا تفتقر فقط إلى المعايير الصحيحة، وإنما أيضاً بدأت تأخذ منحىً عائلياً في العديد من الحالات.
 
الأخطاء التي ارتكبتها حكومة بن دغر والرئيس عبد ربه منصور هادي، أثارت غضباً شديداً، ليس فقط لأنها تحدث للمرة الأولى؛ بل لأنها أيضاً تتزامن مع معركة شرسة يخوضها اليمنيون لإنهاء انقلاب الحوثيين، في إطار تطلُّعهم إلى دولة مدنية تسودها العدالة والفرص المتساوية.
 
ولعل أبرز أسباب ثورة فبراير 2011 الشعبية التي أزاحت الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من الحكم، هي شبكة التعيينات العائلية، وإن اختلف عددها ومستواها إلا أن ذلك أمر رفضه اليمنيون بالأمس واليوم وغداً.
 
- عينة فساد
 
في مشهد استهجنه ناشطون، ظهر وزير الخارجية عبد الملك المخلافي، قبل أيام، في لقاء مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، رفقة نجله (أسامة) الذي يعمل سكرتيراً أول في "الخارجية"، في حين يشغل نجله الآخر (هشام) منصب وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
 
حال المخلافي يتكرر مع رئيس الوزراء أحمد بن دغر، الذي يشغل نجله (عبد الله) منصب سكرتير رئيس الوزراء الخاص (بدرجة نائب وزير)، في حين يشغل نجله (حسين) موقع وكيل وزارة الشؤون القانونية.
 
رئيس هيئة الأركان السابق محمد علي المقدشي، أيضاً، تم تعيين نجله (هشام) ملحقاً عسكرياً بسفارة اليمن في واشنطن. كما تم تعيين سحر غانم، زوجة سكرتير الرئيس هادي، سفيرة لدى هولندا.
 
بعض الوزراء يعيِّنون أبناءهم أو أصهارهم مديرين لمكاتبهم بدرجة وكيل وزارة، ومنهم وزير الأوقاف أحمد بن عطية، وهو الوحيد الذي تراجع عن قرار تعيين ابنه، بعد ضجّة في مواقع التواصل، وما هذه الحالات سوى غيض من فيض.
 
- ضعف وإفشال
 
عضو فريق بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني سلطان الرداعي، يؤكد أن لهذه التعيينات "الفاسدة" أثراً سيئاً وكبيراً جداً يُضعف أداء الشرعية، وربما يفشلها في معركة استعادة الدولة.
 
واعتبر الرداعي، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "المسؤول الواصل إلى المسؤولية التي تفوق كفاءته وقدرته، عن طريق المحسوبية، دائم التبجح بالكفاءة والأهلية، ويحاول جهده، وباستمرارٍ، إقناع الرأي العام بأنه في مكانه المستحق، مستعيناً ببعض أتباعه".
 
وأضاف: "نقولها بكل وضوح، لن تنتصر الشرعية إلا بقادة ومسؤولين يتوافر فيهم شرطان؛ القوة والكفاءة، فالضعاف لا يبنون مجداً ولا يحمون وطناً، والأمانة إذا فُقدت في المسؤول فلا نرجو منه خيراً في خدمة شعب أو استعادة دولة" .
 
وأشار إلى أن "المحسوبية في التعيينات بشكل عام، وخاصةً تعيين الأقارب، تجعل الدولة تُدار لصالح مجموعات محددة وليس لصالح الشعب، وهنا تكمن خطورة كبيرة جداً، في أن عموم أفراد الشعب يفقد ثقته بالحكومة؛ بل ويصبح غير قادر على التضحية في سبيل هذه الدولة وينصرف لمصالحه الشخصية".
 
وتابع: "عند فقدان الأفراد الثقة بالدولة وعدم استعدادهم للتضحية، سيصعِّب ذلك معركة استعادة الدولة بشكل كبير؛ ولذلك لا بد من معالجة هذا الخلل الكبير، وتقويم اعوجاج مسار الدولة؛ لأنه في ظل الفساد والمحسوبية في التعيينات الفاسدة، خاصة العائلية، لا مواطَنة حقة يشعر بها الأفراد داخل وطنهم، ولا فرص متساوية للجميع".
 
- حملة مناهضة
 
وفي ظل غياب المؤسسات الرقابية وانشغال الناس بالحرب، لم يكن من طريقة لتعرية هذا الفساد سوى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أطلق الصحفي اليمني نبيل الأسيدي حملة "اللهم لا حسد"، التي تهدف -بحسب منشوراته على "فيسبوك"- إلى "تعرية الفساد ضمن الحكومة الشرعية في اليمن"، وتحديداً قرارات التعيينات في الوزارات والسفارات والمنح الدراسية، والتي تصْدرها الحكومة الشرعية بطريقة مخالفة للقانون، واستناداً إلى معيار القرابة الأسرية من كبار المسؤولين الذين انتزعوا قرارات تعيين في مناصب عليا للأبناء والأصهار والزوجات والأقارب.
 
وكشفت الحملة تعيينات عائلية وغير قانونية عديدة، وفساداً في المنح الدراسية إلى الجامعات الكندية والمصرية والماليزية والصينية، وتسببت في إقالة عدد من الملحقين الثقافيين في سفارتي اليمن لدى كل من مصر وماليزيا، وكانت الحملة سبباً في تراجع وزير الأوقاف عن تعيين ابنه مديراً لمكتبه.
 
ورغم نجاح الحملة في تحريك الرأي العام، فإنها لم تُثنِ الحكومة عن هذا الفساد، حيث لجأت إلى عدم إعلان بعض القرارات حين صدورها، بوسائل الإعلام الرسمية.
 


التعليقات