في الذكرى السادسة لانتخابه: هادي بوجه انقلابين وإقامة المُجبر في الرياض
- العربي الجديد الخميس, 22 فبراير, 2018 - 09:59 صباحاً
في الذكرى السادسة لانتخابه: هادي بوجه انقلابين وإقامة المُجبر في الرياض

[ الرئيس هادي ]

في الذكرى السادسة لانتخابه رئيساً، يقف الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، مع دخول العام السابع في الحكم، أمام تحديات تتعاظم كل يوم، بعد أن تغيّر وجه البلاد في عهده إلى حدّ كبير، وهو يقيم في العاصمة السعودية، الرياض. إلا أنه "عنيد" في الحدود المقدور عليها، بمقاومة ضغوط مصادرة سلطته في المناطق الجنوبية، وبدلاً من مواجهته لانقلاب واحد في صنعاء قبل عام من اليوم، بات في الذكرى السادسة، يواجه انقلاباً إضافياً، تولّد خلال العام المنصرم في عدن، بدعم من "التحالف العربي"، والإمارات على وجه التحديد.
 
ويصف سياسيون يمنيون ومعارضون للتحالف، إقامة الرئيس اليمني في العاصمة السعودية، منذ ما يقارب ثلاث سنوات، بأنها أشبه بـ "الإقامة الجبرية"، التي تمنعه من العودة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الموالية أو المصنّفة، شكلياً، كقوات موالية للشرعية والتحالف.
 
إلا أنّ مصادر في الحكومة، طلبت عدم تسميتها، ترى في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ ما هو حادث، "ليس إقامة جبرية"، بالمعنى الذي يمنعه من التحرّك، بل إنّ "هناك قيوداً وعوائق تُوضع من قبل التحالف أو بتساهل غير مباشر ومباشر منه، ويتولّاها حلفاء أبوظبي في المناطق الجنوبية لليمن على وجه خاص، هي ما يقف أمام عودة الرئيس اليمني بكامل طاقمه، ليمارس مهامه من داخل البلاد".
 
وكان ملف إقامة الرئيس اليمني في الرياض، أثير منذ شهور، بعد أنباء عن منعه من العودة إلى عدن، في أغسطس/آب من العام الماضي، وهي المدينة التي تصفها "الحكومة الشرعية" بـ"العاصمة المؤقتة"، إلا أنّ القرار الأمني والعسكري والسياسي، يخضع بدرجة أو بأخرى، لنفوذ الإمارات، التي تتولى واجهة حضور التحالف في المناطق الجنوبية، وتحالفت مع الانفصاليين من التيارات المحسوبة على "الحراك الجنوبي"، المطالب بالانفصال، على حساب الحكومة الشرعية التي كان من المقرر أن تعود إلى البلاد منذ إعلان عدن "مدينة محررة" من جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وحلفائها في العام 2015.
 
ومنذ شهور طويلة، وقع الرئيس اليمني أمام انقلاب ثانٍ في عدن، بعد الانقلاب الذي تعرّض له في صنعاء عام 2014، إذ دعمت أبو ظبي، وبصمت من الرياض، تأسيس ما يسمى بـ "المجلس الانتقالي الجنوبي" برئاسة محافظ عدن السابق، المتحالف مع الإمارات، عيدروس الزبيدي. وتبنّى المجلس الدعوة لانفصال الجنوب عن الشمال علناً، إلا أنّ مصلحة التحالف ببقاء "الشرعية"، ولو شكلياً، جعلت من الدولتين الفاعلتين في التحالف، تجمّدان نسبياً، تصعيد "الانتقالي"، مع السماح له بالتوغّل وبناء مؤسساته في المدن الجنوبية لليمن. ومع الأحداث التي شهدتها عدن، في يناير/كانون الثاني المنصرم، والتي سعى خلالها الانفصاليون، بدعم من أبو ظبي، لإكمال السيطرة على العاصمة المؤقتة، واقتحموا معسكرات القوات الموالية لهادي، كان انقلاب عدن قد أوشك على الإطاحة بآخر ما تبقى من وجود للشرعية هناك. ومنذ ذلك الحين، باتت الحكومة تؤكّد أنها واجهت انقلاباً في عدن، سعى لإسقاط الشرعية، على غرار انقلاب الحوثيين بالتحالف مع الرئيس الراحل، علي عبد الله صالح في صنعاء قبل أكثر من ثلاث سنوات.
 
وبذلك، باتت سلطة هادي أضعف من أي وقت مضى. ووفقاً لتقرير فريق الخبراء المكلّف من مجلس الأمن الدولي، والذي نُشر الشهر الجاري، فقد تآكلت سلطة الشرعية إلى حدّ أصبح مشكوكاً في ما إذا كان بمقدورها في يوم ما أن تعيد اليمن إلى سابق عهده. واستُند بهذا التقييم إلى أربعة عوامل، منها تشكيل "مجلس انتقالي جنوبي" و"استمرار الحوثيين في صنعاء وكثير من مناطق الشمال" و"انتشار عمليات مستقلة من قوات عسكرية تعمل بالوكالة ويمولها ويمدها بالسلاح أعضاء في التحالف"، في إشارة إلى الإمارات.
 
وعلى الرغم من الواقع الصعب، الذي آل إليه وضع الرئيس اليمني، إلا أنّه كان عنيداً ولا يزال، وفق سياسيين مقربين منه تحدثوا لـ "العربي الجديد"، إذ سعى لمواجهة النفوذ الإماراتي، بمختلف الإجراءات، ابتداءً من الإطاحة بنائبه السابق ورئيس الحكومة سابقاً، خالد بحاح، خلال العام 2016، أو بالقرارات التي أطاحت بمحافظين ومسؤولين محسوبين على الإمارات، في الأشهر الأخيرة، وشملت تقريباً أغلب المسؤولين الذين انضووا في تشكيلة "المجلس الانتقالي"، بعد إعلانه في مايو/أيار الماضي.
 
وكان هادي انتخب رئيساً توافقياً في 21 فبراير/شباط عام 2012، بناءً على مقتضيات مبادرة "مجلس التعاون لدول الخليج العربية"، المقدمة لانتقال السلطة في اليمن.
 
 ووقف في الـ27 من الشهر نفسه، في مقر الرئاسة اليمنية، لتسلّم الراية من سلفه الذي أطاحت به الثورة، علي عبدالله صالح، ووعد بأنه سيستمر في السلطة لعامين ويسلم الراية لخلفه، إلا أنّ الأوضاع التي مرّت بها البلاد، مدّدت لهادي أربع سنوات إلى اليوم، بدءاً من وثيقة مؤتمر الحوار الوطني الشامل، التي سمحت بتمديد الفترة الانتقالية إلى حين استكمال الترتيبات الدستورية اللازمة لإجراء انتخابات، ليأتي انقلاب الحوثيين في سبتمبر/أيلول 2014، وتدخل معه البلاد مرحلة مختلفة، اضطر معها هادي، لتقديم استقالته في يناير/كانون الثاني 2015. إلا أنه كُتبت له مرحلة جديدة في الحكم، مع تمكّنه من كسر الإقامة الجبرية في صنعاء ومغادرتها سراً إلى عدن، التي أعلن منها التراجع عن الاستقالة، ووجّه دعوة لتدخّل خارجي للدفاع عن الشرعية، تكلّل بإعلان السعودية وحلفائها "عاصفة الحزم".
 
وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، وقف هادي بانتظار هزيمة "الانقلاب" الحوثي في صنعاء، لعودة الشرعية، إلا أنّ الحرب طال أمدها أكثر مما كان متوقعاً بكثير، لكن هادي، وفي العام المنصرم، وجد نفسه أمام انقلاب ثانٍ في عدن، اضطر قبله لمغادرة المدينة، ولم يتمكّن من العودة إليها حتى اليوم. لكن الممارسات التي يتولاها حلفاء أبوظبي، وكذا القرارات الرئاسية التي تسلّح بها هادي في مواجهة الانقلاب، كلها تشير إلى أن هادي وقف في وجه محاولات الإمارات، وبصمت سعودي، مصادرة قرار الشرعية وسلطتها في العامين الأخيرين.


التعليقات