تقرير لصحيفة "ميرور" يبرز معاناة الأطفال كضحايا لصفقة السلاح البريطانية للسعودية
- ترجمة خاصة الإثنين, 26 مارس, 2018 - 10:42 مساءً
تقرير لصحيفة

[ معاناة أطفال اليمن كضحايا لصفقة السلاح البريطانية للسعودية ]

في كل ليلة في منتصف الليل.. تستيقظ حليمة صلاح وتصرخ بصوت كبير وهي مرعوبة إلى حد كبير.
 
هو دائما نفس الكابوس. لقد عادت إلى اليمن... حيث دمرت حملة القصف في السعودية ملايين الأرواح. حملة مسلحة ومجهزة من قبل بريطانيا.
 
منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، كانت حليمة تلعب خارج منزل العائلة في عدن، عندما ألقت القوات السعودية قنبلة  فقتلت على الفور اثنين من أصدقائها. ومن المحتمل أن يكون الصاروخ الذي أنهى حياتهم قد تم تصنيعه في المملكة المتحدة.

يصادف هذه الأيام الذكرى الثالثة للصراع في اليمن، وخلال هذه المدة قامت الشركات البريطانية ببيع 6 مليارات جنيه إسترليني للسعودية بموافقة الحكومة البريطانية.
 
ساهمت القنابل والمقاتلات البريطانية الصنع في أكثر من 1500 غارة جوية استهدفت 800 مدرسة ، وقتل بسببها  1600 طفل وشوه الآلاف مثل حليمة.
 
يحذر جيمس دينسيلو.. من منظمة "save the children"..أن "عشرات الآلاف قد يموتون هذا العام".
 
كانت حليمة في الخامسة من عمرها عندما دمر الانفجار كل شيء وتركها شبه مكفوفة وبالكاد تستطيع المشي.
 
وقد أنقذ حياتها والدها أنور ذو 56 عاما، وجرها من تحت الأنقاض وأخذها إلى مركز طبي حيث تلقت العلاج من جروح ناجمة عن شظايا. يقول أنور: "عندما وجدتها.. ظننت أنها ماتت".
 
ويضيف الأب " أخذتها إلى الطبيب ، ولكن هذا تم عندما علمنا أن علينا المغادرة. لا نعرف من يدفع ثمن القصف.. لكننا نريد فقط أن تتوقف هذه الحملة".
 
أجبر الصراع ما يقرب من 50,000 شخص على الفرار من اليمن. وهذا يخجل من علاقة بريطانيا الوثيقة بالمملكة العربية السعودية.
 
في هذا الشهر ، تناول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وجبة العشاء مع تيريزا ماي والملكة.
 
.تزعم تيريزا ماي أنها أظهرت "مخاوف عميقة" مع الأمير حول أسوأ أزمة إنسانية في العالم والتي تتكشف في اليمن... حيث تضرر 11.3 مليون طفل.


 
ومع ذلك.. يفهم أن وزارة الخارجية على وشك الموافقة على  بيع شركة BAE Systems العملاقة 48 طائرة قتالية من نوع تايفون إلى المملكة العربية السعودية.
 
وللاحتفال بالذكرى السنوية للصراع... ستقدم منظمة"save the childrein"  60,000  للدعوة إلى وقف هذه المبيعات.
 
هرب أنور وزوجته إقرى ذات 33 عاماً ...من اليمن بعد أيام من سقوط القنبلة... أخذوا معهم حليمة وأطفالهم التسعة الآخرين للعبور إلى الصومال حيث توجد حرب أهلية وجفاف.
 
وهي تعتبر معقل للجماعات الإسلامية المتطرفة... ومع ذلك فهي ملاذ آمن مقارنة باليمن... حيث ضربت القنابل المستشفيات وشحنات الغذاء مما دفع بالبلاد إلى حافة المجاعة.
 
وأدى الإفتقار إلى الغذاء والإمدادات الطبية المناسبة إلى ظهور ما يقرب من مليون حالة من حالات الكوليرا التي يعتقد أنها أسوأ تفشي للوباء منذ بدء التسجيل.


 
مثل الكثير من الناس الذين شهدوا العنف المروع بطريقة مباشرة.. تجد حليمة الصغيرة تواجه صعوبة في التحدث عن القنبلة أو أصدقائها القتلى.
 
أبيشيمو حامد ذات 40 عاما تتفهم ألمها. وهي صومالية... هربت من بلدها الأم قبل 20 عاماً هرباً من الحرب الأهلية وبناء حياة جديدة في اليمن حيث عملت كمنظفة لمساندة أطفالها الثلاثة المراهقين. الآن حوّلت الحرب حياتها رأسًا على عقب وقادتها إلى الصومال.
 
وقد اتخذت قرارها عندما كانت أحد صديقاتها الحوامل تسافر في حافلة مع أطفالها الخمسة عندما استهدفتها الطائرات الحربية.
 
قالت "كانوا يعتقدون أن الحافلة كانت تحمل القنابل"...وأضافت "قتلت صديقتي مع أطفالها الجميع، وكانت هناك أجزاء من الجثث في كل مكان، كان بعضهم محترق".
 
بعد تسعة أيام ، فرت أبيشيمو وأطفالها إلى الصومال بمساعدة رجل أخفاها بين الماشية في قارب، وتعيش الأسرة الآن في كوخ للاجئين في غاروي، في منطقة بونتلاند في البلاد.
 
وبعد عدد من الأكواخ على طول المخيم وجدنا مزمل إبراهيم ذو 26 عاماً، وقد تم القبض عليه في هجوم آخر على حافلة في عام 2016 فقد فيه ذراعه اليسرى. قال: "لقد فقدت الكثير من الدم وكدت أموت".
 
في اليمن.. كان يغسل السيارات من أجل لقمة العيش، لكن في الصومال تحول إلى التسول للحصول على الطعام. وفي العام الماضي ، أنجبت زوجته ثلاثة توائم. مات الثلاثة من سوء التغذية.


 
ويقول مزمل: "قبل الحرب في اليمن.. كان لدينا طعام ويمكن للأطفال الذهاب إلى المدرسة. أما هنا ليس لدينا أي شيء".
 
اللاجئة زينب عمر.. 25 عاماً.. فرت من اليمن بعد وقت قصير من اندلاع الحرب ، وكانت قلقة على أطفالها.... إلا أن الجفاف ونقص الغذاء في الصومال مزقت حياتها.
 
قبل ثمانية أشهر...ماتت ابنتاها ياسمين وعائشة من سوء التغذية والكوليرا. وتقول: "لدي منذ ذلك الحين توأمان وأعتقد أن أحدهم يعاني من سوء التغذية.
 
وأضافت "لقد أخبرني الأطباء أن أذهب بها إلى المستشفى ، لكنني لا أملك المال. ربما لو أن الحرب في اليمن لم تكن قد حدثت...فإن يامسين و عائشة لظلتا مجودتان.
 
كما غادرت فادومو أحمد اليمن لأنها كانت تخشى على حياة ابنها بشير. وكانت تعيش حياة جيدة قبل الحرب وتعمل في صالون تجميل في مدينة "المكلا" بينما كان زوجها يعمل في شركة للبنزين.
 
أما الآن.. تتوسل أصحاب المتاجر المحليين للحصول على الطعام لإبقاء عائلتها على قيد الحياة. وتقول فادومو: "ترك اليمن كان مأساوياً... لكن لم يكن لدينا خيار آخر". وأضافت "لقد رأيت قنابل تنفجر في كل مكان والكثير من الوفيات والإصابات والدخان في كل مكان. لقد فقدت أصدقاء وشاهدت آخرين يشوهون.
 
وأتبعت قائلة "قامت مجموعات المتمردين بأخذ الناس من منازلهم وذبحهم... ثم أخذت ملابسهم الدامية لإعطائهم لعائلاتهم كتحذير".
 
جميع هذه العائلات المحطمة يريدون العودة إلى ديارهم والعودة إلى حياتهم القديمة. ولكن كما تتوقع منظمة "save the children" أن السنة الرابعة من الحرب يمكن أن تكون الأكثر دمويةً حتى الآن...ويبدو ذلك حلمًا بعيد المنال.
 
يقول أنور: "أطفالي لا يعرفون أي مكان سوى وطنهم. لكنهم الآن خائفون من ذلك... نتوق إلى العودة لكننا لا نستطيع ذلك... إنها ليست آمنة".
 
ومن المحتمل أن يصبح الأمر أكثر خطورة إذا انتهى الأمر بمزيد من الطائرات الحربية البريطانية الصنع مع طيارين سعوديين في سماء اليمن.
 
لا نهاية تلوح في الأفق للصراع الذي أشعله الربيع العربي.
 
تعود جذور الصراع اليمني إلى ربيع عام 2010 ، وهي موجة ثورية من الإصلاح في العديد من البلدان.
 
شهدت الانتفاضة الإطاحة بالرئيس علي عبد الله صالح وتعيين نائبه عبد ربه منصور هادي. لكنه كافح للتعامل مع هجمات الجماعات الانفصالية مثل حركة الحوثي.
 
حصلت الجماعة على موطئ قدم في الشمال في عام 2014 قبل أن تحاول السيطرة على البلاد. وبسبب الانزعاج من ارتباطات الحوثيين بإيران... قامت تسع دول عربية تقودها السعودية بمحاولة استعادة الحكومة السابقة.
 
ولهذا أُطلقت حملة قصف مستمرة بدعم من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا، لكن بعد مرور ثلاث سنوات، ترسخ كلا الجانبين، وفشلت محاولات اتفاق سلام المدعومة من الأمم المتحدة.


 
خلال السنوات الثلاث الماضية تعرض الأطفال في اليمن للقصف والتجويع دون محاسبة المسؤولين.
 
توفي الآلاف في منازلهم وفي المستشفيات أثناء انتظارهم عبثاً للحصول على الأدوية المنقذة للحياة.
 
يمكن أن يموت عشرات الآلاف غيرهم هذا العام لو لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء العنف.
 
الأطفال الذين شعروا ذات مرة بأن لديهم مستقبلاً شهدوا تحول مدنهم وأحلامهم إلى أنقاض. حوالي نصف المستشفيات في البلاد قد تضررت الآن ودمرت.
 
وقد تم تجنيد مئات من المدارس أو الهجوم عليها.... كما أصبح أربعة ملايين طفل على حافة المجاعة.
 
تقع على عاتق بريطانيا التزامات أخلاقية وقانونية لاستخدام علاقاتها الوثيقة مع المملكة العربية السعودية لضمان عدم استخدام الأسلحة بشكل عشوائي... مما يؤدي إلى قتل وتشويه الأطفال.
 
ما هي الضمانات التي تتمتع بها المملكة المتحدة من عدم استخدام الأسلحة البريطانية الصنع كجزء من حملة جوية أصابت بالفعل 800 مدرسة في اليمن؟
 
فقد باعت الشركات البريطانية أكثر من 6 مليارات جنيه إسترليني من الأسلحة للسعودية منذ تصاعد الحرب في اليمن قبل ثلاث سنوات.... وأتعس شيء هو أن كل هذه المعاناة هي من صنع الإنسان.
 
كل ما نحتاجه هو الإرادة السياسية من جميع الأطراف المتحاربة لوضع حد لإراقة الدماء والفتح الكامل للحصار حتى يمكن للإمدادات الإنسانية والتجارية الدخول إلى اليمن.
 
بدون ذلك... من المرجح أن تكون السنة الرابعة من حربها الأكثر دمويةً حتى الآن.


التعليقات