تعرف على حقيقة منظمة البلسم الطبية التي سمح لها التحالف العربي بدخول اليمن
- خاص الخميس, 12 أبريل, 2018 - 03:59 صباحاً
تعرف على حقيقة منظمة البلسم الطبية التي سمح لها التحالف العربي بدخول اليمن

[ صورة لفريق المنظمة وفق ما نشرته وسائل الإعلام السعودية ]

احتفت وسائل الإعلام التابعة للتحالف العربي بشكل واسع بخبر سماح التحالف لمنظمة اسمها منظمة البلسم الطبية الدولية بدخول اليمن لعلاج مرضى القلب بالتنسيق مع وزارة الصحة في الحكومة الشرعية، وذلك استجابة لرسالة بعثها مركز نبض الحياة في مدينة المكلا أكد فيها وجود حالات متزايدة لمرضى القلب هناك.

وقالت وكالة "واس" السعودية إن موافقة التحالف على دخول المنظمة وتوفير الدعم اللوجيستي الذي تحتاجه لتسهيل أعمالها داخل اليمن يأتي بناءً على حرص دول التحالف العربي بقيادة المملكة على سلامة الشعب اليمني وتوفير ما يحتاجه من أمور علاجية ملحة.

وذكرت الوكالة أن هذه الاستجابة الفورية تأتي في إطار الجهود المتواصلة بمنح تصاريح للمنظمات والجمعيات الإنسانية الدولية وتسهيل إجراءات دخولهم للأراضي اليمنية بالتنسيق مع الحكومة الشرعية اليمنية.

كان الاسم لافتا، إذ لم يتردد اسم المنظمة من قبل في وسائل الإعلام سواء السعودية أو اليمنية أو الدولية، ودفعنا هذا للبحث عن حقيقة المنظمة، التي تظهر لأول مرة بهذا الاسم، وسمح لها التحالف العربي بالدخول لليمن من بين كل المنظمات الإغاثية الدولية، واحتفى بالحدث كإنجاز إنساني.

وفي حديثه عنها قال الإعلام السعودي إن المنظمة هي إحدى المنظمات الطبية التطوعية التي يعمل فريقها الطبي منذ أكثر من 20 عاماً في عدة دول لعلاج وجراحات القلب في أقصى الظروف البيئية، وهو ما نشرته وكالة "واس" ونقلته عنها جميع وسائل الإعلام السعودية، والموالية لها عربيا.

بحثنا في محرك البحث "جوجل" عن المنظمة، ولم تظهر سوى الأخبار التي تناولت سماح التحالف العربي لها بالدخول إلى اليمن، والتي تداولتها وسائل عربية عديدة، وفي مقدمتها الإعلام السعودي، وبدا واضحا عدم وجود أي معلومات تتحدث عن المنظمة أو تعريف بها، وكان ذلك مثيرا للاستفهام، فكيف لمنظمة تعمل لمدة 20 عاما، وليس لها أي أرشيف أو بيانات في جوجل.


التغريدة الأولى التي تحدثت عن ظهور المنظمة

انتقلنا بعدها إلى موقع "تويتر" الذي يعد الأكثر استخداما من قبل الأشخاص والمنظمات، وأثناء البحث ظهرت لنا تغريدة لأحد الأشخاص وفيها صورة لفريق المنظمة، وشعارها، ورابط الموقع الإلكتروني.

خلال تصفحنا للموقع ذهبنا إلى نافذة " من نحن" وفيها تحدثت المنظمة عن هويتها، وقالت بأنها فريق طبي عالمي، ذو خبرة طويلة، عمل في علاج أمراض في كثير من الدول ذات الإمكانات المحدودة على مدى عقدين من الزمن، وأجرى ما يقرب من ألف حالة قلب مفتوح، وقسطرة علاجية تداخلية، بنسبة نجاح عالية برغم الإمكانات المحدودة.

تقول المنظمة في تعريفها بأنها عملت في اليمن كثيراً، بالإضافة إلى دول أخرى قريبة وبعيدة، مثل قرغيزستان، السودان، المغرب، مالي، راوندا وموريتانيا، وإنها مسجلة في سويسرا كمنظمة طبية خيرية لا ربحية.

عند تصفح الأخبار التي تغطي أنشطة المنظمة تبين وجود ستة أخبار فقط، وأحدهما خبر السماح لها بالتوجه إلى اليمن، وخبر عبارة عن مادة توعوية، والبقية أخبار عن مشاريع نفذتها هيئة الإغاثة الإسلامية التابعة للسعودية، وتلك الأخبار لا يظهر فيها أي تأريخ يؤكد متى نشرت.

بدا واضحا وجود تناقض بين ما تذكره المنظمة بأنها تعمل منذ 20 عاما، وبين الأنشطة المدونة بالموقع، ومن خلال التجول في الموقع يوحي بأنه جديد وأنشئ حديثا، ولا توجد مواد وأخبار تعكس أرشيف العمل الطبي للمنظمة طوال تلك السنوات، كما لا توجد لها أي صفحات بمواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر.


التغريدة الثانية التي ظهر فيها رابط المنظمة لأول مرة وفريق العمل

توجهنا لنافذة أخرى، وهي قائمة المشاريع السابقة نفذتها المنظمة، وتظهر المعلومات المدونة في الموقع ستة مشاريع تم تنفيذها خلال العشرين سنة الماضية، ومنها مشروع في اليمن.

عند البحث عن المشروع المنفذ في اليمن تبين أن مؤسسة أمراض القلب الخيرية التي تعمل في حضرموت استضافت بعثة طبية سعودية استشارية مكونة من 17 طبيبا سعوديا في مستشفى دوعن - خلية بقشان بتأريخ 28 ديسمبر من العام 2010م، وكما يبدو أن الزيارة كانت ممولة من رجل الأعمال بقشان، ولم يكن حينها أي وجود لمؤسسة بلسم الطبية، التي ظهرت الآن ونسبت المشروع لنفسها، والصورة التي نشرتها المنظمة في موقعها، هي ذاتها التي نشرت في موقع مؤسسة أمراض القلب الخيرية.


المشروع الذي قالت المنظمة إنها تفذته سابقا في اليمن

المشروع الثاني الذي تقول المنظمة إنها نظمته كان تنفيذ عمليات قلب في رواندا، وعند البحث تبين أنها مجموعة من العمليات أجريت في مستشفى الملك فيصل الممول سعوديا في رواندا، ولم نستطيع العثور في موقع المستشفى الإلكتروني عن معلومات تؤكد متى كانت تلك الزيارة.

مشاريع أخرى قالت المنظمة إنها نفذتها في السودان وموريتانيا، وعند البحث عنها اتضح أن فريقا طبيا سعوديا أجرى تلك العمليات بالتعاون مع هيئة الإغاثة السعودية في أوقات متفاوتة، ولم يرد فيها أي معلومات عن منظمة البلسم الحديثة.

ومثلها المشاريع التي قالت المنظمة إنها نفذتها في موريتانيا، فقد أجراها فريق طبي سعودي من قبل، ولم يكن هناك أي علاقة لمنظمة بلسم بالأمر.

ويمكن العودة لهذا الفيديو الذي بثته إحدى القنوات السعودية عن العمليات التي أجراها الفريق من قبل في موريتانيا، في شهر يوليو من العام 2017م.


ذات الصورة نشرها موقع مؤسسة أمراض القلب الخيرية بحضرموت في 2010م

أما المشروع الذي تحدثت عنه المنظمة بأنها نفذته كأحد مشاريعها السابقة طوال الـ20 عاما في قرغيزستان، فقد بينت نتائج البحث الذي أجريناه أن المشروع نفذ في 22 يونيو من العام 2012م بتنظيم من هيئة الإغاثة الإسلامية السعودية، وكان رئيس الوفد الطبي هو استشاري أول جراحة القلب الدكتور عماد بخاري، وهو عضو مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لمنظمة بلسم الوليدة.

ومن ضمن المشاريع الستة على سبيل المثال اعتبار محاضرة ألقاها رئيس المنظمة في وقت سابق بالرياض أحد المشاريع المنجزة للمنظمة خلال فترة الـ20 عاما الماضية.

وفي نافذة أطلق عليها التزكيات، لم ينشر فيها سوى المخاطبات الخاصة بطلب تدخل المنظمة للعمل في اليمن، من قبل وزارة الصحة اليمنية، وهو تأكيد آخر أن المنظمة حديثة النشأة والظهور والعمل.

في نافذة فريق العمل الموجودة بموقع المنظمة، اتضح أن كل أعضاء الفريق الطبي هم أساسا أطباء سعوديون، وتظهر ألقابهم ذلك، مع احتمال وجود أطباء من جنسيات أخرى، بسبب تشابه الأسماء في أكثر من دولة خليجية، وهم خالد بن محمد العقيل عضو مجلس الإدارة، و د. محفوظ بن مرعي بن محفوظ، عضو مجلس الإدارة، و أ.د. عماد بن عبدالله بخاري، عضو مجلس الإدارة والمدير التنفيذي، و أ.د. راكان بن إبراهيم ناظر، رئيس الفريق الطبي، و د. عبدالعزيز بن عبدالحميد خوجه، عضو الفريق الطبي، و أ. سلطان بن إبراهيم العويدان، عضو الفريق الطبي، و أ. وليد بن مبروك بن بخيت، عضو الفريق الطبي، و أ. محمد بن ناصر الشهراني، عضو الفريق الطبي، و أ. وليد بن عواض المطيري، عضو الفريق الطبي، و أ. محمد بن عبدالله الشهراني.

وبالعودة للحساب الذي عثرنا عليه في تويتر أول مرة وعليه رابط المنظمة، تبين أنه خاص براكان ناظر رئيس الفريق الطبي، وهو سعودي الجنسية، وغرد برابط موقع المنظمة في الثالث من أبريل الجاري، وعند تصفح حسابه لمعرفة وجود تغريدات سابقة له عن المنظمة، ظهرت تغريدة أخرى له بتأريخ 29 مارس الماضي وتضمنت عبارة "بداية مشرقة لعمل جبار بإذن الله" مرفقة برابط المنظمة، وشعارها، ما يعني أن المنظمة تم استحداثها مؤخرا بهذا الاسم، وتظهر الصور المرفقة هذه المعلومات.

بقي ما ذكرته المنظمة أن لديها تصريح مسجل في سويسرا، وللتحري عن هذه المعلومة، بحثنا في موقعين مخصصين لأسماء المنظمات التي منحتها السلطات السويسرية تصاريح العمل، الأول هو موقع (genevainternational) والثاني موقع (geneve-int.ch)، وكانت النتيجة في كلا الموقعين عدم وجود منظمة تحمل هذا الاسم، مع تأكيد الموقعين بأن قائمة مواقع المنظمات المسجلة قد لا تكون شاملة.

من الواضح أن هناك فريق طبي سعودي يعمل من قبل في مجال العمل الإنساني الطبي، وتم إعادة تشكيله تحت مسمى منظمة البلسم، ثم جرى تقديم الحدث باعتباره منجزا إنسانيا للتحالف العربي في اليمن، بينما كلما فعله هو السماح لبعض مواطنيه بدخول اليمن، عبر منظمة استحدثها مؤخرا ويسوق لنفسه من خلالها باعتباره يقوم بعمل إنساني داخل اليمن.

ويبقى السؤال الأهم هنا: لماذا اضطر التحالف العربي لفعل كل هذا؟ وبهذه الطريقة؟


التعليقات