أوكسفام: الوضع الإنساني جنوب اليمن مأساوي لا يقل معاناة عن الشمال (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة الاربعاء, 16 مايو, 2018 - 07:16 مساءً
أوكسفام: الوضع الإنساني جنوب اليمن مأساوي لا يقل معاناة عن الشمال (ترجمة خاصة)

[ المجتمعات جنوب اليمن تعاني بعمق وتصرخ من أجل الاعتراف بهم والمساعدة ]

قالت منظمة أوكسفام الأمريكية إن الوضع الإنساني في جنوب اليمن، مأساوي، لا يقل معاناة عن مناطق شمال اليمن التي تشهد حصارا وغارات مكثفة لمقاتلات التحالف العربي التي تقوده السعودية.
 
والشهر الماضي ، زار سكوت بول من منظمة أوكسفام جنوب اليمن لفهم الأزمة الإنسانية الجارية في جميع أنحاء البلاد بشكل أفضل - وهي أزمة في حاجة ماسة إلى حل سلمي - حد وصف المنظمة.
 
وقالت المنظمة في تقرير لها نشرته على صفحتها الرسمية في شبكة الإنترنت وترجمه "الموقع بوست" إن المجتمعات في جنوب اليمن تعاني بعمق وتصرخ من أجل الاعتراف بهم والمساعدة لكن  - حسب المنظمة - في كثير من الأحيان، لم يتم سماعهم.
 
وأضافت أن سكوت  قام بزيارة جنوب اليمن ما بين 12-22 من أبريل، وذلك من أجل الحصول على معلومات أفضل لمحركات الأزمة الإنسانية التي تحدث هناك في جميع أنحاء البلاد.
 
تحدث سكوت بول مع المنظمات اليمنية حول العقبات التي تعترض قدرتهم على قيادة الإستجابة الإنسانية، وبناء فهم أكثر تفصيلاً لقدرة ميناء عدن، ومقابلة الأشخاص المتضررين من النزاع. فقط من ملاحظة بعض الأشياء، وقال "تأكدت مما كنت أعلمه سابقاً: ففي جميع أنحاء اليمن، تقل مصادر الدخل مع إرتفاع الأسعار وانهيار الخدمات العامة، مما يجعل العائلات غير قادرة على تحمل التكاليف الأساسية".  وأضاف "لكنني أدركت شيئا جديدا متعلقا بمشاعر الناس في الجنوب بسبب انعدام الصوت".
 
وقال "يبدو أن الكثيرين يفترضون أن غياب الغارات الجوية البارزة ووجود مؤسسات مرتبطة بالحكومة المعترف بها دوليًا يعني حياة أفضل، ولكن ليست هذه هي القضية –حد قوله-  فالمجتمعات في جنوب اليمن تعاني بعمق وتصرخ من أجل الاعتراف بهم والمساعدة لكن في كثير من الأحيان، لم يتم سماعهم".
 
علي في لحج
 
لدى علي شيء لا يملكه معظم اليمنيين، وهو راتب منتظم. حيث إن الغالبية العظمى من موظفي الخدمة المدنية في اليمن البالغ عددهم 1.5 مليون لم تحصل على أي شيء منذ شهر أغسطس 2016، ويعملون في أمور تعينهم في حياتهم. لكن علي، وهو مدرس، يحصل على راتب قدره 36،000 ريال يمني كل شهر.
 
قابلت علي في (مالبيه)، وهي قرية صغيرة في محافظة لحج على الحدود مع محافظة تعز المجاورة. استغرق الأمر ثلاث ساعات ونصف من القيادة من عدن للوصول إلى هناك، نصفها على طريق ترابي غير مستقر. وتحيط بالقرية أشجار النخيل التي لم يتم حصادها حيث لم يعد العمال يمتلكون المعدات لتسلقها وحصد ثمارها. كان علي أول من قدم نفسه لي، وكان حريص على شرح الوضع حتى يفهمه الناس في جميع أنحاء العالم بشكل أفضل.
 
القتال بين الحوثيين والقوات الحكومية (الشرعية) كان قريباً على الجانب الشمالي من الجبل المطل على القرية، لكن علي وعائلته يشعرون بالأمان هنا. ومع ذلك، فإن واقع الحرب يمس كل شيء في اليمن، حتى بالنسبة للأشخاص الذين لم يواجهوا الصواريخ والقذائف والألغام الأرضية. قبل تصاعد النزاع في سفوح جبال السروات وعلى بعد أميال من أقرب طريق معبدة أو مدينة، كانت أكياس الدقيق متوفرة مقابل 200 ريال بسعر الصرف لعام 2015، حوالي 90 سنتاً. اليوم يكلف 1,200 ريال أي حوالي 2.50 دولار أمريكي. المورد الوحيد للمياه المتاح في المدينة هو من المضخة والبئر الذي أعاد تأهيله فريق أوكسفام. يتم تحديد الأسعار من قبل المجتمع حتى يتمكنوا من تحمل تكاليف الصيانة والإصلاحات المستقبلية دون مساعدة خارجية.
 
حتى راتب علي لم يعد مناسباً كما كان قبل الحرب، كان راتب علي يساوي حوالي 170 دولارًا في الشهر. وبسبب انهيار الاقتصاد والمؤسسات المالية في اليمن، أصبح راتبه يبلغ 75 دولاراً. في كل شهر عندما ينفد راتبه، يستعير علي من مالكي المتاجر المحليين لشراء الطعام. وعندما يرفض مالكو المتاجر فإن عائلة علي تأكل أقل. لحسن الحظ أن أصحاب المتاجر يوافقون عادةً، ولكن بشرط أن يضمن مدير المدرسة الحصول على الراتب.
 
سألت علي عما يريد أن يفهمه الناس وما يمكنهم فعله للمساعدة، فقال "ليس لدي المزيد من الكلمات للشرح....إذا عرف العالم ما يحدث فسيوقفون الحرب. كل هذا هو بسبب الحرب".
 
فاطمة وحيدر، من النازحين إلى لحج
 
بالنسبة إلى علي، الحرب عبارة عن تشديد اقتصادي كل يوم، وليس تهديدًا لسلامته الجسدية كما هو الحال بالنسبة لفاطمة وحيدر.
 
فاطمة دعتني إلى منطقة خلف منزل كان موطنها منذ عام 2016. كانت المنطقة مغطاة بورق يبدو أنها توفر حماية كافية ضد الشمس ولكن ليس من البرد أو المطر أو الثعابين. تبلغ فاطمة من العمر 85 عامًا.
 
فاطمة التي تبلغ من العمر 85 عاماً، قالت لي: "نحن نعاني الكثير، ليس لدينا فراش وأنا أنام على هذه الأرض الوعرة". عندما سألتها لماذا تركت قريتها، في منطقة الموزع في محافظة تعز، كانت عيناها مليئتين بالخوف والغضب بسبب الضربات الجوية، فقد استخدمت ذراعيها للتعبير عن ذلك. أردت الاستماع إليها بقدر ما كانت تريد أن تتحدث، لكنها قالت "سأبكي بدموع دموية....فكما ترون، نحن هنا مثل الأغنام".
 
على الطريق الرئيسي في (مالبيه)، وبينما كنت مستعداً للمغادرة، أوقفني حيدر ليسرد رحلته الخاصة وآلامه الحالية. اعتاد حيدر العيش في زبيد، وهي بلدة تاريخية في محافظة الحديدة. أوضح لي حيدر أن المدينة انهارت وأن الرعاية الصحية والمياه غير متوفرة، وأن الطعام لا يمكن توفيره.

دمرت الغارات الجوية والقتال في الأرض حياته، وجعلته في خطر كل يوم ولكن أكثر ما كان يهم حيدر هي الألغام الأرضية، فهي موجودة في كل مكان. أما )مالبيه( منطقة آمنة، لكن الحياة فيها صعبة. قال لي: "لا أملك إلا المال عندما يحتاج الناس مني لحمل مستلزمات البناء إلى فوق التل". إذا توقفت الحرب، فهو واثق من أنه يستطيع العثور على وظيفة في وطنه، ولكن في الوقت الحالي هذا هو أفضل مكان له.
 
حرب اليمن تتصاعد
 
على مدار السنوات الثلاث الماضية، خرج العنف في اليمن عن السيطرة. حيث دمر القتال على الأرض المدن بأكملها وأصبحت الضربات الجوية على العيادات الصحية والمدارس والمصانع والمزارع شائعة لدرجة أنها لم تعد تثير القلق الدولي. لكن حتى العناوين الرئيسية للعنف والوفيات هي في الواقع ليست واضحة كمحنة النساء والفتيات في اليمن، اللواتي يعانين من سوء التغذية والمرض وزواج القاصرات. ونتيجة لعدم اكتراثه، سمح المجتمع الدولي لهذه الانتهاكات البغيضة بأن تصبح ضجيج الخلفية للحرب في اليمن.
 
وبدلاً من السعي إلى تحقيق سلام عاجل، تتجه الأحزاب إلى  الإستراتيجيات المستحيلة لكسب الحرب. يبدو أن وتيرة إطلاق الصواريخ الباليستية على السعودية ازدادت هذا الشهر، في حين يواصل التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية هجومًا عسكريًا للاستيلاء على الحديدة، أهم ميناء في اليمن. إذا استمر التحالف في هذا الهجوم ، فمن المرجح أن يسبب الهجوم المجاعة وأكبر أزمة في الصحة العامة في جيل كامل. وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة، مارتن غريفيث، لمجلس الأمن إنه "بحركة واحدة، سيخرج السلام من المائدة". ومع ذلك، حذرت عدد قليل من الجهات الدولية من هذا الهجوم. وفي جلسة استماع عقدت في 17 أبريل أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، رفض مساعد وزيرة الخارجية بالوكالة ديفيد ساترفيلد استبعاد احتمال أن تواصل الولايات المتحدة دعم التحالف إذا مضت قدما في الحديدة.
 
عدن في سلام لكنها لا تزال تعاني من الحرب
 
تستند الجهود الإنسانية الدولية في المحافظات الجنوبية على مدينة عدن، عاصمة جنوب اليمن قبل توحيدها عام 1990. وتحمل شوارع مدينة عدن علامات معركة شرسة كانت هنا.
 
في عام 2015، استولت قوات متحالفة مع الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح على معظم المدينة، ولكن تم طردهم في نهاية المطاف من خلال مجموعة من القوى المتحالفة مع الحكومة اليمنية والتحالف الذي تقوده السعودية. عند مرورك بالشوارع تتراكم أكوام من الحطام جنباً إلى جنب مع المباني التي لا تزال قائمة مع وجود جوانب مجوفة وواجهات تحمل ثقوبًا بالرصاص. يتحدث العديد من السكان علانية على مقتل أفراد عائلاتهم بالرصاص من القناصة الحوثيين وقصفهم المكثف. وبالنسبة للكثيرين، فإن ذكرى أصوات الوكالات الإنسانية بالنيابة عن اليمنيين في الشمال تقف في تناقض صارخ مع صمتهم وغيابهم خلال معركة عدن. أنا فخور عادة بانتمائي للعمل الإنساني، لكن هذا الفشل في عدن يجعلني أشعر بالعار.
 
اليوم ، لا يوجد نيران القناصة أو القصف في عدن. توجد  فواكه طازجة من المتاجر وعمال المطاعم وهم يضعون أطباق ضخمة من الأرز واللحم وتمتلأ الشوارع صخبًا رائعًا. ولكن تحت قشرة الحياة الطبيعية هناك الحياة الاقتصادية الخانقة التي رأيتها في(المالبية) النائية. تعني الأسعار المرتفعة أن الخبز، ناهيك عن الفواكه والأرز واللحم في كل مكان يمثل تحديًا بالنسبة لمعظم الأسر. يشكّل السائقون أصحاب الخطوط الطويلة في محطات الوقود لشراء الوقود بأسعار باهظة، حتى يتمكنوا من الوصول إلى العمل ومنه الأسبوع المقبل ، مع العلم تمامًا بأنهم ينفقون أموال عشاء تلك الليلة. بالنسبة للبعض، فإن الافتقار إلى العمل، وارتفاع الأسعار، وعدم الوصول إلى المياه المأمونة يشكل تهديداً للحياة. النساء والفتيات اللواتي يأتين إلى هنا من الريف معرضات بشكل خاص للمضايقة والعنف القائم على نوع الجنس أثناء قيامهن بأعمالهن اليومية.
 
حتى الشركات الكبيرة مهددة، ووفقاً للغرفة التجارية في عدن لم يتم إعادة فتح أكثر من 200 مصنع وشركة تم إغلاقها خلال القتال في 2015، مما أدى إلى ترك عشرات الآلاف من الأشخاص أعمالهم . وتكافح الشركات المفتوحة من أجل البقاء والحفاظ على توظيف العمال. أحد زملائي، وهو عدني عايش في عدن يشهد بانتظام على بؤس أفقر اليمنيين في المحافظات المحيطة به، لم يستطع احتواء ضغوطه بعد زيارتنا لغرفة التجارة: "أعرف أن الناس يعانون، لكن هاؤلاء أغنياء..... عندما تسوء الأمور فإنها ترفع الأسعار وتبقى عالية، وكأنها ليست مشكلة ..لقد اعتدنا على ذلك.
 
قيود الاستيراد تؤذي اليمنيين في كل مكان
 
منذ عام 2015، فرض التحالف الذي تقوده السعودية قيوداً شديدة على الواردات عبر موانئ الحديدة وصليف الخاضعة لسيطرة الحوثيين، طوال الأشهر الخمسة الماضية، كما فرض حظر كامل على شحن الحاويات. يجب أن تزدهر الأعمال التجارية في عدن، حيث تعتبر عدن المنافس الرئيس للحديدة وميناء الحاويات الوحيد في اليمن. قبل بضعة أشهر، بدأ التحالف في منع استيراد السيارات والألواح الشمسية والبطاريات وقطع الغيار في معظم الحالات. يقوم التحالف بتحويل جميع الحاويات المعبأة إلى جدة في المملكة العربية السعودية. لإجراء جولة أولى من عمليات التفتيش ثم إجراء جولة ثانية من عمليات التفتيش في عدن. يتم رفض شحن السفن إلى المرسى إذا كانت حاوية واحدة تحتوي على مادة محظورة. عمليات التفتيش في جدة وعدن وطلبات التخليص، تقتل الأعمال في ميناء عدن وتزيد من تقويض الاقتصاد المحلي والوطني. السؤال:لماذا شحن حاوية إلى عدن بمبلغ 2000$، بينما يكلف 700 دولار أمريكي لشحنها إلى ميناء جازان السعودي؟
 
الأعمال التجارية بسفن الحاويات في عدن أفضل من بقية البلاد، لكنها هنا ليست بحاجة كبيرة لتغطية العجز الموجود مقارنة بالحديدة. على سبيل المثال، لا يمكن استيعاب المزيد من الحبوب في عدن، فلدى عدن الكمية الكافية رغم أنها تملك ثلاثة أنواع من صوامع الغلال والمطاحن الصغيرة،  بالمقارنة مع السبعة المطاحن في الحديدةولكنها ليست في كامل جاهزيتها. ومع وصول أسعار الحبوب إلى الأسعار العالية، وإمكانية التصعيد العسكري التي تحدّ من الواردات عبر الحديدة فإن ارتفاع الأسعار أمر أساسي. وقد أبدت شركة تطوير ميناء عدن قلقها، لكن يتم تجاهلها من قبل أطراف النزاع التي تهدف إلى التقليل من شأن الأثر الإنساني للعمليات العسكرية في الحديدة.
 
في الواقع، لا يبدو أحد مهتمًا حقًا بأي شيء تقوله شركة تطوير الموانئ. ففي يناير / كانون الثاني، وفي أعقاب انتقادات حادة لقرارها بتقييد الواردات من خلال الحديدة، أعلن التحالف الذي تقوده السعودية عن خطة العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن، والتي تتمثل أحد أعمدتها المركزية في توسيع طاقة موانئ عدن ومكلا ومخا. وقدمت سلطات الميناء قائمة بالطلبات التي من شأنها أن تزيد بشكل كبير من السلامة والقدرة في الميناء، المعدات ستاتي لتحل محل نظام الإضاءة المنهوبة حتى يتمكنوا من العمل ليلا. المعدات لبرج المراقبة في الميناء، وزورق لمساعدة السفن على التنقل في المرفأ. بعد أكثر من ثلاثة أشهر من عرض الاستثمار في الميناء، لم توافق المملكة العربية السعودية بعد على أي من هذه الطلبات. وبدلاً من ذلك، عرضت أربع رافعات متنقلة لتلائم تلك التي تمولها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والتي تم وضعها في الحديدة، على الرغم من أن شركة تنمية الموانئ تؤكد أن هذه الرافعات لن تكون مفيدة في عدن. ويتبع في هذا النمط جميع أطراف النزاع: حيث يتم تقديم وعود جريئة لتحسين حياة الناس واتخاذ خطوات نحو مستقبل أفضل، ثم رفض هؤلاء الأشخاص أنفسهم ومطالبهم المشروعة.
 
النشاط العسكري حول الحديدة سيكون كارثيا بالنسبة لليمنيين الجنوبيين
 
في الأسابيع القليلة الماضية، قرأت وسمعت تقارير عن تسليح التحالف والحوثيين لقوات محلية في محافظة الحديدة لما يعد بأنه من أقسى الأحداث في واحدة من أقسى الحروب في العالم. لقد ركز الاهتمام الدولي على آثار القتال على سكان اليمن في المدن والبلدات الشمالية. وهم من أفقر الناس في اليمن ويعتمدون على الغذاء والوقود من ميناء الحديدة، الذي سيغلق حتماً لفترة ممتدة إذا شق القتال طريقه إلى مدينة الحديدة. ويمتد القلق أيضاً إلى عشرات، وربما مئات الآلاف من السكان المحليين الذين قد يفرون من المنطقة بحثاً عن السلامة والخدمات، كما فعل الكثيرون مثل حيدر.
 
وفي المناطق الجنوبية يعتبر الوضع افضل رغم أنه عندما جرت المحافظات الجنوبية إلى الحرب عاشت حالة سيئة حيث استوعبت النازحين من الشمال وبالتالي وضعت هذه المجتمعات الفقيرة تحت الضغط. ومع فرار المزيد من العائلات من القتال، فإن الحفاظ على الوضع الراهن الذي يهدد الحياة سيكون صراعاً. إن الجنوبيين محتارون وغاضبون بالفعل لأن السلع المستوردة عبر ميناء عدن، وهو ميناء الحاويات الوحيد في اليمن، غير متوفرة في الأسواق المحلية. هذا لأنه، وفقا لمسؤولي الميناء وغرفة تجارة عدن، يذهب نحو 80 بالمئة من جميع البضائع المستوردة إلى الشمال باتجاه صنعاء، حيث لا يزال العديد من أغنى سكان اليمن يعيشون. وبالنظر إلى القوة الشرائية للناس في صنعاء، فإن هذه النسبة)80٪( لن ترتفع إلا إذا استمر التحالف في هجوم يوقف أو يحد أو يحول الواردات عبر الحديدة.
 
لذلك، من غير المحتمل أن يحقق هجوم الحديدة هدفه الأساسي وهو تخفيض نسبة الواردات وما يرتبط بها من إيرادات من السيطرة الحوثية. وبدلاً من ذلك، سيؤدي ذلك إلى خفض إجمالي حجم واردات اليمن في الشمال والجنوب بالتساوي، مما يسفر عن مستوى جديد من المعاناة في جميع أنحاء اليمن.
 
يجب على المجتمع الدولي دعم السلام
 
المنطق الذي تحدث به علي واضح "إذا عرف العالم، سيوقفون الحرب"، لكنه لم يتحقق بعد. لأكثر من ثلاث سنوات، مكّن المجتمع الدولي القتال بدلاً من التدخل لوقفه. فقد وفرت الأسلحة والتمويل وغير ذلك من أشكال الدعم العسكري للأطراف المختلفة، مشجعةً إياهم على السعي إلى التوصل إلى نتيجة أفضل في ساحة المعركة مما يمكنهم الحصول عليه على طاولة المفاوضات. بالنسبة للأحزاب اليمنية بالإضافة إلى رعاتها الدولية، فإن المعاناة اليومية للناس في جميع أنحاء البلاد مجردة وليست ذات صلة بأهدافهم السياسية.
 
بالنسبة إلى الحكومة الأمريكية، كان هذا يعني سياسة الدعم غير المشروط وغير المحدود للهجوم العسكري للتحالف، حتى بينما يحث المسؤولون الأمريكيون على إزالة التصعيد ويقرون بأن التحالف بين الأطراف لا يمكن أن يسود في ساحة المعركة. لكن الزخم أخذ يتغير، فقبل عام تقريباً، صوّت سبعة وأربعون عضواً في مجلس الشيوخ لمنع بيع جديد للذخائر الموجهة بدقة إلى المملكة العربية السعودية. في وقت سابق من هذا العام، حصل مقياس أكثر اتساعًا على عدد الأصوات تقريبًا. قريبا ربما في وقت مبكر من هذا الأسبوع، سيتم إرسال بيع جديد وأكبر للأسلحة الدقيقة للنظر فيها في مجلس الشيوخ، حيث من المرجح أن تواجه مقاومة قوية. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ على استعداد للنظر في إجراء من شأنه أن يضع نهاية للتزود بالوقود للطائرات السعودية في الجو ما لم تتخذ المملكة العربية السعودية خطوات لصنع السلام، وزيادة وصول المساعدات الإنسانية، وخفض الإصابات المدنية. في الوقت الحاضر، المتطلبات المفروضة على المملكة العربية السعودية غامضة، ولكن إذا تم تشديدها في اللجنة، فإن هذا التشريع قد يضع حدودًا على المشاركة الأمريكية في حرب اليمن.
 
مثل هذه الجهود، ليس فقط في واشنطن بل في العواصم حول العالم وفي الأمم المتحدة، قد تساعد في دفع الحرب إلى نهايتها. بالنسبة للناس في كل مكان في اليمن، بما في ذلك الجنوب، لا يمكن لهذا اليوم أن يأتي بسرعة كافية.
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
أوكسفام هي منظمة عالمية تعمل على إنهاء الظلم والفقر. نحن نساعد الناس على بناء مستقبل أفضل لأنفسهم ، وإمساك المسؤولية القوية ، وإنقاذ الأرواح في الكوارث. مهمتنا هي معالجة الأسباب الجذرية للفقر وخلق حلول دائمة.
 
*لقراءة المادة الأصل على الرابط هنا
 
*ترجمة خاصة بالموقع بوست.
 


التعليقات