سقطرى من جديد.. مساع إماراتية لتفجير الوضع بالجزيرة
- سقطرى - خاص السبت, 18 أغسطس, 2018 - 11:22 مساءً
سقطرى من جديد.. مساع إماراتية لتفجير الوضع بالجزيرة

[ مطار سقطرى - أرشيف ]

تعود محافظة سقطرى مجددا إلى واجهة الأحداث في اليمن، عقب مساع إماراتية لتفجير الوضع هناك في وجه السلطة المحلية، استمرارا لذات المخطط الذي كانت الإمارات قد بدأته في السابق.

تحشد الإمارات رجالها من اللوبي الذي صنعته هناك، والمكون من موظفين حكوميين، ورجال قبائل، ومواطنين ممن سقطرى يحملون الجنسية الإماراتية، وجميعهم باتوا يشكلون أذرعا تابعة لأبوظبي وأجندتها في الجزيرة.

كانت الجزيرة قد شهدت هدوءًا نسبيا بعد الأحداث التي شهدتها قبل أشهر، والتي سعت الإمارات فيها لبسط نفوذها العسكري على الجزيرة، وإخضاعها لنفوذها المباشر، ومنع الحكومة اليمنية من الإشراف عليها وإدارتها.

انتهت الأزمة بعد دخول السعودية على الخط، وإرسالها مجموعة من الجنود للبقاء هناك، وبما يضمن بقاء الجزيرة خارج سياق الهيمنة الإماراتية الخالصة، ويعيد الاعتبار للحكومة الشرعية، ويحافظ على الجزيرة من مخططات التبعية، ومشاريع العبث التي دشنتها الإمارات هناك.

لم تصمد الأوضاع، وعادت أبوظبي من جديد لنشر الفوضى، واتباع ذات الأسلوب القديم، في تحد واضح للحكومة اليمنية، والمواطنين في الجزيرة، وحتى للجانب السعودي الذي لم يصدر عنه أي موقف هناك، رغم وجود ممثل عسكري للسعودية في الجزيرة.

تقول المعلومات إن الإمارات حشدت جموعا من المواطنين السقطريين الذين يحملون جنسيتها، ووزعت الأموال عبر الشخصيات المحلية التابعة لها، للخروج بمسيرات منددة بالحكومة الشرعية، وإثارة أعمال شغب في الأرخبيل.

وتستخدم في ذلك أموالا طائلة وسيارات تم صرفها على شخصيات كرشى مقابل التحشيد ضد الشرعية والرئيس هادي، وكشفت مصادر في الجزيرة لمحرر "الموقع بوست" عن صرف 200 سيارة وصلت من الإمارات لعدة شخصيات في الجزيرة، بالإضافة لتخصيص العوائد المالية من مصنع تغليف الأسماك، ومحطة وقود وسوبر ماركت يملكها المندوب الإماراتي في الجزيرة المدعو خلفان المزروعي لشراء المواقف والذمم هناك.

تعتمد الإمارات في عملياتها هذه على مجموعة من الشخصيات التي تعمل ضمن سياستها وأجندتها، ومنهم مجموعة من الضباط على رأسهم: أحمد عيسى محمد مدير الأمن السابق، ومحمد عبدالله علي مدير مركز الشامل سابقا، والمستحدث من الإمارات، وعلي محمد الدكسمي نائب قائد المركز الشامل، ومحمد عبدالله بصصهن، وهو جندي في الجهاز الأمن السياسي، وسبق أن عينه الحوثيون مديرا عاما لمديرية حديبو، عاصمة سقطرى، إضافة إلى مدير مكتب المحافظ السابق أحمد بن حمدون.

أما الشخصيات التي تعمل مع الإمارات ضمن مخطط التحشيد ضد الحكومة الشرعية، فهم كل من: سليمان عبدالله شلولها شيخ مشاىخ سقطرى، والذي عزل اليوم بقرار من محافظ سقطرى، وعضو المجلس المحلي أحمد عيسى قاسم، و مدير الجمارك سابقا المقاول عمر الزبيدي. وهؤلاء وفقا لمصدر محلي في الجزيرة هم المتورطون بقيادة مجاميع مسلحة في الجزيرة، وإقلاق السكينة العامة.

يسعى هؤلاء لتجهيز مظاهرة شعبية منددة بالحكومة الشرعية، وخلق مزيد من الصعوبات أمام محافظ المحافظة الحالي، مستقوين بالنفوذ الإماراتي، وهيمنة أبوظبي عبر مندوبها على مجمل الخدمات العامة.

تكشف المصادر المحلية في سياق حديثها عن التطورات في الجزيرة عن حالة من التصعيد التي قامت بها أذرع تابعة للإمارات في الجزيرة، في إطار خلق المبررات في أوساط السكان، ورفع وتيرة الاحتقان، وخلق جو عام مناوئ للسلطة المحلية.

قبل أيام - وفقا للمصادر -  قام أحد الموظفين بشركة ديكسم التابعة للإماراتي أبو مبارك عبر مديره ياسر العاني عراقي الجنسية بتوقيف محطة الكهرباء التابعة للمؤسسة العامة للكهرباء لأكثر من أربع ساعات.

دفع ذلك المحافظ لزيارة مؤسسة الكهرباء ومناقشة  الأمر مع الموظفين هناك، وبينت المعلومات أن موظفا فلبينيا قام بتشفير المولدات على أن يتم تعطيلها لمدة 10 أيام أو أكثر وذلك لتجهيز محطة أخرى موازية للمحطة التابعة للدولة.

كانت تلك الخطوة مقدمة لفرض محطة موازية، تخضع بالكامل للسيطرة الإماراتية.

تواصل المصادر حديثها قائلة بأن المقاول عمر الزبيدي قام بإنزال مولدات كهربائية، وجرى تركيبها، ووضعها على الأرض بدون قواعد إسمنتية، ولا تجهيزات مطلوبة، وسعى لشبكها على الكيبل العام للكهرباء.

تلك المولدات وضعت في حوش يتبع الزبيدي، وتتواجد فيه محطة للوقود، تحمل اسم "محطة أدنوك" وتتبع المشرف الإماراتي خلفان المرزوعي الملقب "أبو مبارك"، وجرى استقدام مسلحين لتركيبها، وحماية العمل العشوائي، رغم وجود أوامر سابقة من المحافظ بمنع إنشاء محطة كهربائية خارج أرضية المحطة العامة.

استخدمت الإمارات الموظفين في محطة الكهرباء والخاضعين لإشرافها، وسعت لكسر توجيهات المحافظ، والشروع في تنفيذ تلك المحطة الواقعة في شرق مدينة حديبو، وتحديدا في منطقة مصاقبهن، دون الرجوع للسلطة المحلية.

ترى شخصيات محلية في سقطرى هذه الخطوة الإماراتية محاولة لتعطيل وعرقلة عمل المحطة العامة الموجودة الآن والواقعة في الجزء الغربي من العاصمة حديبو، في حارة يطلق عليها حارة أكتوبر وديسمبر.

على الأرض هناك مشروع سعودي في مجال الكهرباء يجري العمل عليه، بدعم من صندوق الإعمار السعودي، والذي تسلم أرضية في مدينة حديبو لإنشاء محطة كهرباء عامة، وبدأ الجانب السعودي في تجهيز القواعد واستكمال عملية إنشاء المحطة، بالتنسيق مع السلطة المحلية.

ووفقا للمعلومات فقد كان من المقرر أن تقوم الإمارات بتأهيل المحطة الرئيسية في الجزيرة، لتصل قدرتها إلى 10 ميجاوات، لكن تبين لاحقا أن المحطة لا تزال تعمل بقدرة اثنين ميجاوات، وهي نفس قدرتها التشغيلية السابقة، مع أن الإمارات أعلنت في السابق أنها خصصت الأموال لتأهيل تلك المحطة.

محافظ حضرموت رمزي محروس سارع للقاء الشخصيات الاجتماعية وأعضاء السلطة المحلية، ووضعهم في واجهة ما يجري في الجزيرة، وتفاصيل الأزمة التي افتعلها المندوب الإماراتي في الجزيرة.

وفقا لشخصيات حضرت اللقاء فقد تطرق المحافظ لما جرى في الكهرباء، والضغوط التي مارستها الإمارات لإعادة موظفين محسوبين على أبوظبي بعد توقيفهم من قبل المحافظ، وبقية الإجراءات التي تتطابق تماما مع ما ذكرته المصادر المحلية لمحرر الموقع بوست.

المحافظ في حديثه أشار إلى وجود مخططات لزراعة الفتنة - حسب وصفه - في الجزيرة بين المواطنين، داعيا الشعب للتصدي لهم وإفشال مخططاتهم العنصرية التي تهدف لشق النسيج السقطري.

دلالات التصعيد

كانت الأوضاع في جزيرة سقطرى قد هدأت نسبيا بعد التوصل لاتفاق بين الحكومة اليمنية والتحالف العربي، لكن عودتها الآن مجددا يثير العديد من علامات الاستفهام عن دواعي ومبررات هذا التصعيد، ضد السلطة المحلية في سقطرى، والحكومة الشرعية.

تأتي هذه التحركات في ظل تحريك أبوظبي أذرعها في المناطق التي تسيطر عليها داخل اليمن، خصوصا مدن الجنوب، في وجه الشرعية، وآخرها ما جرى في عدن اليوم من استهداف حفل تخرج لوحدات عسكرية في إحدى كليات الجيش.

كما أنها تعكس وجود رغبة إماراتية في الضغط على هادي في ملفات أخرى، وربما تتصل بزيارته الأخيرة لمصر، والترتيبات التي تجري لإعادة لملمة حزب المؤتمر الشعبي العام.

لا ينفصل التصعيد الجاري في سقطرى عن مجمل التحركات الإماراتية في المشهد اليمني، وهي تحركات تأتي وفقا للأجندة الإماراتية، عبر الأدوات التي أنشأتها في كل منطقة محررة، مما يشير إلى أن حجم الفجوة بين الجانب الإماراتي والحكومة الشرعية آخذة في الاتساع.

وحتى هذه اللحظة لم يصدر عن الحكومة اليمنية أي موقف مما جرى، كما لا يزال الجانب السعودي ملتزم الصمت، فيما تستمر المحاولات الإماراتية في تفجير الوضع داخل أرخبيل سقطرى.


التعليقات