البروفيسور أحمد الدبعي في حوار مع "الموقع بوست": اليمنيون مجرد كومبارس في حرب تديرها قوى إقليمية ودولية
- حاوره: معاذ الحيدري الخميس, 20 سبتمبر, 2018 - 05:23 مساءً
البروفيسور أحمد الدبعي في حوار مع

[ البروفيسور أحمد الدبعي ]

البروفيسور والأكاديمي اليمني البريطاني أحمد الدبعي، أستاذ برتوكولات شبكات الاتصالات، أحد المتابعين والمهتمين بالشأن اليمني الذي يستدير لمتابعته ولمتابعة تطوراته من العاصمة لندن في بريطانيا،وتحدث عن اليمن وعن تطوراته في مؤتمرات دولية عدة.

الدبعي وفي هذا الحوار مع "الموقع بوست" يبدو من خلال حديثه مدركا لطبيعة الحرب التي تدور في اليمن وطبيعة التحديات التي حالت دون توقفها. حيث يذهب الرجل وفي إجاباته لأسئلة "الموقع بوست" نحو فك الكثير من الشفرات المتعلقة بدور الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، والحقائق التي تقف وراء تدخل التحالف العربي في هذه الحرب والمشاريع التي يقودها تحت أكثر من عنوان.

 
 نص الحوار
 
 *أربعة أعوام تقريبا واليمن يعيش في حرب تعددت وتوسعت أطرافها، من وجهة نظرك لماذا قامت الحرب؟
 
** قامت الحرب كنتيجة طبيعية لانقلاب الحوثيين وحلفائهم على النظام والقانون وإقصاء الجميع بقوة السلاح ..للأسف قلة خبرة الحوثيين السياسية دفعتهم للوقوع في المصيدة .. فقد كانوا قد تفاهموا مع قوى إقليمية لإقصاء البعض وإخراجهم من المسرح السياسي ثم وجدوا أنفسهم داخل القصر منفردين والتقطت إيران خيوط اللعبة بدهائها وتمكنت من دفع الحوثيين نحو الانفراد بالسلطة بقوة السلاح. فوجدت السعودية نفسها أمام وضع لم تكن تتصوره! فكانت الحرب!
 
*التحالف العربي بقيادة السعودية هو الآخر تحول إلى نقطة جدل في هذه الحرب، وتغيرت أهدافه مع مرور الوقت. ما رأيك بهذا الشأن وما هو تقيمك لأداء مشاركة هذا الطرف؟ ولماذا لم يستعد الدولة ولم يستعد الشرعية؟
 
**التحالف دخل الحرب من أجل حماية نفسه من تمدد النفوذ الإيراني ومن زلازل المنطقة السياسية .. لم تكن تهمه عودة شرعية هادي بقدر اهتمامه بتكوين وضع يمني داخلي لصالحه، فدخل الحرب بدون خارطة طريق واضحة تحكم علاقته بالسلطة الشرعية في اليمن، فلذلك لم يستطع التحالف حسم المعركة بسهولة، وصاحب ذلك تعارض أجندات دول التحالف نفسه فكان الضحية الشعب اليمني. السعودية والإمارات ارتكبتا الكثير من الخطايا في اليمن، فلا استطاعتا إعادة الشرعية بشكل حقيقي ولا إعادة الحياة الطبيعية للمناطق المحررة من قبضة الحوثي! فكان إخفاق بالطول والعرض وجرائم متعددة!
 
*كيف نفهم هذا الفشل المتكرر للمحادثات بين الشرعية والحوثيين؟ ولماذا أصبحت جدوى المحادثات منعدمة بهذه الصورة؟
 
**سنبقى ندور في هذا المسار الفاشل طالما واللاعبون الكبار لم يتفقوا .. اليمنيون مجرد كومبارس في حرب تديرها قوى إقليمية ودولية .. ولن تستطيع الأمم المتحدة أن تأتِ بحل سلمي إلا إذا ضغطت الدول الكبرى وقبلت السعودية وإيران بهكذا توجه دون لف ودوران.
 
*يتحدث الدكتور أحمد الدبعي عن عدم نجاح المحادثات التي يرعاها الخارج، ويعول على حوار يمني - يمني أكثر من تعويله على الأمم المتحدة وعلى الذين يعملون على إنتاج حلول لليمن ..لماذا صرنا نفقد الثقة بالخارج؟ وكيف يمكن أن يكون هناك حوارا يمنيا - يمنيا؟
 
**ما زلت أرى أن أول خطوات إيقاف الحرب هي أن يقوم اليمنيون فعلا بالخطوة الأولى وهي إنتاج معادلة تصل للأطراف الخارجية مفادها أننا فعلا نريد إيقاف الحرب .. معادلة تخرج اليمن من بوتقة الصراع العبثي السني الشيعي في المنطقة وتتوجه من خلالها اليمن نحو حوار يمني - يمني ضمن مرجعيات القرار 2216 والحوار الوطني، والإيمان بالتعايش تحت ظل نظام جمهوري متعدد سياسيا، وفيه تداول سلمي حقيقي للسلطة. عندما يصل الجميع لهذه القناعة سوف تتوقف الحرب.
 
*تحدثت عن إمكانية تقديمك أنت ومجموع من الأصدقاء مبادرة حل للحرب في اليمن هل لك أن تقول لنا ما هي المبادرة هذه وعلى ماذا ترتكز؟
 
**أقوم بجهود مع بعض الزملاء تقوم على عدة محاور منها إعادة تعريف العلاقة بيننا والتحالف، وإصلاح مؤسسات الشرعية، وإيجاد مبادرة سياسية تكفل حقوق الجميع والمصلحة العامة للبلد، وتقديم تطمينات للداخل والخارج. يجب أن تتوقف الحرب لنعيد الثقة بأنفسنا كيمنيين ونتجه بعد ذلك نحو مصالحة وطنية شاملة وعدالة انتقالية وإعادة إعمار البلد.
 
*بعد فشل جنيف عادت الجبهات للقتال وعادت معركة الحديدة إلى الواجهة كيف يمكن أن نفهم هذه العودة؟ هل هو تعويل على الحسم العسكري أم ورقة ضغط كما يقال لاستئناف المفاوضات من جديد؟
 
**ما زال التحالف لم يحصل بعد على الضوء الأخضر من قوى كبرى كي يمضي في موضوع الحسم. وما زال التحالف لم ينتج الواقع الداخلي اليمني الذي يريده! فهو يريد الانتصار في الحرب وفِي نفس الوقت يريد نفوذا واسعا في موانئ وجزر اليمن وفِي المهرة وحضرموت والجوف، وما يجري في الحديدة مجرد ضغط على الحوثي كي يقبل بالتحاور.
 
*السعودية والحرب في اليمن ماذا تقول عن الدور السعودي في الحرب؟
 
** السعودية وجدت نفسها أمام فرصة تاريخية للوصول لبحر العرب، وإيجاد بديل لمضيق هرمز وابتزاز إيران كي تمضي في تصدير بترولها عبر البحر العربي والبحر الأحمر، وهذا يتطلب نفوذا واسعا في اليمن كما تظن لذلك فهي تعبث الآن في المهرة حيث تقوم بتجنيد شباب هناك مستغلة الفقر والجوع في البلد. السعودية تريد كما تعودت جيل جديد من الأتباع المدمنين على الريال السعودي.
 
*إيران وحرب اليمن أيضا أين هي إيران وهل فعلا هي حرب سعودية إيرانية وأرضها اليمن؟
 
**نعم لا شك ولكن إيران تلعبها بأقل الخسائر وتكسب نقاط متعددة بسبب غباء التحالف الذي أضعف الشرعية وجلب السخط الشعبي العارم عليه مما يَصب في مصلحة الحوثيين.
 
*ما رأيك بالمبعوث الأممي مارتن جريفيث؟ وهل سينجح في جولته الجديدة؟
 
**السيد جريفيث هو مجرد ساعي بريد لأطراف دولية. ليس لديه خيال سياسي يستطيع من خلاله إيجاد خارطة طريق مقنعة لجميع الفرقاء.
 
*مجلس الأمن والحرب في اليمن ما رأيك بذلك وبمواقف هذا المجلس؟
 
** مجلس الأمن لم يستطع حل أي مشكلة معقدة في المنطقة وهذ يثبت أن النظام العالمي كله بحاجة لترميم فمجلس الأمن ما زال يعكس ما أفرزته الحرب العالمية الثانية وما زال اللاعبون فيه هم أنفسهم حيث تضيع دول ومصائر شعوب في تقاطعات مصالح الدول الكبرى! لذا فالتعويل على مجلس الأمن كثيرا هو ضرب من الوهم.
 
*الحكومة الشرعية لماذا تعمل بلا رؤية؟ ولماذا هي ضعيفة في عدن والمناطق المحررة؟
 
**الحكومة الشرعية كان الخطأ الأول لها أنها لم تحدد نوعية العلاقة بينها والتحالف. التحالف ليس لديه خبرة كافية في التعامل مع مشكلة بهذا الحجم فلم يستطع التفريق بين الخطوط البيضاء والحمراء! وكما قلت سابقا التحالف له أجنداته الخاصة التي لا تمت لمصلحة الشعب اليمني بأي صلة. وأضيف لذلك أن السلطة الشرعية مكتظة بالفاسدين وأصحاب المشاريع الأسرية الضيقة وقامت على محاصصات لم تقم أي وزن للكفاءة والمهنية.
 
*الأحزاب السياسية لماذا غابت عن الحل؟ ولماذا لم تصطف برؤية وبرنامج موحد؟
 
** للأسف مستوى الثقة بين الأحزاب متدنٍ جدا وكل حزب يبحث عن ترياق البقاء! كنا نعول على المشترك ولكن أثبتت الأيام بأن أحزابنا ما زالت لا تتعاطى السياسة ولا تستطيع العمل المشترك تحت سقف المصلحة العامة بسبب قيادات هذه الأحزاب الرثة المثقلة بتراث من الصراعات والتربصات والمكايدات.
 
*المؤتمر الشعبي العام حزب ما زال بثلاثة رؤوس وثلاثة أجنحة وعجز الجميع عن لملمته كيف تقرأ واقع ومستقبل هذا الحزب؟
 
** المؤتمر حزب نشأ في رحم السلطة وكنت أقول منذ زمن هذا الحزب من مصلحته أن ينزل ولو لفترة بسيطة للمعارضة كي يمتحن جودة تماسكه بعيدا عن غنائم السلطة ولكنه لم يفعل! لذا فقد تشظى بهذا الشكل ولا أعتقد أنه سيعود كما كان.
 
*هل تتوقع توقف الحرب؟ متى؟ وكيف؟
 
** الحرب في نهاية المطاف حتما ستتوقف ولكن كما قلت سابقا عند تهيئة الظروف الحقيقية لإيقافها وذلك لن يتم إلا بعد أن يُؤْمِن الغالبية بأن الحرب مجرد توغل في المتاهة.
 
*رسالتك الأخيرة؟ ولمن؟
 
** رسالة للشعب اليمني كله: أقول لقادة الانقلاب ومن دار بفلكهم علينا أن نتذكر أن اليمن يتسع كوطن للجميع وأن حكم الشعب اليمني لن يتأتى أو يتحقق بالقوة والسلاح. فقد ولى ذلك الزمن الذي يمتطي فيه صهوة السلطة مغامرون ومقامرون يتسللون بالسلاح للقصر بدون انتخابات حرة ونزيهة.
 
نحن يمنيون ويجب أن ننتصر على كل هذه الحماقات والعودة لجادة الصواب لنتجه معاً نحو بناء بلدنا ودولتنا، دولة المواطنة المتساوية والتداول السلمي للسلطة والنظام والقانون. دولة لا تنتقص من حق أحد منا وتنتصر للمصلحة العامة وتسودها قيم السلام التعايش.
 
مازال مجتمعنا اليمني يعاني أكثر من غيره في المنطقة من الجهل والفقر والمرض. ولن نقضي على هذا الثلاثي المرعب بدون دولة حقيقية تركز على جودة التعليم ومخرجاته وبناء اقتصاد متين ومزدهر يكفل الحياة الكريمة لكل اليمنيين.
 
حان لنا كيمنيين أن نسمو فوق كل آلامنا ونتجه نحو إيقاف هذه الحرب والذهاب نحو حوار وطني ومصالحة وطنية شاملة وعدالة انتقالية ونغلق ملفات الصراعات المسلحة للأبد.


التعليقات