الإعلام اليمني بين كماشة انتهاك الحريات وتدمير المنشآت
- القدس العربي الأحد, 23 سبتمبر, 2018 - 08:19 مساءً
الإعلام اليمني بين كماشة انتهاك الحريات وتدمير المنشآت

[ التحالف يستهدف إذاعة والحوثيون يحيلون صحافيين للنيابة ]

يدفع العاملون في قطاع الإعلام والصحافة في اليمن ثمناً باهظاً للحرب الراهنة، فكثيرون منهم خارج ساحة المعركة، لكن طرفي الحرب ينظرون لهم إما بتوجسٍ أو استعداء، ذلك أن كل طرف يريد منهم أن يكونوا ضمن أدوات معركته أو يعتبرهم محسوبون على الطرف الآخر، وبذلك يتم إدراجهم ضمن قوائم ما يسمونهم بالمرجفين أو «الطابور الخامس» ويصبحون متهمين محتملين بالعمالة والارتزاق وغيرها من التهم مما تذهب بهم، في حال لم يتم قتلهم، إلى الاختطاف أو الإخفاء أو الاعتقال في غياهب السجون، حيث يعانون مرارات التعذيب انتظاراً لموت محقق، فيما تعيش عوائلهم حالة صعبة من البحث والانتظار لغائب لا يعرفون إن كان سيعود أم سيموت غائباً مخفياً. وهذا لا يقتصر على طرف دون آخر، فطرفا الحرب في كل أنحاء اليمن يمارسان كل الانتهاكات، بل وكأنهما يتسابقان على ذلك، هو ما أكدته تقارير رصد حديثة.
 
ونتيجة لذلك يشهد وضع الصحافة في اليمن واقعا مؤسفا في ظل ما يتعرض له الصحافيون والإعلاميون هناك من استهداف ممنهج لأرواحهم وحرياتهم وأدواتهم ومنشآتهم، وانتهاكات خطيرة متعددة وهو ما أدانته ورفضته مؤسسات نقابية محلية وعربية ودولية أكدت تضامنها معهم واستنكارها لكافة الانتهاكات التي يتعرضون لها من كل الأطراف، وعبرت عن رفضها لأي محاكمات غير قانونية للصحافيين والإعلاميين.
 
تدمير وقتل
 
آخر عمليات تدمير المنشآت الإعلامية في اليمن كان في استهداف طيران التحالف العربي بقيادة السعودية في 16 أيلول/سبتمبر محطات الإرسال لإذاعة «الحديدة» في مديرية المراوعة في ضواحي مدينة الحديدة، وأسفرت تلك الغارات عن تدميرها وقتل أربعة من العاملين الإعلاميين والحراس فيها.
 
وكان طيران التحالف قد استهدف بعدد من الغارات في تموز/يوليو الماضي محيط مبنى إذاعة الحديدة في عاصمة المحافظة.
 
وتعرض عدد من المؤسسات الإعلامية الخاضعة لسلطة «أنصار الله» (الحوثيين) للاستهداف المباشر من طائرات التحالف، وذلك منذ بدء تدخل «التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن» بقيادة السعودية منذ آذار/مارس 2015 في الحرب في اليمن.
 
وتُعدُّ إذاعة الحديدة، من أقدم الإذاعات المحلية في اليمن، وتعود فكرة تأسيسها إلى عام 1968من خلال مجموعة من الإعلاميين الشباب الطامحين، الذين استطاعوا بدعم من الدولة آنذاك تأسيس الإذاعة التي انطلقت في سبعينيات القرن الماضي، وتواصل تطوير إمكاناتها وقدراتها في مساحة وفترة بثها، وخرج منها عدد من الأسماء البارزين في الإعلام اليمني أمثال: الراحل يحيى علاو والإذاعي المخضرم عقيل الصريمي وآخرين.
 
نقابة الصحافيين اليمنيين أدانت استهداف محطة الإرسال الخاصة بإذاعة الحديدة. وقالت في بيان لها إن «القصف أسفر عن مقتل مهندس الإرسال عمر عزي محمد، واثنين من الحراسة هما جماعي مسيب وعبيد جماعي، وأحد المزارعين». وحمّلت النقابة التحالف العربي كافة المسؤولية عن هذه الجريمة التي لا تسقط بالتقادم، واستنكرت «استمرار استهداف وسائل الإعلام وممتلكاتها وأدواتها».
 
وكان موظفو الإذاعة في الاستهداف الأول قد ناشدوا المؤسسات الإعلامية العالمية والعربية الضغط على التحالف من أجل وقف الغارات التي تستهدف الإذاعة. وتناقلت وسائل إعلام بيان لهم طالبوا فيه «أحرار العالم الوقوف إلى جانبهم ووقف الاستهداف الأرعن لـ 70 موظفاً من إعلاميين وفنيين وإداريين، يعملون في إذاعة الحديدة منذ سنوات».
 
ويخوض التحالف، معارك من أجل السيطرة على مدينة الحديدة منذ حزيران/يونيو الماضي وهي المعارك التي ضاعفت من معاناة السكان هناك ما تسبب في نزوح عشرات الآلاف وسقوط عديد من القتلى المدنيين بالتزامن مع تحذيرات دولية من آثار تلك الحرب على الوضع الإنساني وخاصة على صعيد احتمال عودة قوية لموجة ثالثة من وباء الكوليرا جراء تدهور الأوضاع الإنسانية والصحية والبيئية. وتجددت المعارك هناك بشكل أعنف عقب فشل مفاوضات جنيف 3 والتي كان من المقرر عقدها في السادس من أيلول/سبتمبر.
 
محاكمة صحافيين
 
وفي سياق المعاناة التي يتجرعها الصحافيون هناك جراء الحرب، أحالت سلطات «أنصار الله» (الحوثيون) في 10 أيلول/سبتمبر، عشرة من الصحافيين المعتقلين لديها والمضربين علن الطعام إلى النيابة الجزائية المتخصصة (نيابة أمن الدولة) استعداداً لبدء محاكمتهم، في خطوة رفضتها أوساط إعلامية يمنية ودولية، واعتبرتها غير قانونية.
 
وكانت نقابة الصحافيين اليمنيين أصدرت تقريراً عن النصف الأول من العام 2008 رصدت فيه 100 حالة انتهاك ضد الصحافيين، وتمثلت في الاختطافات والاعتقالات والاعتداءات والتحريض والتهديد والمصادرة والنهب والمحاكمة والحجب والقرصنة والتعذيب وإيقاف الرواتب ومنع التغطية وايقاف وسائل إعلام والقتل، ارتكبتها جميع الأطراف وتصدرت القائمة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً.
 
واعتبرت قيادات صحافية يمنية أن واقعة 10 أيلول/سبتمبر، والمتمثلة في إحالة عدد من الصحافيين المعتقلين في سجون صنعاء إلى النيابة، جريمة جديدة تضاف إلى جرائم الاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب والانتهاكات التي تُرتكب بحق الصحافيين المختطفين.
 
ورفضت نقابة الصحافيين اليمنيين جلسة التحقيق تلك مع الصحافيين توفيق المنصوري، وعبد الخالق عمران، وعصام بلغيث، وحسن عناب، وهشام طرموم، وهشام اليوسفي، وهيثم الشهاب، وأكرم الوليدي، وحارث حميد، وصلاح القاعدي، المختطفين لدى الحوثيين منذ عام 2005.
 
وقالت النقابة إن النيابة الجزائية المختصة «نيابة أمن الدولة» حققت معهم، ووجهت لهم عدداً من التهم الباطلة أبرزها «نشر أخبار كاذبة وتكدير الأمن والسلم العام». وأدانت النقابة ما يتعرض له الصحافيون المختطفون رافضة التحقيق معهـم «من قبل نيابة ليست جهة اختصاص ولا تتوفر فيها أدنى مستويات العدالة».
 
وسبق أن جددت النقابة مطالبتها المستمرة بعدم إقحام الصحافة والصحافيين في الصراعات السياسية والعسكرية، مطالبة كافة الأطراف بإيقاف السياسات العدائية والممنهجة ضد الصحافة والعاملين فيها، وتوفير الحماية لهم. كما شددت في مطالبتها على سرعة الإفراج عن المعتقلين وإيقاف مسلسل الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون.


التعليقات