لماذا "المجلس الانتقالي" عاجز عن إعلان انفصال جنوب اليمن؟
- عبد السلام قائد الثلاثاء, 16 أكتوبر, 2018 - 05:55 مساءً
لماذا

[ ظل المجلس الانتقالي الجنوبي ورقة ابتزاز بيد الإمارات ]

اعتاد ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" على التصعيد السياسي والعسكري ضد السلطة اليمنية الشرعية بشكل دوري، خاصة مع حلول المناسبات الوطنية الخاصة بالشطر الجنوبي قبل الوحدة، ملوحا بورقة الانفصال في كل مرة، لدرجة أنه يجعل العديد من المراقبين والمتابعين يتوقعون منه التهور والإقدام على إعلان الانفصال في كل مناسبة وطنية (جنوبية).
 
ورغم رهان الكثيرين من مؤيدي الانفصال على "المجلس الانتقالي" لتحقيق ذلك، لكن "المجلس" يبدو عاجزا عن الإقدام على خطوة كبيرة كهذه، رغم امتلاكه مليشيات مسلحة مدعومة من قِبَل دولة الإمارات، وتسيطر بشكل فعلي على بعض مدن جنوب اليمن، خاصة العاصمة المؤقتة عدن، وتسيطر على بعض المرافق الحيوية.
 
ورغم أن انفصال جنوب اليمن أصبح أمرا واقعا بعد الانقلاب والحرب الأهلية الحالية، إذ لم يعد يوجد هناك أي تواجد عسكري شمالي يطلق عليه "قوات احتلال" تعيق انفصال الجنوب، لكن هناك العديد من الأسباب التي تجعل "المجلس الانتقالي الجنوبي" غير قادر على إعلان الانفصال، فيما يلي أهمها:
 
- لم يكتسب "المجلس" شرعية تمثيل الجنوب بأي طريقة، ولا يوجد ضمن قياداته أي شخصية جنوبية تاريخية تحظى بالشعبية في أوساط الجنوبيين يمكنهم الالتفاف حولها.
 
- أثار "المجلس" أحقادا وضغائن جنوبية جنوبية، بسبب توجهاته المناطقية، وعدم تمتع قياداته بالكاريزما، خاصة رئيسه عيدروس الزبيدي القادم من محافظة الضالع، الأمر الذي يجعل مكونات اجتماعية ومناطقية أخرى لا تقبل به كممثل أو حاكم لجنوب اليمن، خاصة محافظتي حضرموت والمهرة.
 
- لم تحظ مطالب انفصال جنوب اليمن بأي دعم دولي أو إقليمي، وحتى دولة الإمارات التي باتت المسيطر الفعلي على الجنوب عبر المليشيات المحلية التي تدعمها بالمال والسلاح، فإنها تتخذ من ذلك وسيلة في محاولتها لتركيع السلطة اليمنية الشرعية ولي ذراع حليفتها السعودية، إذا افترضنا أن السعودية غير مؤيدة لانفصال جنوب اليمن وتختلف مع دولة الإمارات في هذه المسألة.
 
- رغم أن "المجلس" بات لديه مليشيات مسلحة، تعرف بـ"الأحزمة الأمنية" و"النخب"، وتسيطر بشكل فعلي على بعض مدن الجنوب، لكنها غير قادرة على خوض معارك عنيفة لتمكين "المجلس الانتقالي" من السيطرة الفعلية على كل المحافظات الجنوبية، كون إقدامه على خطوة كهذه ستثير ضده مختلف الفئات في الجنوب الرافضة لهيمنة قيادات "المجلس" عليها، وستندلع حرب جنوبية جنوبية بين الفئات المساندة لـ"المجلس الانتقالي" والفئات الرافضة له، وستحظى الفئات الرافضة له بدعم الجيش الوطني والسلطة الشرعية، وربما أن هزيمته العسكرية ستكون أسرع مما يتوقع.

- ينظر الكثير من المواطنين في جنوب اليمن إلى عيدروس الزبيدي كشخص انتهازي يبحث عن مصالحه الشخصية، كونه كان يعمل تحت راية السلطة الشرعية واليمن الموحد كمحافظ لمحافظة عدن بعد سنوات من المطالبة بانفصال الجنوب، ويضع صورة الرئيس عبد ربه هادي وعلم اليمن الموحد في مكتبه، وعندما أقاله الرئيس هادي من منصبه بسبب فشله، اتخذ من ورقة الانفصال كوسيلة للابتزاز والتصعيد ضد السلطة الشرعية.
 
- ما زال صراع فصائل الحراك الانفصالي الجنوبي على أحقية تمثيل الجنوب قائما فيما بينها، ويتخذ هذا الصراع أبعادا مناطقية وعنصرية وأيديولوجية، ما يعني أن عوامل ديمومته ستظل قائمة، ويعد "المجلس الانتقالي" الطرف الأضعف في صراع كهذا.
 
- ما زال مشروع "الدولة الاتحادية" يحظى بالتأييد الشعبي الأكبر سواء في الجنوب أو الشمال، خاصة أن التأييد في الجنوب يتركز بدرجة رئيسية في محافظتي حضرموت والمهرة، وهما محافظتان لهما ثقل سياسي واجتماعي كبير في الجنوب، وتهددان بإعلان انفصالهما عن الجنوب في حال أعلن الجنوب انفصاله عن شمال اليمن والعودة بالأوضاع إلى ما قبل وحدة 1990.
 
- ما زال السخط الشعبي في جنوب اليمن يتزايد إزاء "المجلس الانتقالي" والمليشيات المسلحة التابعة له ودولة الإمارات، بسبب تزايد الاغتيالات السياسية والاعتقالات والإخفاء القسري والتعذيب في السجون وغير ذلك من التصرفات الاستفزازية.
 
- سيظل "المجلس الانتقالي" مجرد ورقة ابتزاز بيد دولة الإمارات، كونها الداعم الرئيسي له، وسيتلاشى دوره بعد انتهاء الحرب أو في حال ضاق الرئيسي هادي ذرعا من الإمارات في الجنوب وأعلن الاستغناء عن خدماتها ضمن التحالف العربي وأعلنها دولة احتلال، ولن يؤثر التواصل الذي سيظل قائما حينها بين "المجلس الانتقالي" وحكام الإمارات.
 
وهكذا يتضح أن "المجلس الانتقالي الجنوبي" مجرد زوبعة إعلامية وظاهرة صوتية ومليشيات مسلحة غير مشروعة تعمل وفقا لأجندة خارجية، وبالتالي فهو غير قادر على إعلان انفصال جنوب اليمن إلا في حال تم الترتيب والتنسيق والاتفاق على ذلك محليا وإقليميا، وأيضا في حال كانت السعودية هي من سترعى وتشرف على مسألة الانفصال، وإشراك مختلف المكونات الجنوبية في السلطة، وإجراء مصالحة تاريخية فيما بينها.
 
وما عدا ذلك، فإن الانفصال سيتسبب بحرب أهلية في الجنوب ستكون أسوأ من أحداث 13 يناير 1986، وربما يتسبب ذلك في تقارب بين الجيش الوطني ومليشيات الحوثي للتقدم صوب الجنوب للقضاء على الانفصال والتوافق على بناء اليمن الاتحادي الجديد.


التعليقات