"رابعة" في أقدم ماراثون أميركي.. القصة الكاملة
- هافينغتون بوست عربي الجمعة, 22 أبريل, 2016 - 09:34 مساءً

أكثر من 30 ألف رياضي شاركوا في أعرق ماراثونات العالم، ولكن واحدة منهم فقط خطفت الأضواء على الأقل في العالم العربي بعد أن قررت ارتداء تي شيرت يحمل شارة اعتصام رابعة الذي شهد مجزرة دموية عندما فضته الشرطة والجيش المصري في أواخر العام 2013.. هنا قصتها.
 
العداءة الهاوية هي ديردري ميريل، ممرضة أميركية تبلغ من العمر 39 عاماً وأم لطفلين، وفي يوم الإثنين 18 أبريل/ نيسان 2016، شاركت في ماراثون بوسطن -الذي ينظم سنوياً في أميركا منذ 120 عاماً- وكانت تلبس قميصاً يحمل شعار "رابعة" (أربعة من أصابع اليد على خلفية صفراء) وعبارة "الحرية لمصر".
 
علاقتي برابعة
 
لماذا فعلت ميريل ذلك؟
 
في الإجابة، قالت لـ"هافينغتون بوست عربي" إنها نشأت في أسرة ربتها على أن البشر جميعاً هم "عيال الله" وهم متساوون، ولذلك فإن أمنيتها دائماً أن يجعلها الله قناة للسعادة تساعد في تسليط الضوء على الظلم الواقع على الناس في أي مكان، وتساهم في نشر السلام ولو على أضيق نطاق.
 
تضيف: سمعت لأول مرة عما حدث في رابعة من طبيب مصري يعمل معي في نفس المستشفى في بوسطن، اسمه (خالد. س)، وهو أحد الأشخاص الذين يتحلون بمبادئ رائعة وكان يقوم بتوعية المحيطين به حول ما يحدث في بلده.
 
بالنسبة لميريل، كانت مصر واحدة من الدول التي ألهمتها عندما خرج الناس إلى ميدان التحرير في 2011، وظل الإعلام يغطي الأحداث في مصر بشكل كثير في الفترة التالية، ولكن في الفترة التي تلت الانقلاب العسكري الذي وقع في يوليو/ تموز 2013 -حسبما تقول- لم ينشر الإعلام المحلي كثيراً عما جرى في مصر ولا عن مجزرة رابعة التي عرفت عنها فقط من الدكتور خالد، فأتبعت ذلك بمزيد من البحث عن التفاصيل في جوجل وشاركتها في ذلك والدتها واكتشفت أنها أمام مذبحة تفوق المذبحة الشهيرة التي حصلت في ميدان تيانانمن في الصين عام 1989.
 
في وقت لاحق حضرت ميريل مع عائلتها مؤتمراً نظمه ائتلاف "مصريون بالخارج من أجل الديموقراطية" في جامعة هارفارد، وهو تجمع لمصريين عارضوا انقلاب الجيش على السلطة المنتخبة في مصر، واعتبرت أن ذلك المؤتمر كان بمثابة جرعة تعليمية قوية عوّضت غياب الحدث عن الإعلام الأميركي.
 
وتعبّر ميريل عن الأسف لأن معظم الأميركيين لا يعرفون شيئاً عما يحدث في العالم العربي، "فالصورة التي تقدمها نشرات الأخبار غير دقيقة، ومليئة بالتحيز.. وهذا يزعجني كثيراً كأم"، وتواصل: "شعرت أن الاحتكاك بالناس مهم، فلولا احتكاكي بزميلي الطبيب المصري وحضوري مؤتمر هارفارد لما عرفت، ولذلك كان لا بد أن أحتكّ بآخرين لأشرح لهم، وقد أتاح لي التجول بقميص رابعة أن أنشر الوعي بما يحدث هناك.
لماذا الماراثون؟
 
تقول ميريل: ماراثون بوسطن هو يوم للبهجة والاحتفال ليس لأهل بوسطن فقط، ولكن لأناس يحضرون من جميع أنحاء العالم. هذا اليوم فرصة يستغلها الناس لفعل الخير وجمع الأموال وزيادة الوعي ونشر الحب.
 
وتضيف "الدكتور خالد وأنا اعتقدنا أنه سيكون رائعاً أن أرتدي قميصاً يجلب الانتباه لمجزرة رابعة وللقمع والعنف الحادث في مصر خلال مشاركتي في ماراثون هذا العام وسيتيح لنا ذلك الحوار مع الناس في المجتمع المحيط بي.
 
قبل بدء الماراثون كان قميص ميريل مثار حديث بينها وبين عشرات المشاركين الذين التقتهم في قرية الرياضيين. لم تكن وحدها صاحبة القضية، فعديدون يستغلون المناسبة للتوعية بالقضايا التي يؤمنون بها.
 
تقول: تحدّثت إلى أكثر من 30 بشكلٍ موسّع، وبعض من تحدثت إليهم اندهشوا من حقيقة أن من قتل رسمياً في رابعة (نحو ألف) هم أكثر من ثلاثة أضعاف من قتلوا في ميدان تيانامين (المقصود مظاهرات ميدان تيانانمين عام 1989 في الصين التي طالبت بالإصلاح والديموقراطية والتي قمعتها الحكومة وقتل فيها قرابة 300 شخص طبقاً للبيانات الرسمية).
 
امرأة جميلة من نيويورك أمسكت يدي وقالت "بارك الله لك".. تقول ميريل إن لكنتها توحي أنها قد تكون مصرية، "وكانت اللحظة لا توصف عندما تبادلنا النظرات.. شعرت أننا اثنتان من عيال الله".
 
لم تتعرض ميريل لمضايقات في ذلك اليوم، ولم يعترض أحدٌ على العلامة التي حملها قميصها.
 
مسيحية لا ترفض الإسلاميين
 
ولكن ألا تشعر ميريل بالحرج من التضامن مع الإسلاميين الذين قتلوا في ميدان رابعة؟
 
تجيب: "أنا مسيحية ولكنني لا أعترض على الإسلاميين، كثير من الناس لديهم هذا التحيز البغيض ولكن الأمر لا علاقة له دائماً بالدين، فالسياسة القذرة والجشعة تسبب المزيد من الصراعات حول العالم، والسياسيون يحاولون جعل الصراع دينياً كي يساعدوا على مزيد من الانقسامات".
 
وتضيف: "الإرهاب موضوعٌ ساخن هذه الأيام، والقمع والعنف يشجعان الناس على ممارسة الإرهاب، والناس قليلو العلم هم فقط من يعتقدون أن الإرهاب شيءٌ ديني بحت".
 
وتستعير عبارةً سابقة لجون كينيدي تقول "هؤلاء الذين يجعلون الثورة السلمية أمراً مستحيلاً، يجعلون الثورة العنيفة أمراً حتمياً". وتقول: "أريد العيش في عالمٍ يسوده السلام، فالعيش في خوفٍ ليس أمراً صحيحاً أو مقبولاً".
 
ولأن التوعية هي الحل، تخطط ميريل لتكرار الأمر، ولذلك فقرارها هو أن ترتدي القميص في كل ماراثون آخر تشارك فيه، كما تنوي عقد ندوة في كنيستها لنشر الوعي حول القضية، وستسعى أن تجد الوسائل لمنع السياسيين الأميركيين من دعم الجيش المصري: "يزعجني دائماً أن الولايات المتحدة ترسل أموال الضرائب لدعم العنف العسكري والقمع في الشرق الأوسط". 
 


التعليقات