متولي محمود يكتب لـ (الموقع) عن " الانقلابيون واستثمار عامل الوقت "
- خاص - متولي محمود الثلاثاء, 10 مايو, 2016 - 08:56 مساءً
متولي محمود يكتب لـ (الموقع) عن

منذ الوهلة الأولى لانطلاق مشاورات الكويت ووفد المليشيات يراهن على كسب الوقت، في انتظار تقلبات سياسية متسارعة في المنطقة، أو لإحداث اختراقات على الأرض. أما المشاورات فمصيرها الفشل؛ لأنه لا نية للمتمردين في تسليم السلاح وإنهاء الانقلاب بناءً على قرارات مجلس الأمن، والتي تمثل أرضية المشاورات.
 
فبعد التلكؤ لأيام عن الكويت، وصل وفد المتمردين، لكن لامتصاص الضغوط الدولية، ولبدء جولة جديدة من التتويه والمراوغة. من الملاحظ أن استراتيجية الوفد قائمة على الموافقة على الإجراءات التي يطرحها المبعوث الدولي، ومن ثم نقضها والعودة إلى نقطة الصفر. في كل ملف يتم طرحه، يمارس وفد المليشيات ذات اللعبة، والمترتب عليها تمييع أجندات المحادثات، وكسب المزيد من الوقت.
 
في غضون المهزلة التي تجري، تدفع المليشيات بكل ما تملك من عتاد عسكري ومقاتلين، لتحقيق مكاسب عسكرية، وبالتالي الضغط على وفد الشرعية لتقديم تنازلات، مستغلين غياب الطيران بعد تمكنهم من تحييده، كمكسب استراتيجي خلف قدومهم إلى الكويت. فالهدنة في قاموسهم تعني توقف طيران التحالف وحسب، أما مليشياتهم فهي تخوض أشرس حروبها على الاطلاق ضد مواقع المقاومة والجيش الوطني، والتي أثمرت تقدما ملحوظا في غير جبهة.
 
لقد حققت المليشيات انتصارات كثيرة أثناء هدنة الطيران، لا سيما في جبهة باب المندب، والذي سيكون السيطرة على مضيقه الاستراتيجي ضربة كبيرة لحلفاء القوات الحكومية. إن العالم لا يؤمن سوى بالقوي، هكذا يلوحون للمليشيات، والسيطرة على مضيق استراتيجي كباب المندب سيجعل العالم يتعامل مع المليشيات كقوة أمر واقع حفاظا على مصالحهم، بعد أن عجزت الحكومة الشرعية عن استخدام شرعيتها لدى العالم لتحقيق المزيد من الانتصارات، وبعث المزيد من التطمينات.
 
هناك أنباء واردة، تفيد بتقدم كبير للمليشيات في القبطية وطور الباحة- محافظة لحج الجنوبية- القريبتين من قاعدة العند الاستراتيجية. فضلا عن المحاولات الحثيثة لاستعادة مقر اللواء 35 مدرع غرب تعز، والخاضع لسيطرة المقاومة والجيش الوطني.
 
كان من المفترض أن تبدأ الهدنة قبل أسبوع على الأقل، من بدء المحادثات، ومع ذلك وبعد مضي أسابيع على بدئها، لا يزال الحديث لم يخرج عن إطار تثبيت الهدنة، التي يخرقها المتمردون عنوةً، أو أنهم لم يلتزموا بها أصلا. صباح اليوم، حاولت لجان تثبيت وقف إطلاق النار في تعز، حاولت التواصل لفتح المعابر الشرقية والغربية، حسب توصيات اللجان المعنية في الكويت، لكن ممثلو المليشيات رفضوا ذلك صراحة، وأنكروا أن يكون هناك حصار من أساسه. كل هذه الاتفاقات تندرج تحت مهمة إضاعة الوقت، والدوران في حلقة مُفرغة.
 
أما عن اللجان التي شُكلت من وفدي التفاوض فيما يخص إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، فقد وافق وفد المتمردين على إطلاق 50% منهم، لكن بعد 20 يوما، والذي لن يتم أيضا في نهاية المطاف. هذا الإجراء الخاص بالمعتقلين يعتبر بند صغير يندرج تحت إجراءات بناء الثقة، والذي من المفترض أن يأخذ 20 يوما، فكيف ببقية البنود، وكم من الوقت سيأخذ الشروع في نقاش نقاط المشاورات الأساسية الخمس، ثم كم من المواقع ستكون قد سقط بأيدي المليشيات، خصوصا في ظل التحشيد الكبير الذي تشهده جبهات القتال.
 
ما يحدث مهزلة كبيرة، وعمل مُتقن يتم تغذية وفد الانقلابيين عليه بمباركة غربية، في حين يخفق الوفد الحكومي في الضغط باتجاه ترسيم جدول زمني لهذا العبث. كيف للمليشيات أن ترضخ لتطبيق قرارت مجلس الأمن وقواتها تحمل زمام المبادرة في الهجوم والتمدد على الأرض؟! لن تستكين المليشيات للقرارات مالم تنكسر على الأرض، وما لم تتوجع من ضربات التحالف؛ والحديث خارج هذا الإطار غباء مُركب، وضحك على الذقون..
 


التعليقات