"بابا سمير".. إعلامي يمني تحول من الميكرفون للمقود
- الجزيرة نت الأحد, 19 أغسطس, 2018 - 10:51 مساءً

[  سمير محمد المذحجي أمام سيارته التي ينقل بها البضائع (الجزيرة) ]

لم يعد الصحفي اليمني سمير محمد المذحجي صحفيا بإذاعة صنعاء منذ عام 2015، فقد ترك هذا الرجل المشهور باسم "بابا سمير" في أحد برامج الأطفال المحلية المشهورة (كشكوش)، عالم الصحافة إلى مجال آخر.
 
الكثير من اليمنيين الذي يصادفهم المذحجي يتفاجؤون من أن "النجم الإذاعي" ترك مهنته وانتقل للعمل سائقا بعد أن فُصل عن عمله دون مبرر ليكون مجبرا على مواجهة تكاليف الحياة بعيدا عن اختصاصه.
 
في حي "شملان" في العاصمة صنعاء، التقت الجزيرة نت سمير المذحجي، حيث يعيش وهو يدعو الله أن يعيده إلى الحياة الإعلامية مرة أخرى.
 
حكى الرجل الأربعيني للجزيرة نت مأساة قرار إقصائه من عمله بعد اندلاع الحرب في اليمن بثلاثة أشهر، وكيف أنه غادر عمله الذي كان يمارسه منذ 26 عاما دون أن يحصل على أي مبرر، موضحا كيف بدأ يعيش حياة أخرى بعيدة كل البعد عن عمله الذي أحبه منذ سنوات.
 
يقول سمير "قبل ستة أشهر كنت أتوقع أن الحرب سوف تنتهي، لكن تأكدت مع مرور الأيام أنه مطلب غير ممكن". ويضيف "لكي لا أصاب بأي انهيار أمام أبنائي وأشعرهم بضعفي؛ قررت في أبريل/نيسان الماضي بيع منزلي في تعز، لشراء عربة نقل تساعدني على توفير مصدر رزقي".
 
عمل سمير المذحجي سابقا كاتبا دراميا ومعد برامج، بالإضافة إلى الإخراج، وحصل خلال مسيرته المهنية على أربع جوائز على المستويين العربي والإقليمي، لكن ذلك كله لم يشفع له -مثل آخرين- عند أصحاب القرار الذين فصلوه من منصبه، ليضاف إلى عشرات النماذج من الصحفيين الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها مفصولين من العمل.
 
ويقول "توجهت كعادتي في يونيو/حزيران 2015 لإذاعة صنعاء؛ كوني مخرجا لبرنامج "نزهة الجمعة" الذي كان يُبث صباح كل جمعة، وتفاجأت بأن كل المكاتب والأستديوهات مغلقة وخالية، حيث جرى نقلها إلى مكان آخر"، ومنذ ذلك اليوم "لم أمارس عملي".
 
الخيارات المتاحة
 
ومع الصعوبة التي يجدها البعض في تقبل الفصل عن العمل، حرص المذحجي على ألا يسجن نفسه في الخيارات المتاحة، ففي الأرض مراغم كثيرة.
 
فبدل الذهاب إلى أستوديو الإذاعة، يشمر "بابا سمير" عن ساعديه منذ ساعات الصباح الأولى إلى ساعة متأخرة من الليل متنقلا بين أحياء العاصمة صنعاء بعربته الصغيرة ليحصل في نهاية اليوم على رزق يواجه به أعباء أسرته الصغيرة المكونة من أولاده الثلاثة وأمهم.
 
ولخص واقعه الجديد في جملة كتبها على صفحته الشخصية في موقع فيسبوك بالقول "لعنة الله على من كان السبب حيّا أو ميتا، بعد أن كنت مؤلفا ومخرجا ومنتجا، ها أنا اليوم أعمل سواقا".
 
وبالإضافة إلى هذا الإعلامي اليمني، جرى بطريقة أو بأخرى فصل عدد من زملائه، فالمذيعة سمر الحاضري وجدت نفسها خارج مبنى الإذاعة لتدخل هي الأخرى فصلا جديدا من المعاناة، ولم تشفع لها شهرتها الواسعة في أوساط المستمعين أو عملها الدؤوب الذي استمر 13 عاما.
 
حالات إيقاف
 
وفي قصة أخرى، قالت إحدى المذيعات اللواتي فصلن من عملهن للجزيرة نت إنها وبعد 15 عاما في التقديم التلفزيوني بإحدى القنوات الفضائية، أصبحت الآن تعمل في خياطة ملابس الأطفال وتزيين العرائس، لكي تستطيع العيش بعد أن جرى فصلها من عملها.
 
وتضيف أنها ليست الوحيدة التي كان لها باع طويل في العمل الإعلامي وتم إقصاؤها، فهناك حالات أخرى مشابهة، وذكرت -على سبيل المثال- أن زميلة لها كانت تعمل مذيعة بإحدى الإذاعات منذ ما يقارب ثلاثين عاماً، استغني عنها هي الأخرى لتلزم بيتها بدون عمل.
 
ورصدت نقابة الصحفيين اليمنيين بعد أشهر من الحرب عام 2015 نزوح عشرات الصحفيين إلى قراهم أو إلى خارج البلاد، وثمانية حالات إيقاف عن العمل والتهديد بالفصل وإيقاف الرواتب من قبل جماعة الحوثي.
 
بينما رصدت منظمة صحفيات بلا قيود عام 2015 حالات منع مزاولة العمل الإعلامي والصحفي لتسع حالات، والفصل التعسفي الوظيفي لسبع حالات، بينما قدرت خلال العامين 2016 و2017 حالات إيقاف عن العمل بـ 24 حالة، سواء من قبل الحكومة الشرعية أو الحوثيين.


التعليقات