ما وراء تدثر مليشيا الحوثي برداء المظلومية والأقلية أمام الداخل والخارج (تحليل خاص)
- خاص الإثنين, 25 يوليو, 2016 - 05:42 مساءً
ما وراء تدثر مليشيا الحوثي برداء المظلومية والأقلية أمام الداخل والخارج (تحليل خاص)

[ مليشيات الحوثي - ارشيف ]

أظهرت مقابلة محمد عبدالسلام المتحدث باسم جماعة الحوثي المسلحة على تلفزيون الميادين (19يوليو)، إعادة خطاب "المظلومية" و"الأقلية"، للتأثير على أي مخرجات للمشاورات اليمنية التي بدأت في الكويت منذ ابريل الماضي دون التوصل إلى أي اتفاق.
 
تشّعر الجماعة المسلحة، التابعة لإيران، بالخطر في كل المشاورات التي تتحدث عن انسحابهم وتسليم السلاح للدولة، مسنوداً بضغط دولي وتأكيدات بالحاجة إلى عودة الدولة بما في ذلك قرار مجلس الأمن (2216) والذي يضع اليمن تحت الفصل السابع؛ ومع ظهور فساد الجماعة المسلحة منذ اجتياح صنعاء 2014م، وحتى اليوم، أصبح اليمنيون أكثر قناعة بأن بقاء الحوثية كميليشيا مسلحة تعبث خطرها أكثر بشاعة من ذي قبل، لذلك لجأ الحوثيون إلى الحديث عن المظلومية التي دائماً ما يخاطبون بها عواطف اليمنيين "أرق قلوباً وألين أفئدة"، والحديث عن الأقلية مع المجتمع الدولي بصفتهم "أقلية" تتعرض للاضطهاد، ويحتاجون لحماية أنفسهم.
 
خطاب الأقلية
 
قال محمد عبدالسلام: "لن نسمح بكلمة انسحاب بهذا الشكل الذي تقدموه لأنه تطهير عرقي ولن نسمح بان تكون هناك حاجه تكون اسمها تسليم سلاح والجيش اليمني-يقصد الموالِ لـ"صالح"- هو الذي يمسك السلاح هذا امر محسوم بالنسبة لنا".
 
فالانسحاب – من المدن- يعني لهم "تطهيراً عرقياً"؛ رافضاً تسليم السلاح؛ بالرغم من تأكيداته والجماعة أن الانسحاب جزء من عملية انتقالية بما فيها تسليم السلاح للدولة؛ التطهير العرقي كلمة تطلقها الأقليات التي تتعرض لـ"القتل، والسجن، والتهجير"  من مساكنها الأصلية، وتعتبر "جريمة حرب" من درجتها الأولى، وغالباً ما يمثل الحديث عن "التطهير العرقي"، انتباهاً لصناع السياسات الدولية في تحديد مواقف وتغييرها تجاه القضايا، وهو أيضاً أحد المؤثرات على سياسة الأمم المتحدة، وفي حديث "عبدالسلام" ابتزاز أكثر وضوحاً للأمم المتحدة.
 
لا يتزامن حديث "عبدالسلام" مع مشاورات الكويت والضغط عليها فيما يخص "الأقلية" و"الاضطهاد"، بل إن حراكاً حقوقياً نشطاً في الخارج يتضمن المنظمات وسفارات الدول ومكاتب الخارجية للدول الغربية المؤثرة في مجلس الأمن من أجل الضغط على الحكومة اليمنية، والكثير من الحديث عن حملة "تطهير عرقي" تخوضها السعودية ضد "الحوثيين"، الذين دائماً ما يسمونهم بـ"الشيعة"، ونتيجة للتباطؤ الدبلوماسي الرسمي إن لم يكن التواطؤ في بعض السفارات وراء هذا الانتشار في البرلمان الأوروبي والبريطاني وفي الكونجرس الأمريكي، وفي سفارات الاتحاد الأوروبي في ومكاتب الخارجية في دول أوروبا، بمساعدة "مدفوعة" من منظمات وهيئات "حوثية" "إيرانية" و "تابعة لحزب الله" أو ناشطين ومسؤولين أجانب دائماً ما تُجندهم الخارجية الإيرانية للدفاع عن حقوق الأقليات الشيعية في الوطن العربي، إما من ناحية إنسانية كـ"تضليل" أو بدفع مبالغ جراء الأعمال التي يقوم بها البعض منهم؛ وهو أيضاً أحد المسببات الرئيسية في تذبذب موقف الأمم المتحدة تجاه الأزمة وعدم تنفيذ القرار الدولي.
 
خطاب المظلومية
 
في خطاب المظلومية ألّف الحوثيون هذا الخطاب منذ الحروب الست، ويكون على جهتين: الزيدية، في مواجهة الإقصاء والتهميش، ضد أصحاب المناطق الشافعية، وسط وغرب وجنوب اليمن، وزادت حدة هذا الخطاب منذ اجتياح صنعاء، وهو ما يأَذن بفرز طائفي أفقي، أو بالحديث عن أحقية "الهاشمية السياسية" بالحكم، وكان أبرز تلك الخطابات في عنفوان الجماعة في أكتوبر 2013م في خطاب عبدالملك الحوثي في يوم الولاية، ومع انتهاء خطابه ترك المستمعين أمام لغّز مخيف: لكن علياً قد مات منذ زمن، فكيف سيكون هو "الأجدر بقيادة الأمة".
 
 وفكت صحيفة الشارع اللغز في يوم الخطاب التالي بمانشت عريض يقول: "الحوثي: أنا أحق بالحكم؟!"، ومع تكاثر الاتهامات لـ"الهاشمية" والإدانات الجماعية مع حملة التحريض من قبل كثيرين، استطاع الحوثي استغلالها ليوحي للهاشمية: "جميعنا مُدانون، والجميع سيدفع ثمن التخاذل عن الجماعة"، ما دفع الأسر الهاشمية للقتال في صفوف الحوثيين رغم عدم قناعتهم بالجماعة خوفاً من الانتقام أو ما يسميه عبدالسلام بـ"التطهير العرقي".
 
فخطاب المظلومية، الذي يلقيه الحوثيون: "ليس كخطاب المضطهَدين الذين يعانون من التمييز ويطالبون بالمساواة، بل كخطاب فئوي يعبر عن الصالح والطالح، والمضطهِد والمضطهَد في جماعة ما، وباسمها يطمح ممثلوها للحكم أو لحصة فيه".- كما يقول "عزمي بشارة" المفكر العربي المعروف.
 
في الجهة الثانية يحاول الحوثيون الحديث بشكل متواصل أنه يجري إقصائهم من أي مشاركة سياسية في الحكومة أو في مؤسسات الدولة كـ"هاشميين" أو "زيديين"، ويحتاجون لضمانات تكفل حصتهم في المناصب الحكومية، وهو ما يلاحظه، هؤلاء – أي الهاشميين والزيدين- ليس لأنه يجري استهدافهم بل لأنهم جزء من كُلّ المجتمع اليمني الذي يشعر بذات الشعور من الإقصاء والتهميش وطالما كان نظام صالح مُمعنناً في الوساطة والمحسوبية، وبعد ثورة فبراير 2011م، خرجت القضايا اليمنية في كل المحافظات التي تشكو من تلك الممارسات للنظام "القضية التهامية" "القضية الجنوبية" "قضية المناطق الوسطى"، "قضية المهريين" و"قضية أصحاب مأرب والجوف"، وكلها قضايا لا علاقة لها بتمييز عنصري أو استهداف فئوي بقدر ما كان فساداً داخل النظام.
 
الخلاصة
 
استخدم الحوثيون الحديث عن "الأقليات" في ممارسة ابتزاز في غير محّله للمجتمع الغربي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية من أجل إبقاء السلاح واستمرار التمدد للضغط على مشاورات الكويت، التي من المتوقع عدم نجاحها، مطلقين تحذيرات عن حاجتهم للحماية من "تطهير عرقي" بمقابل بقائهم في سلطة اليمن القادمة.
 
استغل "الحوثيون" حالة السخط الشعبي ضد الجماعة في إبقاء "الهاشمية" و "الزيدية" في خندق واحد مع الجماعة ودفعهم للقتال، مساهماً في فرز مجتمعي كبير وعلى نطاق واسع شمال ووسط اليمن.
 
استغلت جماعة الحوثي "فساد نظام صالح" و "المحسوبية" في الحديث عن مظلومية "الوظائف" و "الاضطهاد" و"الإقصاء" و "التهميش" بحق "الهاشمية" و "الزيدية" ليبقيهم إلى جواره والتفاوض مع الحكومة اليمنية بحصة هؤلاء في الجهاز الحكومي والإداري، لينصب عليها ممثلين لجماعته، فيما الحقيقة أن "فساد نظام صالح" لم يستهدف الهاشمية والزيدية عن قصد بل كان استهدافاً لكل اليمنيين وشعر بها جميع أبناء المناطق اليمنية.
 


التعليقات