إلى متى يمكن للحوثيين التمسك بالحكم في اليمن؟ (ترجمة خاصة)
- عادل هاشم ‏ الثلاثاء, 20 سبتمبر, 2016 - 03:00 صباحاً
إلى متى يمكن للحوثيين التمسك بالحكم في اليمن؟ (ترجمة خاصة)

[ مليشيات الحوثي - ارشيف ]

لقد إستمرت الحرب الأهلية اليمنية والتدخل العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية أكثر بكثير من توقعات وإرادة أي شخص، ‏حيث أصبحت هذه النقطة جلية من خلال ما خلفه الصراع على كِلا البلدين. ‏
 
في نهاية 2015 وبعد تسعة أشهر من تكوين المملكة العربية السعودية لتحالف من 10 دول لمحاربة توسع المتمردين الحوثيين ‏في اليمن ، سجلت المملكة العربية السعودية الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 700 مليار دولار ،حيث سٌجلت كأعلى عجز ‏للميزانية ،وهذه إشارة إلى أن الأثار الإقتصادية لهذه الحرب لم تأخذ على محمل الجد.
 
 وفي الوقت نفسة فقد سجلت اليمن أعلى ‏إجمالي للناتج المحلي في 2014 بحوالي 37 مليار دولار ، حيث شهدت إنكماش في الناتج المحلي بنسبة 35% خلال عام 2015. ‏وقد قُدر دمار الحرب بحوالي 19 مليار دولار، وتوقع إفلاس وشيك للمؤسسات العامة. مازالت المؤسسات العامة بما في ذلك ‏البنك المركزي والوزارات في العاصمة صنعاء تحت سيطرة الحوثيين الذين إستولوا على العاصمة في سبتمبر 2014 . وقد أدى ‏ذلك إلى مغادرة الرئيس عبدربه منصور هادي البلاد في أوائل 2015 متجهاً إلى المملكة العربية السعودية. ‏
 
وبسبب أزمة السيولة فقد علق البنك المركزي في شهر يوليو من عام 2016 جميع العناصر في الموازنة العامة للدولة بإستثناء ‏أجور الموظفين الحكوميين وتسديد الديون المحلية. وفي الوقت الحالي ومع النقص الشديد في العملة المحلية في النظام المصرفي ‏، يزداد خطر تقصير الدولة في دفع الأجور وتسديد المقرضين المحليين. ‏
 
ويوضح تقرير صادر في شهر أغسطس من قِبل وزارة التعاون والتخطيط الدولي وتم التأكد منة عبر الصحيفة بأنه تم سحب ‏مايقارب من 300 مليار ريال ( حوالي 1.19 مليار دولار ) خلال النصف الأول من عام 2016 ، وقد تم إخراج أيضاً 44% من ‏هذا المبلغ في شهر يونيو. مقارنةً بأقل من 50 مليار ريال يمني ( حوالي 200 مليون دولار) كان يتم إخرجها من البنك طوال عام ‏‏2014. وفي مثل هذه الأوقات المضطربة ،فهذا لايدل على إنعدام الثقة من قِبل الشعب في النظام المصرفي فحسب، ولكنه يدل ‏أيضاً على وجود إقتصاد موازي في الدولة. ‏
 
وقد إعتمدت جماعة التمرد الحوثية التي هي أصلاً خارجة عن القانون على الإقتصاد الموازي والمصادر الغير رسمية للدعم في ‏تمويل نفسها. وقد كانت هذه الجماعة ناجحة في الإستفادة من سيطرتها على أجهزة الدولة والتوسع في المحافظات وذلك لتكبير ‏حجم الإقتصاد الموازي، وبهذه الطريقة تتنوع المصادر المحلية للدخل. وقد قُيدت مصادر الدعم الأجنبية لجماعة الحوثيين مع ‏بدء التدخل العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية في مارس 2015. ‏
 
وقد إنخفضت إرادات الدولة بنسبة 53.7% في عام 2015 والتي تسيطر إلى حد كبير عليها جماعة الحوثيين ،وذلك نتيجة ‏لتوقف صادرات النفط التي كانت تساهم بنسبة 45% من دخل الدولة في عام 2014. ايضاً هناك إنخفاض بنسبة 19.2% في ‏الإيرادات الضريبية وذلك مع إنهاء الشركات لتداولاتها وتسريحها للموظفين. ‏
 
لاشئ من هذا قد أوقف الحوثيين من قطع ميزانيات الوزارات وإعادة توجيه المدخرات لصالح مايسمى " المجهود الحربي". حيث ‏تم فرض ضريبة الحرب بنسبة 20% على موظفي الخدمة المدنية الذين يشكلون مليون عامل من إجمالي 4.2 مليون عامل في ‏اليمن. وفي الشهر الماضي ومحاولةً لخفض النفقات غير المتعلقة بالحرب ،فقد قامت وزارة التعليم العالي التي تسيطر عليها ‏جماعة الحوثيين وبدون سابق إنذار بتوقيف التمويل لدراسة 800 مستفيد من المنح في الخارج. ‏
 
كانت جماعة الحوثيين وقبل فترة طويلة من الحرب الحالية تقوم بجمع الزكاة والتبرعات النقدية لتمويل العديد من المواجهات مع ‏الجيش اليمني في عهد الرئيس السابق وحليفهم الحالي " علي عبدالله صالح". وقد تلقى الحوثيين بعد السيطرة على العاصمة ‏صنعاء مبالغ نقدية ضخمة عبر الطائرات جواً قادمة من حزب الله وإيران. وقد إستمروا أيضاً في جمع التبرعات المحلية للحرب ‏ضد السعوديين.‏
 
كما وضعت جماعة الحوثيين سوق سوداء ضخمة للسلع الأساسية اليومية للمواطنين كالوقود وغاز الطهي حينما قامت بإصدار ‏التراخيص للأفراد لإستيراد الوقود. وكان ذلك بعد أن تم رفع الدعم عن الوقود ،وهي الخطوة التي تتناقض تماماً عن الموقف ‏الذي إتخذوه ضد رفع الدعم والذي إعتمدوة في إسقاط الحكومة في سبتمبر 2014. ‏
 
وفي الوقت نفسه، فقد تحركت الحكومة في المنفى للحرب خارج ساحة المعركة من خلال محاولة منع البنك المركزي اليمني من ‏الحصول على الأموال اليمنية في الخارج وذلك لغرض وقف التمويل لجماعة الحوثي المتمردة. ولكن قد يبدوا ذلك صعباً ،لأن ‏جماعة الحوثيين كانت قادرة على تمويل نفسها من خلال المصادر المحلية غير الرسمية قبل السيطرة على أجهزة الدولة. الخطر ‏الجسيم يكمن الآن في عدم قدرة البنك المركزي اليمني على دفع رواتب موظفي الخدمة العامة حتى بعد أن بدأت بضخ الأوراق ‏المشوهة في الإقتصاد، وثمة خطر آخر يكمن في تسريع وتيرة نقل الثروة إلى الحوثيين وهي الحالة التي من شأنها فقط أن تطيل ‏بقاء الجماعة المتمردة.

يتم نقل الثروة من أيدي الخاسرين إلى أيدي الرابحين كما يحصل في أي صراع آخر، حيث سيضطر اليمنيين المحتاجين إلى ‏مساعدة لبيع أصولهم بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية. ومع إستيلاء الحوثيين على الدولة حالياً وبإعتبارهم أغنى مجوعة في البلاد ‏سيقومون بشراء هذه الأصول بأسعار منافسة. وهذا يعني المزيد من تركيز الثروة في أيدي جماعة الحوثيين. ‏
 
الحوثيين مسؤولون إلى حد كبير عن سحب 300 مليار ريال يمني من النظام المصرفي وذلك عن طريق إخفاء الأوراق النقدية ‏خارج القنوات الرسمية. ونظراً لهيمنتهم على الإقتصاد الموازي ، فإن الحوثيين لن يتأثروا كثيراً من إفلاس المؤسسات العامة. ‏هذا يعني بأن النجاة من الحرب في الأشهر المقبلة يعتبر أمر يمكن الحصول علية بواسطة الحوثيين ، في حين سيبقى اليمنيين ‏الآخرين في أمس الحاجة للمساعدات الإنسانية. ‏
 
فشل الدولة يعتبر بمثابة حجر الأساس لإزدهار جماعة الحوثيين المتمردة. لقد خطط الحوثيين للبقاء لعقدين من الزمن قبل أن ‏يصبحوا حكاماً من العاصمة اليمنية، وسوف تكون هذه الجماعة قادرة في البقاء على قيد الحياة طالما بقيت الدولة ضعيفة. هذا ‏يعني بأن تقوية الدولة ومؤسساتها وعدم السماح لها بالفشل هو الطريق الوحيد والممكن لإضعاف موقف حركة التمرد الحوثية.   ‏

نقلا عن صحيفة المونيتور الامريكية


التعليقات