لماذا يرفض الحوثيون كل مبادرات الحل السياسي والسلمي للأزمة اليمنية؟(تحليل خاص)
- عبدالسلام قائد الخميس, 03 نوفمبر, 2016 - 06:11 مساءً
لماذا يرفض الحوثيون كل مبادرات الحل السياسي والسلمي للأزمة اليمنية؟(تحليل خاص)

[ اعتاد الحوثيون على رفض مبادرات الحل السياسي للأزمة منذ بداية انقلابهم على السلطة ]

اعتاد المتمردون الحوثيون على رفض مختلف مبادرات الحل السياسي والسلمي للأزمة اليمنية منذ بداية انقلابهم على السلطة الشرعية بمساندة القوات العسكرية الموالية للمخلوع علي صالح وحتى الوقت الحالي، وأمام هذا الرفض المتكرر مازالت تحركات الأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ومن قبله جمال بن عمر، تتوالى، أملاً في أن يراجع المتمردون الحوثيون مواقفهم المتشددة ويستجيبون لمبادرات الحل السياسي والسلمي للأزمة، خاصة بعد تدهور الوضع الإنساني وانتشار المجاعة وتفشي الأمراض بسبب الحرب.
 
وكان لافتاً رفض المتمردين الحوثيين للمبادرة الأممية الأخيرة، رغم أنها شرعنت للانقلاب في بعض بنودها، ومنحت الانقلابيين ما لم يكونوا يحلموا به من قبل، وجاء إعلان رفضهم للمبادرة بعد أن رفضتها السلطة الشرعية، وكان بإمكانهم الإعلان عن قبولها ولو شكلياً من أجل إيهام المجتمع الدولي أنهم مع الحلول السلمية وإحراج السلطة الشرعية، لكن خشيتهم من أن تراجع السلطة الشرعية موقفها وتعلن القبول بالمبادرة جعلتهم يرفضونها أيضاً.
 
هناك الكثير من الأسباب التي تدفع المتمردين الحوثيين إلى رفض مبادرات الحل السياسي والسلمي للأزمة، وبالتالي، سيظلون يماطلون المجتمع الدولي كي يحققوا مختلف المكاسب التي يطمحون لها من استمرار الحرب، خاصة وأن رصيدهم الأخلاقي السلبي يشجعهم على ذلك، ويجعل المجتمع الدولي يواصل تدليلهم، كونهم أحد أدوات مشاريع التمزيق التي يعمل الغرب على زرعها واستمرارها في المنطقة العربية.
 
 المشروع الطائفي
 
لعل من أبرز الأسباب التي تدفع المتمردين الحوثيين إلى رفض كل مبادرات الحل السياسي والسلمي للأزمة اليمنية، أنهم جزء من مشروع طائفي تقوده إيران وتعمل على تغذيته واستمراره في العالم العربي، وبالتالي، فالحوثيون لا يمتلكون قرارهم بأيديهم، ويتلقون تعليماتهم من طهران، ولهذا، من المستحيل أن يقبلوا بأي مبادرة حتى وإن كانت في صالحهم، ما لم يتلقوا ضوءً أخضر من طهران على الموافقة.
 
يبدو وكلاء إيران وأذرعها المسلحة في العالم العربي أكثر ولاءً وإخلاصاً لها، حتى وإن كان ثمن ذلك تدمير أوطانهم، وذلك تحت تأثير موجة الطائفية في المنطقة، بعد التمهيد لهذه الفتنة من قبل الإعلام الفارسي الذي اخترع قصة الظلم والإقصاء الذي تتعرض له الأقليات الشيعية في العالم العربي، وبالغ كثيراً في ذلك، رغم أن الشيعة العرب لم يعانوا كما يعاني المسلمون السنة في إيران من ظلم وإقصاء وتهميش.
 
الفتنة الطائفية التي تغذيها إيران في العالم العربي لاقت قبولاً لدى الدول الغربية، كون ذلك سيسهم في استمرار حالة التمزق والتفتت وعدم الاستقرار  و"الفوضى الخلاقة" في المنطقة العربية من أجل استمرار ضمان تفوق إسرائيل في مختلف المجالات، كون حالة التمزق والتفتت ستجعل العرب أسرى صراعات بينية مزمنة، من شأنها كبح وعرقلة أي مشاريع وحدوية أو نهضوية أو ديمقراطية أو صناعية قد تشكل خطراً على وجود إسرائيل.
 
وهنا، يمكن القول إن رفض المتمردين الحوثيين لمبادرات الحل السياسي والسلمي سيستمر ما لم يتم حسم المعركة عسكرياً، فهم أداة مهمة لإيران وللدول الغربية لاستنزاف دول الخليج العربي، كونها آخر كتلة عربية صلبة ومتماسكة في المرحلة الحالية، خاصة بعد صعود الدور السياسي والعسكري للسعودية في السنوات الأخيرة، ومحاولتها العمل على استقرار النظام السياسي العربي، ومواجهة الخطر الفارسي بمختلف أدوات المواجهة، عسكرياً وسياسياً وإعلامياً ودبلوماسياً وثقافياً وفكرياً.
 
مكاسب الحرب
 
إن استمرار الحرب في شكلها الحالي يشكل مكسباً كبيراً للحوثيين أفضل بالنسبة لهم من أن تتوقف ويحصلون على مكاسب سياسية محدودة، خاصة أن قياداتهم وكل من يطلقون على أنفسهم "الهاشميين" لم يشاركوا في الحرب، وإنما دفعوا بأبناء القبائل الموالية لهم، والقوات العسكرية الموالية للمخلوع علي صالح، دفعوا بهم إلى جبهات القتال ليكونوا وقوداً لحرب تفرغوا هم لجني مكاسبها وأرباحها، ويمنحون مقاتليهم في الجبهات الفتات فقط.
 
ويشكل النهب بذريعة دعم "المجهود الحربي"، وتعويض "أسر الشهداء"، ودعم "البنك المركزي"، أهم وسيلة لثراء القيادات الحوثية، وذلك بعد أن نهبوا مؤسسات الدولة، ومنازل وممتلكات الخصوم السياسيين وشركاتهم ومؤسساتهم التجارية.
 
ظاهرة النهب تتفاقم يوماً بعد آخر، ومازالت شركات ومؤسسات القطاع الخاص من مستشفيات ومدارس وجامعات وشركات صرافة لم تغلق أبوابها أو تعلن إفلاسها تدفع مبالغ مالية طائلة للحوثيين بشكل شهري بذريعة دعم "المجهود الحربي والبنك المركزي وتعويض أسر الشهداء"، بل يتم فرض هذه الإتاوات حتى على ملاك المطاعم والفنادق وتجار الذهب والمواد الغذائية وغيرهم، بالإضافة إلى طلب الدعم المباشر من المواطنين، واختطاف أفراد من الأسر الموسرة والإفراج عنهم بفدية مالية بحسب قدرة كل أسرة عن طريق سماسرة ووسطاء متعاونون معهم.
 
ظاهرة ثراء الحوثيين
 
إن استمرار الحرب بالنسبة للحوثيين يعني استمرار تدفق ملايين الريالات إلى جيوبهم يومياً، وأصبحت ظاهرة الثراء في أوساطهم معروفة، واتجهوا إلى شراء الأراضي وبناء الفلل والبيوت في العاصمة صنعاء، وبعضهم أنشؤوا شركات للأدوية وشركات للتوكيلات والتوريد والإستيراد، وتأسيس منظمات مجتمع مدني تستقبل الدعم الإنساني من الخارج ويذهب لصالحهم، بالإضافة إلى سيطرتهم على شركات ومؤسسات كانت مملوكة لبعض خصومهم السياسيين.
 
وأخيراً، واهم من يعتقد أن المتمردين الحوثيين سيقبلون بأي مبادرة للحل السياسي والسلمي، لأن ذلك يعني عودة مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة صنعاء، وانتهاء ظاهرة النهب، بالإضافة إلى موقف إيران من الحرب والداعم لاستمرارها، وبالتالي، لا حل للأزمة إلا بالحسم العسكري.
 


التعليقات